مصطلحات

مصطلحات

29/09/2016

السَّرَف

 

السَّرَف

تجاوزُ الحدّ عقلاً أو عُرفاً

____ المحقّق الشيخ حسن المصطفوي* ____

سَرَفَ: «أصل واحد يدلّ على تعدّي الحدّ والإغفال أيضاً للشيء. تقول: في الأمر سرَفٌ، أي مجاوزة القدر، وأمّا الإغفال: فقول القائل: مررت بكم فسرفتُكم، أي غفلتُكم. ويقولون: إنّ السَّرفّ الجهل، والسّرِف الجاهل». هكذا في (مقاييس اللغة) لابن فارس.

وفي (مصباح اللغة) للفيومي: «أسرف إسرافاً: جاز القصد. والسَّرَف: اسمٌ منه. وسرِف سرفاً من باب تعب: جهل أو غفل، فهو سرِف.»

أما الراغب الأصفهاني في (المفردات في غريب القرآن) فيقول: «السَرَف: تجاوز الحدّ في كلّ فعلٍ يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر، ويقال تارةً اعتباراً بالقدْر، وتارةً بالكيفيّة، وقوله تعالى: ﴿.. يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ..﴾ الزمر:53، فتناول الإسراف في المال وفي غيره. وقوله: ﴿.. فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ..﴾ الإسراء:33، فسَرَفُه أن يقتل غير قاتله، إمّا بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه، أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهليّة تفعله..».

تحقيقُ اللّفظ

أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة هو عملٌ يتجاوز عن الحدّ الملحوظ فيه عقلاً أو عُرفاً، كما في الأكل الزائد عن الحدّ، والإنفاق الخارج عن المعروف، والبناء زائداً عن شؤونه ومقامه، وجمع أثاث البيت متجاوزاً عن الحدّ العرفيّ، والتوسعة في المعاش على خلاف العقل، وأعمال خارجة عن الحدّ والمعروف في المعيشة مطلقاً.

وأمّا مفاهيم «الجهل» و«الخطأ» و«الغفلة»:  فهي من أسباب الإسراف وعِلَله الموجبة لظهوره، فكأنّ الإسراف تجلّيها وظهورها.

قال سبحانه وتعالى:

- ﴿.. وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ الأنعام:141 .

- ﴿.. وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ﴾ غافر:43.

- ﴿وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ﴾ الشعراء:151.

- ﴿.. وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ يونس:83.

- ﴿.. إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ غافر:28.

- ﴿.. كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ غافر:34.

- ﴿.. بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ الأعراف:81.

- ﴿.. كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يونس:12 .

قلنا إنّ الإسراف منشأه الجهل والغفلة، ومورده الحياة الدنيا والمعيشة الدنيويّة المادّيّة، فالمُسرف مَن توغَّل في حبّ الدنيا، واشتدّ تعلَّقه وتوجّهه إليها، وغفل عن الحقّ والآخرة، فهو محجوبٌ بالدنيا عن الآخرة، ومشغولٌ بالمادّة عن عالم النور، وقريبٌ من الطبيعة وبعيدٌ عن الله تعالى، فهو خارجٌ عن صراط الهداية إلى طريق الضلالة، وعن محيط المحبّة والرحمة إلى منزل البغض والغواية.

فالإسراف مرتبة نازلة ظلمانيّة، ومنزل مَن علا في الأرض وطغى في الحياة الدنيا.

وقال سبحانه:

- ﴿.. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا..﴾ الأعراف:31.

- ﴿.. وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا..﴾ الأنعام:141 .

- ﴿.. فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً﴾ الإسراء:33.

- ﴿وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ..﴾ الفرقان:67.

- ﴿.. وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً ..﴾ النساء:6 .

يُصرّح بالنهي عن الإسراف في موارد الأكل، والشرب، وإعطاء حقّ الصدقة من الثّمر والزرع، وفي القتل، وفي الإنفاق، وفي مال اليتامى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* من كتابه (التحقيق في كلمات القرآن الكريم)

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

29/09/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات