أحسن الحديث

أحسن الحديث

14/06/2015

سورة المنافقون

موجز في التّفسير

 سورة المنافقون

ــــــــــــــــــــــــــ سليمان بيضون ــــــــــــــــــــــــــ

* السّورة الثالثة والسّتّون في ترتيب سوَر المُصحف الشّريف، نزلت بعد سورة الحجّ. 

* سُمّيت بـ «المنافقون» لتركيز الكلام فيها عن هذه الفئة من النّاس، ولاستهلالها بقوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ..﴾.

* آياتها إحدى عشرة، وهي مدَنيّة، مَنْ قرأها برئ من النّفاق كما في النبويّ الشريف.

في ما يلي موجز في تفسير السّورة المباركة اخترناه من تفاسير: (الميزان) للعلّامة السّيّد محمّد حسين الطّباطبائيّ، و(الأمثل) للمرجع الدّينيّ الشّيخ ناصر مكارم الشّيرازيّ، و(نور الثّقلين) للشّيخ عبد عليّ الحويزيّ.

 

واجه الإسلام في عصره الأول تحدّياً خطيراً تمثّل في وجود مجموعة من النّاس لم يكونوا يملكون الإخلاص اللّازم للإيمان، ولا القدرة اللّازمة للمعارضة، وهم مجموعة مُذَبذبة مصابة بازدواج الشخصيّة، توغّلوا في أعماق المسلمين، وشكّلوا خطراً كبيراً على الإسلام والمسلمين. وكان تشخيصهم صعباً لأنّهم متظاهرون بالإسلام، إلّا أنّ القرآن الكريم بيّن مواصفاتهم بدقّة، وزوّد المسلمين بمعايير حيّة لمعرفتهم. نجد ذلك في بدايات سورة «البقرة»، وموارد أخرى عدّة من بينها هذه السّورة: (المنافقون).

صفاتُ المنافقين

(تفسير الميزان): تَصِفُ السّورة المنافقين وتسِمهم بشدّة العداوة، وتأمر النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنْ يحذَرهم، وتعظ المؤمنين أن يتحرّزوا من خصائص النفاق، فلا يقعوا في مهلكته لئلّا يجرّهم إلى النّار. والمنافق اسمُ فاعلٍ من النّفاق، وهو في عُرف القرآن إظهارُ الايمان وإبطان الكفر.

***

(تفسير الأمثل): احتوت سورة «المنافقون» على مضامين عديدة، لكنّ المحور الأصلي لها هو صفات المنافقين، ويمكن تلخيص مضامين السورة في أربعة أمور:

1) صفات المنافقين. وتتضمّن نقاطاً مهمّة وحسّاسة:

* أوّل صفةٍ يذكرها القرآن الكريم للمنافقين هي: إظهار الإيمان الكاذب الّذي يشكّل الظّاهرة العامّة للنّفاق، حيث يقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾، حيث اختلاف الظّاهر مع الباطن؛ وهذه الظّاهرة تشكّل المحور الرئيسي للنّفاق.

* تذكر الآية اللّاحقة العلامة الثّانية: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، ذلك لأنّهم يظهرون الإيمان ويضمرون الكفر، ويضعون الموانع والعراقيل في طريق هداية النّاس، فإنّ من علامات المنافقين التّستّر باسم الله المقدّس، وإيقاع الأيْمان المغلّظة لإخفاء وجوههم الحقيقيّة، وإلفات أنظار النّاس نحوهم، وبذلك يصدّونهم عن الرّشد. فيتّضح أنّ المنافقين في حالة حرب دائمة ضدّ المؤمنين، وأنّ الظّواهر التي يتخفّون وراءها ينبغي ألّا تخدع أحداً.

* يقول تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾. والمقصود بالإيمان - كما يعتقد بعض المفسِّرين - هو الإيمان الظّاهري الذي يُخفي وراءه الكفر. ولكن يبدو أنّ الآية تريد أن تقول: إنّهم كانوا مؤمنين حقّاً وذاقوا طعم الإيمان ولمسوا حقّانيّة الإسلام والقرآن، ثمّ انتهجوا منهج الكفر مع احتفاظهم بظاهر الإيمان أو الإيمان الظاهري. وقد سَلب اللهُ منهم حسّ التّشخيص وحرمهم إدراك الحقائق، لأنّهم أعرضوا عن الحقّ، وأداروا له ظهورهم بعد أن شخّصوه وعرفوه حقّاً.

على كلّ حال، فإنّ عدم قدرتهم على إدراك الحقائق الواضحة تُعتبر علامة ثالثة من علامات نفاقهم. ومن الواضح أنّهم غير مجبرين على ذلك، لأنّهم قد هيّأوا مقدّماته بأنفسهم.

* توضح الآية اللّاحقة علامات المنافقين بشكلٍ أكثر وضوحاً، إذ يقول تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ..﴾ فهم يتّمتعون بظواهر جميلة وأجسام لطيفة. ﴿..وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ..﴾ لأنّه ينطوي على شيءٍ من التّحسين والعذوبة. هذا فيما يخصّ ظاهرهم، أمّا باطنهم ف‍ ﴿..كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ..﴾ فأجسامهم خالية من الرّوح، ووجوههم كالحة.

2) تحذير المؤمنين من خُطط المنافقين، ووجوب الانتباه إلى ذلك ورصده بشكلٍ دقيق.

3) حَثّ المؤمنين على عدم الاستغراق في الدّنيا وزخرفها، والانشغال بذلك عن ذكر الله تعالى.

4) حثّ المسلمين على الإنفاق في سبيل الله.

وما يجدر بالملاحظة هو أنّ من آداب صلاة الجمعة أن تقرأ سورة (المنافقون) في الرّكعة الثانية، ليتذكّر المسلمون على طول الأسبوع مؤامرات المنافقين وخططهم، ويكونوا على حذرٍ دائم من تحرّكاتهم.

ثواب تلاوة سورة «المنافقون»

* عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ المُنافقين بَرِئَ مِنَ النِّفَاق».

* وعن الإمام الصّادق عليه السّلام، أنّه قال: «الواجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ إذا كَانَ لَنَا شِيْعَةً، أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةِ الجُمُعَة بِـ (الجُمُعَةِ)، وَ(سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)، وَفِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بِـ (الجُمُعَة)، و(المُنَافِقِين)، فَإِذَا فَعَلَ ذَلكَ فَكَأنَّما يَعْمَلُ بِعَمَلِ رَسُولِ اللهِ، وَكَانَ جَزَاؤُهُ وَثَوَابُهُ عَلَى اللهِ الجَنَّة».

 

تفسيرُ الآيات بالرّوايات

قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ..﴾ الآية:1.

قال طاوس اليماني لأبي جعفر [الباقر] عليه السّلام: «أخبرني عن قومٍ شهدوا شهادةَ الحقّ وكانوا كاذبين. قال عليه السّلام: المُنافقون، حينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِه: «نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ»، فأنزلَ اللهُ عزّ وجلّ: ﴿إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾».

قوله تعالى: ﴿.. كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ..﴾ الآية:4.

الإمام الباقر عليه السّلام: «﴿..كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ..﴾: لا يَسْمَعُونَ وَلَا يَعْقِلُون. ﴿..يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ..﴾: يَعْنِي كُلَّ صَوْتٍ».  

قوله تعالى: ﴿..ولله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ..﴾ الآية:8.

* قيل للإمام الحسن الزّكّي عليه السّلام: «إِنَّ فِيكَ عَظَمَة؟ قال: بَلْ فِيَّ عِزَّة، قال اللهُ تعالى: ﴿ولله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾».

* الإمام الباقر عليه السّلام: «إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْطَى المُؤمِنَ ثَلَاث خِصَال: العِزَّ فِي الدُّنْيَا وَفِي دِينِهِ، والفَلَاحَ فِي الآخِرَةِ، والمَهَابَةَ فِي صُدُورِ العَالَمين».

* الإمام الصادق عليه السلام: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى فَوَّضَ إِلَى المُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا، وَلَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِيْلَاً..».

قوله تعالى: ﴿..فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ الآية:10.

سُئِلَ الإمام الصّادق عن الآية، فقال: «﴿أَصَّدَّق﴾: مِنَ الصَّدَقَةِ، وَ﴿أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾: أَحجّ».

قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا..﴾ الآية:11.

الإمام الباقر عليه السّلام: «إنَّ عِنْدَ اللهِ كُتُبَاً مَوْقُوفَةً يُقَدِّمُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ، وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ، فَإذا كَانَ لَيْلَةُ القَدْرِ أَنْزَلَ اللهُ فِيها كُلَّ شيءٍ يَكُونُ إِلى مِثْلِهَا، فَذَلِكَ قَولهُ: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾، إِذَا أَنْزَلَهُ اللهُ وَكَتَبَهُ كُتَّابُ السَّمَاواتِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُؤَخِّرُه».

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

14/06/2015

دوريات

نفحات