الملف

الملف

14/09/2015

يومُ الغدير
ثقافةُ الوحي في مواجهة ثقافة التكفير

الملف

 

اقرأ في الملف

استهلال

من سورة المائدة

عيدُ الغدير في كلام الإمام القائد حفظه الله

أُسرة التحرير

من تقريرات علماء السنّة في «حديث الغدير»

الشيخ صالح الكرباسي

قالوا في «الغدير»

إعداد: «شعائر»

عيد الغدير في الإسلام

العلامة الأميني رحمه الله

رجالُ الصّحاح،  وصيام يوم الغدير

إعداد: «شعائر»

 

       

       

استهلال
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ
 بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ المائدة:67
*****
﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
 وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ المائدة:3
   


عيد الغدير في كلام الإمام القائد حفظه الله
امتدادٌ لخطّ الرسالات الإلهيّة

نقدّم في ما يلي مختارات من خُطب وأحاديث الإمام القائد السيّد على الخامنئي دام ظلّه، في يوم الغدير، وقد أُلقيت في مناسبات وأماكن مختلفة، وهي تركّز على المعاني العميقة لهذا اليوم الأغرّ، ووجوب استلهام مغزاه وأهميته العظمى بالنسبة إلى المسلمين جميعاً.

 

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم

﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ المائدة:3.

***

«ينبغي أن لا يُنظر إلى واقعة الغدير التاريخيّة الكبرى التي اتّخذناها، اليوم، عيداً على أنّها مناسبة مذهبيّة؛ فحادثة الغدير، بمغزاها الحقيقي، لا تخصّ الشيعة وحدهم، وإن كان الشيعة يتّخذون من يوم تنصيب مولى المتّقين للإمامة والولاية عيداً ويُقيمون فيه مراسم الشكر، حيث إنّ يوم الغدير يمثّل في الحقيقة امتداداً لخطّ الرسالات الإلهيّة بأسرها، وهو تتويج لهذا الخطّ الأرحب الزاهر على مرّ التاريخ. وإذا ما ألقينا نظرة على الرسالات الإلهية، نجد أنّ الأنبياء والرسل قد تناقلوا هذا الخط الأرحب عبر التاريخ حتّى آل إلى النبيّ الأكرم الخاتَم صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ تجسّد وتبلور عند نهاية حياة هذا الرجل العظيم على هيئة واقعة الغدير».

(18 ذي الحجة 1422 هجرية)

الغدير تجسيد لإدارة المجتمع

«إنّ قضية الغدير وتنصيب أمير المؤمنين، عليه الصلاة والسلام، وليّاً على أمر الأمة الإسلاميّة، من قِبل النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، قضيّة عظيمة وذات دلالات عميقة، تدخّل فيها النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله في إدارة المجتمع.

إنّ معنى هذه الحادثة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة في السنة الهجرية العاشرة، أنّ الإسلام يدرك أهمّية مسألة إدارة المجتمع، فلم يُهملها أو يتعامل معها ببرودة، والسبب في ذلك أنّ إدارة المجتمع في أكثر مسائله تأثيراً، وأنّ تعيين أمير المؤمنين، عليه السلام، الذي هو تجسيدٌ للتقوى والعلم والشجاعة والتضحية والعدل من بين أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، يُثبت أبعاد هذه الإدارة، وبذلك يتّضح أنّ هذه الأمور هي التي يجب تَوفّرها في إدارة المجتمع».

 (18 ذي الحجة 1425 هجرية)

سِمات الحاكم

«إنّ الإمامَ المعصوم إنسان رفيع؛ يمثّل قلبُه من الناحية الدينيّة مرآة مضيئة لأنوار الهداية الإلهيّة، وروحه تتّصل بمنهل الوحي، خالصةٌ هدايتُه؛ ومن ناحية الأخلاق الإنسانيّة، فإنّ سيرته وأخلاقه ممزوجتان بالفضيلة، لا سبيل للأهواء النفسيّة إليه؛ لا تغلبه المعصية، ولا يغلِّب الشهوات والنزوات على نفسه؛ ولا يبعده الغضب والسخط عن صراط الله تعالى.

أمّا سياسيّاً، فله رؤية ثاقبة بنحوٍ يرقب بعينه الفاحصة أخفى التحرّكات وأدقّ الأحداث في حياة المجتمع، وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (وَاللهِ لا أَكونُ كَالضَّبُعِ تَنامُ عَلى طولِ اللَّدْمِ)؛ مِقدام، ذو قوّة روحيّة ومعنويّة في مواجهة عواصف الحياة... فيردّد لأجلها: (فَلَوْ أَنَّ امْرِأً مُسْلِماً ماتَ مِنْ بَعْدِ هَذا أَسَفاً ما كانَ بِهِ مَلوماً، بَلْ كانَ بِهِ عِنْدي جَديراً).

لقد كان أمير المؤمنين، عليه الصلاة والسلام، شجاعاً في مواجهته الأخطار بالمستوى الذي يصرّح بعدم قدرة أيّ أحد [غيره] على مواجهة الفتنة التي فقأ عينها - ومراده بذلك فتنة الخوارج أو فتنة الناكثين - فتلك المعنويّات والتديّن والأخلاق والفضائل من ناحية، وتلك الرؤية الثاقبة والشجاعة والتضحية والمشاعر الإنسانيّة المرهفة، إلى جانب الصلابة والقوّة المعنويّة والروحيّة في ناحية أخرى، إنّما منشؤها جميعاً العصمة؛ لأنّ الله، سبحانه، قد اجتباه لمنزلة العصمة، ولا منفذ للمعصية والخطأ إلى عمله؛ فإذا ما وقف مثل هذا الإنسان على هرم المجتمع تحقّق بذلك غاية ما تنشده الرسالات بأجمعها؛ هذا هو معنى الغدير، وهذا ما تحقّق في الغدير».

مغزى واقعة الغدير

«لا تنظروا إلى الغدير في حدود تنصيب أو تعريف عادي حيث قام النبيّ الأكرم، صلّى الله عليه وآله، بتعريف شخصٍ ما. ولا شكّ - بطبيعة الحال – في أنّ النبيّ نصّب أمير المؤمنين للخلافة على مشهدٍ من عشرات الآلاف من المسلمين، وليس هذا بالأمر الذي يرويه الشيعة فقط، بل إنّ واقعة الغدير ممّا يرويها إخواننا أهل السنّة ومحدّثوهم بنفس المواصفات التي ينقلها الشيعة، وهو ليس بالأمر الذي يسعُ المرء إنكاره؛ بيد أنّ القضيّة لا تقف عند هذا الحدّ.

القضيّة هي: أنّ ذروة ما بلغه مزيج الدين والسياسة بصورته الرائعة البديعة وتَبلوره كسنّة خالدة تؤمّن الهداية للمجتمع منذ عهد آدم، عليه السلام؛ حيث انطلقت النبوّات والرسالات وتشكّلت حكومات الأنبياء مرّات ومرّات على مرّ التاريخ - من قبيل حكومة النبيّين سليمان وداود، عليهما السلام، وغيرهما من أنبياء بني إسرائيل حتّى عهد نبيّنا صلّى الله عليه وآله - قد تحّقق في واقعة الغدير، لذا فإنّنا نقرأ في دعاء الندبة: (فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيّامُهُ أَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبي طالِبٍ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما، هادِياً، إِذْ كانَ هُوَ المُنْذِرُ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ).

بيد أنّ النبيّ ليس مُخلّداً وأزليّاً، والمجتمعات بحاجة إلى مَن  يهديها، والإسلام قد تكفّل بهذا الهادي، وهم المعصومون الذين يتوالون جيلاً بعد جيل فيُمسكون بزمام الأمور، ويتصدّون لهداية البشريّة من خلال التعاليم القرآنيّة الأصيلة الخالصة أجيالاً وقروناً. وهم في الحقيقة إنّما يقومون بعمليّة تجذير للأفكار والخِصال والسلوكيّات والأخلاق الإسلاميّة في المجتمع؛ لتبقى حجّة الله حيّة فيما بعد في أوساط المجتمع، فلا وجود للدنيا والبشريّة من دون حجّة قائمة، على أن تشقّ البشريّة طريقها، وهذا ما لم يتحقّق، وهذا هو ما خطّط له الإسلام ومشروعه الشامل، وهذا هو المغزى من الغدير.

الإمامة هي تلك القمّة في المعنى المنشود من إدارة المجتمع قبال ضروب الإدارة وأصنافها المنبثقة عن مكامن الضعف والشهوة والحميّة في الإنسان ومطامعه، والإسلام يطرح أمام البشرية نهج الإمامة ووصفتها؛ أي ذلك الإنسان الطافح قلبه بفيض الهداية الإلهيّة، العارف بعلوم الدين المتميّز بفهمه - أي يجيد تشخيص الطريق الصحيح - ذو قوّة في عمله: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ..﴾ مريم:12، ولا وزن لديه لنفسه ورغباته الشخصيّة، لكنّ أرواح الناس وحياتهم وسعادتهم تُمثّل أهمّ ما لديه، وهذا ما عبّر عنه أمير المؤمنين، عليه السلام، عمليّاً أثناء حكمه الذي استمرّ أقلّ من خمس سنوات، فإنّكم تلاحظون أنّ فترة ما يقلّ من خمسة أعوام هي فترة حكم أمير المؤمنين، تمثّل أنموذجاً ومقتدىً لن تنساه البشريّة أبداً، وستبقى خالدة وضّاءة قروناً متطاولة، وهذه هي ثمرة واقعة الغدير، والدرس والمغزى والتفسير المستقى منها».

(18 ذي الحجة 1422 هجرية)

الغدير: خارطة الطريق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله

«إنّ قضية (الغدير) ليست قضية تاريخيّة بحتة، بل إنّها ملمح من ملامح الجامعيّة الإسلاميّة. وإذا ما افترضنا أنّ النبيّ الأكرم، صلّى الله عليه وآله، لم يترك للأمّة منهاجاً لبناء مستقبلها بعد عشر سنوات أمضاها في تحويل ذلك المجتمع البدائي الملوّث بالعصبيّات والخرافات إلى مجتمع إسلامي راقٍ، بفضل سعيه الدؤوب، وما بذله أصحابه الأوفياء من جهود، لظلّت كلّ تلك الإنجازات مبتورة وبلا جدوى.

لقد كانت تراكمات العصبيّة الجاهليّة على قدَرٍ عظيم من العمق، بحيث إنّها كانت بحاجة إلى سنوات طويلة للتغلّب عليها والتخلّص منها.

لقد كان كلّ شيء على ما يرام على ما يبدو، وكان إيمان الناس حسناً، حتى ولو لم يكونوا على مستوى واحد من العقيدة، فبعضهم كان قد اعتنق الإسلام قبل وفاة الرسول الأكرم، صلّى الله عليه وآله، بستّة أشهر أو بعامٍ واحد أو عامين، وذلك بفضل هيمنة البُنية العسكريّة التي أسّسها النبيّ، صلّى الله عليه وآله، مع ما رافقها من حلاوة الإسلام وجاذبيته.

إنّهم لم يكونوا جميعاً من طراز المسلمين الأوائل؛ ولهذا فقد كان من الضروري اتّخاذ ما يلزم من التدابير، بغية إزالة تلك التراكمات الجاهليّة من أعماق المجتمع الجديد، والحفاظ على خطّ الهداية الإسلاميّة سليماً وممتدّاً بعد رحيل الرسول الأكرم، صلّى الله عليه وآله، بحيث إنّ جهوده الجبّارة خلال تلك السنوات العشر ستبقى بلا ثمار إذا لم يتمّ اتّخاذ تلك التدابير.

وهذا ما صرّحت به الآية المباركة من سورة المائدة، وهي قوله تعالى: ﴿.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي..﴾. فهذه إشارة إلى أنّ هذه النعمة هي نعمة الإسلام، ونعمة الهداية، ونعمة إرشاد العالمين جميعاً إلى الصراط المستقيم. وهذا ما لا يُمكن أن يتمّ بلا خارطة للطريق بعد الرسول، صلّى الله عليه وآله، وهذا أمر طبيعي.

وهذا هو عين ما فعله النبيّ، صلّى الله عليه وآله وسلّم، في الغدير، حيث نصَّب للولاية خليفةً عظيماً لا نظير له، وهو أمير المؤمنين عليه السلام؛ لِمَا كان يتمتّع به من شخصيّة إيمانيّة فريدة، وأخلاق سامية حميدة، وروح ثوريّة وعسكريّة متميّزة، وسلوك راقٍ مع جميع الناس، وقد بايعه المسلمون على الولاية بأمر من نبيّهم صلّى الله عليه وآله.

ولم يكن هذا من عند رسول الله، صلّى الله عليه وآله، بل كان هداية ربّانيّة، وأمراً إلهيّاً، وتنصيباً من الله تعالى، كما هو شأن كافّة أقوال وأفعال الرسول، صلّى الله عليه وآله، التي كانت وحياً إلهيّاً، وهو الذي لا ينطقُ عن الهوى.

لقد كان هذا أمراً إلهيّاً صريحاً للرسول، صلّى الله عليه وآله، فقام بتنفيذه وإطاعته. وهذه هي قضيّة الغدير، أي بيان جامعيّة الإسلام وشموليّته، والتطلّع إلى المستقبل؛ وذلك الأمر الذي لا تتمّ هداية الأمّة الإسلاميّة وزعامتها إلّا به».

(18 ذي الحجّة 1427 هجرية)

المحجّة البيضاء

«عيدُ الغدير عيدٌ في غاية العظَمة، ويُعدّ واقعة تاريخيّة كبرى فيها من الدروس ما إن استوعبَته الأُمّة الإسلاميّة فإنّها ستجني الفائدة الحقيقيّة من هذا اليوم؛ ففي واقعة الغدير أعظم الدروس، فهي من الحوادث المسلّم بها في التاريخ الإسلامي، وليس الشيعة وحدهم الذين رووا حديث الغدير، بل هنالك الكثير من بين علماء السنّة ومُحدّثيهم الذين رووه أيضاً، ونقلوا الواقعة كما نقلها الشيعة، وقد [جرى] العلماء [مجرى] مَن شهد تلك الواقعة في فهمهم لفعل رسول الله، صلّى الله عليه وآله، عندما رفع يد أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً: (مَنْ كُنْتُ مَولَاهُ فَهَذا عَلِيٌّ مَولَاهُ)؛ أي أنّه صلّى الله عليه وآله نصّب أمير المؤمنين عليه السلام خليفةً له. ".."

لو كانت الأُمّة الإسلاميّة قد وعت يومها عملية التنصيب التي بادر إليها النبي، صلّى الله عليه وآله، بمغزاها الحقيقي، وأحسنت استيعابها، واقتفت أثر عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و[لو] تواصلت التربية النبويّة، وظَلّل المعصومون من بعد أمير المؤمنين عليه السلام الأجيال البشرية المتعاقبة بظلال تربيتهم الإلهيّة - بعيداً عن الهَفَوات [التي تسبّب بها حكّام الجَور] - كما صنع رسول الله، صلّى الله عليه وآله، لأَفلَحت البشريّة في بلوغ المستوى الذي عجزتْ عن بلوغه لحدّ الآن بسرعة فائقة، من تطوّر في العلم البشري وتسامٍ في المراتب الروحيّة للإنسان، واستتبابٍ للسلام والوئام بين الناس، وزَوالٍ للظلم والجور، وانعدام الأمن، والتمييز، والحَيف بين الناس، وهذا ما صرّحت به فاطمة الزهراء سلام الله عليها - التي كانت أعرفَ أهل زمانها بمنزلة النبيّ وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما- من أنّ الناس لو اتّبعوا عليّاً لسلك بهم هذا الطريق، وبلغ بهم هذا المآل. غير أنّ الإنسان كثيراً ما يقع في الأخطاء».

(18 ذي الحجة 1421 هجرية)

 

 

من تقريرات علماء السُّنّة في «حديث الغدير»

أبو حامد الغزالي: ثمّ غلبَ الهوى لحبّ الرياسة

ـــــــــــــــــ الشيخ صالح الكرباسي* ــــــــــــــــــــ

تمتلئ الأدبيّات والمؤلفات التاريخية بتقريرات وتصريحات كثيرة لعلماء المسلمين السُّنّة حول «حديث الغدير»، وهي على الجملة تؤيّد تواتره، كما تؤيّد سنده، وصحّته، ودلالته الواضحة على إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السَّلام، وخلافته المباشرة لرسول الله صلَّى الله عليه وآله.

هذا المقال للعلّامة المحقّق الشيخ صالح الكرباسي يستعرض نماذج من أقوال علماء السُّنّة في «حديث الغدير»، ويُورد ثبتاً بأكثر من خمسين مصدراً من مصادر هذا الحديث الشريف في مصنّفات واحدٍ وأربعين عالماً من علمائهم. 

«شعائر»

 

شمس الدين الشافعي: لا عبرة بمَن حاول تضعيفه

يقول أبو الخير شمس الدين محمّد بن محمّد بن محمّد الجزري الشافعي في حديث الغدير: «تواتر عن أمير المؤمنين عليّ عليه السَّلام، وهو - أي حديث الغدير - متواترٌ أيضاً عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله، رواه الجمّ الغفير، ولا عبرة بمَن حاول تضعيفه ممّن لا اطّلاع له في هذا العلم، فقد ورد مرفوعاً عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوّام، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف، والعبّاس بن عبد المطلب، وزيد بن أرقم، وبراء بن عازب، وبُرَيْدَةَ بن الحُصَيْبِ، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخُدْرِيّ، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عبّاس، وحَبْشِيّ بن جنادة، وسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، وأنس بن مالك، وزيد بن ثابت».

(أسنى المطالب: 47، طبعة: طهران / إيران)

 

 

الغزالي: أجمع الجمهور على متنه

ويقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي: «أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته [صلّى الله عليه وآله وسلّم] في يوم غدير خمّ باتّفاق الجميع، وهو يقول: (مَنْ كُنْتُ مَولَاهُ فَهَذا عَلِيٌّ مَولَاهُ…)، فقال عمر: (بخٍ بخٍ يا أبا الحسن، لقد أصبحت مولاي ومولى كلّ مولى)، فهذا تسليم ورضى وتحكيم، ثمّ بعد هذا غلب الهوى لحب الرياسة...».

(سرّ العالمين وكشف ما في الدارين: 10، لأبي حامد الغزالي)

ولقد صرّح بتواتر حديث الغدير جماعة آخرين من علماء السنّة منهم: القسطلاني (راجع كتابه: شرح المواهب اللدنيّة: 7 / 13، طبعة: المطبعة الأزهرية / القاهرة)؛ والمنصور بالله (هو الحسين بن المنصور بالله، القاسم بن محمّد، المتوفّى سنة: 1050 هجرية، وقد صرّح بذلك في كتابه: هداية العقول إلى غاية السؤول في علم الأصول: 2/ 45، طبعة: صنعاء / اليمن).

مصادر حديث الغدير

في ما يلي نذكر – وفق التسلسل الزمني - عدداً من مصادر علماء المسلمين السنة التي روت حديث الغدير:

علماء القرن الثاني الهجري

1) أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي الشافعي، المتوفّى سنة: 127 هجرية، في كتابه:

* روح المعاني: 4/ 282، طبعة: دار الفكر/ بيروت.

 

علماء القرن الثالث الهجري

2) أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، من أعلام القرن الثالث الهجري، في كتابه:

* أنساب الأشراف: 2/ 111، طبعة: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت/ لبنان.

3) أبو عبد الله محمّد الحكيم الترمذي، من علماء القرن الثالث الهجري، في كتابه:

* نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول (صلَّى الله عليه وآله): 289، طبعة: دار صادر، بيروت/ لبنان.

4) أحمد بن حنبل، المتوفّى، سنة: 241 هجرية، في كتابه:

* العلل ومعرفة الرجال: 3/ 262، طبعة: المكتبة الإسلامية/ الرياض.

5) أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العبّاسي المعروف باليعقوبي، المتوفّى سنة: 284 هجرية، في كتابه:

* تاريخ اليعقوبي: 1/422، طبعة: مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، بيروت/ لبنان.

 

علماء القرن الرابع الهجري

6) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب المعروف بالنسائي، المتوفّى سنة: 303 هجرية، في كُتبه:

* فضائل الصحابة: 15، طبعة: دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان.

* السنن الكبرى: 5/ 130، طبعة: دار المكتبة العلمية/ بيروت.

* خصائص أمير المؤمنين علي عليه السَّلام: 43، طبعة: إيران.

7) الحسين بن إسماعيل المحاملي الضبّي، المتوفّى سنة: 330 هجرية، في كتابه:

* الأمالي: 85، طبعة: المكتبة الإسلامية/ الأردن.

8) أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، المتوفّى سنة: 335 هجرية، في كتابه:

* المسند: 1/ 166، طبعة: مكتبة العلوم والحكم/ المدينة المنوّرة.

9) أحمد بن إبراهيم القيسي، المتوفّى سنة: 339 هجرية، في كتابه:

* شرح هاشميات الكميت بن زيد الأسدي: 197، طبعة: مكتبة النهضة: بيروت/ لبنان.

10) الحافظ الطبراني، المتوفّى سنة: 360 هجريّة، في كتابه:

* المعجم الأوسط: 3/ 69، طبعة: مكتبة المعارف/ الرياض.

 

علماء القرن الخامس الهجري

11) أبو منصور عبد الملك بن محمّد إسماعيل الثعالبي النيسابوري، المتوفّى سنة: 429 هجرية، في كتابه:

* ثمار القلوب من المضاف والمنسوب: 2/906، طبعة: دار البشائر، بيروت/ لبنان.

12) أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المتوفّى سنة: 458 هجرية، في كتابه:

* الاعتقاد على مذهب السلف، أهل السنة والجماعة: 217، طبعة: دار الكتب العلمية/ بيروت.

13) أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ، المتوفّى سنة: 463 هجرية، في كتابه:

* الاستيعاب: 3/ 1098، طبعة: دار الجيل، بيروت/ لبنان.

14) أبو الحسن علي بن محمّد الواسطي الجلاتي الشافعي، المعروف بابن المغازلي، المتوفّى سنة: 483 هجرية: في كتابه:

* مناقب علي بن أبي طالب: 31، طبعة: دار مكتبة الحياة/ بيروت.

 

علماء القرن السادس الهجري

15) ركن الدين، أبو محمّد، الحسين بن مسعود، أبي الفراء البغوي، المتوفّى سنة: 516 هجرية، في كتابه:

* مصابيح السّنّة: 4/ 172، طبعة: دار المعرفة، بيروت/ لبنان.

16) أبو الفتح محمّد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، المتوفّى سنة: 548 هجرية، في كتابه:

* الملل والنحل: 1/ 163، طبعة: دار صعب/ بيروت، ومطبعة: أمير، قم/ إيران.

17) الموفّق بن أحمد بن محمّد المكي الخوارزمي، المتوفّى سنة: 568 هجرية، في كتابيه:

* مناقب علي بن أبي طالب: 156، طبعة: جامعة المدرسين، قم/ إيران.

* مقتل الحسين: 1 / 47، طبعة: إيران.

18) أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المعروف بابن عساكر، المتوفّى سنة: 571 هجرية: في كتابه المعروف بـ:

* تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب عليه السَّلام: 2/ 5، طبعة: دار الفكر/ ومؤسسة المحمودي/ بيروت.

 

علماء القرن السابع الهجري

19) سيف الدين الآمدي، المتوفّى سنة: 631 هجريّة، في كتابه:

* غاية المرام في علم الكلام: 375، طبعة: القاهرة/ مصر.

20) كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي، المتوفّى سنة: 654 هجرية، في كتابه:

* مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 4، مخطوط.

21) عبد الله بن عمر البيضاوي، المتوفّى سنة: 685 هجرية، في كتابه:

* طوالع الأنوار: 1/ 585، طبعة: الديار العامرة/ مصر.

22) محبّ الدين أحمد بن عبد الله الطبري ، المتوفّى سنة: 694 هجريّة، في كتابيه:

* ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: 67، طبعة: مكتبة القدسي/ القاهرة/ مصر، وطبعة: بيروت.

* الرياض النضرة في مناقب العشرة: 3/ 127، طبعة: دار الكتب العلمية/ بيروت.

 

علماء القرن الثامن الهجري

23) محمّد بن عبد الله الخطيب التبريزي، كان حيّاً سنة: 737 هجريّة، في كتابه:

* مشكاة المصابيح: 3/ 1720، طبعة: المكتب الإسلامي/ بيروت.

24) الحافظ شمس الدين الذهبي الشافعي، المتوفّى سنة: 748 هجرية، في كتابيه:

* التلخيص بذيل المستدرك: 3/ 109، طبعة: دار الفكر/ بيروت.

* ميزان الاعتدال في نقد الرجال: 3/ 294، طبعة: دار إحياء الكتاب العربي، بيروت/ لبنان.

25) جمال الدين محمّد بن يوسف بن الحسن بن محمّد الزرندي الحنفي المدني، المتوفّى سنة: 750 هجرية، في كتابه:

* نَظم دُرر السّمطين: 93، طبعة: القضاء، النجف الاشرف/ العراق.

26) عفيف الدين، عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني، المتوفّى سنة: 768 هجرية، في كتابه:

* مرآة الجنان وعبرة اليقظان، في معرفة حوادث الزمان: 143، طبعة: مؤسسة الرسالة/ بيروت.

27) أبو الفداء، إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي، المتوفّى سنة: 774 هجرية، في كتابيه:

* تفسير القرآن العظيم: 2/ 15، طبعة: دار المعرفة/ بيروت.

* البداية والنهاية: 5/ 209، طبعة: مكتبة المعارف للمطبوعات، بيروت/ لبنان.

 

علماء القرن التاسع الهجري

28) نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، المتوفّى سنة: 807 هجرية، في كتابه:

* مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 9/ 129، طبعة: دار الفكر، بيروت/ لبنان.

29) عبد الرحمن بن خلدون، المتوفّى سنة: 808 هجرية، في كتابه:

* المقدمة: 246، طبعة: دار الفكر/ بيروت.

30) بدر الدين، أبو محمّد بن أحمد العيني، المتوفّى سنة: 855 هجرية، في كتابه:

* عمدة القاري، شرح صحيح أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري، المتوفّى سنة: 256 هجرية: 18/ 206، طبعة: دار الفكر/ بيروت.

31) علي بن محمّد بن احمد المالكي، المعروف بابن صبّاغ، المتوفّى سنة: 855 هجرية، في كتابه:

* الفصول المهمة: 40، طبعة: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت/ لبنان.

 

علماء القرن العاشر الهجري

32) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفّى سنة 911: هجرية: في كتبه:

* تاريخ الخلفاء: 169، طبعة: مصر.

* الحاوي للفتاوى: 1/ 106، طبعة: دار الكتاب العربيّ/ بيروت.

* الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير: 2/ 66، طبعة: دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان.

* الدّرّ المنثور في التفسير بالمأثور: 2/ 293، طبعة: محمّد أمين، بيروت/ لبنان.

33) نور الدين علي بن عبد الله السمهودي، المتوفّى سنة: 911 هجرية، في كتابه:

* جواهر العقدين في فضل الشرفين، فضل العلم الجلي والنسب النبوي: 236، طبعة: دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان.

34) أحمد بن محمّد القسطلاني المصري، المتوفّى سنة: 923 هجرية، في كتابه:

* شرح المواهب اللدنية: 7/ 13، طبعة: المطبعة الأزهرية، القاهرة/ مصر.

35) المتقي الهندي، المتوفّى سنة: 975 هجرية، في كتابه:

* منتخب كنز العمال: 5/ 30، طبعة: المكتب الإسلامي/ بيروت.

 

علماء القرن الحادي عشر الهجري

36) عبد الرؤوف المناوي، المتوفّى سنة: 1031 هجريّة، في كتبه:

* الكواكب الدريّة في تراجم السادة الصوفيّة: 1/ 69، طبعة: المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة/ مصر.

* كنوز الحقائق: 2/ 118، طبعة: دار الكتب العلميّة، بيروت/ لبنان.

* فيض القدير شرح الجامع الصغير: 4/ 358، طبعة: دار المعرفة/ بيروت.

 

علماء القرن الثاني عشر الهجري

37) محمّد بن معتمد خان البدخشاني الحارثي، المتوفّى سنة: 1126 هجرية، في كتابه:

* نزل الأبرار بما صحّ من مناقب أهل البيت الأطهار: 54، طبعة: مؤسسة المفيد/ بيروت.

علماء القرن الثالث عشر الهجري

38) محمّد الصبّان الشافعي، المتوفّى سنة: 1206 هجرية، في كتابه:

* إسعاف الراغبين: 111، مخطوط، المكتبة الشعبية بيروت.

39) سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، المتوفّى سنة: 1294 هجرية، في كتابه:

* ينابيع المودة: 1/ 33، طبعة: المطبعة الحيدرية، النجف الاشرف/ العراق.

علماء القرن الرابع عشر الهجري

40) الشبلنجي، المتوفّى بعد سنة: 1308 هجرية، في كتابه:

* نور الأبصار في مناقب بيت النبيّ المختار: 78، طبعة: المكتبة الشعبيّة.

41) محمّد رشيد رضا، المتوفّى سنة: 1354 هجرية، في كتابه:

* تفسير المنار: 6/ 464، طبعة: دار المعرفة، بيروت/ لبنان.

 
 
 

* باحث إسلامي من العراق، وأستاذ في الحوزة العلمية

 

 

 

قالوا في «يوم الغدير»..

الانحراف عن «الغدير» أوقع الأُمّة في مشاكل جمّة

«عيد الغدير» هو أنموذج تامّ للحكومة الإسلامية في جميع الأمصار والأعصار، ومشكلةُ الأمّة الإسلاميّة بعد رحيل النبيّ، صلّى الله عليه وآله، نشأت من الانحراف عن المسار الذي رسمه لهم، والابتعاد عن رسالة الغدير. كما أنّ الثورة الإسلاميّة في إيران قبسٌ من نور الغدير، وقد تأسّست الجمهورية الإسلاميّة في إيران على ركيزتَي «الغدير» و«عاشوراء»، وسوف تمهّد لظهور الإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

(المرجع الديني الشيخ حسين نوري الهمداني)

«الغدير» يوم تجلّي العناية الإلهيّة في المجتمع البشري

* «الغدير» تجلٍّ لشمس الولاية، ومظهرٌ من مظاهر العناية الإلهيّة بالمجتمع البشري.

* إنّ شيوع ثقافة الغدير تجعلنا أمام نسيج متماسك من العلاقات الإنسانيّة والدينيّة في المجتمع البشري.

* لقد تحرّر الفكر الديني من غربته التاريخية بواسطة إحياء ثقافة الغدير، حتّى بتنا نشهد عودته إلى مفاصل الحياة بزعامة وليّ أمر المسلمين وقيادته الحكيمة والإلهيّة للعالم.

* جعل الله تعالى قيادة الأمّة على عاتق القادة الدينيّين والزعماء الربّانيّين ليتمسّك الجميع بحبل الله المتين بغية تمهيد الأرضيّة لتشكيل أُمّة واحدة وتأسيس حكومة عالميّة على يدي الإمام الحجّة المنتظر الغائب عجّل الله تعالى فرجه الشريف. وفي عصر غياب الأئمّة المعصومين عليهم السلام، يجب الانصياع لأوامر وليّ أمر المسلمين وقائدهم العظيم من أجل توحيد الكلمة ولمّ شمل الأمّة.

(آية الله الشيخ نور الله الطبرسي)

 

 

 

الحديث عن الغدير ليس مخالفاً لمبادئ الوحدة الإسلاميّة

* أساسُ المشكلة التي تعاني منها الأمّة الإسلاميّة هو الانحراف عن خطّ الرسالة، فكما أنّ النبيّ الأكرم، صلّى الله عليه وآله، واجبُ الطاعة، كذلك أمير المؤمنين والأئمة المعصومين عليهم السلام، تجب على المسلمين طاعتهم والاقتداء بهم.

* ليس «الغدير» حدثاً تاريخيّاً عابراً، والحديث عنه وعن حيثيّاته ليس مخالفاً للوحدة الإسلاميّة، فالغدير عبارة عن مدرسة وموقف ونظام سياسي واجتماعي متكامل. الغدير يعني حكومة الإنسان الصالح، وهو يساوق حكومة خير البشر ووقوفه على رأس المجتمع، والغدير يعني حكومة قائمة على الولاية، والغدير هو السبيل والحلّ الأمثل لإنقاذ البشريّة من التحدّيات والمشاكل.

* لولا إنكار واقعة الغدير لما تسلّط بنو أمية والحكّام الجائرون والجبابرة على مقاليد الحكم، ولما قتلوا الإمام الحسين، عليه السلام، ولما شهد العالم كلّ هذه الجرائم وإراقة الدماء.

* السبب الرئيس وراء معاداة الثورة الإسلاميّة هو تطلّعها إلى إقامة حضارة إسلاميّة حديثة من منطلق الغدير، وسعيها إلى التصدّي للاستكبار العالمي وجبابرة العصر.

* نعمة الغدير والولاية لا تنحصر في أمر العقيدة وحسب، بل لا بدّ من إبراز رسالة الغدير في الأخلاق والسلوك وجميع المؤشّرات الفرديّة والاجتماعيّة، ليكون مدعاةً لتحقيق تغير جذري في الحياة.

(آية الله الشيخ عبّاس كعبي، عضو رابطة مدرّسي الحوزة العلميّة في قمّ المقدّسة)

الغدیر هو عید التقریب بین المذاهب الإسلامیّة

* المتكلّمون من أهل السّنّة یركّزون علی حبّ أمیر المؤمنین، عليه السلام، والشیعة یركّزون علی الإمام عليّ عليه السلام، والصوفیّون یركّزون علی الولایة العلمیّة والمعنویّة للإمام عليّ عليه السلام. هذه المذاهب كلّها تشترك في مقام الإمام عليّ عليه السلام، ویجب أن یكون موقعه صلوات الله عليه محوراً للتقریب بین المذاهب الإسلامیّة، لا أن نجعل منه محوراً للتّشتت والفُرقة، ويجب أن تكون واقعة الغدير محوراً لوحدة المسلمین.

* لا معنی للدین الإسلامي من دون الولایة، والولایة لیست فرعاً من فروع الدین، إنما هي مبدأ عقائدي، وكما يقول أغلب العرفاء وفق الآیة الكریمة: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، فإنّ الولایة المطلقة خاصّة بالإمام عليّ عليه السلام.

(السید سلمان الصفوي، رئیس مركز دراسات السلام)

 
 

 

عيد الغدير في الإسلام

§        العلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني رحمه الله

في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة سنة عشرة للهجرة، جمع النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله المسلمين عند رجوعه من الحجّ في مكانٍ يُسمّى «غدير خمّ»، وخطبَهم خطبةً مفصّلة، وفي آخر خطبته قال: «أَلَسْتُمْ تَعْلَمونَ أَنّي أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟»، قالوا: بلى، فأخذ بيد عليٍّ عليه السلام فقال: «اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ». فلقِيَه عمرُ بعدَ ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابنَ أبي طالب، أصبحتَ وأمسيتَ مولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة.

فهل لهذا اليوم منزلةٌ في الشريعة؟

ذهب الشيعة إلى أنّه يوم عيد وفرح وسرور، واعتمدوا على روايات كثيرة استدلّوا بها على كونه عيداً.

وذهب قومٌ من السّنّة إلى أنّه ليس بِعيد، ومَن اتّخذه عيداً فهو مبتَدِع!! وتعصّب هذا البعض من المسلمين أشدّ التعصّب ضدّ الشيعة، وأباح دماءَهم لأجل اتّخاذهم يوم الغدير يومَ عيد.

هذا المقال المقتطف من (موسوعة الغدير) للعلّامة الأميني رضوان الله عليه، يسلّط الضوء على نماذج من أقوال علماء المسلمين السنّة في كون يوم الغدير عيداً من الأعياد الدينيّة.

 

وممّا شِيْءَ من جهته لحديث الغدير الخلودُ والنشور، ولمفاده التحقّق والثبوت، اتّخاذُه عيداً يُحتفَل به وبليلته بالعبادة والخشوع، وإدرار وجوه البِرّ، وصِلة الضعفاء، والتوسّع على النفس، والعائلات، واتّخاذ الزينة والملابس القَشيبة. فمتى كان للملأ الدينيّ نزوعٌ إلى تلكم الأحوال، فطبْعُ الحال يكون له اندفاعٌ إلى تَحرّي أسبابها، والتثبّت في شؤونها فيفحص عن رواتها. أو أنّ الاتّفاق المقارن لهاتيك الصفات يُوقفه على مَن ينشدها ويرويها، وتتجدّد له وللأجيال في كلّ دورٍ لفتةٌ إليها في كلّ عام، فلا تزال الأسانيد متواصلة، والطُّرق محفوظة، والمتون مقروءة، والإنباء بها متكرّر.

صِلةُ المسلمين بيوم الغدير

إنّ الذي يتجلّى للباحث حول تلك الصفة أمران:

الأمر الأوّل: إنّه ليس صِلةُ هذا العيد بالشيعة فحسب، وإنْ كانت لهم به علاقة خاصّة، وإنّما اشترك معهم في التعيُّد به غيرُهم من فِرق المسلمين، فقد عدّه: البيروني في (الآثار الباقية في القرون الخالية) ممّا استعمله أهلُ الاسلام من الأعياد.

وفي (مطالب السّؤول لابن طلحة الشافعي): «يومُ غدير خُمّ ذكره (أمير المؤمنين) في شعره، وصار ذلك اليوم عيداً وموسماً لكونه كان وقتاً نصّه رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذه المنزلة العليّة، وشرّفه بها دون الناس كلّهم».

وقال: «وكلُّ معنًى أمكن إثباته ممّا دلّ عليه لفظُ المَولى لرسول الله صلّى الله عليه وآله فقد جعله لعليٍّ وهي مرتبةٌ سامية، ومنزلةٌ سامقة، ودرجةٌ عليّة، ومكانةٌ رفيعة، خصّصه بها دون غيره، فلهذا صار ذلك اليوم يومَ عيدٍ وموسمَ سرورٍ لأوليائه».

تُفيدنا هذه الكلمة اشتراكَ المسلمين قاطبة في التعيُّد بذلك اليوم، سواء رجع الضمير في (أوليائه) إلى النبيّ أو الوصي صلّى الله عليهما وآلهما:

أمّا على الأوّل: فواضح.

وأمّا على الثاني: فكلّ المسلمين يوالون أمير المؤمنين عليّاً؛ شرعٌ سواء في ذلك مَن يواليه بما هو خليفة الرسول بلا فصل، ومَن يراه رابع الخلفاء. فلن تجد في المسلمين من ينصب له العداء إلّا شذّاذٌ من الخوارج مرقوا عن الدين الحنيف.

وتُقرئنا كتبُ التاريخ دروساً من هذا العيد، وتَسالُمِ الأمّة الإسلاميّة عليه في الشرق والغرب، واعتناء المصريّين والمغاربة والعراقيّين بشأنه في القرون المتقادمة، وكونه عندهم يوماً مشهوداً للصلاة والدعاء والخطبة وإنشاد الشعر، على ما فُصِّل في المعاجم.

ويظهر من غير موردٍ من (الوفيّات لابن خَلِّكان) التسالم على تسمية هذا اليوم عيداً. ففي (ترجمة المستعلى بن المستنصر): «فبُويع في يوم عيد غدير خُمّ، وهو الثامن عشر من ذي الحجّة سنة 487».

وقال في (ترجمة المستنصر بالله العبيدي): «وتوفّي ليلة الخميس لاثنتَي عشر ليلة بقيت من ذي الحجّة سنة سبع وثمانين وأربعمائة رحمه الله تعالى.

قلت: وهذه اللّيلة هي ليلة عيد الغدير، أعني ليلة الثامن عشر من ذي الحجّة وهو غدير خُمّ -بضمّ الخاء وتشديد الميم - ورأيت جماعةً كثيرة يسألون عن هذه اللّيلة متى كانت من ذي الحجّة، وهذا المكان بين مكّة والمدينة وفيه غديرُ ماء، ويُقال: إنّه غيضةٌ هناك، ولمّا رجع النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من مكّة، شرّفها الله تعالى، عامَ حجّة الوداع ووصلَ إلى هذا المكان وآخى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: (عَلِيٌّ مِنّي كَهارونَ مِنْ موسى، اللَّهُمَّ والِ مَن والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ). وللشيعة به تعلّقٌ كبير، وقال الحازمي: وهو وادٍ بين مكّة والمدينة عند الجُحفة غدير، عنده خطب النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، وهذا الوادي موصوفٌ بكَثرة الوخامة وشدّة الحرّ».

وهذا الذي يذكره ابن خلّكان من كِبَر تعلّق الشيعة بهذا اليوم، هو الذي يعنيه المسعودي في (التنبيه والأشراف) بعد ذكر حديث الغدير بقوله: «ووُلد عليٍّ رضي الله عنه وشيعتُه يعظّمون هذا اليوم». ونحوه الثعالبي في (ثمار القلوب) بعد أن عدّ ليلة الغدير من الليالي المضافات المشهورة عند الأمّة بقوله: «وهي الليلة التي خطب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في غَدِها بغدير خُمّ على أقتاب الإبل، فقال في خطبته: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ والِ مَن والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ)، فالشيعة يعظّمون هذه الليلة ويُحيونها قياماً».

وذلكَ اعتقادُهم وقوعَ النصّ على الخلافة بلا فصلٍ فيه، وهم، وإنْ انفردوا عن غيرهم بهذه العقيدة، لكنّهم لم يبرحوا مشاطرين مع الأمّة التي لم تزل ليلةُ الغدير عندهم من الليالي المضافة المشهورة، وليست شهرةُ هذه الإضافة إلّا لاعتقادِ خطرٍ عظيم، وفضيلةٍ بارزةٍ في صَبيحتها، ذلك الذي جعله يوماً مشهوداً أو عيداً مباركاً.

ومن جرّاء هذا الاعتقاد في فضيلة يوم الغدير وليلته، وقعَ التشبيه بهما في الحُسن والبهجة. قال تميم بن المعزّ صاحب الديار المصرية، المتوفّى 374، من قصيدة له ذكرَها الباخرزيّ في (دمية القصر):

حَسُنَّ كَحُسْنِ لَيالي الغَديرِ * وَجِئْنَ بِبَهْجَةِ أَيَّامِهِنَّهْ

وممّا يدل على ذلك: التهنئةُ لأمير المؤمنين عليه السلام من الشّيخَين، وأمّهات المؤمنين، وغيرهم من الصحابة، بأمرٍ من رسول الله صلّى الله عليه وآله.

مبدأ عيد الغدير

الأمر الثاني: إنّ عهد هذا العيد يمتدّ إلى أمَدٍ قديم متواصل بالدور النبويّ، فكانت البدأةُ يوم الغدير من حجّة الوداع بعد أن أصحر نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآله بمرتكَز خلافته الكبرى، وأبان للملأ الدينيّ مستقرَّ إمرته من الوجهة الدينيّة والدنيويّة، وحدّد لهم مستوى أمرِ دينه الشامخ، فكان يوماً مشهوداً يسرّ موقعُه كلَّ معتنقٍ للإسلام، حيث وضّح له فيه منتجعَ الشريعة، ومُنبثَقَ أنوار أحكامها، فلا تَلويه من بعده الأهواء يميناً وشمالاً، ولا يسفُّ به الجهل إلى هوّة السفاسف، وأيّ يومٍ يكون أعظم منه؟ وقد لاح فيه لاحبُ السُّنَن [اللّاحب: الواضح]، وبان جُدَدُ الطريق، وأُكمِل فيه الدين، وتَمّت فيه النعمة، ونَوّه بذلك القرآن الكريم.

وإن كان حقّاً اتّخاذُ يومٍ تَسنّمَ فيه الملوكُ عرشَ السَّلطَنة عيداً يُحتفل به بالمسرّة والتنوير، وعقد المجتمعات، وإلقاء الخطب، وسَرْد القريض، وبسْط الموائد، كما جرت به العادات بين الأمم والأجيال، فيومٌ استقرّتْ فيه الملوكيّة الإسلاميّة والولاية الدينيّة العظمى لمَن جاء النصّ به من الصادِع بالدّين الكريم، الذي لا ﴿..يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ النجم:3-4، أَوْلى أن يُتَّخذ عيداً يُحتفل به بكلّ حفاوةٍ وتبجيلٍ. وبما أنّه من الأعياد الدينيّة، يجب أن يُزاد فيه على ذلك بما يقرِّب إلى الله زلفى من صومٍ وصلاةٍ ودعاءٍ وغيرها من وجوه البرّ.

ولذلك كلّه أمَر رسول الله صلّى الله عليه وآله، مَن حضر المشهدَ من أمّته، ومنهم الشيخان، ومشيخةُ قريش، ووجوه الأنصار، كما أمر أمّهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين عليه السلام وتَهنئته على تلك الحظوة الكبيرة بإشغاله منصّة الولاية، ومرتبَع الأمر والنّهي في دين الله تعالى.

(مختصَر)

 

 

في حديث فضل صيام يوم الغدير

رَواه رجالُ الصِّحاح الستّة

هل لحديث فضل «صيام يوم الغدير» سندٌ صحيح عند المسلمين السنّة، ومَن هم العلماء الذين صحّحوا سند هذا الحديث؟

يأتي الجواب على هذا السؤال استناداً إلى ما ورد في كُتب ومؤلّفات أكابر علماء أهل السنّة، وجاءت الحصيلة على النحو التالي:

 

روى أبو هريرة حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنّ مَن صَامَ يومَ الثامن عشَر من ذي الحجّة كُتب له صيامُ ستّين شهراً، وهو يومُ غدير خُمّ... وقد رواه عن أبي هريرة:

شَهْرُ بنُ حَوْشَب، وعنه: مطر الورّاق، وعنه: ابنُ شَوذَب، وعنه: ضَمُرَة بن ربيعة.

ولقد ردّ ابنُ كثير حديث أبي هريرة هذا، فأجابه السيّد علي الميلاني في (نَفَحات الأزهار) بقوله:

«وهذا الكلام في غاية البُطلان، لأنّه قد اعترف بأنّ هذا الحديث يرويه ضَمُرة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حَوشَب، عن أبي هريرة، وهؤلاء كلّهم من رجال الصحيح:

فأمّا ضَمُرة: فهو من رجال الترمذيّ، وأبي داود، وابن ماجة، والنَّسائيَ في صِحاحهم.

وأما عبد الله بن شَوذب: فهو من رجال الصِّحاح الأربعة المذكورة، وابن حبّاب أيضاً.

وأمّا شهر بن حوشَب: فهو أيضاً من رجال مسلم بن الحجّاج، والأربعة المذكورة، وقد تقرّر في محلّه أنّ رواية واحدة من أصحاب الصِّحاح عن رجل، دليلٌ على كونه ثقةً، عادلاً، معتمَداً، صحيحَ الضبط عندهم، فكيف يُكذّب ابنُ كثير حديثَ رُواةِ أهل السنّة؟».

أضاف: «قد عرفت أنّ رجال خبر أبي هريرة المذكور من رجال الصِّحاح الستّة لأهل السنّة، فلا كلامَ في ثِقتهم».

وبعد أنْ أورد السيد الميلاني كلمات كبار علماء الرجال من السنّة في توثيق كلّ واحدٍ من هؤلاء الرواة، قال:

«وأمّا قول ابن كثير - بالنسبة إلى ثواب صوم يوم غدير خُمّ الواردة في رواية أبي هريرة: (وكذا قولُه إنّ صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجّة، وهو يوم غدير خمّ، يعدل ستّين شهراً، لا يصحّ! لأنّه قد ثبت معناه في الصّحيح أنّ صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، فكيف يكون صيام يومٍ واحدٍ يعدل ستّين شهراً، هذا باطل!)، فلا يخفى بطلانُه على مَن له أدنى خِبرة بالأخبار، إذ قد ورد له نظائر كثيرة، نذكر هنا بعضها:

1- عن أبي هريرة قال: (مَن صامَ يوم سبع وعشرين من رجب كتبَ اللهُ له صيامَ ستّين شهراً..».

2- وفي (غنية الطّالبين) [للقاوقجي الحنفي] عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: (إِنَّ شَهْرَ رَجَبٍ شَهْرٌ عَظيمٌ؛ مَنْ صامَ مِنْهُ يَوْماً، كَتَبَ اللهُ تَعالى [لهُ] صَوْمَ أَلْفِ سَنَةٍ. وَمَنْ صامَ مِنْهُ يَوْمَيْنَ كَتَبَ اللهُ صَوْمَ أَلْفي سَنَةٍ. وَمَنْ صامَ مِنْهُ ثَلاثَةَ أَيّامٍ كَتَبَ اللهُ تَعالى لَهُ صَوْمَ ثَلاثَةَ آلافِ سَنَةٍ..).

3- وفي (روضة العلماء) [للزندوبستي] عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَنْ صامَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَهُوَ مِثْلُ صِيامِ سَنَتَيْنِ».

4- وفي (غنية الطالبين) عنه صلّى الله عليه وآله: «يا عَلِيُّ، يَقولُ لَكَ جَبْرائيلُ: صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيّامٍ، يُكْتَبْ لَكَ بِأَوَّلِ يَوْمٍ ثَوابُ عَشَرَةِ آلافِ سَنَةٍ، وَبِاليَوْمِ الثّاني ثَوابُ ثَلاثينَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَبِاليَوْمِ الثّالِثِ [ثوابُ] مائة ألفِ سَنَةٍ..».



اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

14/09/2015

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات