الملف

الملف

06/05/2016

من آداب عصر الغَيبـة

من آداب عصر الغَيبـة

تهذيبُ النفس، والمرابطة على ثغور المسلمين

ـــــــــــــــــــــ الشيخ حسين كوراني ـــــــــــــــــــــ

المراد بـ «آداب الغَيبة الأعمال التي ينبغي القيام بها في عصر غَيبة الإمام المهديّ عليه السلام، بما يشمل الواجبات كمعرفة الإمام حقّ المعرفة، ويشمل المستحبّات من صلاة، ودعاء، وزيارة، وما شابه».

ما يلي، هو مختصر الفصل الثالث من كتاب (آداب عصر الغيبة) للعلامة الشيخ حسين كوراني، والذي يتناول أهمّ الآداب التي يجب على المؤمن الموالي أن يراعيها في زمن غَيبة الإمام المهديّ صلوات الله عليه.

 

إنّ اعتقادنا بأنّ وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، الإمام المهديّ عليه السلام، هو إمامنا الفعليّ الحيّ، يفرض علينا آداباً تجاهه. ومحور هذه الآداب هو الانتقال في معرفته من المعرفة العامّة، إلى معرفة نابضة بالحياة والحرارة، كما هو الحال في أيّ معرفة مُقترنة بالحبّ، لتحقّق هذه المعرفة لصاحبها الصِّلة المستمرة بالإمام عليه السلام، كما لو أنه يراه ويتشرّف بلقائه. وسنرى أنّ آداب الغَيبة تتكفّل بتأمين هذا البُعد العقيديّ الهامّ.

 

معرفــة الإمــــام

هل نعرف إمامنا وحجّة الله علينا؟ وهل تكفي المعرفة الإجمالية الباهتة؟ لماذا نجد أكثر أوساطنا لا تعيش حقيقة وجوده المبارك، بل لا يكاد يُذكر اسمه إلّا في منتصف شعبان، وعند تعداد أسماء الأئمّة المعصومين عليهم السلام؟

وحتّى مَن يتصوّر منّا أنه يعرفه، سيجد عندما يرجع إلى الروايات والتفاصيل التي ذكرها العلماء، أنّه لا يعرفه سلام الله عليه ما يكفي. والحديث هنا – طبعاً - عمّا يمكننا من معرفته عليه السلام.

تحتلّ معرفة الإمام مرتبة مهمّة من وجهة نظر الإسلام، تدلّ على ذلك أحاديث كثيرة منها: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيّة».

وقد ورد في حديث الإمام الصادق عليه السلام، أن ندعو في عصر الغَيبة بدعاءٍ جاء فيه: «أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي».

والميتة الجاهلية الواردة في الحديث الأول، سببها الضلال عن الدين الوارد في الحديث الثاني. وقد روى أمير المؤمنين عليه السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال في قوله تعالى ﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾ [الإسراء:71]: «يُدْعَى كُلُّ أُنَاسٍ بِإِمامِ زَمَانِهِم وَكِتابِ رَبِّهِم وَسُنَّةِ نَبِيِّهِم».

بعض ما ينبغي معرفته عنه عليه السلام:

أوّلاً: النصّ على إمامته من جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم، والروايات في ذلك كثيرة جداً، وقد أكّدت مضامينها النصوص الكثيرة أيضاً الواردة عن آبائه عليهم السلام.

ثانياً: حلّ إشكالية طول العمر حتى لا تكون عائقاً يحول دون الاعتقاد الجازم بوجوده، سلام الله عليه.

ثالثاً: علامـات الظهور.

رابعاً: واجب المسلمين تجاهه في عصر غَيبته.

إلى غير ذلك ممّا يتفرّع على ما تقدّم أو يرتبط به.

* ومن جملة الأدعية التي ورد الأمر بالمواظبة عليها في زمن الغَيبة ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لأحد أعظم أصحابه: «يا زُرارة، إِنْ أَدْرَكْتَ ذَلِكَ الزَّمان – زمان الغَيبة – فَأَدِمْ هَذَا الدُّعَاء :اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي». [الشيخ الصدوق، كمال الدين]

 

معرفة علامات الظهور

رغم أنّ «معرفة الإمام» تشمل «معرفة علامات الظهور»، إلّا أنّ من المهمّ أن تُفرد علامات الظهور بالذكر، نظراً للأهمية المترتّبة عليها. ومن الواضح ما لمعرفة علامات الظهور من أثر كبير في مجالَين :

الأوّل: تحصين الأمّة ممّن يدّعون المهدويّة.

الثاني: الانضمام إلى جنوده عليه السلام، لمن وُفِّق لإدراك عصر الظهور.

ويمكن الاستنتاج من مختلف الروايات ومن طبيعة منطق الأحداث الكبرى أنّ عصر الظهور سيكون صاخباً جداً وحافلاً بالرايات الكثيرة المتضاربة، ما يُكسب المعرفة بالعلامات أهمية مميّزة.

* وقد رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله لأحد الرواة: «اِعْرِفِ العَلامَةَ، فَإِذَا عَرَفْتَها لَمْ يَضرّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأَمْرُ أَوْ تَأَخَّر».

ويرى بعض العلماء وجوب معرفة علامات الظهور. ومن الواضحات أنّ هذا لا يعني إيلاء موضوع العلامات وحده الأهمية القصوى، إلى حدّ تغليب الحديث عنه على سائر الآداب.

وينبغي التنبّه إلى أنّ في الروايات محورَين: معرفة الإمام، ومعرفة علامات ظهوره، وهو يعني بوضوح أنّ هناك حقيقة قائمة في باب علاقة المنتظِر بإمامه لاعلاقة لها بالعلامة إطلاقاً، فسواءً تحقّقت «العلامة» أم لم تتحقّق، فإنّ هذه العلاقة هي المحوَر.

وتقوم هذه العلاقة المحور على أُسس معرفة الإمام، وحُسن الاقتداء به والائتمام، والمرابطة في ساحة انتظاره بلهفةٍ إليه عليه السلام، وشوقٍ وحنين. والطريق العمليّ إلى ذلك هو التقوى والمراقبة الدائمة لحفظ حدود الله تعالى في البعدَين الفردي والاجتماعي، وهما معاً ساحة انتظار المؤمن لإمامه. وبديهيٌّ أنّ هذا يعني إيلاء الأهمية القصوى في زمن الغَيبة لتهذيب النفس والتحلّي بمكارم الأخلاق، التي هي الهدف من بعثة المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله.

البيـعـة

ورد استحباب تجديد بيعة الإمام المهديّ عليه السلام، بعد كلّ صلاة من الصلوات الخمس، أو في كلّ يومٍ، أو في كلّ جمعة. ومفهوم البيعة لإمام المسلمين متّفقٌ عليه بين المسلمين، وقد ورد في (الكافي)، وفي (صحيح) مسلم - وغيرهما - عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :«مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِإمامِ المُسلِمِين، فَمِيتَتُهُ مِيتَةٌ جَاهِلِيّة».

وبعض أدعية عصر الغَيبة صريحٌ في تجديد البيعة للإمام المهديّ عليه السلام. والفوائد العمليّة المترتّبة على هذه البيعة كثيرة، منها :

أولاً: الشعور بالارتباط بالقائد الإلهيّ، الذي يشكّل امتداداً واضحاً لمسيرة الأنبياء والأوصياء عبر مراحل مختلف الأديان السماوية، وهو وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، الأمر الذي يرفد المؤمن بمخزونٍ عمليٍّ خاصّ.

ثانياً: إعطاء الارتباط بالفقيه الوليّ لأمر المسلمين البُعد العقائديّ الصحيح، فمن الواضح أنّ المرتبط ببيعة للإمام المنتظَر، المدرِك لمقتضيات هذه البيعة، سيكون شديد الصِّلة بنائبه الذي أمر عليه السلام، بالرجوع إليه في عصر الغَيبة الكبرى.

ثالثاً: الحذر من الركون إلى الظالمين، لأنّ مَن يبايع قائداً إلهياً أساس دعوته توحيد الله ونفي الآلهة المصطنعة، فسيشكّل ذلك حاجزاً نفسيّاً بينه وبين الطواغيت الذين يعيثون في الأرض فساداً، ويحكمون بغير ما أنزل الله.

* كيـف نجـدّد البيـعـة؟

* ورد في زيارة الإمـام المهديّ، المستحبّة بعـد صلاة الفجر في كلّ يوم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي هَذا اليَوم وَفِي كُلِّ يَومٍ عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فَي رَقَبَتِي..». [يأتي النصّ بتمامه تحت عنوان «الزيارة»، كما تأتي الإشارة إليه تحت عنوان «الدعاء»].

* وورد في دعاء العهد المرويّ عن الإمام الصادق عليه السلام: «اللّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبيحةِ يَوْمِي هذا وَما عِشْتُ مِنْ أيّامِي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لا أَحُولُ عَنْها وَلا أَزُولُ أَبَداً...».

* أوقـات تجديــد البيعـــة

تتوزّع الأدعية المتضمّنة لعبارات البيعة على الأوقات التالية :

1- بعد صلاة الصبح.

2- بعد كلّ صلاة.

3- في يوم الجمعة الذي يحظى بأهميّة خاصّة لتجديد البيعة فيه.

 

الانتظــار

تظافرت الروايات حول أهمّية انتظار المهديّ المنتظَر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وفرج الأمّة بتولّيه قيادة مسيرتها بشكلٍ ظاهر، ليُنجِزَ اللهُ وعْدَه، ويعزَّ جُندَه، ويُظهر دينَه على الدّين كلّه.

والانتظار عمل: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أَفْضَلُ أَعْمالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ الفَرَج»، فهو لا يعني السلبية والامتناع عن أيّ عمل جهادي، كما يحلو للبعض أن يفهموه.

ومن الواضح أنّ المنتظِر للإمام المنتظّر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ينتظر قائداً إلهياً سيقود مسيرة تحفُّ بها الملائكة، وجمهورها الأساس أهل التقوى والعبادة، وسيخوض المعارك الحامية الوطيس والمتتالية.

وهل يمكن تحقيق التناسب في نفس الإنسان مع هذه المسيرة، إلّا بتعاهدها بالرعاية في مجالَي الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر؟ (التقوى، والمرابطة)

وفي ما يلي وقفة مع هذَين العاملَين:

* التّقـوى

التقوى هي المنطلق، وهي الشرط الذي لا يُقبل بدونه عمل، والمسيرة التي سيقودها عليه السلام، هي مسيرة أهل العبادة الذين تُطوى لهم الأرض ومنهم مَن «يَسيرُ فِي السَّحابِ نَهَاراً»، وأهل البصائر الذين لا ذنوبَ لهم تحجبُهم عن رؤية الحقيقة حين «تَتَطَايَرُ القُلُوبُ مَطَايرها».

وممّا يرشدنا إلى الترابط بين الانتظار والتقوى، ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ مِن أَصحابِ القَائِمِ فَليَنْتَظِر، وليَعمَل بِالوَرَعِ، ومَحاسِنِ الأخلاقِ وَهوَ مُنْتَظِر، فَإِنْ مَاتَ وَقامَ القَائِمُ بَعْدَهُ، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَدْرَكَهُ، فَجِدُّوا وانتَظِرُوا».

وبديهيّ أنّ التقوى واجبة في كلّ حالٍ، إلّا أنّ المقصود هو الإشارة إلى هذه العلاقة بينها وبين الانتظار، وفائدة ذلك أن يُدرك مَن يغلب عليه الطابع الحركي العملي، ويحسب أنّه من جنود المهديّ دون شكّ، إلى أنّ هذا البُعد وحده لا يكفي!

فما على أحدنا إذا أراد أن يكون من جنوده عليه السلام، إلّا أن يعتني بتهذيب نفسه، ليحصل على الأقل على شيءٍ من التناسب بينه وبين هذه المسيرة الربانيّة، التي سيملأ اللهُ بها الأرض قسطاً وعدلاً.

ثم إنّ الحصول على شيءٍ من التناسب ليس نهاية المطاف، بل العبرة بلزوم ما حصل عليه بالحذر الدائم من الارتكاس والانقلاب على الأعقاب.

* المرابطـة، وروح الجهـاد

وردت أحاديث كثيرة في الحثّ على المرابطة في زمن الانتظار. وهل يكون مرابطاً مَن يكونُ على هامش الأحداث، لا يهتمّ بأمور المسلمين من قريبٍ أو بعيدٍ.

لا شكّ أنّ الوقوف مع الإمام المنتظَر عجل الله تعالى فرجه الشريف، أثناء غيبته إنّما يتحقّق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله مع نائبه الفقيه الجامع للشرائط، انطلاقاً من الاهتمام بأمور المسلمين، ومواجهة الطواغيت الذين يريدون ليطفئوا نور الله تعالى.

إنّ الانتظار لا يعني على الإطلاق تأجيل الصراع مع أعداء الله تعالى حتى إشعارٍ آخر، وإنّما يعني استمرار الصراع حتى تكون الجولة الفاصلة بإذن الله على يدَي وليّه الإمام المنتظر.

ومن النتائج العملية المترتبة على ذلك، الاهتمام بالتدريب العسكري، فإنّ المرابطة مع عدم القدرة على القتال أمرٌ عَبَثيّ.

الشوق إليه، والحنين

يدلّ على مدى الحنين الذي ينبغي للموالي تجاهه عليه السلام، ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّ بعض أجلّاء أصحابه دخلوا عليه فرأوه يبكي، وهو يقول: «غَيْبَتُكَ نَفَتْ رُقادِي، وضَيَّقَتْ عَلَيَّ مِهَادِي، وابتَزَّت مِنِّي راحَةَ فُؤادِي، سَيِّدي غَيْبَتُكَ وَصَلَتْ مَصَائِبي بِفَجَائِعِ الأَبَد».

والنصوص التي تؤكّد ذلك كثيرة، تهدف جميعاً إلى إيضاح علاقة الحبّ العارم التي ينبغي أن تكون قائمة بين الأمّة وإمامها، عليه صلوات الله وسلامه.

الـزيارة

قال الكفعميّ رحمه الله: «يُستحبّ زيارة المهديّ في كلّ مكانٍ وزمانٍ، والدعاء بتعجيل فرجه صلوات الله عليه».

وزياراته عليه السلام أيضاً كثيرة، يُكتفى هنا [بالإشارة إلى بعضها]:

1) زيارة بعد صلاة الفجر تقدّمت الإشارة إليها في «البيعة»، فهي زيارةٌ وبيعة. وقد أوردها السيد الجليل ابن طاوس رضي الله عنه كما يلي:

«أللّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلايَ صاحِبَ الزَّمانِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ، عَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَاْلمُؤْمِناتِ فِي مَشارِقِ الأرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهلِها وَجَبَلِها، حَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، وَعَنْ والِديَّ وَوُلْدِي وَعَنِّي مِنَ الصَّلَواتِ وَالتَّحِيَّاتِ زِنَةَ عَرْشِ الله، وَمِدادَ كَلِماتِهِ، وَمُنْتَهَى رِضاهُ، وَعَدَدَ ما أَحْصاهُ كِتابُهُ، وَأَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ. اللّهُمَّ إِنَّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعةً لَهُ فِي رَقَبَتي. اللّهُمَّ كَما شَرَّفْتَنِي بِهذا التَّشْرِيفِ، وَفَضَّلْتَنِي بِهذِهِ الفَضِيلَةِ، وَخَصَصْتَنِي بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، فَصَلِّ عَلَى مَوْلايَ وَسَيِّدِي صاحِبِ الزَّمانِ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَنْصارِهِ وَأَشْياعِهِ وَالذَّابِّينَ عَنْهُ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، طائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ، فِي الصَّفِّ الَّذِي نَعَتَّ أَهْلَهُ فِي كِتابِكَ فَقُلْتَ: صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، عَلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَآلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، اللّهُمَّ هذِهِ بَيْعَةٌ لَهُ فِي عُنُقِي إِلَى يَوْمِ القِيامَة. ويصفّق بيده اليمنى على اليسرى».

 

2) يوم الجمعة

أورد السيد الجليل ابن طاوس عليه الرحمة - وغيره - هذه الزيارة للإمام المنتظَر عليه السلام، في يوم الجمعة: «السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ فِي أَرْضِهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يَا عَيْنَ اللهِ فِي خَلْقِه..».  (مفاتيح الجنان، الباب الأول، آخر الفصل الخامس)

 

3) زيارة سلام على آل يس

وهي زيارة معروفة جداً كسابقتها، ويستفاد من كلام بعض أهل العبادة أنّ هاتَين الزيارتين طريقٌ إلى التشرّف بلقائه عليه السلام. وتجد هذه الزيارة في أواخر كتاب (مفاتيح الجنان)، بعد أعمال سامرّاء، وقبل دعاء الندبة، وقد ورد في روايتها قول الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف: «إذا أرَدْتُم التَّوَجُّه بِنَا إِلى اللهِ تَعالى وإلَينا، فقُولوا: سَلامٌ على آلِ يَس..».

الـدعــاء

 أتحدّث هنا باختصار عن قسمين من الدعاء :

أ) الدعاء لمعرفته عليه صلوات الرحمن، والثبات على ولايته، باعتباره حجّة الله تعالى على خلقه.

ب) الدعاء له عليه السلام لحفظه ونصرته.

وفي المجالين أدعية كثيرة أقتصر على ذكر المختصَر منها، مُحيلاً في غيره إلى المصادر المختصّة.

* مـن أدعيـة الغَـيبـة

1) [الدعاء المتقدّم] عن الإمام الصادق عليه السلام: ".." «أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ...».

2) دعـاء الغـريـق المرويّ عن الإمام الصادق عليه السلام: «يا اللهُ يا رَحمَنُ يا رَحيمُ، يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي على دِينِك».

3) دعـاء بعـد كلّ فريضـة في شهـر رمضـان.

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله :«مَن دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان بعد المكتوبة، غفر الله له ذنوبه إلى يوم القيامة، وهو: «اللَّهُمَّ أَدْخِلْ عَلَى أَهْلِ القُبُورِ السُّرور، اللَّهُمَّ أَغْنِ كُلَّ فقيرٍ..». (مفاتيح الجنان، أعمال شهر رمضان العامة)

4) دعـاء العـهـد

ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «مَنْ دَعا إِلى اللهِ أربَعينَ صَبَاحاً بِهذا العَهْدِ كَانَ مِنْ أَنْصَارِ قَائمِنا، وإنْ ماتَ أخرَجَهُ اللهُ إليهِ مِن قَبرِهِ، وأَعطاهُ اللهُ بِكُلِّ كَلمةٍ ألفَ حَسَنَةٍ ومَحَا عَنهُ ألفَ سَيِّئَةٍ، وهَذا هُو العَهدُ: أللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظيمِ، وَرَبَّ الكُرسِيِّ الرَّفيعِ..». (مفاتيح الجنان).

5) دعـاء العهـد الصـغيـر

عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ قَرَأَ بعدَ كُلِّ فَريضَةٍ هذا الدُّعاء، فَإِنَّهُ يَراهُ فِي اليَقظَةِ أوْ فِي المَنامِ: بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ. أللَّهُمَّ بَلِّغْ مَولَانَا صَاحِبَ الزَّمانِ، أَيْنَمَا كَانَ، وَحَيْثُما كَانَ مِنْ مَشارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِها، سَهْلِها وجَبَلِها..». (بحار الأنوار: ج 83، ص 61)

وينبغي التنبّه إلى أنّ هذا الدعاء غير دعاء العهد المشهور، الذي ورد هنا قبله، وإن اشترك معه في أكثر ألفاظه.

6) بعـد صلاة الفجر

من المناسب التذكير هنا بما تقدّم تحت عنوانَي «البيعة»، و«الزيارة»، وهو ما يُزار به عليه السلام بعد صلاة الفجر، وسبب المناسبة أنّ النص ينسجم مع كونه دعاء، إلّا أنّه ورد كزيارة.

7) بعـد صـلاة الظهـر

عن عبّاد بن محمّد المدائني: «دخلتُ على أبي عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام بالمدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر، وقد رفع يدَيه إلى السماء وهو يقول :يا سَامِعَ كُلِّ صَـوتٍ، يا جَامِعَ كُلِّ فـَوتٍ، يا بارِئَ كُلِّ نفسٍ بعـد المَوت "..." وأَنجِزْ لِوَلِيِّكَ وابْنِ نَبِيِّـكَ - الدّاعِي إِلَيـكَ بِإِذنِكَ، وأَمِينِـكَ عَلى خَلْقِـَك، وعَيْنِكَ فِي عِبادِكَ، وَحُجَّتِـكَ عَلَى خَلْقِكَ عَليهِ صَلَواتُكَ وبَركَاتُكَ - وَعْدَه..». (انظر: الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد: ص 60، ضمن تعقيب صلاة الظهر، مؤسسة فقه الشيعة، بيروت)

8) بعـد صـلاة العصـر

تقدّم ذكر الدعاء المختصر في المعرفة «أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ..إلخ» وهناك دعاء طويل ومهمّ، يبدأ بهذه الفقرات، ويتّضح من الروايات أنّ كلّاً منهما دعاء مستقلّ. وفي (كمال الدين) للشيخ الصدوق، و(مصباح المتهجّد) للشيخ الطوسي، ما يشير إلى أن اسم هذا الدعاء الطويل هو: «الدّعاء في غَيبة القائم». (مصباح المتهجد: ص 411)

 9) دعـاء النـدبـة

وهو مذكور في مختلف كُتب الأدعية، والمشهور من أوقات قراءته، أنّه يُقرأ كلّ يوم جمعة، إلّا أنّ المرويّ هو استحباب قراءته في الأعياد الأربعة. وقد جرتْ سيرة كثيرين من العلماء الأعلام على قراءته، وشدّة العناية به، وترديد بعض فقراته في مطاوي الكلام، أو في حالات التوسّل والمناجاة. ومضامينه في غاية الأهمية.

10) في ليلة القدر، وفي كلّ وقت، وعلى كلّ حال.

قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة: «..عن الصالحين عليهم السلام، قال: تكرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعلى كلّ حال، وفي الشهر كلّه، وكيف ما أمكنكَ ومتى حضر من دهرك. تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم: اللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بنِ الحَسَن (صَلَواتُكَ عَلَيهِ وعَلَى آبَائِه)، فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وفِي كُلِّ سَاعَة، وَلِيّاً وحَافِظاً، وقائِداً وناصِراً، ودَلِيلاً وعَيناً، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وتُمَتِّعَهُ فِيها طَويلاً».

هذه نماذج من الأدعية الكثيرة الواردة في هذا المجال، التي ينبغي أن يفرد لها كتاب مستقلّ لكَثرتها وأهميتها. والعنوان الأبرز في باب الدعاء للإمام عليه صلوات الرحمن، أنّه ليس محدوداً بوقت ولا مكان، ولا حالٍ دون حال.

 

الاستغاثة به عليه السلام

ليس التوسّل إلّا وقوفاً بباب الله تعالى الواحد الأحد، الذي لا حول ولا قوّة لنبيٍّ ولا إمامٍ ولا موجود إلّا به عزّ وجلّ. وعندما تدقّق في نصوص الاستغاثات، تجد بكلّ جلاءٍ، أنها التمحُّض في التوحيد، الذي لا معنى له إلّا بالعكوف على باب المصطفى بكلّ لطف، لِيجتنبَ القلبُ مصيرَ أكثر ﴿..الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ..﴾!

وقد وردت صِيَغ متعدّدة، للاستغاثة، بإمام الزمان عن العترة الهادية، ومن هذه الصيغ ما يلي:

1) الاستغاثة بزيارة «سلام الله الكامل».

تجد هذه الزيارة - الاستغاثة - في (مفاتيح الجنان)، قبل أعمال شهر رجب. والغسل قبل هذه الاستغاثة أَوْلى.

2) الاستغاثة بالرُّقعة

وردت عدّة روايات في التوسّل بكتابة نصٍّ معيّن، يتوسّل فيه إلى الله عزّ وجلّ بوليِّه المهديّ وآبائه عليهم السلام، وقد اصطُلح على هذا المكتوب في ورقة بـ «الرُّقعة»، وتعميماً للفائدة نشير إلى [اثنين منها]:

أ) ما ذكره الشيخ الكفعمي في (المصباح: ص 404-405) تحت عنوان: استغاثة إلى المهديّ عليه السلام.

ب) الرقعة الكشمردية: وتُعرف بذلك نسبة إلى أبي العباس أحمد بن كشمرد. (مصباح الكفعمي: ص 405، وانظر: المجلسي، البحار: ج 91، ص 24- 25، وفيه القصة الكاملة لهذه الاستغاثة)

 

طلبُ التشرّف بلقائه

على أساس ملاحظة مختلف قصص التشرّف بلقاء الإمام المهديّ عليه السلام، وبعض ما كتبه العلماء الأعلام بهذا الصدد، نجد أنّ من الأمور التي قد تكون طريقاً إلى التشرّف بلقائه عليه السلام، ما يلي :

1) التقوى، والاهتمام الجادّ بسفر الآخرة، وتهذيب النفس.

2) المواظبة على أعمال عباديّة (غير محدّدة) لمدة أربعين يوماً.

3) عمل الاستجارة، ويعني :

أ) زيارة سيّد الشهداء عليه السلام أربعين ليلة جمعة (عن قُرب).

ب) زيارة مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء.

ج) زيارة مسجد الكوفة – أو أيّ مسجد آخر – أربعين ليلة جمعة، كلّ ذلك بهدف التشرّف بلقائه عليه السلام.

د) التوجّه إلى مكانٍ ما في البريّة لمدة 40 ليلة، بهدف التعبّد لله تعالى وطلب رؤية وليّه عليه السلام.

4) دعاء العهد الصغير الذي تقدّم في فقرة «الدعاء» أنّه يدعى به بعد كلّ فريضة.

القيام عند ذكر «القائم»

من آداب العلاقة بالإمام المهديّ عليه السلام القيام تعظيماً عند سماع اسمه المبارك، خصوصاً الاسم المبارك «القائم»، كما هي سيرة أوليائه ومحبّيه في جميع البلاد.

ورُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه كان في مجلسٍ، فذُكر اسم الإمام المهديّ، فقام الإمام الصادق إجلالاً وتعظيماً له، عليهما السلام.

وفي (منتهى الآمال) للمحدّث القمّي، عن كتاب (تأجيج نيران الأحزان في وفاة سلطان خراسان) للمولى عبد الرضا بن محمّد... أنّ الشاعر دعبل الخزاعي عندما أنشد الإمام الرضا عليه السلام قصيدته التائية، ووصل إلى هذا البيت:

خروجُ إمامٍ لا محالةَ قائمٌ

يقومُ على اسمِ الله بالبركاتِ

نهض الإمام الرضا عليه السلام قائماً، وأحنى رأسه المبارك، ووضع يده اليُمنى على رأسه، وقال: اللَّهُمَّ عَجِّل فَرَجَهُ وَمَخْرَجَهُ، وانْصُرْنَا بِهِ نَصْراً عَزِيزاً».

 

من توصيات الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف

هذه مجموعة من الأعمال والأذكار التي ورد أن الإمام المهديّ عليه السلام أمَر بها في زمن الغَيبة. وقد جاء الحديث عنها في مطاوي كلمات العلماء الأعلام، أو في قصص التشرّف المعتبَرة، ورغم مراعاة الدقّة في إيراد هذه الشَّذَرات، فإنّ شاهدها معها؛ فهي ممّا يُعلم رجحانه لاندراجه تحت عناوين لا يختلف فيها الفقهاء.

من ذلك أمرُه عليه السلام بما يلي:

1) قراءة السوَر الخمس؛ يس، وعمَّ [النبأ]، ونوح، والواقعة، والمُلك، بعد الصلوات الخمس بالترتيب المذكور هنا.

2) حفظُ خطبة الصدّيقة الكبرى الزهراء عليها السلام، والخطبة الشّقشقيّة لأمير المؤمنين عليه السلام، وخطبة سيّدتنا زينب عليها السلام التي خطبتها في مجلس يزيد في الشام.

3) العناية التامّة بزيارة سيّد الشهداء عليه السلام.

4) العناية الخاصّة بصلاة الليل، وزيارة عاشوراء، والزيارة الجامعة (الكبيرة).

5) قراءة هذا الدعاء في القنوت:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ وأبِيهَا، وَبَعْلِها وَبَنِيها، والسِّرِّ المُسْتَوْدَعِ فِيهَا أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَفْعَلَ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، ولا تَفْعَلَ بِي مَا أَنا أَهلُهُ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين».

7) قراءة هذا الذّكر بعد السلام من الفرائض الخمس: «اللَّهُمَّ سَرِّحْنِي مِنَ الهُمُومِ والغُمُومِ وَوحْشَةِ الصَّدر».

8) الاهتمام الخاصّ بالصّلاة جماعة.

9) إكرام الذريّة الطاهرة لأهل البيت عليهم السلام (السادة زادهم الله تعالى عزّاً)، وزيارة مراقدهم.

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

06/05/2016

دوريات

   إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات