مراقبات

مراقبات

منذ أسبوع

مراقبات شهر شوّال


مراقبات شهر شوّال

عيدُ الفِطر: يومُ الرّحمة، والبشارة من الله تعالى

ــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ــــــــــــــــــ

خصّصت «شعائر» في هذا الباب، واستناداً إلى حديث المعصومين عليهم السلام، ما ينبغي على المؤمن أن يتعهّده في شهر شوّال من العبادات والمعاملات.
وفي «مراقبات» هذا الشهر الكريم، مختارات من عددٍ من الروايات الشريفة حول آدابه وفضائله العبادية.

 

في (معجم لغة الفقهاء): «شَوّال: ..الشهرُ العاشر، بين رمضان وذي القعدة، جمعُه شوّالات». وقال في (صبح الأعشى): «الشهرُ العاشر شوّال، سمِّي بذلك أخذاً من شالت الإبل بأذنابها.. وقيل: من شالَ يشولُ: إذا ارتفع».

وفي (إقبال الأعمال): «قيلَ للنّبيّ صلّى الله عليه وآله: يا رسولَ الله، ما شهرُ رمضان؟ فقال صلّى الله عليه وآله: شهرُ رمضان، أرمضَ – أي أحرقَ - اللهُ تعالى فيه ذنوبَ المؤمنين، وغفرَها لهم.

قيل: يا رسولَ الله، فشوّال؟ قال: شَالَتْ – أي ارتفعت - فيهِ ذنوبُهم، فلم يبقَ فيه ذنبٌ إلّا غفرَه»

 

ليلةُ العيد

قال الشيخ المفيد في (مسارّ الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة):

«شهر شوّال، أوّل ليلة منه:

* فيها: غسلٌ عند وجوب الشمس، كما ذكرنا ذلك في أوّل ليلة من شهر رمضان.

* وفيها: دعاء الاستهلال، وهو عند رؤية الهلال.

* وفيها: ابتداء التكبير عند الفراغ من فرض المغرب، وانتهاؤه عند الفراغ من صلاة العيد من يوم الفطر، فيكون ذلك في عقب أربع صلوات. وشرحه أن يقول المصلّي عند السّلام من كلّ فريضة:

(اللهُ أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ [وَللهِ الحَمْدُ]، الحَمْدُ للهِ عَلى ما هَدانا، وَلهُ الشُّكْرُ عَلى ما أَوْلانا).

فبذلك ثبتت السُّنّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، وجاءت الأخبار بالعمل به عن الصّادقين من عترته، عليهم السّلام.

* ومن السُّنّة في هذه الليلة - ما وردت الأخبار بالترغيب فيه، والحضّ عليه - أن يسجد الإنسان بعد فراغه من فريضة المغرب، ويقول في سجوده:

(يَا ذَا الحَوْلِ، يَا ذَا الطَّوْلِ، يَا مُصْطَفِيَاً مُحَمَّداً وَنَاصِرَهُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَنَسِيتُهُ أَنا، وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).

ثم يقول: (أَتُوبُ إِلى اللهِ) مائة مرّة، وَلْيَنْوِ عند هذا القول ما تاب منه من الذّنوب ونَدِمَ عليه إن شاء الله تعالى.

* ويستحبّ أن يصلّي في هذه الليلة ركعتَين:

يقرأ في الأولى منهما (فاتحة الكتاب) مرّة واحدة، وسورة (الإخلاص) ألف مرّة.

وفي الثانية بـ (الفاتحة)، وسورة (الإخلاص) مرّة واحدة.

فإنّ الرواية جاءت بأنّه مَن صلّى هاتَين الركعتين في ليلة الفطر، لم ينتقل من مكانه، وبينه وبين الله تعالى ذنبٌ إلّا غفرَه.

* وتطابقت الآثار عن أئمّة الهدى عليهم السلام بالحثّ على القيام في هذه اللّيلة، والانتصاب للمسألة، والاستغفار، والدّعاء. ورُوي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان لا ينام فيها، ويحييها بالصّلاة والدّعاء والسّؤال، ويقول: (فِي هَذِهِ اللّيلَةِ يُعْطَى الأَجِيرُ أَجْرَهُ)».

اليوم الأوّل من شوّال: يوم عيد الفطر

في (جنّة الأمان الواقية) للشّيخ إبراهيم الكفعميّ، المعروف بـ (مصباح الكفعميّ)، قال: «وهو – أي شهر شوّال - أوّل أشهر الحجّ، وأوّل يومٍ منه عيد الفطر، ويقال له: يوم الرّحمة لأنّ الله تعالى يرحمُ فيه عبادَه».

وفي (توضيح المقاصد) للشيخ بهاء الدّين العامليّ: «الشهر العاشر شهر شوّال. الأوّل منه يوم عيد الفطر ويُسمّى يوم الرحمة. ويستحبّ فيه زيارة أبي عبد الله عليه السلام، وكذا في ليلته... وفيه أوحى الله سبحانه إلى النحل صنعةَ العسل كما قال سبحانه: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾». (النحل:68-69)

وفي (مسارّ الشيعة) للشيخ المفيد: «أوّل يوم من شوّال، وهو يوم عيد الفطر، وإنّما كان عيدَ المؤمنين بمسرّتهم بقبول أعمالهم، وتكفير سيّئاتهم، ومغفرة ذنوبهم، وما جاءهم من البشارة من عند ربّهم - جلّ اسمه - من عظيم الثواب لهم على صيامهم، وقربهم، واجتهادهم. وفي هذا اليوم:

* غسلٌ، وهو علامة التطهير من الذنوب.

* والتوجّه إلى الله تعالى في طلب الحوائج، ومسألة القبول.

* ومن السُّنَّة فيه الطِّيب، ولبس أجمل الثياب، والخروج إلى الصحراء، والبروز للصلاة تحت السماء.

* ويستحبّ أن يتناول الإنسان فيه شيئاً من المأكول قبل التوجّه إلى الصّلاة، وأفضل ذلك السُّكَّر. ويستحبّ تناول شيء من تربة الحسين عليه السلام، فإنّ فيها شفاءً من كلّ داء. ويكون ما يؤخَذ منها مبلغاً يسيراً.

* وصلاة العيد في هذا اليوم فريضةٌ مع الإمام، وسُنَّةٌ على الانفراد [يُفتي الفقهاء بكونها تصلّى جماعةً – في زمن الغَيبة - برجاء المطلوبيّة]، وهي ركعتان بغير أذانٍ ولا إقامة، ووقتُها عند انبساط الشمس بعد ذهاب حُمرتها، وفي هاتَين الركعتَين اثنتا عشرة تكبيرة، منها سبعٌ في الأولى مع تكبير الافتتاح والركوع، وخمس في الثانية مع تكبيرة القيام. والقراءة فيها عند آل الرسول عليهم السلام قبل التكبير، والقنوت فيها بين كلّ تكبيرتَين بعد القراءة.

* وفي هذا اليوم فريضةُ إخراج الفِطرة، ووقتها من طلوع الشمس إلى الفراغ من صلاة العيد، فمَن لم يُخرجها من ماله وهو متمكّن من ذلك قبل مضيّ وقت الصلاة فقد ضيّع فرضاً، واحتقبَ مأثماً. ومن أخرجها من ماله فقد أدّى الواجب، وإنْ تعذّر عليه وجود الفقراء. والفطرة زكاةٌ واجبة، نطق بها القرآن، وسنَّها النبيّ صلّى الله عليه وآله، وبها يكون تمامُ الصّيام، وهي من الشكر لله تعالى على قبول الأعمال..».

الخامس والعشرون من شوّال: شهادة الإمام الصادق عليه السلام

في الخامس والعشرين من شهر شوّال سنة 148 للهجرة، كانت شهادة الإمام أبي عبد الله، جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، في المدينة المنوّرة عن خمسة وستّين عاماً. مدّة إمامته منها أربعٌ وثلاثون سنة، وقد استُشهد عليه السلام بسُمٍّ دسّه له الملك العبّاسيّ المنصور الدوانيقيّ، ودُفن في البقيع.

يُزار عليه السّلام في هذا اليوم بزيارة (أمين الله)،  وهي في غاية الاعتبار ومرويّة في جميع كُتب الزيارات والمصابيح، وقال العلّامة المجلسيّ: «إنّها أحسن الزيارات متناً وسنَداً، وينبغي ‌المواظبة عليها في جميع الروضات المقدّسة». كذلك يُزار الإمام الصادق عليه السّلام بإحدى الزيارات الجامعة، وهي ما يُزار به كلّ إمام من الأئمّة عليهم السلام، وهي عديدة، ذكرها المحدّث القمّيّ في (مفاتيح الجنان) تحت عنوان: (فصل في الزيارات الجامعة).

عيدُ من غُفِرَ لَهُ

«عن سُوَيد بن غفلة، قال: دخلتُ على أمير المؤمنين عليه السلام يومَ عيد، فإذا عنده فاثور [أي خُوان] عليه خبز السَّمراء [خبز الحنطة] وصَحفَةُ فيها خطيفةٌ ومِلبَنة [الخطيفة: طعام بسيط من اللّبن والدقيق، والملبنة: الملعقة]

فقلت: يا أميرَ المؤمنين، يوم عيدٍ وخَطيفة؟! فقال: إنّما هذا عيدُ من غُفِرَ لَهُ».

(شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد

 

الدعاء بعدَ صلاة العيد

«وردتْ دعوات كثيرة بَعد صلاة العيد، ولعلّ أحسنَها هُوَ الدُّعاء السادس والأَرْبعون مِن (الصحيفة الكاملة). ويُستَحبّ أن يبرز في صلاة العيد تَحتَ السماء، وأن يُصلّي عَلى الأَرْض مِن دون بساط ولا بارية، وأن يرجع عن المُصلَّى مِن غير الطريق الَّذي ذَهَبَ مِنه، وأن يدعو لإخوانه المؤمنين بقبول أعمالهم».

(مفاتيح الجنان)

أَشبَهُ بيَوم القيامة

«.. عنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلَيهِ السّلامُ، قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلامُ النَّاسَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ‏ يُثَابُ‏ فِيهِ‏ الْمُحْسِنُونَ‏، وَيَخْسَرُ فِيهِ الْمُسِيئُونَ، وَهُوَ أَشْبَهُ يَوْمٍ بِيَوْمِ قِيَامَتِكُمْ.

فَاذْكُرُوا بِخُرُوجِكُمْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ إِلَى مُصَلَّاكُمْ خُرُوجَكُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّكُمْ. وَاذْكُرُوا بِوُقُوفِكُمْ فِي مُصَلَّاكُمْ وُقُوفَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكُمْ. وَاذْكُرُوا بِرُجُوعِكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ رُجُوعَكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّار..».

(أمالي الصدوق)

 

الإمام زين العابدين عليه السلام يومَ العيد

«عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ، قال: كنتُ بالمدينة وقد ولِيَها مروان بن الحكم من قِبَل يزيد بن معاوية، وكان شهر رمضان، فلمّا كان في آخر ليلةٍ منه أمر مناديه أن ينادي في الناس بالخروج إلى البقيع لصلاة العيد.

فغدوتُ من منزلي أريد إلى سيّدي عليّ بن الحسين عليهما السلام غَلَسَاً*، فما مررتُ بسكّةٍ من سكَك المدينة إلّا لقيتُ أهلَها خارجين إلى البقيع، فيقولون: إلى أين تريدُ يا جابر!؟

فأقول: إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، حتّى أتيتُ المسجدَ فدخلتُه، فما وجدتُ فيه إلّا سيّدي عليَّ بن الحسين عليهما السلام قائماً يصلّي صلاةَ الفجر وحده، فوقفتُ وصلّيتُ بصلاته، فلمّا أنْ فرغَ من صلاته سجدَ سجدةَ الشكر، ثمّ إنّه جلس يدعو، وجعلتُ أُؤَمّن على دعائه، فما أتى إلى آخر دعائه حتّى بزغتِ الشمس. فوثبَ قائماً على قدَميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ إنّه رفع يدَيه حتّى صارتا بإزاء وجهه، وقال:

(إِلَهِي وَسَيِّدِي، أَنْتَ فَطَرْتَنِي وَابْتَدَأْتَ خَلْقِي لَا لِحَاجَةٍ مِنْكَ إِلَيَّ بَلْ تَفَضُّلًا مِنْكَ عَلَيَّ. وَقَدَّرْتَ لِي أَجَلًا وَرِزْقاً لَا أَتَعَدَّاهُمَا، وَلَا يَنْقُصُنِي‏ أَحَدٌ مِنْهُمَا شَيْئاً. وَكَنَفْتَنِي مِنْكَ بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ وَالْكِفَايَةِ طِفْلًا وَنَاشِئاً مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ فَعَلِمْتَهُ مِنِّي فَجَازَيْتَنِي عَلَيْهِ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْكَ تَطَوُّلًا عَلَيَّ وَامْتِنَاناً**.. إلى آخر الدعاء).

 (إقبال الأعمال لابن طاوس)

***

* الغَلَسَ: ظلام آخر اللّيل، وقبيل الفجر.

** هذه الفقرة هي من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام يوم الفِطر، لكنه غير دعائه عليه السلام يوم الفطر والجمعة الوارد في نسَخ الصحيفة وأوّله: (يَا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لَا يَرْحَمُهُ العِبَادُ). والدعاء المذكور هنا ورد في الصحيفة السجّاديّة الجامعة، تحقيق السيّد محمود الأبطحيّ.


اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ أسبوع

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات