بسملة

بسملة

03/06/2016

﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾

 

﴿.. إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ، إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..﴾

بقلم: الشّيخ حسين كوراني

 الشّراكة في العمل الصّالح – بمَنطِق القرآن - أقوى من الاشتراك في النَّسَب، وآكَـد:

﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ هود:45-46.

ابنُ نوح النّبيّ، ليس من أهله. الصّالح الذي لم تجمعه به لُحمة النَّسَب، هو مع «نوح» ومنه. يُنجيه عمله.

إبن نوح النّبيّ. أغرقه عمله : ﴿.. بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ هود:44.

***

ليس «العمل» – بالمطلَق - القيمة. «صلاح العمل» يُلازم القيمة، ويرشد إليها. بها يتجوهر العمل. على أساسها يكون الفرز. القيمة هي «الفكر السّليم». الفكر هو «العقيدة الحقّ».

سلامة الفكر تُنتج صلاح العمل. «العقل السّليم» هو المعيار والملاك.

علامة العقل السّليم، الواقعيّة والبرهان.

الواقعيّة: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ القصص:71-72.

والبرهان: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ المؤمنون:117.

***

العقل السّليم ، نورٌ يكشف البرهان. البرهان دليلٌ وصراط.

﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ المائدة:16.

العقل السّليم توحيد. العقل المدّعى عبادة الهوى، وسرابِ أوهام «الأنا». أوهامها «الطّاغوت»، وسائر «الأصنام».

﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ إبراهيم:35-38.

***

نور الأنبياء من مشكاةٍ واحدة. يتّحد في هذه المشكاة نور ﴿.. فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي..﴾، مع نور ﴿..إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ..﴾.

بالعمل الصّالح، المستمدّ صلاحه من سلامة التّوحيد فكراً وعقيدة، تتماهى حقيقة «أهل» نوح النّبيّ، مع «أهل البيت المحرّم»، بوادٍ غير ذي زرْع.

أهل «البيت المحرّم»، ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ..﴾ فكراً وعملاً. هم منه وهو منهم. سِلمُهم سِلمُه. حربُهم حربُه.     

 قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ آل عمران:68.

وقال خاتَم النّبيّين: «مَثَلُ أَهْلِ بَيتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ؛ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلّفَ عَنْهَا وَقَعَ فِي النَّارِ»، وفي رواية «هَلَكَ»، وفي رواية «غَرِقَ».

***

نهجان: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي﴾، و﴿..مَنْ عَصَانِي﴾.

تظهير الأول: ﴿فَاتَّبِعُونِي﴾. ﴿المَوَدّة فِي القُرْبَى﴾. ﴿شَجَرَة مُبَارَكَة﴾.

تظهير الثّاني: ﴿الّذِينَ كَفَرُوا﴾. ﴿المُشْرِكُونَ﴾. ﴿الشَّجَرَة المَلْعُونَة فِي القُرآنِ﴾.

تظهير الشّجرة المباركة، في الآخرة، «شَجَرَةُ طُوبَى».

تظهير الشّجرة الملعونة في القرآن، ﴿شَجَرَةُ الزَّقُّومِ﴾.

كما تُجمع الأمّة المحمّديّة على وجوب اتّباع «أهل البيت». تُجمع على أنّ لواء العصيان، والتّحريفِ، والمُلكِ العَضوضِ «أمويّ».

تمكّن التّحريف خلال «ألف شهر»، أن يؤسِّس آليّةً في الحُكم باسم الإسلام، اضطرّ العبّاسيّون - ومَن تلاهم - لاعتمادها. تواصلَ المسار التّحريفيّ الأمويّ حتّى اليوم.

تشكّلت آليّة الحكم الأمويّة من الأسس التّالية:

1) التّظاهر بالإسلام، يقتضي حفظ المظاهر الإسلاميّة العامّة للحاكم.

2) رفع راية الصّحابة بديلاً عن «أهل البيت»، إعراضاً عمّا أجمع عليه المسلمون.

3) الاستقواء بالخارج عموماً، وبالتّحالف مع «اليهود» بالخصوص.

كان «أبو سفيان» - خلال قيادته حروب قريش ضدّ «المدينة المنوّرة» - سبّاقاً إلى الاستقواء باليهود، والتّحالف معهم.

ابتدع «معاوية» رفع راية «الصّحابة» الفضفاضة التي تعرّف الصّحابيّ بأنّه «مَن رأى رسولَ الله».

أتاحت هذه البدعة لأبي سفيان أن يكون من «سادة» الصّحابة. أبو سفيان هو القائل في مجلس عثمان: «تلقّفوها – الخلافة - يا بني أميّة تَلقُّفَ الكُرة، فوالّذي يحلفُ به أبو سفيان، لا جنّةَ ثَمّ ولا نار، وإنّما هو المُلك».

ويوم لاكتْ زوجته هند قطعةً من كبد الحمزة - عمّ الرّسول - وجَدَعتْ أنفه وأُذُنَيه، وعلّقتهما قلادةً لها – يومها - ضرب أبو سفيان «بزجّ رمحِه فمَ الحمزة وهو ميّت، ويقول: ذُقْ عُقَق – كثير العقوق..». ولمّا بُويع عثمان جاء أبو سفيان إلى قبر الحمزة فرفسَه برِجله قائلاً: «يا أبا عُمارة، إنّ الأمر الذي اجتلَدنا عليه بالسّيف أمسى في يد غِلماننا اليومَ يتلعّبون به».

***

تناسلَ المسارُ الأمويّ المتسلّل إلى الحكم باسم الإسلام، إلى أن أفرز مَخاضه شيطنةَ «ابن تيميّة».

لا تجد عالماً مسلماً - شيعيّاً أو سنّيّاً - تتبّع كُتب ابن تيميّة، إلّا جزم بأنّه ليس موحِّداً: يقول بالتّجسيم. مولَعٌ بإضعاف علاقة المسلمين بالنّبيّ صلّى الله عليه وآله. يتحاملُ على أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام.

رغم ذلك، تمكّنت السّلطة القائمة آنذاك باسم الإسلام، من إبراز ابن تيميّة بلقب «شيخ الإسلام»!

يكشف هذا البون الشّاسع – ما بين ملحدٍ وبين «شيخ الإسلام» - عن خطورة التّرويج الإعلاميّ لعلماء البلاط، الذي تمارسه السّلطة.

التّاريخ الإسلاميّ تاريخان: تاريخ السّلطة وإسلامِ البلاط، وتاريخُ الأمّة وأئمّتها الحقيقيّين.

تاريخ السّلطة والبلاط تاريخ المتآمرين على الأمّة شيعةً وسُنّة، تاريخ المتسلّقين الذين أسرّوا النّفاق وأظهروا الإسلام.

بعض ما يدلّ عليه من الحديث النّبويّ الشّريف: «الخلافةُ ثلاثونَ عاماً ثمّ يكونُ بعدَ ذلك المُلك».

نقرأ في (تاريخ دمشق) : «عن سعيد بن سويد: صلّى بنا معاوية بـ"النّخَيْلة" الجمعةَ في الضّحى، ثمّ خطبنا فقال: ما قاتلتُكم لِتَصوموا، ولا لِتُصَلّوا ولا لتحجّوا، ولا لتُزَكّوا، قد عرفتُ أنّكم تفعلون ذلك، ولكن إنّما قاتلتُكم لأَتَأَمّرَ عليكم، فقد أعطاني اللهُ ذلك وأنتم كارهون».

***

وتلقّفت السّلطات المتسلّلة باسم الإسلام، الكرة الأمويّة بتنقيحاتها الإبن تيميّة، وصولاً إلى آخر نسخة من المشروع الأمويّ السّفيانيّ المتحالف مع اليهود: الوهّابيّة بقيادة آل سعود، وآل الشّيخ عبد الوهّاب.

إنّها النّسخة البريطانيّة التي اعتُمدت – مبكّراً جدّاً - ضدّ الخلاقة العثمانيّة.

قام المشروع الوهّابيّ – البريطانيّ على القواسم المشتركة بين الاستعمار والتّآمر. وكان الهدف – وما يزال - «المُلك»، والتّسلّط.

أبرز هذه القواسم : ضربُ علاقة الأمّة برسول الله صلّى الله عليه وآله. التّفرقة والفِتنة. تشويه الإسلام.

كان التّخطيط يرمي إلى ما بعد مرحلة الاستعمار المباشر.

وهل يضمن دقّة التّنفيذ، غير زرع الغُدّة السّرطانيّة - بوجهَيها السّعوديّ المخفيّ، والكيان المحتلّ لفلسطين - في أُولى القبلتين وثانيتهما.

لم يُطلق «بلفور» وعدَه. لم تقرّر بريطانيا إسكانَ يهودٍ، غرباء، من بلادٍ شتّى، في قلب العالم الإسلاميّ، إلّا بعد تأمين المناخ المناسب.

في لُجَج ظلماتِ غفلةٍ من الأمّة طال ليلها، تمكّنت بريطانيا من تسليم فلسطين لليهود، وزعامةَ الأمة، وقيادتَها، ومصيرَها لآل سعود.

تسلّمت أميركا من بريطانيا إدارة المؤامرة الأخطر على هذه الأمّة.

***

زلزالان، لم يدخلا – للحظة - في حسبان دهاقنة الاستعمار، ودُمى التّآمر:

* إنتصار الثّورة الإسلاميّة بقيادة الإمام الخمينيّ، والتّراب يُهال على جثمان الأمّة – بزعمهم - في «كامب ديفيد» آل سعود وساداتهم.

* حرب تمّوز. التّرجمة الأولى المدوّية لإعلان: «اليوم إيران وغداً فلسطين».

هل عرفتَ لماذا يُجاهر آل سعود بحقيقتهم؟

لقد تداعى الوجه المُعلَن للغدّة السّرطانيّة فبدا وجهها الخفيّ.

هل أيقنْتَ بأنّ هذه الحقيقة المتماهية مع الصّهاينة، وراء كلّ هذا الحقد الدّفين، والاستماتة في استعداء المقاومة وكلّ المقاومين؟

مَن عرف وأيقن، فقد اهتدى، ولم يَقترف المُوبقةَ الكبرى في اعتبار الخلاف معهم يؤجّجُ الفتنةَ بين المسلمين.

ليسوا مسلمين. «سالبة بانتفاء الموضوع».

ومَن ضرب في أودية التّيه الأمويّ الشّيطانيّ البريطانيّ الصّهيونيّ الأميركيّ، وشاركَهم في التّستّر بالإسلام، فليُعدّ ليوم العرض على الله تعالى الجوابَ عن مسؤوليّته في تمكين آل سعود وسائر اليهود من استمرار تَلاعُبِهم بمصير الأمّة.

متى تُصدر المرجعيّات الدّينيّة الشّيعيّة والسّنيّة الفتاوى التي تعتقد بها، وتتجنّبها رعايةً لِما كان يُظنّ أنّه مصلحة الإسلام العليا.

متى نقرأ بالعنوان العريض على صفحة قلب كلِّ محمّديّ: الوهّابيّون نواصب. ليسوا مسلمين. ليست الوهّابيّة مذهباً إسلاميّاً.

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

03/06/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات