الملف

الملف

14/08/2015

في ثواب زيارته عليه السلام، وكرامات مرقده برواية المحدّث القمّي


في ثواب زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام

موضعُ قبره بقعةٌ من بقاع الجنّة

المُحدّث الشيخ عباس القمّي رحمه الله

تكشفُ الروايات عن الإمام الرضا نفسه، وعن أبيه الإمام الكاظم، وعن ابنه الإمام الجواد، وحفيده الإمام الهادي، عليهم السلام، كرامةً خاصّة لمرقده الشريف في طوس [مدينة مشهد]، تتجلّى في الثواب الجزيل لزوّاره، والوعد بقضاء حوائجهم.

ما يلي مقتطف من كتاب (الأنوار البهية) للمُحدّث الشيخ عبّاس القمّي يورد فيه روايات استحباب الزيارة، مع الإشارة لكثرة الكرامات التي ظهرت عند المشهد الشريف. 

 قال المُحدّث الشيخ عبّاس القمّي، رضوان الله عليه، في كتابه (الأنوار البهيّة)، تحت عنوان: (فصلٌ في ثواب زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام):

«وثواب زيارته، عليه السلام، أكثر من أن يذكَر.

* قال الشيخ الشهيد في (الدروس) عن الإمام الكاظم عليه السلام: (مَنْ زارَ قَبْرَ وَلَدي عَلِيٍّ كانَ عِنْدَ اللهِ كَسَبْعينَ حِجَّةً مَبْرورَةً. قال له يحيى المازني: سبعين حجّة مبرورة؟ قال: نَعَمْ، وَسَبْعينَ أَلْفِ حِجَّةٍ).

* وقيل لأبي جعفر محمّد بن علي الجواد عليهما السلام: (زيارةُ الرضا، عليه السلام، أفضل، أم زيارة الحسين عليه السلام؟ فقال: زَيارَةُ أَبي أَفْضَلُ، لِأَنَّهُ لا يَزورُهُ إِلّا الخَواصُّ مِنَ الشّيعَةِ).

* وعنه، عليه السلام، إنّها: (أَفْضَلُ مِنَ الحَجِّ [غير الواجب]، وَأَفْضَلُها في رَجَبٍ).

* وروى البِزنطيّ، قال: (قرأت كتاب أبي الحسن الرضا، عليه السلام، بخطّه: أَبْلِغْ شِيعَتي أَنَّ زِيارَتي تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ أَلْفَ حِجَّةٍ، وَأَلْفَ عُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ كُلّها، قال: قلتُ لأبي جعفر عليه السلام: ألف حجّة؟ قال: إِي وَاللهِ، وَأَلْفَ أَلْفَ حِجَّةٍ لِمَنْ يَزورُهُ عارِفاً بِحَقِّهِ).

أقول: قد ظهرَ من هذه الفقرة الشريفة، أنّ الاختلاف الوارد في قدْر الفضل والثواب محمولٌ على اختلاف الأشخاص، واختلاف مراتب الإخلاص، والمعرفة والتقوى، أو غير ذلك.

* وقال الرضا عليه السلام: «مَنْ زارَني عَلى بُعْد دَاري وَمَزاري، أَتَيْتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ في ثَلاثِ مَواطِنَ حَتَّى أُخَلِّصَهُ مِنْ أَهْوالِها: إِذا تَطايَرَتِ الكُتُبُ يَميناً وَشِمالاً، وَعِنْدَ الصِّراطِ، وَالميزانِ».

* وروى الصدوق عن أبي الحسن الهادي، عليه السلام، يقول: (مَنْ كانَتْ لَهُ إِلى اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، حاجَةٌ، فَلْيَزُرْ قَبْرَ جَدّي الرِّضا عَلَيْهِ السَّلامُ، بِطوسَ، وَهُوَ عَلى غُسْلٍ، وَلْيُصَلِّ عِنْدَ رَأْسِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَسْأَلِ اللهَ، تَعالى، حاجَتَهُ في قُنوتِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَجيبُ لَهُ، ما لَمْ يَسْأَلْ في مَأْثَمٍ أَوْ قَطيعَةِ رَحِمٍ، فَإِنَّ مَوْضِعَ قَبْرِهِ لَبُقَعَةٌ مِنْ بِقاعِ الجَنَّةِ، لا يَزورُها مُؤْمِنٌ إِلّا أَعْتَقَهُ اللهُ، تَعالى، مِنَ النّارِ، وَأَحَلَّهُ دارَ القَرارِ).

* قال الشيخ المفيد في (المقنعة) - باب مختصر زيارته عليه السلام: (تقف على قبره – بعد أن تغتسل لزيارته، وتلبس أطهر ثيابك - وتقول:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ الْهُدى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى عَلَيْهِ آباؤُكَ الطّاهِرُونَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلى هُدًى، وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلى باطِل، وَأَنَّكَ نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ، وَأَدَّيْتَ الأَمانَةَ، فَجَزاكَ اللهُ عَنِ الإسْلامِ وَأَهْلِهِ خَيْرَ الْجَزاءِ، أَتَيْتُكَ بِأَبي [أنتَ] وَأُمّي زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ، مُوالِياً لِأَوْلِيائِكَ، مُعادِياً لأَعْدائِكَ، فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ.

ثمّ انكبّ على القبر [فقبّله]، وضع خدّيك عليه، ثم تحوّل إلى عند الرأس فقُل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ الإمامُ الْهَادِي، وَالْوَلِيُّ الْمُرْشِدُ، أَبْرَأُ إلَى اللهِ مِنْ أَعْدائِكَ، وَأَتَقَرَّبُ إلَى اللهِ بِوِلايَتِكَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

ثم صلِّ ركعتَي الزيارة، وصلِّ بعدهما ما بدا لك، وتحوّل إلى عند الرِّجلين فادعُ بما شئتَ إن شاء الله).

* قال السيّد ابن طاوس في (الإقبال): (ورأيتُ في بعض تصانيف أصحابنا العَجم رضوان الله عليهم، أنّه يُستحبّ أن يزار مولانا الرضا، عليه السلام، يوم ثالث وعشرين من ذي القعدة من قُرب أو بُعد ببعض زياراته المعروفة، أو بما يكون كالزيارة من الرواية بذلك).

* قلت: وروى العلّامة المجلسي رحمه الله عن صاحب كتاب (العُدَد القوية) أنّه قال: (إنّ وفاة الرضا، عليه السلام، كانت في ذلك اليوم، واللهُ العالم).

* قال السيّد الداماد قدّس سرّه في رسالة (أربعة أيّام) في ذكر أعمال يوم دَحْو الأرض يوم الخامس والعشرين من ذي القعدة: (إنّ زيارة الرضا، عليه السلام، فيه أفضلُ الأعمال المُستحبّة، وآكَدُ الآداب المسنونة)».

كرامات المشهد الرضوي في كلمات العلماء

أضاف المحدّث القمّي:

«قال شيخنا الطبرسيّ رحمه الله في (إعلام الورى) بعد ذكر جملةً من دلائل الرضا ومعجزاته عليه السلام: (وأمّا ما ظهر للناس بعد وفاته من بركة مشهده المقدّس، وعلاماته والعجائب التي شاهدها الخلقُ فيه، وأذعن العامّ والخاصّ له، وأقرّ المُخالف والمؤالف به إلى يومنا هذا، فكثيرٌ خارجٌ عن حدّ الإحصاء والعَدّ، ولقد أُبرئ فيه الأكمه والأبرص، واستُجيبت الدعوات، وقُضيت ببركته الحاجات، وكُشفت الملمّات، وشاهدنا كثيراً من ذلك وتيقّناه...).

وقال شيخنا الحرّ العاملي قدّس سرّه في (إثبات الهداة) بعد نقل هذا الكلام من (الإعلام): (يقول محمّد بن الحسن الحرّ، مؤلّف هذا الكتاب: (ولقد رأيت وشاهدت كثيراً من ذلك وتيقّنته - كما شاهده الطبرسيّ وتيقّنه - في مدّة مجاورتي لمشهد الرضا، عليه السلام، وذلك ستّة وعشرون سنة، وسمعتُ من الأخبار في ذلك ما يجاوز حدَّ التواتر. وليس في خاطري أنّي دعوتُ في هذا المشهد وطلبتُ من الله تعالى حاجةً إلّا وقُضيت لي، والحمد لله.

وتفصيلُ ذلك يضيق عنه المجال، ويطول فيه المقال، فلذلك اكتفيتُ بالإجمال، ومن ذلك أنّ بنتاً من جيراننا كانت خرساء، ثمّ زارت قبر الرضا، عليه السلام، يوماً، فرأتْ عند القبر رجلاً حسنَ الهيئة - ظنّت أنّه الرضا، عليه السلام - فقال لها: ما لكِ لا تتكلّمين؟ تكلّمي! فنطقتْ في الحال وزالَ عنها الخرس بالكليّة. فقلتُ فيها هذه الأبيات:

يا كليمَ الرِّضا عَلَيْهِ السَّلامُ

وَعَلَيْكِ السَّلامُ وَالإِكْرامُ

كَلِّميني عَسى أَكونُ كَليماً

لِكَليمِ الرِّضا عَلَيْهِ السَّلامُ).

 

يقول عبّاس بن محمّد رضا القمّي مؤلّف هذا الكتاب: ولقد رأيتُ وشاهدتُ في مدّة مجاورتي لهذا المشهد المقدّس، خصوصاً في هذا التاريخ، وهو شوّال سنة 1343 ثلاث وأربعين بعد ألف وثلاثمائة، كثيراً من ذلك وتيقّنته، وعلمتُ علماً لا يخالجُ الشكّ والرَّيب في معناه، فلو ذهبتُ للخَوض في إيراد ذلك لخرجتُ عن الغرَض في هذا الكتاب، ولقد صدق شيخنا [الحرّ] العامليّ في قوله:

 

وَمَا بَدَا مِنْ بَرَكَاتِ مَشْهَدِهْ

فِي‌ كُلِّ يَوْمٍ أَمْسُهُ مِثْلُ غَدِهْ

وَكَشِفَاءِ العُمْي‌ِ وَالَمْرضَى‌ بِهْ

إجَابَةُ الدُّعَاءِ فِي‌ أَعْتَابِهْ».

 

  

استردادُ الوديعة

«حدّث أبو نصر، أحمد بن الحسين الضَّبّي، وما كان أحدٌ أنصَبَ منه، حتّى بلغ مِن نَصْبه أنّه كان يمتنعُ عن الصلاة على آل النبيّ صلّى الله عليه وعليهم، قال: سمعتُ أبا بكر الحمّامي الفرّاء في سكّة حرب نيسابور - وكان من أصحاب الحديث - يقول: أودَعَني بعضُ الناس وديعةً فدفنتُها ونسيتُ موضعَها، فتحيّرت! فلمّا أتى على ذلك مدّةٌ جاءني صاحبُ الوديعة يطالبني بها، فلم أعرف موضعَها وتحيّرت، واتّهمني صاحب الوديعة، فخرجتُ من بيتي مغموماً مُتحيّراً، فرأيت جماعةً من الناس يتوجّهون إلى مشهد الرضا، عليه السّلام، فخرجتُ معهم إلى المشهد.

هناك زرتُ ودعوتُ الله، عزّ وجلّ، أن يُبيّن لي موضع الوديعة، فرأيت في ما يرى النائم كأنّ أحداً أتاني فقال لي: دفنتَ الوديعةَ في موضع كذا وكذا.

فرجعتُ إلى صاحب الوديعة، وأرشدتُه إلى ذلك الموضع الذي رأيتُه في المنام وأنا غير مُصدِّقٍ بما رأيت، فقصد صاحب الوديعة ذلك المكان وحَفَره واستخرج منه الوديعة بختم صاحبها.

وكان هذا الرجل بعد ذاك يحدّث الناسَ بهذا الحديث، ويحثّهم على زيارة هذا المشهد، على ساكنه التحيّة والسلام.

(الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام)

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

14/08/2015

دوريّات

نفحات