موقف

موقف

16/07/2015

العَزمُ على التّوبة، بدايةُ العودة


العَزمُ على التّوبة، بدايةُ العودة

_____ آية الله الشيخ ميرزا ملكي التبريزيّ* قدّس سرّه _____

 

لا بدّ من مداومة التوبة على كلّ حال. والتوبة التي تجب على الجميع هي التي بيّنها أمير المؤمنين عليه السّلام في معنى الاستغفار بستّة أشياء:

الأوّل: النّدم، وهو علاجٌ لكثيرٍ من الأشياء، لا سيّما أنّه عوضٌ وبدلٌ عن الندم عند الموت وبعد الموت.

الثّاني: العزم على عدم العودة أبداً.

الثّالث: أداء حقوق المخلوقين.

الرّابع: أداء حقوق الفرائض التي تركها.

الخامس: يُذيب اللّحم الذي نبت من الحرام بالندم والحسرة وألم الرياضات إلى أن يلتصقَ الجلد بالعَظم، وبعد ذلك ينبت لحمٌ جديدٌ من الحلال.

السادس: أن يُذيق نفسَه ألمَ الطاعة ومشقّة العبادة بمقدار حلاوة المعصية.

وتفصيل ذلك: إذا ظهرت المعرفة الواقعيّة للإنسان وعرف حقيقة الذنب وقبحَه وآثاره، فلا بدّ أن يحصل له - قهراً - من الندم بمقدار الشّقاء والعذاب الذي جلبَه على نفسه، وعليه أن يتحرّك باتّجاه رفع ذلك، وبالخصوص عندما يقطع بما سوف يحصل له من لذّة كبيرة، وشرف عظيم حينما يُخمِد تلك النار التي اشتعلتْ في نفسه وفي داخله. كما يبرز عنده شوق في ذلك الوقت بمقدار معرفته لإخماد تلك النار، وسوف يتحمّل كلّ عمل شاقّ لأجل إخمادها، ويؤدّيه بشَوق تامّ.

وإن قلت: أيّة لذّة وكرامة في التوبة، غير علاج المعصية؟

قلنا: ألم تعلم بأنّ الله مبدّل السيّئات بأضعافها من الحسنات؟

ألم ترَ في القرآن المجيد البشارة والكرامة العظمى في ﴿..إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ..﴾؟

أم أنّك لم تدرك مقام ومعنى محبّة الله عزّ وجلّ؟

إنّ أهل الحقّ يقولون – والعهدة عليهم - إنّ محبّة الله، عزّ وجلّ، لعَبده تعني أنّه يكشف الحُجب له، فيوفّقه إلى جواره وقربه ولقائه.

والخلاصة: أنّه لو حصلت هذه المُقدّمات الوقائيّة للتائب، فبالطّبع سوف يكون مُستعدّاً من أعماق وجوده للعلاج، وسوف تقول كلّ ذرّة من وجوده بكامل مراتب وصور التضرّع والابتهال إلى الله تعالى ذي الجلال: (أَتُوبُ إِلَى اللهِ). كما أنّ جميع تلك المراتب الأخرى سوف تتمّ على أكمل الوجوه بالضّرورة.

فانظر مثلاً وبشكلٍ عامّ الموارد التي [بيّنَتها] الحقيقة العرفائيّة لقبح المعصية؛ فإلى أيّ الحالات وجّهت أصحابها؟ فمثلاً تذكّر قصّة النّبّاش [نبّاش القبور الذي جاء إلى رسول الله، صلّى الله عليه وآله، آيساً من أن يغفر الله ذنوبه، فلبس مسحاً وغلّ يديه إلى عنقه وبقيَ على ذلك هائماً مُستغفراً أربعين يوماً وليلة، إلى أن جاءته البشرى بالمغفرة]، هل علّمه أحد وقال له افعل هكذا؟

أم أنّه حصلت تلك المعرفة له من نفسه نتيجةَ عظيم جنايته، وقد حرّكته هذه المعرفة إلى هذه المواقع والأفعال؟

نعم! هل رأى أحدٌ مَن يُعلِّم الثّكلى النياحة؟ أم أنّ طُرق النّياحة تُتَعلّم من الثكلى؟

 
 
 

* من كتابه (السَّير إلى الله تعالى)

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

16/07/2015

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات