معرفة الإمام المهدي

معرفة الإمام المهدي

01/07/2011

تأمّلات في دعاء العهد

إعداد: شعائر

«معرفة الإمام عليه السلام على نوعين؛ معرفة عامة وأُخرى خاصّة تُسمّى معرفتُه عليه السلام «بالنورانيّة». كان القسم الأوّل حول أربعة من أسماء الله تعالى الواردة في نصّ الدعاء، وهي: الله، الرّب، الحيّ والقيّوم».
ما يلي، القسم الثاني والأخير من كلام المرجع الخراساني حول دعاء العهد.

يبدأ دعاء العهد بالدعاء باسم الله تعالى الجامع لجميع الأسماء الحسنى «أللّهمَّ»، ثمّ يدعو باسم الرَّبّ سبحانه «أللّهمّ ربَّ النور العظيم» ".." ونلاحظ أنّ الدعاء انتهى باسمَيْ «يا حيُّ يا قيُّوم»، فهو يجمع الأركان الأربعة من أسماء الله تعالى.
«أللّهمّ ربَّ النُّور العظيم». تأمّلوا هذه الكلمة التي بدأ فيها الدعاء، وفي ارتباطها بالمدعوِّ له. فمَن هو النُّور العظيم الذي بدأ الدعاء له بسؤال ربِّ النور العظيم؟
النُّور العظيم .. موضوع عظيم، ".." نكتفي بالإشارة إليه عسى أن يعفو الله تعالى عن ظلمنا له، ويفتح لنا باباً من الحكمة والمعرفة لحُجّته وخليفة العصر والزمان صلوات الله عليه. هذا النُّور العظيم أين يجب أن نبحث عنه؟ هل كما يَزعم مخالفونا أنّ الشيعة يبحثون عنه في السرداب!
مساكين هؤلاء، لم يعرفوا أنّ هذا السرداب بيت خليفة الله في أرضه وحُجَّتِه على عباده، وأنّه مُشبَعٌ بنور الله العظيم كقلوب المؤمنين!
نحن نستذكِر في حرم بيت الإمام المهدي عليه السلام وسردابه نور الله العظيم، ونسعى لأن تتّصل قلوبنا بشُعاعٍ منه! ونزوره بقولنا «السلام عليك يا خليفة الله وخليفة آبائه المهديّين، السلام عليك يا وصيَّ الأوصياء الماضين، السلام عليك يا حافظ أسرار ربّ العالمين ... إلى أن نقول: السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى، وسِدرَة المُنتهى، السلام عليك يا نور الله الذي لا يُطْفَى».
إنّه روحي له الفداء ذلك النُّور الربانيّ العظيم الذي لا يُطفَأ. فالذي نبحث عنه صلوات الله عليه، تبدأ صفاته بخليفة الله تعالى حتّى تَصِل إلى نور الله الذي لا يُطفأ ولا يَنطفىء! وينتهي سَيْرنا إلى هذا النور الإلهي في سورة الصف وسورة التوبة، حيث نجد أصل ذلك النور العظيم الذي لا يُطفأ! قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون﴾َ الصف:8-9.
وقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ التوبة:32-33.
وعندما نرجع إلى المفسِّرين نجد أنّ الإمام الصادق، لسان الله الناطق عليه السلام، فسّرها بالإمام المهدي أرواحنا فداه، قال عليه السلام: «لم تخلُ الأرض منذ كانت من حجّةٍ عالِم، يُحيي فيها ما يُميتون من الحقّ، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَاللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَو كَرِهَ الْكَافِرُون﴾ الصف:8». (كمال الدين، الشيخ الصدوق، ص 221)
وقال الإمام الصادق عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ التوبة:33، قال: «والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتّى يَخرج القائم عليه السلام. فإذا خرج القائم لم يبقَ كافرٌ بالله العظيم ولا مُشركٌ بالإمام إلّا كَرِهَ خروجه، حتى أنْ لو كان كافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن، في بطني كافر فاكسرني واقتله!». (المصدر،  ص 670)
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ..﴾ التوبة:33 «أظَهَرَ بعد ذلك؟ قالوا:نعم، قال: كلّا، فوَالّذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلّا ويُنادى فيها بشهادة أنْ لا إله إلّا الله، بُكرةً وعشيّاً». (مجمع البيان، الطبرسي، ج 5، ص 280)
وبهذا يتّضح معنى المعرفة بالنورانيّة، وأنّ الإمام المهدي نور الله الأعظم في أرضه، صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين.
إنّ على كلّ فَرْدٍ منكم أن يتوجّه بِفِكره وقلبه إلى الإمام المهدي أرواحنا فداه، ويسعى لأن يتّصل قلبُه بِشُعاعه المبارَك، فلو أنّ شعاعاً منه مسَّ عقولنا، لَأَحدثَ فينا تحوُّلاً كبيراً.
صلوات الله عليك يا مولاي يا صاحب العصر والزمان. أيُّ وُجود خصَّك اللهُ تعالى به، تعجز عقولنا عن فهمه، وتعيا ألسنتنا عن وَصْفه؟!
لقد جعلك اللهُ نورَه، وعبَّر عنك بتعبيرَين، فأضافك مرّة إلى اسمه الظاهر ومرّة إلى اسمه المُضمَر، فقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ الصف:8. فمن الخصائص الذاتيّة للإضافة أنّ المُضاف يكتسب معرفته وخصائصه من المضاف إليه، وكلّما كان المُضاف إليه أعلى درجة كان "حَيْثُ" التعريف في المضاف أعلى!
وفي الإضافتَين الظاهِرة والمُضمرة بحث عميق، تكمُن فيه معرفة الإمام صاحب الزمان عليه السلام. فالإضافة الأولى هي الظاهرة لمرحلة ظهوره: ﴿..لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ..﴾ الصف:8، والثانية المُضمرة لمرحلة غيبته عليه السلام: ﴿..وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ..﴾ الصف:8، فهو عليه السلام مَظهر اسم الله الظاهر، ومَظهر اسمه الباطن؛ فهو نور الله الذي لا يُطفأ، وفيه جمعَ الله الغَيْب والشُّهود، ونحن الآن في عصر غَيْبَته، حتّى يأذن الله بظهور نوره فيه، فيتّكئ على رُكن الكعبة ويخطب، ويبدأ نور الله مرحلة الظهور المقدّسة.
هذا هو الإمام المهدي أرواحنا فداه، الذي ظلمناه فلم نعرفه، ولم نؤدِّ معه الأدب المفروض له.
لو أنّكم قرأتُم هذا الدعاء كلّ يوم بعد صلاة الصبح، وتأمّلتم في فقراته بدقّة، ثمّ راقبتُم سلوككم اليومي، فجعلتُم اهتمامكم بالإمام المهدي عليه السلام بقدر اهتمام أحدكم بِنفسه، لرأيتُم ماذا سَيحدث لكم من نورٍ في الفكر والروح!
إنّ قاعدة: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ﴾ إبراهيم:27، قاعدة ثابتة، شاملة لأنواع الظُّلْم صغيره وكبيره: ﴿..وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾ الأحزاب:62. فلا بدّ أوّلاً من أن نُطهِّر أنفسنا من الظُّلْم لإمام الزمان أرواحنا فداه، والخطوة الأولى لذلك هي أن نتذكّره في مجالسنا ومحافلنا ودروسنا، وأن نكون في شهر رمضان في ضيافة الله وضيافته. فاتركوا الحواشي والإضافات من تفكيركم واهتماماتكم، واهتمّوا بالأصل والمتن! وهل بلاؤنا ومشكلاتنا وسوء حظّنا أفراداً وجماعات ومجتمعاً، إلّا بسبب انشغالنا بأنفسنا عن الله تعالى، وعن وليّه وحُجّته، أرواحنا فداه؟!
إنّ الإمام المهدي عليه السلام هو السبب بين الأرض والسماء، والرابط بين الخالق تعالى وخَلْقه! وشخصيّة كهذه لا يجوز أن يكون مَنسِيّاً في مجالسكم وتدريسكم، فَلْيَكن ابتداء مجلس أحدكم وختامه بذكر المولى الموعود ونور الله في أرضه صلوات الله عليه، لعلَّ الله يفتح لي ولك أبواب رحمته ولطفه.
أللّهمّ صلِّ على وليِّك صاحب الزمان عددَ ما في علمك، صلاةً دائمة بدوام مُلْكِكَ وسلطانك. أللّهمَّ بحقِّ فاطمةَ وأبيها وبعلها وبنيها والسرِّ المستودَع فيها، إجعلنا من شيعته وأنصاره، ولا تُفرِّق بيننا وبينه أبداً في الدنيا والآخرة.


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

03/07/2011

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

03/07/2011

  كتب عربية

كتب عربية

03/07/2011

نفحات