كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

12/11/2015

كيمياء الصلاة


كيمياء الصلاة

معجون سماويّ وتركُّب إلهي

ــــــ إعداد: «هيئة التحرير» ــــــ

يعدّ كتاب (جامع السعادات) للمولى الشيخ محمد مهدي النراقي من عيون الأسفار التي عنيت بتهذيب النفس والتعرّف إلى الله سبحانه وتعالى من خلال التحلّي بالصفات الفاضلة والأعمال الحسنة من أجل بلوغ مرتبة الإنسان الكامل.

هذه المختارة من (جامع السعادات) تركّز على حقيقة الصلاة وأبعادها العبادية والمعنوية، والتوجيهات المطلوبة في شأنها.

«شعائر»

 

اعلم أنّ الصلاةَ معجونٌ سماويٌّ وتركُّبٌ إلهيٌّ، رُكّبت من أجزاء كثيرة مختلفة، متفاوتة في الفضل والاهتمام بها. فبعضها بمنزلة الروح، وبعضها بمنزلة الأعضاء الرئيسة، وبعضها بمنزلة سائر الأعضاء.

توضيح ذلك: إنّ الإنسان - مثلاَ - لمّا كان حقيقة مركّبة من أجزاء معيّنة، فهو لا يكون إنساناً موجوداً كاملاً إلّا بمعنى باطن هو الروح، وأعضاء محسوسة بعضها في جوفه وبعضها في ظاهره. وهذه الأعضاء متفاوتة المراتب، إذ بعضها ممّا ينعدم الإنسان بعدمه وتزول الحياة بزواله، كالقلب والدماغ والكبد والمعدة وأمثالها.

وبعضها، وإن لم ينعدم بعدمه أصل الحياة، إلّا أنّه ترتفع به تماميّة الإنسان ويصير ناقصاً، كاليد والرجل والعين وأمثالها.

وبعضها يفوت بفواته الحسن، كالحاجبين واللحية والأهداب وأمثالها.

وبعضها يفوت بفواته كمال الحسن لا أصله، كاستقواس الحاجبين وتناسب الخلقة، وسواد شعر اللحية، وامتزاج البياض بالحمرة، وأمثال ذلك.

وكذلك الصلاة، فهي حقيقة مركّبة، وصورةٌ صوّرها الشرع من أمور متفاوتة، وتعبّدنا باكتسابها. فروحها: النية، والقربة، وحضور القلب، والإخلاص.

وأعمالها الأركانيّة: من تكبيرة الإحرام، والركوع، والسجود، والقيام، بمنزلة الأعضاء الرئيسيّة، فتفوت بفواتها الصلاة على الإطلاق، ولا يمكن تحقّقها وصحّتها بدونها.

وسائر الأعمال الواجبة: من الفاتحة، والسور، وأذكار الركوع، والسجدتين، والطمأنينة فيها، وفي رفع الرأس عنها، والتشهّد، والتسليم، وغير ذلك من الأعمال الواجبة التي تبطل الصلاة بتركها عمداً لا سهواً، بمنزلة اليدين والرجلين... وغير ذلك، ممّا قد تفوت الحياة بزوالها وقد لا تفوت به.

والأعمال المسنونة والهيئات المندوبة، والآداب المُستحبّة: من القنوت، ودعاء الافتتاح، وغير تكبير الإحرام من التكبيرات، والتعوّذ عن زائد قدر الواجب في التشهّد والتسليم من الأذكار، وغير ذلك ممّا لا تبطل الصلاة بتركها عمداً أو سهواً، ولكن تخرج بها عن الحُسن والكمال وزيادة الأجر والثواب، فهي بمنزلة الحاجبين واستقواسهما، واللحية، والأهداب، وتناسب الخلقة، وغير ذلك ممّا يصير الشخص (بفواتها أو بعضها) مشوّه الخلقة مذموماً غير مرغوب فيه.

وإذا عرفت ذلك: فاعلم - يا حبيبي - أنّ صلاتك قربة وتحفة تتقرّب بها إلى حضرة ملك الملوك، كوصيفة يهديها طالب القرب والجاه من السلاطين إليهم. وهذه التحفة تعرض على الله ثمّ تُردّ إليك في يوم العرض الأكبر، فإليك الخيرة في تحسين صورتها أو تقبيحها.

فتنبّه أيها الغافل، وتأمّل في أنّك إذا أهديت تحفة إلى ملك من ملوك الدنيا، بل إلى مَن دونه بمراتب كثيرة، من الأمراء والحكّام، كيف تجتهد وتسعى في تجويدها وتحسينها ليقبلها. فما بالك أيّها المغرور تغفل وتتساهل في تحسين هديّتك وتحفتك إلى ملك الملوك الذي منه بدؤك وإليه عودك؟! وقد ورد أنّ كلّ صلاة لا يتمّ الإنسان ركوعها وسجودها فهي الخصم الأوّل لصاحبها يوم العرض الأكبر، وتقول: «ضَيَّعَكَ اللهُ كَما ضَيَّعْتَني!».

(مختصَر)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

12/11/2015

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات