موقف

موقف

29/09/2016

تَسألُني نُصرتَك وقد قتلتَ حُسيناً؟!


تَسألُني نُصرتَك وقد قتلتَ حُسيناً؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام، دعا عبدُ الله ابن الزُّبير – وكان خرج على الأمويّين وتحصّن في مكّة - عبدَ الله بن عبّاس إلى بيعته فامتنع، فلمّا بلغ ذلك يزيد بن معاوية، عليهما اللعنة، كتب إلى ابن عبّاس يشكره على امتناعه عن بيعة ابن الزبير، ويدعوه إلى نصرته ويعِده بأن يبرّه ويُكرمَه للرَّحِم بينهما!

فكتب إليه ابن عبّاس ردّاً يفصِّلُ فيه جرائم يزيد بحقّ آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله، نورده مختصراً نقلاً عن الجزء الخامس والأربعين من (بحار الأنوار) للعلامة المجلسي.

 

أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ دُعَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِيَّايَ إِلَى بَيْعَتِهِ، والدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ، فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنِّي واللهِ مَا أَرْجُو بِذَلِكَ بِرَّكَ ولَا حَمْدَكَ، ولَكِنَّ اللهَ بِالَّذِي أَنْوِي بِهِ عَلِيمٌ.

وزَعَمْتَ أَنَّكَ غَيْرُ نَاسٍ بِرِّي وتَعْجِيلَ صِلَتِي؛ فَاحْبِسْ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ بِرَّكَ وتَعْجِيلَ صِلَتِكَ، فَإِنِّي حَابِسٌ عَنْكَ وُدِّي، فَلَعَمْرِي مَا تُؤْتِينَا مِمَّا لَنَا قِبَلَكَ مِنْ حَقِّنَا إِلَّا الْيَسِيرَ، وإِنَّكَ لَتَحْبِسُ عَنَّا مِنْهُ الْعَرِيضَ الطَّوِيلَ.

وسَأَلْتَ أَنْ أَحُثَّ النَّاسَ إِلَيْكَ وأَنْ أُخَذِّلَهُمْ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ؛ فَلَا وَلَاءً ولَا سُرُوراً ولَا حِبَاءً، إِنَّكَ تَسْأَلُنِي نُصْرَتَكَ وتَحُثُّنِي عَلَى وُدِّكَ، وقَدْ قَتَلْتَ حُسَيْناً وفِتْيَانَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَصَابِيحَ الْهُدَى ونُجُومَ الْأَعْلَامِ، غَادَرَتْهُمْ خُيُولُكَ بِأَمْرِكَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ مُرَمَّلِينَ بِالدِّمَاءِ مَسْلُوبِينَ بِالْعَرَاءِ، لَا مُكَفَّنِينَ ولَا مُوَسَّدِينَ، تَسْفِي عَلَيْهِمُ الرِّيَاحُ....

فَمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ إِطْرَادَكَ حُسَيْناً مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللهِ إِلَى حَرَمِ اللهِ، وتَسْيِيرَكَ إِلَيْهِ الرِّجَالَ لِتَقْتُلَهُ فِي‏ الْحَرَمِ. فَمَا زِلْتَ بِذَلِكَ وعَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَشْخَصْتَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ... عَدَاوَةً مِنْكَ للهِ ولِرَسُولِهِ ولِأَهْلِ بَيْتِهِ، الَّذِينَ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً، أُولَئِكَ، لَا كَآبَائِكَ الْجِلَافِ الْجُفَاةِ، أَكْبَادِ الْإِبِلِ والْحَمِيرِ.

... فَاغْتَنَمْتُمْ قِلَّةَ أَنْصَارِهِ واسْتِئْصَالَ أَهْلِ بَيْتِهِ. تَعَاوَنْتُمْ عَلَيْهِ كَأَنَّكُمْ قَتَلْتُمْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ التُّرْكِ.

فَلَا شَيْ‏ءَ أَعْجَبَ عِنْدِي مِنْ طَلِبَتِكَ وُدِّي وقَدْ قَتَلْتَ وُلْدَ أَبِي، وسَيْفُكَ يَقْطُرُ مِنْ دَمِي وأَنْتَ أَحَدُ ثَأْرِي. فَإِنْ شَاءَ اللهُ لَا يَبْطُلُ لَدَيْكَ دَمِي ولَا تَسْبِقْنِي بِثَأْرِي، وإِنْ سَبَقْتَنِي فِي الدُّنْيَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا قُتِلَ النَّبِيُّونَ وآلُ النَّبِيِّينَ فَيَطْلُبُ اللهُ بِدِمَائِهِمْ، فَكَفَى بِاللهِ لِلْمَظْلُومِينَ نَاصِراً ومِنَ الظَّالِمِينَ مُنْتَقِماً. فَلَا يُعْجِبْكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِنَا الْيَوْمَ فَلَنَظْفَرَنَّ بِكَ يَوْماً.

...أَلَا وإِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْأَعَاجِيبِ ومَا عَسَى أَنْ أَعْجَبَ، حَمْلُكَ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وأَطْفَالًا صِغَاراً مِنْ وُلْدِهِ إِلَيْكَ بِالشَّامِ، كَالسَّبْيِ الْمَجْلُوبِينَ، تُرِي النَّاسَ أَنَّكَ قَهَرْتَنَا، وأَنْتَ تَمُنُّ عَلَيْنَا، وبِنَا مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ. ولَعَمْرُ اللهِ فَلَئِنْ كُنْتَ تُصْبِحُ آمِناً مِنْ جِرَاحَةِ يَدِي، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُعَظِّمَ اللهُ جُرْحَكَ مِنْ لِسَانِي ونَقْضِي وإِبْرَامِي، واللهِ مَا أَنَا بِآيِسٍ مِنْ بَعْدِ قَتْلِكَ وُلْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، أَنْ يَأْخُذَكَ أَخْذاً أَلِيماً ويُخْرِجَكَ مِنَ الدُّنْيَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً. فَعِشْ لَا أَبَا لَكَ مَا اسْتَطَعْتَ، فَقَدْ واللهِ ازْدَدْتَ عِنْدَ اللهِ أَضْعَافاً واقْتَرَفْتَ مَأْثَماً، والسَّلامُ عَلى‏ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى‏.

 

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

29/09/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات