الملف

الملف

منذ أسبوع

روايات حول اتّباع سَنَن الأمم السّابقة


«باب قول النبيّ صلّى الله عليه وآله: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَن مَن كانَ قبلَكم»

روايات حول اتّباع سَنَن الأمم السّابقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تضعنا الروايات التالية أمام منهجٍ نبويٍّ في تحصين الأجيال المسلمة من خلال دعوة الفرد والجماعة إلى النظر والتفكير وحُسن الاعتبار بما جرى على الأُمم السابقة.

تتبّعت «شعائر» روايات هذا الباب في عددٍ وافر من أبرز المصادر الإسلامية واختارت هذا الحشد من الروايات.

 

رواية البخاري

 
1)
«عن أبي هُريرة ".." عن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: لا تَقومُ السّاعَةُ حَتّى تَأْخُذَ أُمَّتي بِأَخْذِ القُرونِ قَبْلَها، شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ، فقيل: يا رسول الله كفَارس والروم؟ فقال: وَمَنِ النّاسُ إِلّا أُولَئِكَ؟».

2) «عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ، عن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: لَتَتَّبِعُنَّ [وفي رواية لَتَتْبَعُنَّ] سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ، حَتّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُموهُمْ، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قالَ: فَمَنْ؟». [الضّبُّ حيوان من الزّواحف يشبه التّمساح، يعيش في الصّحاري والبراري]

(صحيح البخاري: ج 8/ ص 151)

رواية أحمد بن حنبل

* «عن أبي هُريرة أنّ النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ، حَتّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتموهُ».

(مسند أحمد: ج 2/ ص 511)

رواية الترمذي


* «.. عن أبي واقدٍ اللّيثيِّ: (أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لمّا خرج إلى حُنَيْنٍ مرّ بشجرة للمشركين يقال لها ذات أَنْوَاط
[الأنواط: المعاليق] يُعلّقون عليها أسلحتَهم، قالوا: يا رسول الله، (اجعل) لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط. فقال النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: سُبْحانَ اللهِ، هَذا كَما قالَ قَوْمُ موسى: ﴿.. اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ..﴾، وَالّذي نَفْسي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ). هذا حديث حسنٌ صحيح».

(سَنَن الترمذي: ج 3/ ص 322، باب لتَركَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ)

[ذاتُ أَنواطٍ: شجرة كانت تُعبد في الجاهليّة؛ قال ابن الأَثير: هي اسم سَمُرةٍ بعينها كانت للمشركين يَنُوطون بها سِلاحَهُم، أَي يعلِّقونه بها ويَعْكُفون حولَها]

 الحاكم النيسابوري

* «.. عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: (لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ، حَتّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ، وَحَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ جامَعَ امْرَأَتَهُ بِالطَّريقِ لَفَعَلْتُموهُ). صحيح».

(المستدرك: ج 4/ ص 455)

رواية الهيثمي

1) «عن سهل بن سعد الأنصاري، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: (وَالّذي نَفْسي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ مِثْلاً بِمِثْلٍ). رواه أحمد والطبراني بنحوه، وزاد: (حَتّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لاتَّبْعْتُموهُ).
 قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: (فَمَنْ إِلّا اليَهودُ وَالنَّصارى؟!).

وفي إسناد أحمد: ابن لهيعة، وفيه ضعف. وفي إسناد الطّبراني: يحيى بن عثمان عن أبي حازم، ولم أعرفه، وبقيّة رجالهما ثقات».

2) «وعن شدّاد بن أوس، عن حديث رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: (لَيُحْمَلَنَّ شِرَارُ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى سَنَنِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ). رواه أحمد والطّبراني، ورجاله مختلف فيهم».

3) «وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ، شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ وَباعاً ببَاعٍ، حَتّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ، وَحَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ جامَعَ أُمَّهُ لَفَعَلْتُمْ). رواه البزّار ورجاله ثقات».

4) «وعن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (أنْتُمْ أَشْبَهُ الأُمَمِ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، لَتَرْكَبُنَّ طَرِيقَتَهُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لا يَكُونَ فِيهِمْ شَيْءٌ إِلا كَانَ فِيكُمْ مِثْلُهُ، حَتَّى إِنَّ الْقَوْمَ لَتَمُرُّ عَلَيْهِمُ الْمَرْأَةُ فَيَقُومُ إِلَيْهَا بَعْضُهُمْ فَيُجَامِعُهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَضْحَكُونَ إِلَيْهِ). رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه».

5) «وعن المُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدّادٍ أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: (لا تَتْرُكُ هَذِهِ الأُمَّةُ شَيْئاً مِنْ سَنَنِ الأَوَلَّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُ). رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات».

(مجمع الزوائد: ج 7/ ص 261، بابٌ منه في اتّباع سَنَن من مضى)

 رواية ابن أبي عاصم

1)  «".." عن أبي هُريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (سَتَتَّبِعونَ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ، شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ وَباعاً ببَاعٍ، حَتّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ فيهِ)، قالوا: يا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: اليهود والنصارى؟ قال: (فمن إذاً؟!).

* إسنادُه حَسَن، رجاله ثقات رجال الشّيخَين، لكنّهما لم يحتجّا بمحمّد بن عمرو، وهو حسن الحديث كما تقدّم.
والحديث أخرجه أحمد وابن ماجة من هذا الوجه. وهو صحيح، فإنّ له شواهد كثيرة، بعضها في (الصّحيحَين) كما يأتي (74 -75)، وله بعد هذا شاهد من حديث ابن عمرو، وآخر من حديث ابن عبّاس خرّجته في (الصحيحة 1348)».

 2) «عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ وَباعاً ببَاعٍ، حَتّى لَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمْ جُحْرَ ضَبٍّ لاتَّبَعْتموهُ). قالوا: يا رسول الله مَن؟ اليهود والنصارى؟ قال: (فَمَنْ إذاً؟!).

* إسنادُه حَسَن، ورجاله ثقات، على الخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد الله بن عمرو بن العاص. وابن أبي حازم اسمه عبد العزيز، واسم أبيه سلمة بن دينار. والحديث صحيح بشواهده المتقدّمة والآتية».

3) «عن أبي سعيد الخدريّ، أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال: (لَتَتَّبِعُنَّ [لَتَتْبَعُنَّ] سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُموهُ)، قالوا: يا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، من اليهود والنصارى؟ قال: (فَمَنْ إِذاً؟!).

* إسناده صحيح، رجاله كلّهم ثقات على شرط الشيخَين غير محمّد بن عوف وهو ثقة حافظ مات سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين ومائتين. والحديث أخرجه أحمد (3/84 و89 و94) والشيخان".." من طرق عن يزيد بن أسلم به. وهو مخرج في تعليقي على (إصلاح المساجد) للعلّامة القاسميّ رقم (31)».

4) «".." عن أبي سعيد الخدريّ، عن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: مثله. إسناده صحيح على شرط الشيخَين غير سلَمة وهو ابن شبيب النيسابوري، فلم يروِ له البخاري وهو من الثقات المتّفق على إتقانه وصِدقه، مات سنة 47. والحديث مكرّر ما قبله».

 5) «".." عن سنان بن أبي سنان أنه سمع أبا واقد الليثيّ، يقول: (خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى حُنين، ونحن حديثو عهد بكفرٍ - وكانوا أسلموا يوم الفتح - قال: فمررنا بشجرةٍ فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذاتَ نواط كما لهم ذات أنواط، وكان (للكفّار) سِدرة [السِّدْرُ شجر النّبق واحدتها سِدْرَة] يعكفون حولها، ويعلّقون بها أسلحتَهم يدعُونها ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: (اللهُ أَكْبَرُ، وَقُلْتُمْ، وَالّذي نَفْسي بِيَدِهِ، كَما قالَتْ بَنو إِسْرائيلَ لِموسى: ﴿..اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ الأعراف:138، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ).

- ورواه ابن عيينة ومالك أيضاً- إسناده حَسَن. رجاله ثقات رجال الشيخَين غير يعقوب بن حُمَيْدٍ، وهو ثقة فيه ضعفٌ يسير، وقد توبِع كما يأتي، فالحديث صحيح.

* والحديث أخرجه الترمذي (2/27-28) وأحمد (5/218) من طرق أخرى عن الزهريّ به. وقال الترمذي: حديث حَسَنٌ صحيح».

(السنّة: ص 36)

«شعائر»: ليلاحَظ أنّ الشرح الآتي للمباركفوري هو شرح لهذ الحديث الذي أخرجه الترمذي وقال عنه: حسنٌ صحيح.

شرح المباركفوري لرواية الترمذي

1) «قوله: (عن سنان بن أبي سنان): الدِّيلِيِّ المدنيّ ثقة، من الثالثة. عن أبي واقد الليثيّ صحابيّ قيل اسمه الحارث بن مالك، وقيل ابن عوف، وقيل عوف بن الحارث.

2) قوله: (لمّا خرج): أي عن مكّة كما في رواية لأحمد. (إلى حُنين): كزُبَير، موضعٌ بين الطّائف ومكّة.

3) [قوله]: (يقال لها ذات أنواط):

قال الجزريّ في (النهاية): هي اسم شجرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها سلاحَهم، أي يعلّقونه بها ويعكفون حولها، فسألوه أن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك؛ وأنواط جمع نوط وهو مصدر سُمّي به المنوط. انتهى.

4) [قوله]: (سبحان الله): تنزيهاً وتعجّباً. (هذا) أي هذا القول منكم، (كما قال قوم موسى): ﴿..اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ..﴾ الأعراف:138.

لكن لا يخفى ما بينهما من التفاوت المستفاد من التشبيه حيث يكون المشبّه به أقوى (لَتَرْكَبُنَّ)، بِضَمّ المُوَحَّدَةِ، والمعنى لتتبعنّ (سُنَّةَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ)، وفي حديث أبي سعيد عند البخاري: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ، حَتّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُموهُمْ)، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: (فمَن؟). ورواه الحاكم عن ابن عباس وفي آخره: (وَحَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ جامَعَ امْرَأَتَهُ بِالطَّريقِ لَفَعَلْتُموهُ).

قال المناوي: إسناده صحيح والسّنّة لغةً، الطّريقة؛ حَسَنة كانت أو سيّئة، والمراد هنا طريقة أهل (الأهواء) والبِدع التي ابتدعوها من تلقاء أنفسهم بعد أنبيائهم من تغيير دينهم وتحريف كتابهم كما أتى على بني إسرائيل حذوَ النّعل بالنّعل.

وقال النّووي: المراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فقد وقع ما أخبر به صلّى الله عليه [وآله] وسلّم. انتهى

[«شعائر»: لا وجه لاستثناء المناوي الكفر، بقوله: والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر، لأنّ الكفر وقع في الأُمم السابقة وهو يدخل تحت عمومات هذه النّصوص، ودليله تصريح القرآن الكريم بعبادة اليهود «العِجل»]

5) قوله: (هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح): وأخرجه أحمد في (مسنده) قوله: (وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة)، أما حديث أبي سعيد فأخرجه الشيخان وقد تقدّم لفظه، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري عنه مرفوعاً: (لا تَقومُ السّاعَةُ حَتّى تَأْخُذَ أُمَّتي بِأَخْذِ القُرونِ قَبْلَها، شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِراعاً بِذِراعٍ)، فقيل: يا رسول الله، كفارس والرّوم؟ قال، وَمَنِ النّاسِ إِلّا أُولَئِكَ؟)».

(تحفة الآحوذي بشرح جامع الترمذي: ج 6/ ص 340،   باب ما جاء لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ)

رواية الطبري الإمامي

* «قال صلّى الله عليه وآله: لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتّى لَوْ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُموهُ، فقيل: يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فَمَنْ أَرَى؟».

(المسترشد: ص 229)

رواية السيد ابن طاوس

* «ومن ذلك ما ذكره صاحب (الكشّاف) في تفسير قوله تعالى: ﴿..وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ المائدة:44. عن حذيفة، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، أنّه قال: وَأَنْتُمْ أَشْبَهُ الأُمَمِ سَمْتاً بِبَني إِسْرائيلَ، لَتَرْكَبُنَّ طَريقَهُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، غَيْرَ أَنّي لا أَدْري أَتَعْبُدونَ العِجْلَ أَمْ لا؟».

(الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: ص 380)

﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ

هل هي بمعنى: لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ؟

* الطّبَق في اللّغة له مَعنيان:

أحدهما: ما طابقَ غيره. يقال: هَذا طَبَقٌ لِهَذا، إذا طابقه.

والآخر: جمع طبقة.

فعلى الأوّل: يكون المعنى لتركبُنّ حالاً بعد حالٍ، كلّ واحدة منها مطابقة للأخرى.

وعلى الثاني: يكون المعنى لتركبُنّ أحوالاً بعد أحوالٍ، هي طبقاتٌ بعضها فوق بعض.

ثم اختلف في تفسير هذه الأحوال، وفي قراءة «تركبنّ»:

فأمّا مَن قرأ بضم الباء فهو خطابٌ لجنس الإنسان.

وفي تفسير الأحوال على هذا ثلاثة أقوال:

أحدها أنّها: شدائد الموت، ثمّ البعث، ثمّ الحساب، ثمّ الجزاء.

والآخر أنّها: كون الإنسان نطفة، ثم علَقَة، إلى أن يخرج إلى الدنيا، ثمّ إلى أن يهرم، ثمّ يموت.

والثالث: لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ.

وأما من قرأ «تركبنّ» بفتح الباء فهو خطابٌ للإنسان على المعاني الثلاثة التي ذكرنا، وقيل: هي خطاب للنبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

ثم اختلف القائلون بهذا على ثلاثة أقوال:

أحدها: لتركبَنّ مكابدة الكفار حالاً بعد حال.

والآخر: لتركبَنّ فتح البلاد شيئاً بعد شيء.

والثالث: لتركبَنّ السّماوات في الإسراء [سماء] بعد سماء. وقوله: ﴿عَنْ طَبَقٍ﴾ في موضع الصِّفة لــ ﴿طَبَقَاً﴾، أو في موضع حال من الضمير في تركبنّ، قاله الزمخشري.

(الغرناطي الكلبي، التسهيل لعلوم التنزيل: ج 2/ ص 466)

 

الروايات في تقويم العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه

قال السيد الطباطبائي في (تفسير الميزان: ج 12/ ص 110):

«ورد (في) الروايات أنه يقع في هذه الأُمّة ما وقع في بني إسرائيل حَذْوَ النّعل بالنّعل والقُذّة بالقُذّة "..".

والرواية مستفيضة مرويّة في جوامع الحديث عن عدّة من الصحابة كأبي سعيد الخدري كما مرّ، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وابن عبّاس، وحذيفة، وعبد الله بن مسعود، وسهل بن سعد، وعمر بن عوف، وعمرو بن العاص، وشدّاد بن أوس، والمستورد بن شدّاد في ألفاظ متقاربة.

وهي مرويّة مستفيضة من طُرق الشيعة عن عدّة من أئمة أهل البيت عليهم السّلام، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في (تفسير القمّي) عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لَتَرْكَبُنَّ سَبيلَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، لا تُخْطِئونَ طَريقَهُمْ، (ولا يُخطَى) شِبْرٌ بِشِبْرٍ وَذِراعٌ بِذِراعٍ وباعٌ بِباعٍ، حَتّى لَوْ أَنْ كانَ مَنْ قَبْلَكُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُموهُ، قالوا: اليهود والنصارى تعني يا رسول الله؟ قالَ: فَمَنْ أَعْني؟ لَتَنْقُضُنَّ عُرَى الإِسْلامَ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَيَكونُ أَوَّلَ ما تَنْقُضونَ مِنْ دينِكُمُ الأَمانَةُ، وَآخِرَهُ الصَّلاةُ».

 

شرح المفردات

1) سَنَن: (قوله سَنَن مِنْ كانَ قَبْلَكُمْ): بفتح أوّله أي طريقهم. (ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص 131).

2) سَنَنٌ: امْضِ على سَنَنِكَ، أَي وَجْهِكَ وَقَصْدِكَ. وللطَّريقِ سَنَنٌ أَيْضاً، وَسَنَنُ الطَّريقِ وَسُنَنُهُ وَسِنَنُهُ وَسُنُنُهُ: نَهْجُهُ.

يقال: خَدَعَك سَنَنُ الطَّريقِ وَسُنَّتُهُ. "..".

ويقال: سَنّ الطَّريق سَنّاً وسَنَناً، فالسَّنُّ المصدر، والسَّنَنُ الاسم بمعنى المَسْنون.

ويقال: تَنَحَّ عن سَنَنِ الطَّريقِ وَسُنَنِهِ وَسِنَنِهِ، ثلاثُ لُغاتٍ.

قال أَبو عبيد: سَنَنُ الطَّريقِ وَسُنَنُهُ: مَحَجَّتُهُ. وتَنَحَّ عَنْ سَنَنِ الجَبَلِ، أَيْ عَنْ وَجْهِهِ.

الجوهري: السَّنَنُ: الطَّريقَةُ. يقال: اسْتَقامَ فُلانٌ عَلى سَنَنٍ واحِدِ.

ويقال: امْضِ على سَنَنِكَ وسُنَنِكَ، أَي على وجهك. (ابن منظور، لسان العرب).

3) القُذَّةُ: قال في (النهاية): القُذَذُ: ريشُ السَّهْمِ، واحِدَتُها قُذَّةٌ، ومنه الحديث: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ»، أي كما تُقدّر كلّ واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطَع؛ يضرب مثلاً للشّيئين يستويان ولا يتفاوتان، انتهى. (المجلسي، مرآة العقول: ج 3/ ص 373).

4) حذوتُ النّعل بالنّعل: إذا قدّرت كلّ واحدةٍ من طاقاتها على صاحبتها ليكونا على سواء. وفي حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله: «لَتَرْكَبُنَّ سَبيلَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ» أي تشابهونهم وتعملون مثل أعمالهم على السّواء. (الطريحي، مجمع البحرين)

5) حذو: في (النهاية لابن الأثير: 1/357): - حذا: «لَتَرْكَبُنَّ سَبيلَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ»: أي تعملون مثل أعمالهم كما تقطَع إحدى النّعلين على قدْر النعل الأخرى. والحَذو: التقدير والقطع. في (النهاية لابن الأثير: 4/28): - قذذ : «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ»: أي كما تقدَّر كلّ واحدةٍ منهما على قدر صاحبتها وتقطع. يضرب مثلاً. (السيد بهاء الدين النجفي، منتخب الأنوار المضيئة: ص23)

6) خَشْرَم: والخشرَمُ أَيضاً: مأْوى الزّنابير والنّحل وبيتُها ذو النَّخاريب.

وفي الحديث: « لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ ذِراعاً بِذِراعٍ، حَتّى لَوْ سَلَكوا خَشْرَم دَبْرٍ لَسَلَكْتُموهُ»؛ هو مأْوى النّحل والزنابير والدَّبْرِ، قال: وقد يطلق عليها أَنفسها؛ والدَّبْرُ: النّحل. (ابن منظور، لسان العرب: ج 12/ ص 179)

خَشْرم: بِمُعْجَمَتَيْنِ [أي بالخاء والشّين] على وزن جعفر. (تحفة الآحوذيّ: ج 1/ ص 115)

والخَشْرم مأوى النّحل. (الدّمْيري، حياة الحيوان: ج 1/ ص 457).

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ أسبوع

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

  إصدارات عربيّة

إصدارات عربيّة

نفحات