تحقيق

تحقيق

منذ يوم

العزاء الحسيني وإحياء المسلمين


العزاء الحسيني وإحياء المسلمين

علماء المذاهب الإسلاميّة يؤلّفون في المقتل ويُقيمون مجالس الرثاء

ـــــــــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــــــــ

دخلت ظاهرة إقامة مراسم «العزاء الحسينيّ» التي يلتزم بها المسلمون الشيعة، تبعاً لأوامر، أئمّتهم عليهم السّلام، إلى سائر المجتمعات والشعوب الإسلاميّة تدريجاً، حيث إنّ ذريّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، أصلٌ إسلاميّ جرَت عليه الثقافة الدينيّة لدى هذه الشعوب، فقد تبيّن لهم تفاصيل استشهاد الإمام الحسين عليه السّلام، على يد يزيد وبتلك الصورة الفجيعة، ما حرّك مشاعرهم وعواطفهم تجاه الإمام، بصورة خاصّة، وتجاه أهل البيت عليهم السّلام، بصورة عامّة، وكان ذلك بداية رغبتهم في إقامة مراسم العزاء، حتّى إذا حلّ القرن الهجريّ السادس، كانت تلك البدايات قد تحوّلت إلى تيّارٍ طبيعيّ في المجتمع الإسلاميّ في آسيا وأفريقيا وبلاد الشام.

هذا التحقيق يبيّن بالوقائع التاريخيّة كيف أقام المسلمون السنّة مجالس العزاء الحسيني، وهو مختصر من ترجمة لأحد فصول كتاب (مقالات تاريخيّة) للمؤرّخ والباحث الإيراني المعاصر الشيخ رسول جعفريان.

 

تُشير الآثار الفارسيّة المؤلّفة خلال الفترة الواقعة بين القرنين السادس والعاشر للهجرة إلى أنّ أكثر العلماء المسلمين السُّنّة تناقلوا في كتبهم المؤلّفة في تاريخ الإسلام واقعةَ كربلاء نقلاً عن كتاب (الفتوح) لابن أعثم الكوفيّ (ت: 314 للهجرة)، وعلّقوا عليها تعليقات تُبيّن انحيازهم الكامل إلى صفّ الإمام الحسين عليه السّلام.

ونقل عبد الجليل الرازيّ القزوينيّ في كتابه (النقض)، الذي ألّفه في حدود سنة 560 هجريّة، معلومات قيّمة عن تاريخ إقامة «أهل السُنّة» مراسم العزاء على الإمام الحسين عليه السّلام، وقد أوردها في ردّه على كاتبٍ من العامّة انتقد الشيعة بأنّهم «يُظهرون الجزعَ يوم عاشوراء، ويقيمون العزاء، ويُجدّدون مصاب شهداء كربلاء على المنابر، فيخلع علماؤهم عمائمهم، ويشقّ العوامُّ جُيوبَهم، وتَخمِش نساؤهم وجوههنّ وينتحبن بالبكاء».

 يقول عبد الجليل الرازيّ القزوينيّ في (النَّقض):

«من الجليّ البيّن أنّ أئمّة الفريقيْن من أصحاب الإمام المقدّم أبي حنيفة، والإمام المكرّم الشافعيّ، وعلماء وفقهاء الطوائف قد رَعَوا هذه السنّة خَلَفاً عن سَلَف، وحافظوا عليها. فالشافعيّ الذي هو مُؤسّس المذهب المنسوب إليه قد أنشد - فضلاً عن المناقب التي نقلها - أشعاراً في رثاء الحسين عليه السّلام وشهداء كربلاء، يقول في إحداها:


أَبْكي الحُسَيْنَ وَأَرْثي مِنْهُ جَحْجاحا

مِن أَهْلِ بَيْتِ رَسولِ اللهِ مِصباحا

إلى آخر قصيدته العصماء. ويقول في قصيدة ثانية:

تَـأوّبَ هَمّي فـَالفُـؤادُ كَـئيـبُ

وأَرّقَ نَـْومي فَالرُّقادُ عَـجـيـبُ

وممّا نفى نَوْمي وَشَـيّبَ لـمّتـي

تـَصاريـفُ أيّامٍ لَهُنّ خُـطـوبُ

فَمَن مُبلِغٌ عَنّي الـحسـينَ رسالةً

وإنْ كَـرِهَتْـهـا أنْـفُـسٌ وَقُلوبُ

قَـتيلٌ بـلا جُـرمٍ كَأَنَّ قَـميصَهُ

صَبـيغٌ بماء الأُرجوان خَضـيبُ

تَـزَلـزلـتِ الدنيا لآلِ محـمّـدٍ

وكـادتْ لهم صُمُّ الجبالِ تـذوبُ

 

 

ومراثي شهداء كربلاء التي أنشدها أتباع أبي حنيفة والشافعيّ لا يمكن حصرها، فإن كان في ذلك قَدْح، فهو أوّلاً قدحٌ في أبي حنيفة والشافعيّ، ثمّ فينا».

ثمّ يذكر عبد الجليل القزوينيّ نماذج من إقامة أهل السُّنّة مراسم العزاء خلال القرن السادس الهجري، فيقول: «.. وإذا تقدّمتَ في الزمن اتضّح لك جليّاً أنّ:

* الخواجة أبا منصور ماشاده (من علماء المذهب الشافعيّ البارزين في أصفهان) الذي كان قدوة للناس في بلده، كان يقيم العزاء يوم عاشوراء من كلّ سنة، فيُديم فيه البكاء والنياح، وكلّ من جاء إلى أصفهان عَلِم بذلك وشاهده عياناً. [الخواجة كلمة فارسيّة معناها السيّد المبجّل أو المحترم]

* كما كان الخواجة عليّ الغزنوي الحنفيّ (من كبار وعّاظ بغداد، وكان السلطان محمود السلجوقي يحضر مجلسه) يُقيم هذا العزاء في بغداد مدينة السّلام ومقرّ دار الخلافة، حتّى أنّه بالَغَ يوم عاشوراء في لعن آل أبي سفيان، فنهض رجل وسأله: ما تقول في معاوية؟

فصاح بصوتٍ رفيع: أيّها المسلمون، إنّ هذا يسأل عليّاً [يقصد نفسه] ويقول: ما تقول في معاوية؟ أفلا تعلم ماذا يقول عليٌّ في معاوية؟!

* وسُئل أمير عبّادي (قطب الدين مظفّر، أحد وعّاظ بغداد المعروفين) وكان علاّمة عصره وأميراً في الكلام والخطابة - وكان في مجلس المقتفي لأمر الله - في اليوم التاسع من المحرّم: ما تقول في معاوية؟ فلم يُجِب، حتّى كرّر السائل سؤاله ثلاث مرّات.

فقال له الأمير عبّادي: أيّها الرجل، سألتَ سؤالاً مُبهماً، ولستُ أعلم أيّ معاوية تقصد، أَمعاوية الذي كسر أبوه ثنايا المصطفى، ولفظتْ أمّه كبد حمزة، وسلّ سيفَه في وجه عليّ بضعاً وعشرين مرّة، وحزّ ابنُه رأسَ الحسين؟! فيا أيّها المسلمون، ما تقولون في معاوية هذا؟

فارتفعت أصوات الناس بلعن معاوية في حضور الخليفة، وكان منهم الحنفيّ والشافعيّ وأتباع المذاهب السنّيّة الأخرى.

 

 

* وكانت مراسم العزاء على الحسين عليه السّلام تقام في بغداد كلّ سنة، وأمّا في همدان التي غلب على أهلها رأي المشبِّهة، فكان مجد الدين الهمدانيّ (ت: 555 للهجرة) يُقيم العزاء في موسم عاشوراء في كيفيّة عجب منها القمّيّون الشيعة أنفسهم.

* وكان الخواجة الإمام نجم أبو المعالي بن أبي القاسم البُزاري في نيسابور - وهو من علماء المذهب الحنفيّ - يواظب على إقامة هذا العزاء، وكان يمسك في يده منديلاً، فينوح وينثر التراب على رأسه ويئنّ أنيناً عالياً.

* وكان الشيخ أبو الفتوح النصرآباديّ، والخواجة محمود الحدادي الحنفيّ، وسواهما يقيمون مراسم العزاء يوم عاشوراء في مدينة الريّ - وهي من أمّهات المدن الإسلاميّة - في مركز توقُّف القوافل في «كوشك»، وفي المساجد الكبيرة، فيقضون يوم عاشوراء في ذكر التعزية ولعن الظالمين.

* كما كان الخواجة الإمام شرف الأئمّة أبو نصر الهسنجانيّ يقيم العزاء في كلّ يوم عاشوراء في حضور الأمُراء وعلماء الحنفيّة، وكانوا يُقرّون ذلك منه ويشتركون معه فيه.

* أمّا الخواجة الإمام أبو منصور (محمّد بن أسعد الطوسيّ الملقّب بعمدة الدين الفقيه الشافعيّ النيسابوريّ) الذي كان مقدّماً لدى أصحاب الشافعيّ، فكان إذا حضر في مدينة الريّ أقام مراسم العزاء يوم عاشوراء في جامع «سرهنك» على هذا النحو الذي وصفناه، وكان يلقّب معاوية بالمارق.

* وناهيك عن القاضي الكبير الحنفيّ في ساوة، الذي كان يذكر قصّة عاشوراء في حضور ما يقرب من عشرين ألف شخص، فكانوا يشقّون الجيوب ويُلقون عمائمهم من على رؤوسهم بما لم يسبق له مثيل.

فلو كان هذا بدعة كما يقول هذا المجبِّر المتحوّل - يعني الكاتب العامّي المتقدّم ذكره - لما أفتى القاضي به، ولما أقرّه هؤلاء الأئمّة والأعلام.

* وإذا كان هذا الكاتب لم يحضر مجلس الحنفيّة ولا مجلس الشيعة، فإنّه لا بدّ أن يكون حضر مجلس شهاب المشّاط، الذي كان يُقيم مجلس العزاء كلّ سنة مع حلول شهر المحرّم، ويذكر في يوم عاشوراء مقتل الحسين بن عليّ عليه السّلام، حتّى أنّه أقام مجلس العزاء قبل سنتَين [من تاريخ تدوين القزينيّ للحادثة] بحضور الأميرة (أجل) وزوجات الأمراء الآخرين، فذكر تفاصيل المقتل، فما كان من الحاضرين إلاّ أن شقُّوا ثيابهم ونثروا التراب على رؤوسهم، وألقى الرجال بعمائمهم وناحوا وضجّوا بالبكاء والعويل....

ونحن نعلم أنّ الخوارج والمشبّهة لا يقرّون إقامة العزاء على سيّد الشهداء عليه السّلام، أمّا أتباع المذهبَين الحنفيّ والشافعيّ مع الشيعة فيتّبعون هذه السُّنّة، فإقامة العزاء على الحسين بن عليّ عليه السّلام هو اتّباعٌ لقول المصطفى صلّى الله عليه وآله: (مَنْ بَكَى عَلَى الحُسَينِ أَو أَبْكَى أَو تَبَاكَى، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ)، من أجل أن يكون المتكلّم والسامع في ظلّ رحمة الله، ولا يُنكر ذلك إلاّ منافق ومُبتدع وضالّ وخارجي ومُبغض لفاطمة وعليّ وآلهما، والحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون».

ابن الجوزي يرثي سيّد الشهداء عليه السلام

وقد كان أكثر علماء أهل السنّة في بغداد خلال القرن الهجري السادس يتحدّثون عن مظلوميّة الإمام الحسين عليه السّلام ولا يكترثون برواسب النزعات العصبيّة التي خلّفها زمن بني أُميّة، إلّا في موارد نادرة؛ فقد كتب شخص يُدعى عبد المغيث بن زهير الحنبليّ كتاباً في «فضائل» يزيد، فردّ عليه ابن الجوزيّ العالم السّنّيّ المشهور في كتابه الذي سمّاه (الردّ على المتعصّب العنيد المانع من ذمّ يزيد).

ومن الوعّاظ الذين كان لهم مجالسهم في مراسم العزاء: عليّ بن حسين الغَزنويّ الحنفيّ، وكان واعظاً مقتدراً، وكان السلاطين يحضرون في مجلسه.

ومنهم: الأمير عباديّ، وكان يقرأ المقتل يوم عاشوراء.

ومنهم ابن الجوزيّ المذكور الذي نُقل عنه بعض خُطبه وكلماته التي قالها على منبر خطابته. قال العيني في (عقد الجمان): «وقد سُئِل – أي ابن الجوزيّ - يوم عاشوراء، في زمن الملك الناصر يوسف صاحب حلب، أن يذكر للناس شيئاً من مقتل الحسين رضي الله عنه، فصعد المنبر وجلس طويلاً لا يتكلّم، ثمّ وضع المنديل على وجهه وبكى، ثم أنشأ يقول وهو يبكي بكاءً شديداً:

وَيْلٌ لِمَنْ شُفَعاؤهُ خُصَمَاؤهُ

والصُّورُ في نَشْرِ الخَلائِق يُنْفَخُ

لا بُدّ أنْ تَرِدَ القيامةَ فاطِمٌ

وقَميصُها بِدَمِ الحُسَينِ مُلَطَّخُ

 

ثمّ نزل عن المنبر وهو يبكي...».

ويبدو أنّ مراسم العزاء يوم عاشوراء كان يقيمها الشيعة والسُّنّة في بغداد، ولم يَحدُث أن أُلغيت في فترة من فترات التاريخ.

إقامة العزاء في خراسان في العصر التيموريّ

ساهمت خراسان - باعتبارها مركزاً للشيعة والسُّنّة - في إقامة مراسم العزاء على سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السّلام، حيث بدأت إقامة هذه المراسم قبل عصر الدولة الصفويّة بقرنَين تقريباً، وجسّد ذلك استمرار السُّنّة التي جَرَت في مناطق إيران المختلفة منذ القرن السادس الهجري.

وتدلّ إقامة مراسم العزاء في مدينة «هَرات» أنّ هذه السُّنّة قد تخطّت دائرة الشيعة لتشمل أهل السُّنّة أيضاً، حيث راج في هذه المناطق كتاب يدعى (نور الأئمّة) يمثّل ترجمة لكتاب (مقتل الحسين) للموفّق بن أحمد الخوارزميّ الحنَفيّ (ت: 568 للهجرة)، وكان هناك كتب أخرى في هذا المجال أيضاً.

وقبل مجيء الدولة الصفويّة بثمان سنين، انتشر في هذه المنطقة كتابٌ في مقتل الإمام الحسين عليه السّلام، لم يكن مؤلّفه يعترف بوجود حدّ فاصل بين التشيّع والتسنّن. وهذا الشخص هو المولى حسين الكاشفيّ مؤلّف كتاب (روضة الشهداء)، وقد اكتسب الكاشفيّ صيتاً واسعاً في مدينة هرات، وكان كبار رجال البلاط - الذي تصدّره السلطان حسين بايقرا لسنوات عديدة - يحضرون مجلسه.

وقد أشار المولى حسين الكاشفيّ في كتابه إلى تجدّد الأحزان في قلوب المسلمين، ومحبيّ سيّد الأنام صلّى الله عليه وآله، مع إطلالة هلال المحرّم كلّ سنة، وأنّ نداءً من الغيب يطرق أسماعهم فيقول: [مترجم عن الفارسيّة]

 

 

«فلتنوحوا، يا أعزّة، في مصيبة سِبط النبيّ.

ولتُحرقوا الصدورَ بالآهات الحرّى!

ولتذرفوا الدمعَ غزيراً للقتيل ذي الشفّة الظمأى.

ولتذكروا في بُكائكم ابتسامته المطمئنّة للقاء المعبود».

ويبدو أنّ أحد أعيان مدينة هرات واسمه مرشد الدولة الملقّب بالسيّد الميرزا كان قد طلب من المولى حسين الكاشفيّ أن يُعدّ نصّاً يلتزم بذِكره الخطباءُ في هذه المجالس، فقام الكاشفيّ بتأليف كتاب (روضة الشُّهداء)، وتطرّق في مقدّمته إلى ثواب البكاء على الإمام الحسين عليه السّلام، وذكر خبرَ «مَنْ بَكَى عَلَى الحُسَينِ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ»، ثمّ بيّن أنّ الكتب المؤلّفة في هذا الباب خالية - على فضلها وجلالها - من الشموليّة في نقل مناقب السبطَين وتفاصيل حياتهما، ما حدا بالسيّد الميرزا إلى الإيعاز إلى الكاشفيّ بتأليف كتاب جامع يشتمل على ذكرٍ مجملٍ لقصص الأنبياء والأصفياء والشُّهداء وسائر الأولياء، الذين ابتلاهم الله تعالى في هذه الدنيا، وعلى ذِكر أصحاب الكساء عليهم السلام على سبيل التفصيل.

زيارة الجامي للعتبات المقدّسة

ومن المناسب أن نعرّج في هذا المجال على ذكر موقف عبد الرحمن الجاميّ (ت: 898 للهجرة) العالم والعارف والشاعر الخراسانيّ الشهير، وكان سنّيّاً حنفيّ المذهب، فقد سافر إلى العراق، فبادر إلى زيارة العتبات المقدّسة، وأنشد في وصف زيارة الإمام الحسين عليه السّلام: [مترجم عن الفارسيّة]

«لو مشيتُ على أهدابي في طريقي لمشهد الحسين،

 فهذا السَّفَر فرضُ عينٍ في مذهب العاشقين.

 ولو وطئ خدّامُ مرقده رأسي بأرجُلهم، لَسَما رأسي - حقّاً - على الفَرقدَين.

 هذا الذي تطوف الكعبةُ حول روضته. فيا رَكْبَ الحَجيج أين تروحون؟ أين أين؟

 فاستَجْدِ عطاءَه أيّها الجامي واحْظَ براحة الوصال بعد عذاب الفراق والبَين.

 وكَفكِفْ دموعَك، فليس قضاء حاجة سائلٍ في مذهب الكريم إلّا أداءُ دَين!».

 

ثمّ عرّج الجامي في سفره هذا - الذي كان في أساسه سفراً لأداء فريضة الحجّ - لزيارة مرقد أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، فأنشد شعراً رائعاً مطلعه: [مترجم عن الفارسيّة]

«أَصْبحتُ زاِئراً لكِ يا قُبّةَ النَّجَفِ.

 مِنْ أَجْلِ لُقْياكِ وضَعْتُ روحي عَلى كَفّي.

 فَأَنْتِ قِبْلَةُ الدُّعاء، ومَقْصدُ أَهْلِ الحاجاتِ،

يُسارعونَ نَحْوَكِ في شَوْقٍ وفي كَلِفِ». [يقال: كَانَ كَلِفاً بِه: مُحِبّاً لَه حُبّاً شَدِيداً، والكلِف: العَاشِق الوَلْهَان]

 

مؤلّفات علماء المذهب الحنفيّ في السيرة الحسينيّة

صنّف علماء أهل السنّة خلال القرون الأربعة عشر المنصرمة مؤلّفات كثيرة في أهل البيت عليهم السّلام، تجاوزت حدّ الحصر، حيث تحدّثوا عن مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام على نحوٍ خاصّ، وحياة أهل البيت عليهم السّلام، ونكتفي في هذا المختصر بذكر بعض هؤلاء العلماء ومؤلّفاتهم التي عُنيت بسيرة ومقتل الإمام الحسين صلوات الله عليه:

1) الموفّق بن أحمد المكّي الخطيب الخوارزميّ الحنفيّ (ت: 568 للهجرة)، ألّف كتاباً سمّاه (مقتل الحسين عليه السّلام). والخوارزميّ تلميذ الزمخشريّ، إذ درس عليه علوم الأدب، وسافر إلى مختلف أرجاء البلاد الإسلاميّة، وسمع الحديث.

2) محمود بن عثمان الحنفيّ الروميّ (ت: 938 للهجرة)، ألّف كتاباً باسم (مقتل الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما في كربلاء).

3) محمّد معين السِّنديّ الحنفيّ (ت: 1161 للهجرة)، ألّف كتاباً سمّاه (قُرّة العَين في البكاء على الحسين)، أثبت فيه أنّ إقامة العزاء على الحسين عليه السّلام، لا تختصّ بالشيعة وحدهم، وتحدّث فيه عن ثواب البكاء على الحسين عليه السّلام.

4) عبد الله بن إبراهيم الطائفيّ الحنفيّ (ت: 1207 للهجرة)، ألّف كتاباً في الإمام الحسين عليه السّلام سمّاه (إتحاف السُّعداء بمناقب سيّد الشهداء).

5) مولوي عبد العزيز الدَّهلَويّ (ت: 1239 للهجرة)، له كتاب (سرّ الشهادة) في فلسفة شهادة الإمام الحسين عليه السّلام، طُبعت نسخته العربيّة في مجلّة (الموسم) العدد 12.

6) الشيخ علي أنور العلوي الحنفيّ الكاكورويّ (ت: 1324 للهجرة)، له كتاب (شهادة الكَونَين في مقتل سيّدنا الحسين).

7) قادر بَخش بن حسن علي الحنفيّ الهنديّ الشهراميّ (ت: 1337 للهجرة)، وهو من علماء الهند الحنفيّين، له كتاب (جور الأشقياء على ريحانة سيّد الأنبياء صلّى الله عليه وآله وسلّم).

.. وفي العصر الحاضر

تُقام مراسم العزاء على الإمام الحسين عليه السّلام، في العصر الحاضر في أغلب مناطق إيران، والهند، والباكستان من قِبل الشيعة والسنّة بصورة مشتركة أو مستقلّة، وقد امتدّت هذه السُّنّة التي اختصّت سابقاً بشرق إيران وبخراسان القديمة إلى مناطق سيستان، وراجت في الهند والباكستان منذ ما يقرب من أربعماية سنة، وبدأت في شمال الهند وجنوبها، ثمّ أضحت تُقام في المدن الكبرى الهنديّة مثل حيدر آباد، وفي المدن الباكستانيّة الكبرى مثل كراتشي، حيث يشترك فيها كلّ عام الشيعة وأهل السُّنّة على حدّ سواء، بل امتدّت هذه الشعائر - ومنذ عدّة قرون - بين الهندوس أنفسهم، فصار عدد كبير منهم يشترك مع المسلمين في إقامتها.

أمّا في العراق ومنطقة كردستان، فقد استمرّت إقامة هذه الشعائر وأخذت بالاتّساع، نظراً للمنزلة الخاصّة التي يتبوّأها الإمام الحسين صلوات الله عليه في قلوب سكّان تلك البلاد.

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات