تحقيق

تحقيق

03/06/2016

هكذا يستعدّ المسلمون لملاقاة شهر رمضان المبارك


هكذا يستعدّ المسلمون لملاقاة شهر رمضان المبارك

شعائر وتقاليد أصيلة على مرّ الأزمنة

د. أليس كوراني

 

إذا كانت المرويّات الدّينيّة قد حفظت واجبات المسلم في هذا الشّهر الكريم من خلال الأحكام الفقهيّة، والمستحبّات الكثيرة من صلوات وأدعية وأذكار، والحثّ على فعل الخير، فإنّنا في هذا التّحقيق سنُطلّ على مظاهر شهر رمضان في العالم الإسلاميّ – قديماً - ما أمكننا، لأنّ المؤرخّين لم يبسطوا القول في عادات الناس وتقاليدهم إلّا في عصور متأخرّة، ويسجّل للرّحالة المسلمين دورهم في إبراز الكثير من العادات الاجتماعيّة في البلدان والمدن التي حلّوا بها.

 

لشهر رمضان المبارك وقعٌ كبيرٌ في نفوس المسلمين، فهو شهرُ الله المعظَّم، وهو عنده «أَفْضَلُ الشُّهورِ وَأَيّامُهُ أَفْضَلُ الأَيّامِ، وَلياليهِ أَفْضَلُ اللَّيالي، وَساعاتُهُ أَفْضَلُ السّاعاتِ».

ومنذ فجر الإسلام، وبعد نزول الأمر بالصّوم، دأبَ المؤمنون على اغتنام فرصة اكتساب الأجر العظيم في ضيافة الله تعالى، من خلال أداء الواجبات والمُستحبّات في أيّام هذا الشهر ولياليه...

وفي الجمعة الأخيرة من شعبان كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يُهيّئ المسلمين لاغتنام بركة شهر رمضان، وقد خطب في الناس خطبته المشهورة في استقبال الشّهر المبارك. وهكذا فعلى مرّ الأزمنة جرى الاهتمام بالمساجد قُبيل شهر رمضان من تنظيف وتبخير لتستقبل المصلّين، كما كانت القناديل القديمة تنظّف، ويُزاد في عددها لإنارة المسجد. وكان العرب في حواضر شبه الجزيرة العربيّة قد استعملوا السُّرُج والمصابيح للإنارة، فقد استخدم أهلُ نجد «الدَّاذين» وهي في الأصل مَناوِرُ مِنْ خَشَبِ الأَرْز يُسْتَصْبَحُ بها، وهي ببلادهم مِن شَجَرِ المَظِّ، أي من الرّمان. كما كانت لهم مصابيح من الفخّار، ومصابيح من الحجر، وخاصّة في بيوت الكبار والمُوسِرين، كما صُنعت مصابيح من الزّجاج ولا سيّما في بلاد اليمن، ومدّوا كلّ تلك المصابيح والسّرج بزيت الزيتون والماء، كما ابتاع القوم المصابيح من خارج البلاد.

وكان زيت قناديل مسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله يُحمل من الشّام، ثمّ حُمل من مصر في فترة لاحقة.

في كتابه (أخبار مكّة)، قال الفاكهيّ (ت: 280 للهجرة) يصِفُ المسجد الحرام: «وَعَدَدُ الْقَنَادِيلِ أَرْبَعُمِائَةِ قَنْدِيلٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ قَنْدِيلًا، وَالثُّرَيَّاتُ الَّتِي يُسْتَصْبَحُ فِيهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْمَوْسِمِ ثَمَانِي ثُرَيَّاتٍ، أَرْبَعٌ صِغَارٌ وَأَرْبَعٌ كِبَارٌ، يُسْتَصْبَحُ فِي الْكِبَارِ مِنْهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْمَوَاسِمِ، وَيُسْتَصْبِحُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ فِي سَائِرِ السَّنَةِ عَلَى بَابِ دَارِ الْإِمَارَةِ، وَهَذِهِ الثُّرَيَّاتُ فِي مَعَالِيقَ مِنْ شَبَهٍ [الشّبَه هو النحاس، سُمي بذلك لأنه يشبه الذهب]، وَلَهَا قَصَبٌ مِنْ شَبَهٍ، تَدْخُلُ هَذِهِ الْقَصَبَةُ فِي حَبْلٍ ثُمَّ تُجْعَلُ فِي جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ الْأَرْبَعَةِ، فِي كُلِّ جَانِبٍ وَاحِدَةٌ يُسْتَصْبَحُ فِيهَا فِي رَمَضَانَ، فَيَكُونُ لَهَا ضَوْءٌ كَثِيرٌ ثُمَّ تُرْفَعُ فِي سَائِرِ السَّنَةِ».

وقال ابن الضّياء (ت: 854 للهجرة) في كتابه (تاريخ مكّة المشرّفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف): «ويُزاد في القناديل في شهر رمضان، خصوصاً في العشر الآخر منه».

ولا يقتصر الاهتمام على المسجد الحرام ومسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله، فكلّ المساجد، ولا سيّما الجامعة منها، يجري الاهتمام بها في شهر رمضان، ففي (النّفحة المسكيّة في الرّحلة المكّيّة) لأبي البركات السويديّ (ت: 1174 للهجرة) يصف بعض مساجد دمشق في شهر رمضان، فيقول: «وهذا الجامع كبيرٌ واسعٌ في غاية الحُسن من العمارة والنّقش والإسطوانات والرّواقات بحيث يعلّق في كلّ ليلة من رمضان نحو اثني عشر ألف قنديل».

تَرائي الهلال

لا تحدّثنا كتب التّاريخ والسّير عن أماكن مراقبة هلال شهر رمضان في صدر الإسلام، وهناك إشارات صغيرة نلتقطها من بين السّطور، منها على سبيل المثال: عن أبي البَختريّ، قال: «خَرَجْنَا لِلْعُمْرَةِ فَلَمَّا نَزَلْنَا بِبَطْنِ نَخْلَةَ تَرَاءَيْنَا الْهِلاَلَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ هُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ هُوَ ابْنُ لَيْلَتَيْنِ..».

وكان النّبيّ صلّى الله عليه وآله إذا أهلّ هلال شهر رمضان، استقبل القبلة وقال: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، والسَّلَامَةِ والإِسْلَامِ، والْعَافِيَةِ الْمُجَلِّلَةِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا صِيَامَه وقِيَامَه وتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِيه، اللَّهُمَّ سَلِّمْه لَنَا وتَسَلَّمْه مِنَّا وسَلِّمْنَا فِيه». وللأئمّة عليهم السّلام أدعية عند رؤية الهلال، منها الدعاء المشهور للإمام زين العابدين في الصحيفة السّجّاديّة.

ومن الطّبيعيّ أنّ يتّجه المترقّبون للهلال، في كلّ البلدان، إلى مكانٍ مرتفع، فكانوا في مصر يقفون في جبل المقطّم لرؤيته، ثمّ يخبرون قاضي القضاة بمشاهدته، ثمّ أخذ القضاة يذهبون إلى ذلك الجبل للتأكّد من صحّة الرؤية، وأُعدّ لهم دكّة، وهي بِناءٌ يُسَطَّحُ أَعْلاهُ للمَقْعَدِ، فعُرف ذلك المكان بدكّة القضاة؛ وورد في (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة) للسيوطيّ: «أنّ غوث بن سليمان، المتوفّى عام 68 للهجرة، أوّل قاضٍ ركب للهلال مع الشّهود».

وكان يجتمع عددٌ من الموثوقين لرؤية الهلال، فكان إذا رآه أحدهم، والجوّ صحواً، يشير إليه حتّى يراه الباقون، وإذا تعذّرت الرؤية في الأمصار، أكملوا عدّة شعبان.

وفي العصر الفاطميّ كان الخليفة يخرج من قصره في موكبٍ مهيب إعلاناً ببدء الصّوم، ويصف المقريزيّ في (خُططه)، والقلقشنديّ في (صبح الأعشى) موكب الخليفة وزينته بأدقّ تفاصيله. وإلى جانب موكب الخليفة الفاطميّ، أخذت المواكب الشّعبيّة تجول الشّوارع والحارات في شهر رمضان، وجرى الاهتمام بزينة تلك المواكب ولا سيّما بالفوانيس والمشاعل والشّمع؛ واشتهرت سوق القمّاحين ببيع الشّموع الموكبيّة، وأضحى الفانوس في التراث الشعبيّ مرتبطاً بقدوم الشّهر المبارك في كلّ الدول الإسلاميّة حتّى يومنا هذا.

 وأخذ المستهلّون يلجأون إلى القلاع أو مآذن المساجد أو منارات المدارس الدّينيّة، أو إلى أماكن مرتفعة لرؤية الهلال؛ يقول المقريزيّ في (السلوك لمعرفة دول الملوك): «راءَى السلطان بمماليكه من فوق القلعة [القلعة التي فوق جبل المقطّم] الهلالَ، وتراءاه النّاس من أعلى المآذن والأَسطُح بالقاهرة ومصر وما بينهما وما خرج عنهما».

 

 

 واستمرّت عادة المواكب في بدء شهر رمضان، في البلاد الإسلاميّة بعد العهد الفاطميّ ولا سيّما في مصر والمغرب العربيّ، ويُخبر ابن بطوطة (ت: 779 للهجرة) في إحدى رحلاته أنّه زار مدينة أبيار في مصر (في كفر الزّيات اليوم)، وحضر في بيت قاضيها «يوم الرَّكبة، وهم يسمّون ذلك يوم ارتقابَ هلال رمضان. وعادتُهم فيه أن يجتمع فقهاء المدينة ووجوهها بعد العصر من اليوم التاسع والعشرين لشعبان بدار القاضي... فإذا تكاملوا هنالك، ركب القاضي وركب من معه أجمعون، وتبعهم جميع مَن بالمدينة من الرّجال والنّساء والصّبيان، وينتهون إلى موضعٍ مرتفعٍ خارج المدينة، وهو مرتقَبُ الهلال عندهم، وقد فُرش ذلك الموضع بالبسط والفرش، فينزل فيه القاضي ومن معه فيرتقبون الهلال، ثم يعودون إلى المدينة بعد صلاة المغرب وبين أيديهم الشمع والمشاعل والفوانيس. ويُوقد أهل الحوانيت بحوانيتهم الشمعَ، ويصلُ الناس مع القاضي إلى داره، ثمّ ينصرفون، هكذا فعلُهم في كلّ سنة».

ويخبر عن بدء شهر رمضان في مكّة المكرّمة في رحلته إليها، فيقول: «وإذا أهلّ هلالُ رمضان... يقعُ الاحتفال بالمسجد الحرام، من تجديد الحصر، وتكثير الشّمع والمشاعل، حتّى يتلألأ الحرم نوراً، ويسطع بهجة وإشراقاً».

السّحور ومراقبة طلوع الفجر

كان المسلمون في مكّة المكرّمة يراقبون طلوع الفجر في جبل أبي قبيس، وحول ذلك أورد البكري (ت: 487 للهجرة) في (المسالك والممالك): «.. وكان النّاس يقومون في أعلى المسجد... وعلى جبل أبي قُبَيس رتبة ترقّب طلوعِ الفجر للمُتسحّرين، فإذا بانَ لهم نادوا: أمسِكوا أمسِكوا، رحمكم الله».

 

 

ومع ازدياد الدّور في مكّة المكرّمة واتّساع أنحائها، لم يعد الأذان يصل إلى كلّ المسامع، لذا استُعين بضوء القناديل للإخبار عن وقت السّحور وطلوع الفجر، مع عدم إلغاء الأذان، وحول هذا قال ابن بطوطة في رحلته: «وإذا كان وقت السّحور، يتولّى المؤذّن الزّمزميّ التسحير في الصَّوْمَعة التي بالركن الشرقيّ من الحَرم، فيقوم داعياً ومذكّراً ومحرّضاً على السحور، وهكذا يفعلون في سائر الصوامع. فإذا تكلّم أحدٌ منهم أجابه صاحبه، وقد نُصبت في أعلى كلّ صومعة خشبة على رأسها عود معترض، قد عُلّق فيه قنديلان من الزّجاج كبيران يُوقدان، فإذا قرب الفجر وقع الإيذان بالقطع مرّة بعد مرّة، وحُطّ القنديلان، وابتدأ المؤذّنون بالأذان. وأجاب بعضُهم بعضاً. ولديار مكّة، شرفّها الله، سطوح، فمَن بَعُدت داره بحيث لا يسمع الأذان يُبصر القنديلين المذكورين فيتسحّر. حتّى إذا لم يُبصرها أقلع عن الأكل».

أمّا في مصر، فأورد في (النجوم الزاهرة) لابن تغري بردي أنّ بعض الأمراء (في القرن الهجري الثالث) كان يتوجّه ماشياً إلى المسجد الجامع من مسكنه بالعسكر بدار الإمارة، وكان ينادي في شهر رمضان: السُّحور!

ثمّ ظهر «المسحّراتي» لإيقاظ النّاس، وتحفظ كتب الأدب الأناشيد الدّينيّة والأهازيج والأشعار التي كان يقولها أثناء تجواله ليلاً، وربّما قرع أبواب النّائمين بالعصا، ليستيقظوا.

الصَّلوات والأذكار في المساجد

أمّا صلوات النوافل فقد عُرفت في المساجد ولا سيّما في شهر رمضان منذ العهد النبويّ، إلّا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله نهى عن صلاة النّوافل جماعة، فكان المؤمنون في زمانه يصلّون النافلة فرادى، ورُوي عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «أَيُّها النّاسُ! إِنَّ الصَّلاةَ بِاللَّيْلِ في شَهْرِ رَمَضانَ مِنَ النّافِلَةِ جَماعَةً بِدْعَةٌ، وَصَلاةَ الضُّحى بِدْعَةٌ، أَلا فَلا تَجْمَعوا لَيْلاً في شَهْرِ رَمَضانَ في النّافِلَةِ، وَلا تُصَلّوا صَلاةَ الضُّحى، فَإِنَّ قَليلاً في سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ كَثيرٍ في بِدْعَةٍ، أَلا وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلالَةٍ سَبيلُها إِلى النّارِ». (الشريف المرتضى، الشافي: 219/4، إسماعيليان)

وفي (تاريخ المدينة) لابن شبّة النميري، قال: «كان الناسُ يقومون رمضانَ على عهد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، وأبي بكر... وبعض إمارة عمر... فُرادى، حتّى جعلَ الرّجلُ الذي معه القرآن إذا صلّى جاء القوم يقفون خلفه، حتّى صاروا في المسجد زُمراً، ههنا زُمرة وههنا زُمرة، مع كلٍّ مَن يقرأ، فكلّم الناس أُبيّ بن كعب فقالوا: لو جمعتنا فصلّيتَ بنا؟ فلم يزالوا به حتّى تقدّم وصفّ الناس خلفَه، فأتاهم عمر... فقال: بدعة ونعمت البدعة...».

ومن هنا كانت صلاة التّراويح، ولم تكن في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله. وفي عهد أمير المؤمنين عليه السلام اجتمع إليه بعض النّاس بالكوفة فسألوه أن ينصب له إماماً يصلّي بهم نافلة شهر رمضان، فزجرهم وعرّفهم أنّ ذلك خلاف السُّنّة، فتركوه واجتمعوا لأنفسهم وقدّموا بعضهم، فبعث إليهم الإمام الحسن السبط عليه السلام، فدخل عليهم المسجد ينهاهم عن ذلك.

وكان الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام يُحيي ليلة عيد الفطر بصلاة حتّى يصبح، ويبيت ليلة الفطر في المسجد.

ومنذ فجر الإسلام كان الصّائمون يُكثرون من قراءة القرآن الكريم في المساجد، وهذا يظهر في المصادر الدينيّة والتّاريّخية، كما كان النّبيّ صلّى الله عليه وآله، يحثّ على الإكثار من ذكر الله تعالى، حيث قال صلّى الله عليه وآله: «رَمَضانُ شَهْرُ اللهِ تَبارَكَ وَتَعالى، اسْتَكْثِروا فيهِ مِنَ التَّهْليلِ وَالتَّكْبيرِ وَالتَّحْميدِ وَالتَّمْجيدِ وَالتَّسْبيحِ..».

وكذلك الاعتكافُ في المساجد الجامعة في شهر رمضان، فَلِثبوت استحبابه بين جميع المسلمين، على ذلك جرتْ سيرتُهم، واتّفقت نصوصُهم عن الرسول صلّى الله عليه وآله. من ذلك ما رُوي عن الإمام الصّادق عليه السلام، قال: «كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِه إذا كانَ العشرُ الأواخِرُ - يعني من شهر رمضان – اعتكفَ في المسجد، وضُربت له قبّةٌ من شَعر... وطَوى فراشَه».

الاهتمام بالفقراء

سنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله سُنّة الاهتمام بالفقراء والمساكين، والعائلة، والجيران، في هذا الشهر الكريم. عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، قال: «قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: شعبانُ شَهري، وشهرُ رمضانَ شهرُ اللهِ تعالى، وهو ربيعُ الفقراء..».

وفي الخطبة النبويّة في استقبال شهر رمضان حَثٌّ شديدٌ على العناية بعناوين اجتماعية كإفطار الصائمين، والتوسعة على العيال، وحُسن الخُلق، والتخفيف عن الأدنَين، والتصدّق، والتحنّن على الأيتام.

وفي شهر رمضان جرت العادة بأن يزيد المُوسِرون في عطائهم للمحتاجين، ويذكر ابن عبد الظّاهر في كتابه (الروضة البهيّة) أنّه كان يخرج من مطبخ قصر الخليفة الفاطميّ مدّة شهر رمضان ألف ومائتا قِدر من جميع ألوان الطّعام، تفرّق كلّ يوم على أرباب الرّسوم والضّعفاء. ويذكر عبد القادر بدران (ت: 1346 للهجرة) في كتابه (منادمة الأطلال) أنه كان من عادة المسلمين في أمصارهم أن لا يفطر أحدٌ منهم في ليالي شهر رمضان وحده أبداً، فمن كان من الموسِرين فإنّه يدعو أصحابه والفقراء يفطرون عنده، ومن كان من التّجّار وكبار الكسَبة صنع مثل ذلك، ومن كان من الضعفاء والبادية فإنّهم يجتمعون كلّ ليلة في دار أحدهم أو في مسجد، ويأتي كلّ أحد بما عنده فيفطرون جميعاً.

وإلى الآن، فإنّ الاهتمام بالأيتام والفقراء يظهر جليّاً في هذا الشّهر المبارك... أعاده الله عليكم بخير الدّنيا والآخرة.

 

زاد الصائم

الدّعاء عند رؤية الهلال

عن الإمام أبي عبد الله الصّادق عليه السلام: «إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَا تُشِرْ إِلَيْهِ‏ بِالْأَصَابِعِ‏، وَلَكِنِ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ وَخَاطِبِ الْهِلَالَ تَقُولُ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى. اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا، وَارْزُقْنَا عَوْنَهُ وَخَيْرَهُ، وَاصْرِفْ عَنَّا ضَرَّهُ وَشَرَّهُ وَبَلَاءَهُ وَفِتْنَتَهُ».

(الهداية، الشيخ الصّدوق)

 

زاد الصائم

حرزٌ من البلايا طوالَ العام

من أهمّ أعمال اليوم الأول من شهر رمضان قراءة الدّعاء المرويّ عن الإمام الكاظم عليه السلام، وأوّله: «أللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دانَ لَهُ كُلُّ شَيء..».

وعنه عليه السلام في ثوابه أنّ مَن قرأه لَمْ تُصبه في ذلِكَ العام فتنةٌ ولا ضلالةٌ ولا آفةٌ تضرّ دينَه أو بدنَه، وصانَه اللهُ تعالى من شرّ ما يحدثُ في ذلك العام من البلايا، شرطَ أن يكون دعاؤه منزّهاً عن الرياء وشوائب الأغراض الفاسدة.

(تجده في مفاتيح الجنان، وإقبال الأعمال، وغيرها من كتب الدعاء)

 

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

03/06/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات