المذهب الإنساني

المذهب الإنساني

02/06/2011

التيّار الذي جعل الإنسان مِحوَر الكَون

خضر إبراهيم


«الإنسانيّة» (Humanism) ظاهرة وُلدت ونَمَت في العالم الغربي، ويعتبر بعض الفلاسفة الغربيّين أنّها كانت دافعاً وركناً أساسيّاً للنهضة، بحث المفكِّرون من خلاله عن الكمال الإنساني في عالم الطبيعية والتأريخ، وعن هذا الطريق توصلوا إلى تفسير معنى الإنسان.

«الإنسانيّة» أو الإتجاه الإنساني عبارة عن حركة فلسفيّة أدبيّة بدأت في إيطاليا في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وانتقلت إلى بقيّة الدول الأوروبيّة، وهي تقضي بوضع قيمة ومنزلة لعزّة الإنسان وتتّخذه محوراً لكلّ شيء، وبتعبير آخر هي اختيار الطبيعة الإنسانيّة وملاءَمتها ملاكاً ومعياراً في التقويم العام.
ويظهر ممّا تقدّم أنّه يمكن اعتبار «الإنسانيّة» حركة بدأ نشاطها بعد عصر النهضة، وهي التي أبدلت محوريّة الإله بمحوريّة الإنسان، وجعلت منه ميزاناً في تقويم المسائل جميعها، فيما كان ذلك -في القرون الوسطى- يتركّز على الكنيسة وتعاليمها فقط.
فالإنسان في تلك الحقبة كان مسيَّراً ومؤدْلَجاً، والضغوط التي كان يمارسها القساوسة كانت تضطّّّّر الجميع لإطاعتهم والإنصياع إليهم، وعلى ذلك لم تكن هناك حريّة فكريّة أو شخصيّة على الإطلاق، وهذا ما كان يعرقل مسيرة المفكّرين والعلماء.
بعبارة أخرى، كان الإنسان في العصور الوسطى متذبذباً بين مدينة الربّ ومدينة الشيطان، فإذا ما أعطى أهميّةً لنفسه، واعتنى بجسمه، فسوف تُسلب منه الربّانيّة، وتنقطع علاقته بمدينة الربّ، إذ يُفترض من الربّاني أن لا يعير أهميّة لبدنه، فالأمور الماديّة مختصّة بمدينة الشيطان وفق أدبيّات لكنيسة، والأمور الروحانيّة «التجرّديّة» مختصّة بمدينة الإله.
وهكذا لم يكن يتسنّى لإنسان تلك العصور إقامة علاقة مع ربّه إلّا بواسطة رجال اللّاهوت. وهذا ما جعل القائمين بثورة الحداثة ينظرون إليه على أنّه انتهاك صارخ لحريّة الإنسان واستقلاليّته.
ونتيجة لهذه الظروف القاسية، من تجاهلٍ للإنسان واحتياجاته، كان لا بدّ من ظهور حركة تَسترجع الحريّات المصادَرَة، وهذه الحركة بدأت بإصلاح ديني لتصل الى إنكار كلّ ما يمتُّ إلى الدِّين بِصِلة، ومَحت الغبار عن كلّ ما دَنّسته الكنيسة وأربابها، وهي عُرفت باسم «الإنسانيّة»، والمذهب الإنساني، وأَعادت إلى الإنسان ماضيه القديم، وبعبارة أخرى زمن «الشرك» واللّادين.
لقد كانوا يعتقدون أنّ الإنسان في تلك الأزمان كان متحرِّراً من الدِّين والكنيسة، معتمداً كلّ الاعتماد على قابليّاته الشخصية. وأنّ هذا يتحقّق بالرجوع إلى الثقافة والأدب الكلاسيكي «التقليدي» والإستعانة بهما.
وهناك فلسفات عديدة في الغرب اعتُبرت نتاجاً للفلسفة الإنسانيّة، كالشيوعيّة، والبراغماتيّة (الإنتهازيّة) والشخصانيّة.
أمّا إذا أردنا مطالعة الأفكار في الإتجاه الإنساني وأصوله وآرائه، فلا بدّ من الإشارة إلى النقاط التالية:
أ- إنّ الإنسان هو المبدأ الأوَّل والأخير في كلّ شيء، وهو الملاك في التَّقويم.
ب- من أجل إحياء طاقات وقابليّات الماضين وتنميتها، يجب الرجوع إلى الثقافة القديمة، وهذا ما يتحقّق بدراسة الآداب التقليديّة لدى اليونانيّين.
ج- التأكيد على حريّة الإنسان الإختياريّة.
د- إنكار الوسائط بين الربّ والإنسان.
هـ- حصر القدرة في تعيين المصير بالإنسان ذاتِه، باعتباره محوَراً للعالم.
و- افتراض المعادلة بين النفس الإنسانيّة والربّانيّة.
ز- العقل سيقود البشرية بعد نزع الدّين عنها.
ح- إمكانيّة الكفاءة والجدارة الشخصيّة للأفراد من دون إيمانهم بالماورائيّات.


 

اخبار مرتبطة

  إصدارات : دوريات

إصدارات : دوريات

02/06/2011

  إصدارات : كتب أجنبية

إصدارات : كتب أجنبية

02/06/2011

  إصدارات : كتب عربية

إصدارات : كتب عربية

02/06/2011

نفحات