موقف

موقف

08/01/2016

كمالُ العمل بإخلاص النيّة


كمالُ العمل بإخلاص النيّة

ــــــــــــــــــــ الإمام الخميني قدّس سرّه ــــــــــــــــــــ

تركّز هذه المقالة على وجوب معرفة الأهمية العظمى في تخليص النيّة من مراتب الشرك وألوانه المختلفة التي تعترض مسيرة المؤمن العابد في حياته الدنيا.

هذا النصّ من كتاب (الأربعون حديثاً) للإمام الخميني قدّس سرّه، وهو الحديث العشرون الذي يقع في باب (النيّة). ونظراً لخصوصية النصّ في أبعاده العبادية والأخلاقية والسلوكية ارتأت هيئة تحرير «شعائر» إعادة تظهيره ونشره لما ينطوي عليه من فوائد جمّة.

 

لا بدّ من معرفة أنّ تخليص النيّة من جميع مراتب الشرك والرياء وغيرها، ومراقبتها والمحافظة عليها، من الأمور الصعبة والهامّة جداً، بل إنّ بعض مراتبها لا يتيسّر إلّا للخُلَّص من أولياء الله تعالى. لأنّ النيّة عبارة عن الإرادة الباعثة نحو العمل، وهي تتبع الغايات الأخيرة الدافعة نحو العمل، كما أنّ هذه الغايات تتبع الملَكات النفسانية التي تشكّل باطنَ ذات الإنسان وشاكلتَه.

فمَن له حبّ الجاه والرياسة، وغدا هذا الحبّ مَلَكَة نفسانية وشاكلةَ روحه، كان منتهى أمله البلوغ إلى سدّة الزعامة، وكانت أفعاله الصادرة منه تابعة لتلك الغاية، وكان دافعه ومحرّكه هو مبتغاه النفسي المذكور، وصدرت عنه أعماله للوصول إلى ذلك المطلوب. فما دام هذا الحبّ في قلبه، لا يمكن أن يصير عملُه خالصاً. ومَن صار حبّ النفس والأنانية ملَكَةً له، وشاكلةَ نفسه، كانت غاية مقصده ونهاية مطلوبه الوصول إلى ما يلائم نفسه، وكان الدافع والمحرّك له في هذه الأعمال، هذه الغاية نفسها، سواء كانت الأعمال للوصول إلى مطلوب دنيويّ أو أُخرويّ، من قبيل الحُور والقصور والجنّات ونِعَم ذلك العالم. بل ما دامت الأنانية، والذاتية موجودة، كان إقدامه أو سلوكه لتحصيل المعارف الربوبية والكمالات الروحية لنفسه ونفسانيّاته من حبٍّ للنفس لا من حبٍّ لله تبارك وتعالى.

ومن المعلوم أنّ هذين الحبّين لا يجتمعان، بل إذا أحبّ الله كان من أجل نفسه وليس من أجل الله، وكانت غاية المقصود ونهاية المطلوب نفسه ونفسانيّاته.

فاتّضح أنّ تخليص النيّة من مطلق الشرك عملٌ صعب جداً، ولا يقدر عليه كلّ أحد، وأنّ كمال الأعمال ونقصانها تابعٌ لكمال النيّة ونقصانها، لأنّ النيّة هي الصورة الفعلية، والناحية الملكوتية للعمل.

وفي الحديث الشريف تلميحٌ إلى هذا الموضوع: «وَالنِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ العَمَلِ، أَلَا وَإِنَّ النِّيَّةَ هِيَ العَمَلُ»... فصحّة العمل وفساده وكماله ونقصه مرتبطة بالنيّة.

ثمّ إنّ عمل شخصٍ واحدٍ بعينِه - لاختلاف نيّته - قد يكون تعظيماً للغير، وقد يكون توهيناً له، وقد يصير تامّاً بها، وقد يصير ناقصاً لفقدانها، وقد يكون من سِنخ الملكوت الأعلى وله صورة بهيّة جميلة، وقد يكون من سِنخ الملكوت السُّفلى وله صورة موحشة مخيفة.

إنّ ظاهرَ صلاة (المؤمن)، وظاهرَ صلاة المنافق متضاهيان في الأجزاء والشرائط والشكل الظاهريّ، ولكنْ هذا يُعرَج بعمله إلى الله، ولصلاته صورة ملكوتيّة عُليا، وذاك يغور في أعماق جهنّم، ولصلاته صورة ملكوتية سفليّة.

وعند تقديم أهل بيت العصمة عليهم السلام للفقير أقراصاً من خبز الشعير لوجه الله، تنزل من عند الله سبحانه آيات كريمة في الثناء عليهم، ويحسب الإنسان الجاهل أنّ تحمّل الجوع ليومين أو ثلاثة أيام وتقديم الطعام للفقير أمرٌ مُهمّ، بالرغم من أنّ مثل هذه الأعمال يُمكن أن تصدر من أيّ شخص، ومن دون تكلّف. في حين أنّ أهمية هذا العمل تكمن في القصد الخالص والنيّة الصادقة. إنّ روح العمل القوية واللطيفة والتي تصدر عن القلب السليم الصافي، هي مصدر هذه الأهمية القصوى.

 

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر/ 21

ملحق شعائر/ 21

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات