الملف

الملف

منذ 0 ساعات

التشكيك في كلام رسول الله صلّى الله عليه وآله

 

التشكيك في كلام رسول الله صلّى الله عليه وآله

الشائعات السبع التي أطلقتها قريش

* التّدليس والتّزييف والافتراء من سِمات «النّكراء» أو العقل الشيطاني؛ وبهذه الوسائل ونظائرها سعى «حِلفُ قريش» إلى العمل على هدم مرتكزات مصداقية النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، عبر التشكيك بأقواله وأفعاله تحت مسمّياتٍ جائرة.

تتضمّن هذه المقالة إشارة إلى سبع شائعات أطلقتها قريش – بجناحَيها الطّليق والمنافق – محورها أن النبيّ صلّى الله عليه وآله بشرٌ كسائر الخلق، يُصيبه ما يُصيبهم من الغفلة والنسيان والغضب والتقوّل على الله!

وقد أُتخمت مصنّفات الحديث بهذه الأباطيل التي يتنزّه عنها المسلم العاديّ، واستُعملت في الأزمنة اللاحقة لردّ أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وآله في استخلاف أمير المؤمنين وبنيه عليهم السلام على المسلمين من بعده.

«شعائر»

 

 

الشائعة الأولى: رسول الله يتكلّم في الرِّضى والغضب

لقد أشاعت قيادة التحالف القرشيّ بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله بشرٌ يتكلّم في الغضب والرضى، ولا ينبغي أن يُحمل كلامه على محمل الجدّ، وبالتالي لا ينبغي تنفيذ كلّ ما يقوله الرسول، فضلاً عن عبثيّة كتابة أقواله صلّى الله عليه وآله.

قال عبد الله بن عمرو بن العاص: «كنت أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول الله أريد حِفظه، فنهتني قريش، وقالوا تكتب كلّ شيء سمعتَه من رسول الله، ورسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضى؟! فأمسكتُ عن الكتابة، فذكرتُ ذلك لرسول الله، فأومأ بإصبعه إلى فمه، وقال: اكْتُبْ، فَوَالذي نَفْسي بِيَدِهِ ما خَرَجَ مِنْهُ إِلّا الحَقُّ». (انظر: مستدرك الحاكم 104/1)

من الذي يجرؤ على هذا النهي؟ وما هي مصلحته بعدم كتابه أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ وكيف يقوم بهذا العمل الخطير أثناء حياه الرسول سرّاً ومن دون علمه صلّى الله عليه وآله؟

في المصادر التاريخية أن بعضهم خاطب الناس عقب وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال: «إنّكم تحدِّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً، فمًن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله..». (تذكره الحفاظ للذهبي 2-1/1)

وفيها أيضاً أن الإقامة الجبرية فُرضت على نفرٍ من المحدّثين عن رسول الله، بل حُبس بعضهم – وهم من الصحابة – تحت عنوان أنهم أكثروا الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله. (انظر: تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 500/40؛ تذكره الحفاظ للذهبي 3-2/1)

وفي فترةٍ لاحقة صدر مرسومٌ بعدم جواز رواية أيّ حديث لم يُسمع به في عهدَي أبي بكر وعمر.

تلك هي قريش التي نهت عبد الله بن عمرو بن العاص عن كتابة أحاديث رسول الله، بحجّة أنّ الرسول بشر يتكلّم في الغضب والرضى.

والغاية الحقيقيّة من النهي كانت ترمي إلى إبطال مفاعيل الأحاديث النبويّة المتعلّقة بمؤسّسة الإمامة من بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله، وبالدور المميّز لأهل بيت النبوّة بعد وفاته!!

معاوية يبيّن الغاية من الشائعة: معاوية بن أبي سفيان كان أحد قادة التحالف، وقد أصدر مرسوماً ملكيّاً بعد عام الجماعة، وأرسل نسخاً من هذا المرسوم إلى كلّ عماله، حيث أمر فيه بالحرف: «أنْ برئت الذمّة ممّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته»، روى ذلك المدائنيّ في كتابه (الأحداث)، كما في (شرح النهج) لعلّامة المعتزلة، فمعاوية أبرز بيت القصيد والغاية من منع كتابة أحاديث رسول الله، حتى لا ينتشر فضل أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام وأهل بيته بين المسلمين، وحتى لا يعرف المسلمون حقّهم الثابت شرعاً بقيادة هذه الأمّة!


الشائعة الثانية: رسول الله يغضب لغير الله!

قلنا إنّ قيادة التحالف قد صمّمت نهائيّاً على إقصاء أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام عن حقّه في القيادة والإمامة من بعد النبيّ، وعلى إلغاء الدور المميّز لأهل بيت النبوّة، وتجريدهم من كافّة حقوقهم السياسيّة، وأنّها عزمت على التّصدّي لعمليّة التبليغ المركّزة التي كان يقودها رسول الله صلّى الله عليه وآله قبل وفاته لتثبيت الشرعيّة.

وتحقيقاً لهذه الأهداف، أطلقت قيادة التحالف إشاعتها الأولى التي مفادها أنّ رسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضى، ولا ينبغي أن يُحمل كلامه على محمل الجدّ، ولا ينبغي أن يُكتب كلام الرسول، وقد أثبتنا ذلك.

ولتدعيم هذه الإشاعة أطلقت قيادة التحالف شائعتها الثانية: روى البخاري في (صحيحه)، كتاب الدعوات، باب قول النبيّ: من آذيته، ومسلم في (صحيحه)، كتاب البرّ والصلة، باب من لعنه النبيّ، ما يلي وبالحرف: «إنّ رسول الله كان يغضب، فيلعن، ويسبّ، ويؤذي من لا يستحقّها، ودعا الله أن تكون لمن بدرت منه زكاةً وطهوراً»!

وهكذا صوّروا رسول الله صاحب الخُلق العظيم، الذي وصفه الله تعالى بآيةٍ محكمة ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ القلم:4، بصورة الرجل الذي يفقد السيطرة على أعصابه، فيتصرّف مثل تلك التصرّفات التي ألصقوها ظلماً به صلّى الله عليه وآله. لأنّ الشخص العادي الذي لا تتوفّر فيه مؤهّلات النبوّة، يترفّع عن سبّ ولعن وإيذاء الناس بدون سبب، فكيف بسيّد الخلق وأعظمهم؟!

ما هو القصد من هذه الإشاعة؟

القصد منها دعم الإشاعة الأولى، والتشكيك بشخصيّة الرسول وبصحّة حكمه على الرجال، والنيل من عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأهل بيته، وإبراز مظلوميّة أعداء الله، ورفع خامل ذكرهم، إذ من الثابت أنّ رسول الله قد لعن أعداء الله، وبالذات الكثير من قادة هذا التحالف، كما يروي البخاريّ، والسيوطيّ، والترمذيّ، والنسائيّ، وأحمد، وابن جرير، والبيهقيّ، ونصر بن مزاحم، والحلبيّ.

ولعن أيضاً الذين يتخلّفون عن جيش أسامة. ومن جملة الذين لعنهم رسول الله؛ أبو سفيان، ومعاوية، ويزيد، والحكم بن العاص، و... إلخ.

بموجب هذه الشائعة، فإنّ الذين لعنهم رسول الله صاروا مطهَّرين أو زاكين، وهكذا فاقوا منزلة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً!!

وإذا كان لقول الرسول في عليٍّ عليه السلام وأهل بيته قيمة، فلماذا لا يكون لقوله هذا في قادة التحالف قيمة، وهذا يعزّز الشائعة الأولى التي أطلقها قادة التحالف بضرورة عدم حمل كلام الرسول على محمل الجدّ، وبالتالي عدم جدوى كتابته!!

ومن جهة أخرى، فلن يعترض معترض على مروان بن الحكم أو على معاوية بن أبي سفيان، إذا آلت إليهم الخلافة يوماً ما!

فإذا قال لمعاوية قائل: لقد لعنك رسول الله، فكيف تتأمّر على أمّة النبيّ الذي لعنَك؟

عندئذٍ يجيبه معاوية بلسان فصيح: فضّ الله فاك، لقد دعا لي رسول الله أن تكون لعنتُه لي زكاةً وطهوراً، ودعوات الأنبياء مُستجابة، لذلك فإنّي زاكٍ بالنصّ ومطهَّر بالنصّ. وشر البليّة ما يُضحك!!


الشائعة الثالثة: يُخيّل إليه!

ولدعم الشائعتين السابقتيْن، وإمعاناً بالتشكيك بقول الرسول وشخصه، أطلقت قيادة التحالف شائعتها الثالثة.

النصّ الحرفيّ لهذه الشائعة: روى البخاريّ في كتاب (بدء الخلق)، باب: صفة إبليس وجنوده، وفي كتاب (الطبّ)، باب: هل يستخرج السحر، وكتاب (الأدب)، باب: إنّ الله يأمر بالعدل، وكتاب (الدعوات)، باب تكريم الدعاء، وروى مسلم في (صحيحه)، باب: السحر، ما يلي وبالحرف: «إنّ بعض اليهود سحروا رسول الله، حتّى ليخيل إليه أنّه يفعل الشيء وما فعله».

وهذا قمّة الشكيك في كلّ ما يصدر عن رسول الله، وما يعني التحالف بالدرجة الأولى، ما صدر ويصدر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله بالأمور المتعلّقة برئاسة الدولة، وبالمكانة الخاصّة التي علموا أنّ رسول الله قد خصّ بها أهل بيته الكرام.


الشائعة الرابعة: ينسى القرآن!

ولدعم الشائعات الثلاثة، وللتشكيك في ذاكرة الرسول حتّى بالأمور المتعلّقة بالقرآن الكريم، فقد أطلق قادة التحالف إشاعتهم الرابعة: روى البخاريّ في باب قوله تعالى: ﴿..وَصَلِّ عَلَيْهِمْ..﴾ (التوبة:103)، وكتاب الشهادات، باب: شهادة الأعمى ونكاحه، وروى مسلم في كتاب (فضائل القرآن)، باب: الأمر بتعهّد القرآن، ما يلي وبالحرف: «إنّ النبيّ سمع رجلاً يقرأ في المسجد، فقال الرسول: رحمه الله أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها من سورة كذا»!

فأنت ترى أنّه لولا هذا القارئ، لما تذكّر النبيّ بزعمهم الآية التي أسقطها من سورة كذا! وهذا تشكيك بقوّة ذاكرة الرسول حتى بالأمور المتعلّقة بالقرآن الكريم، فكيف بالأمور السياسيّة!


الشائعة الخامسة: يشتدّ به الوجع فيَهجُر!

ثمّ بلغت حملة قادة التحالف على رسول الله صلّى الله عليه وآله المدى، عندما قال صلّى الله عليه وآله وهو على فراش المرض: «قرّبوا أكْتُب لَكُمْ كِتاباً لَنْ تَضُلّوا بَعْدَهُ أَبَداً»، فقالوا له وجهاً لوجه وفي بيته: «رسول الله يهجر، إنّ رسول الله قد هجر، ما شأنه أهجر؟».

والذي قال هذا الكلام لرسول الله هو قائد هذا التحالف، كما ذكر ذلك أبو حامد الغزاليّ في كتابه (سرّ العالمين وكشف ما في الدارين)، وكما ذكر ذلك السبط الجوزي في كتابه (تذكره الخواصّ).

وبعد ذلك تجرّأ حزبه، وقالوا: إنّ رسول الله يهجر، وإنّ رسول الله قد هجر، وما شأنه (أي الرسول) أهَجَر؟!

وقد روى البخاريّ هذه الواقعة الأليمة بستّ صيغ، ورواها مسلم في (صحيحه)، وأحمد في (مسنده)، والنووي في (شرح صحيح مسلم)، وابن أبي الحديد في (شرح النهج)، ولا يقوى أحد في الدنيا على إنكار هذه الواقعة، أو الاعتذار عنها.

وقد استغرب الحاضرون من غير «حزب التحالف» وصعقوا من هول ما سمعوا، فقالوا عفويّاً: «قرّبوا يكتب لكم رسول الله»، وكان الحاضرون من حزب التحالف يشكّلون الأكثريّة لأنّهم أعدّوا للأمر عدّته، فصاح قائدهم وأعوانه: «حسبنا كتاب الله، إنّ الرسول يهجر»، واختلف الفريقان وتنازعوا، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله للجميع: «قوموا عَنّي، ولا يَنْبَغي عِنْدي التَّنازُعُ، وَما أَنا فيهِ خَيْرٌ مِمّا تَدْعوني إِلَيْهِ»، ولقد أصاب ابنُ عبّاس عندما سمّى ذلك اليوم بيوم الرزيّة!

الشائعة السادسة: القرآن يُغني عن السُّنّة

جميع الإشاعات السابقة غير منطقيّة، وأكثرها بعداً عن المنطق هذه الشائعة، فالقرآن يحتاج إلى بيان، ومهمّة النبيّ أن يبيّن للناس ما نزِّل إليهم من ربّهم، وأن يوضح المقاصد الإلهيّة العامّة والخاصّة، من كلّ نص، توضيحاً قائماً على الجزم واليقين.

ومن هنا كان بيان النبيّ - أي نبيّ - جزءاً لا يتجزّأ من المنظومة الإلهيّة التي أوحاها الله لذلك النبيّ. على اعتبار أنّه الأعلم والأفهم لرسالته، وأنّ بيانه للقواعد الإلهيّة هو بالضبط عينُ المقصود الإلهيّ، فالكتاب لا يغني عن الرسول فكلاهما متمّم للآخر، وطاعة النبيّ هي طاعة الله، ومعصية النبيّ هي معصية الله.

ومن جهة ثانية هذا تفريق بين الله ورسوله، وبين الرسول ومعجزته؟! فبأيّ منطق نجعل الدِّين كتابَ الله المنزل فقط ونتجاهل كلّ ما صدر عن نبيّ الله المرسَل؟!

ولقد تجاوز قادة التحالف حدود العقل والمنطق، عندما أطلقوا إشاعتهم السادسة، فقالوا للرسول نفسه: «حسبنا كتاب الله»!، أي عندنا القرآن ولا حاجة لنا بكتابك أو وصيتك، لأنّ القرآن وحده يكفينا. وقد أطلقت هذه الفِرية مع الإشاعة الخامسة (إنّ رسول الله قد هجر)!


الشائعة السابعة: النبيّ يجتهد ويقول برأيه

قصد قادة التحالف من إطلاق هذه الشائعة أن يلقوا في أذهان المسلمين أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله ليس أكثر من مجتهد يقول برأيه في الأمور العامّة، وأنّ رأي الرسول ليس مُلزماً، ومن حقّ أي مجتهد آخر أن يتبنّى اجتهاده الذي يخالف اجتهاد الرسول، ولا حرج على هذا المجتهد الآخر، فهو مأجور بمخالفته لرسول الله صلّى الله عليه وآله، سواء أخطأ أم أصاب. وهذه الشائعة ثمرة طبيعيّة للإشاعات السابقة، ونتيجه ملطّفة لها.

وكمثال على ذلك ما يُروى من سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله في تقسيم المال بين الناس بالسويّة؛ لا فضل في ذلك لمُهاجرٍ على أنصاريّ، ولا لعربيّ على عجميّ، ولا لصريح على مولى، لأنّ حاجات أبناء البشر الأساسيّة متشابهة، وتلك أمور تدرك بالعقل وبالفطرة السليمة، فجميع أبناء البشر يأكلون ويشربون وينامون ويتزاوجون.

ثم إنّ الرسول لا ينطق عن الهوى، فهو يتبّع ما يوحى إليه من ربّه، فأمر بهذه الخطورة يتلقّى فيه التوجيه الإلهيّ، وطوال عهده الشريف وهو يقسم بين المسلمين بالسويّة لا يفضّل أحداً على أحدٍ، حتى أصبح عمل الرسول هذا سنّة فعليّة، وجزءاً من المنظومة الإلهيّة، على اعتبار أنّها تشريع من أهمّ التشريعات الماليّة في الإسلام.

وطوال عهد أبي بكر وهو ملتزم بهذه السنّة النبوية الفعليّة. ولكن في الفترة اللاحقة ارتأى نفرٌ من التحالف أنه لا يعقل أن تكون قريش كالأنصار! ولا يعقل أن يكون العرب كالعجم، وأن يكون الصريح كالمولى!

ومن هنا فقد تمّ تفضيل المهاجرين كلّهم على الأنصار كلهّم، وتفضيل العرب على العجم، وتفضيل الصريح على المولى، وأُعطيت زوجات الرسول عطاءً خاصّاً يفوق التصوّر والتصديق، وزائداً عن حاجة كلّ واحدة منهنّ، حتى أنّهم لم يساووا بالعطاء بين زوجات الرسول نفسه! فميّزوا بينهنّ، وأُعطيت بعضهنّ أكثر من بعض.

وكانت نتيجة ذلك أن غُرِست في المجتمع المسلم بذور الطبقيّة، ونشأ الغنى الفاحش والفقر المُدقع جنباً إلى جنب، فطلحة والزبير وعثمان وابن عوف يملكون الملايين، وعمّار وبلال وعامّة الناس يكابدون الفقر! واشتعل الصراع القبليّ بين ربيعة ومضر، وبين الأوس والخزرج، وبين العرب والعجم، وبين الصريح والمولى، وظلّت نيرانه تلك تكبر وتكبر، حتّى التهمت المجتمع الإسلاميّ وأفقدته صوابه.

وبعد تسع سنين من تطبيق هذا التفضيل غير المبرّر ديناً ومنطقاً، خلصوا إلى أنه تجب المساواة في العطاء بين الناس.

بمعنى أنّهم اجتهدوا قبالة أمر النبيّ، فألغوا التسوية بالعطاء ابتداءً، مع علمهم أنها سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله.

وكمثالٍ آخر: حرّم الشارع الحكيم على آل النبيّ صلّى الله عليه وآله الصدقة، وجعل لهم حقّاً في الخُمس بوصفهم ذوي قربى النبيّ ﴿..وَلِذِي القُرْبَى..﴾ الأنفال:41، وبيّن الرسول الآية فجعل خُمس الخمس لذوي القربى وهم بنو هاشم؛ الذّكر منهم والأنثى. بالإضافة إلى يتيم الهاشميّين ومسكينهم وابن سبيلهم؛ والحكمة من هذا التشريع كانت إبراز التمييز لذوي القربى، وسدّ حاجاتهم بإيجاد سبيل لحياة كريمة لهم، ولأنّ الصدقة محرّمة عليهم.

وبالرغم من وضوح الآية، ومن تواتر بيان النبيّ لهذه الآية، إلّا أنّهم أبوا أن يعطوا بني هاشم كلّ سهمهم، بحجّة «أنّ قريش كلّها ذو قربى». (الأحوال لأبي عسير ص 233)

قال ابن عبّاس: «سهم ذوي القربى لقربى رسول الله، قسّمه لهم رسول الله، وقد كان... عرض علينا من ذلك عرضاً فرأيناه دون حقّنا فرددناه عليه، وأبينا أن نقبله». (مسند أحمد 1/244، 320، وسنن أبي داود 2/51، وسنن النسائي 1772، وسنن البيهقي 6/344 و345)

وباختصار شديد، تركوا نصّ الآية المحكمة، وبيان النبيّ لهذه الآية المتمثّل بسنّته الشريفة طوال عهده، واتّبعوا آراءهم.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعات

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

منذ 0 ساعات

إصدارات أجنبية

نفحات