أعلام

أعلام

29/12/2016

صاحب موسوعة (عبَقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار)


صاحب موسوعة (عبَقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار)

السيد حامد حسين اللكهنوي النَّقَوي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* من أعاظم علماء الإماميّة في الهند، والمرجع في الفُتيا لأهالي تلك البلاد.

* كان بارعاً في علم الكلام، والجدل لإحقاق الحقّ، واسِع الاطّلاع، كثير المطالعة، سائل القلم، سريع التأليف، وقد أضنى نفسه في الكتابة والتأليف حتّى اعترته الأمراض الكثيرة وضعفت قواه.

* كان جلّ اهتمامه واشتغاله بالردّ على المؤلّفات التي تطعن في إمامة أهل البيت عليهم السلام.

* كتب مصنّفاته بالحبر والقرطاس الإسلاميّين تحرّزاً عن استعمال مصنوعات غير المسلمين.                                         * أُعدّت هذه الترجمة استناداً إلى ما كتبه العلّامة السيد علي الميلاني في مقدّمته على كتاب: (استخراج المرام من استقصاء الإفحام)، الذي هو تعريب وتلخيص وتنسيق لكتاب (استقصاء الإفحام) للمترجَم له.

 

هو السيّد حامد حسين، ابن السيّد محمّد قلي، ابن السيّد محمّد حسين المعروف بـ«السيّد الله كرم»، ابن السيّد حامد حسين، المنتهي نسبه إلى حمزة ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام.

وُلد في 4 محرّم الحرام سنة 1246 هجريّة، وتوفّي في 18 صفر سنة 1306، في لكهنو من بلاد الهند، ودُفن بها في حسينية «غفران مآب».

قرأ السيد حامد المقدّمات ومبادئ العلوم والكلام على والده، وأخذ الفقه والاُصول والمعقول والأدب عن أعاظم الوقت ومشاهير العصر في بلاده.

 

أُسرته

هو من اُسرة عريقة في العلم والفضيلة والجهاد والدّفاع عن مذهب أهل البيت الطاهرين عليهم السلام.

والده السيّد محمّد قلي المولود في بلدة «كنتور»، تتلمذ على الإمام الأكبر السيّد دلدار علي النقوي، وله مصنّفات جليلة، من أشهرها: (الفتوحات الحيدريّة في الردّ على كتاب الصراط المستقيم) لعبد الحيّ الدهلوي، و(الأجوبة الفاخرة في ردّ الأشاعرة)، و(تقريب الأفهام في تفسير آيات الأحكام)، وغير ذلك.

 

وليَ الإفتاء ببلدة «ميرت»، ومات لتسعٍ خلون من محرّم سنة 1260، كما في (تذكرة العلماء).

وللسيد حامد حسين المترجَم، ولدٌ هو السيّد ناصر، قرأ العلوم عليه، وعلى المفتي محمّد عبّاس، وغيرهما من الأعلام، وله تصانيف كثيرة ومتنوّعة.

قال عنه السيّد محسن الأمين: «إمامٌ في الرجال والحديث، واسع التتبّع، كثير الاطّلاع... لا يكاد يسأله أحد عن مطلب إلاّ ويُحيله إلى مظانّه من الكتب... وكان أحد الأساطين والمراجع في الهند، وله وقار وهيبة في قلوب العامّة... ومواظبة على العبادات، وهو معروف بالأدب والعربيّة؛ معدودٌ من أساتذتهما وإليه يرجع في مشكلاتهما، وخُطبه مشتملة على عبارات جزِلة وألفاظ مستطرفة، وله شعر جيّد».

وقال المحدّث الشيخ عباس القمّي - في ذيل ترجمة السيّد حامد حسين - ما تعريبه: «وجناب السيّد مير ناصر حسين خلَفه في جميع الملَكات والآثار... ولم يترك جهود والده تذهب سُدى، بل اشتغل بتتميم (عبقات الأنوار) وأخرج إلى البياض حتّى الآن عدّة مجلّدات، وطُبعت..».

وقال المحقّق الشيخ التبريزي ما تعريبه ملخّصاً: «السيّد ناصر حسين الملّقب بـ(شمس العلماء)، كان عالماً متبحّراً، فقيهاً اُصوليّاً، محدّثاً رجاليّاً...».

وقال الشيخ الطهراني رحمه الله: «إنّ هذا البيت الجليل من البيوت التي غمرها الله برحمته، فقد صبّ سبحانه وتعالى على أعلامه المواهب... كرّسوا حياتهم وبذلوا جهودهم وأفنوا أعمارهم في الذبّ عن حياض الدين، وسعَوا سعياً حثيثاً في تشييد دعائم المذهب الجعفريّ، فخدماتهم للشرع الشريف وتفانيهم دون إعلان كلمة الحقّ غير قابلة للحدّ والإحصاء، ولذا وجب حقُّهم على جميع الشيعة الإماميّة ممّن عرف قدر نفسه واهتمّ لدينه ومذهبه...».

المكتبة الناصريّة

من آثار أُسرة السيد حامد حسين وخدماتهم للعلم المكتبة العظيمة التي خلّفتْها في مدينة لكهنو، هذه المكتبة التي كانت كتب العلاّمة السيّد محمّد قلي نواةً لها، ثمّ ضمّ إليها نجله السيّد حامد حسين كلّ ما حصل عنده من الكتب، ولا سيّما ما كان يفحص عنه وحصل عليه في البلاد المختلفة من أمّهات المصادر في مختلف العلوم والفنون لأجل كتابه (عبقات الأنوار)، الآتي ذكرُه.

ثمّ سعى نجله السيّد ناصر حسين في تطويرها وتوسعتها فاشتهرت بالمكتبة الناصريّة. وقد كانت في زمن السيّد حامد حسين تحتوي على ثلاثين ألف كتاب.

قال السيد الأمين عن هذه المكتبة: «وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيّما كتب غير الشيعة، ويناهز عدد كتبها الثلاثين ألفاً ما بين مطبوع ومخطوط في ما كتبه الشيخ محمّد رضا الشبيبي في مجلّة العرفان».

 

 

وقال الشيخ الطهراني صاحب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة): «وللمترجَم خزانة كتب جليلة وحيدة في لكهنو بل في بلاد الهند، وهي إحدى مفاخر العالم الشيعي، جمعت ثلاثين ألف كتاب بين مخطوط ومطبوع، من نفائس الكتب وجلائل الآثار، ولا سيّما تصانيف أهل السنّة من المتقدّمين والمتأخّرين... وبالجملة، فإنّ مكتبة هذا الإمام الكبير من أهمّ خزائن الكتب في الشرق».

وجاء في (صحيفة المكتبة) الصادرة عن «مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام» في النجف الأشرف في ذكر المكتبات التي زارها العلاّمة الأميني صاحب موسوعة (الغدير) في مدينة لكهنو بالهند ما نصّه: «مكتبة الناصريّة العامّة: تزدهر هذه المكتبة العامرة بين الأوساط العلميّة وحواضر الثقافة في العالم الإسلامي بنفائسها الجمّة، ونوادرها الثمينة، وما تحوي خزانتها من الكتب الكثيرة في العلوم العالية؛ من الفقه وأصوله، والتفسير، والحديث والكلام، والحكمة والفلسفة، والأخلاق، والتاريخ، واللغة، والأدب، إلى معاجم ومجاميع وموسوعات في الجغرافيا، والتراجم، والرجال، والدراية، والرواية..».

وقال صاحب (نزهة الخواطر) عن المترجَم السيد حامد حسين: «وسافر في سنة 1282 للحجّ والزيارة، واقتبس من الكتب النادرة في الحرمين، ورجع إلى الهند وانصرف إلى المطالعة والتأليف واقتناص الكتب النادرة، وكثيرٌ منها بخطّ مؤلّفيها، من كلّ مكان، وبكلّ طريق، وأنفق عليها الأموال الطائلة..».

كلمات العلماء في حقّه

1) قال عنه السيد محسن الأمين العاملي ما ملخّصه: «كان من أكابر المتكلّمين الباحثين عن أسرار الديانة، والذابّين عن حوزة الدين الحنيف، لم يُرَ مثلُه في صناعة الكلام والإحاطة بالأخبار والآثار في عصره بل وقبل عصره بزمان طويل وبعد عصره حتّى اليوم.

ولو قلنا: إنّه لم يَنبُغْ مثله في ذلك بين الإماميّة بعد عصر المفيد والمرتضى لم نكن مبالغين؛ يُعلم ذلك من مطالعة كتاب (العبقات)...».

2) وقال عنه الشيخ آغا بزرك الطهراني: «من أكابر متكلّمي الإماميّة وأعاظم علماء الشيعة المتبحّرين، واسع الاطّلاع والإحاطة بالآثار والأخبار والتراث الإسلامي، بلغ في ذلك مبلغاً لم يبلغه أحد من معاصريه ولا المتأخّرين عنه، بل ولا كثير من أعلام القرون السابقة...».

3) وقال عنه السيّد حسن الصدر: «بذل عمره في نصرة الدين وحماية شريعة سيّد المرسلين والأئمّة الهادين، بتحقيقات أنيقة واحتجاجات برهانيّة، وإلزامات نبويّة، واستدلالات علويّة، ونقوض رضويّة؛ حتّى عاد الباب من (التحفة الاثنى عشريّة) خطابات شعريّة وعبارات هنديّة تضحك منها البريّة...».

4) وقال المحقّق الشيخ محمّد علي التبريزي: «حجّة الإسلام والمسلمين، لسان الفقهاء والمجتهدين، ترجمان الحكماء والمتكلّمين، علاّمة العصر مير حامد حسين، من ثقات وأركان علماء الإماميّة، ووجوه وأعيان فقهاء الاثنى عشريّة، كان جامعاً للعلوم العقليّة والنقليّة، بل من آيات الله وحُجج الفرقة المِحقّة، ومن مفاخر الشيعة بل الأمّة الإسلاميّة..».


 

5) وقال العلاّمة المحدّث القمّي: «كان من آيات الله وحُجج الشيعة الاثنى عشريّة، ومن طالع كتابه (العبقات) يعلم أنّه لم يُصنّف على هذا المنوال في الكلام – لا سيّما في مبحث الإمامة - من صدر الإسلام حتّى الآن...».

تصانيفه

قال الشيخ الطهراني: «وله تصانيف جليلة نافعة، تموج بمياه التحقيق والتدقيق، وتُوقِف على ما لهذا الحبر من المادّة الغزيرة، وتُعلِم الناس بأنّه بحرٌ طامٌّ لا ساحل له». ومصنّفاته كثيرة ومتنوّعة، منها:

1– (الذرائع في شرح الشرائع)، في الفقه.

2– (العضب البتّار في مبحث آية الغار).

3– (الدرر السنيّة في المكاتيب والمنشآت العربيّة).

4– (عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار)، في الردّ على الباب السابع من (التحفة الاثنى عشريّة) وهو في الإمامة.

5– (استقصاء الإفحام واستيفاء الانتقام في نقض منتهى الكلام).

قال المحقّق التبريزي: «وقد صرّح بعض الأكابر ببلوغ مؤلّفاته المائتين مجلّداً».

وقال الشيخ الطهراني: «الأمر العجيب أنّه ألّف هذه الكتب النفائس والموسوعات الكبار وهو لا يكتب إلاّ بالحبر والقرطاس الإسلاميّين، لكثرة تقواه وتورّعه، وأمرُ تحرّزه عن صنائع غير المسلمين مشهور متواتر».

كتاب (العبقات)

أما أشهر مصنّفاته وأهمّها وأوسعها هي كتاب (عبقات الأنوار) الذي لُقّب به، فقد اشتُهر بـ (صاحب العبقات).

* قال عنه الميرزا أبو الفضل الطهراني: «عبقات الأنوار تصنيف السيّد الجليل، المولوي الأمير حامد حسين المعاصر الهندي اللّكهنوي قدّس سرّه، الذي أعتقد أنّه لم يصنَّف مثل هذا الكتاب المبارك منذ بداية تأسيس علم الكلام حتّى الآن في مذهب الشيعة..».

* وقال السيّد الأمين: «عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار بالفارسيّة، لم يكتَب مثله في بابه في السلف والخلف، وهو في الردّ على باب الإمامة من (التحفة الاثني عشريّة) للشاه عبد العزيز الدهلوي، فإنّ صاحب التحفة أنكر جملة من الأحاديث المثبِتة إمامةَ أمير المؤمنين عليه السلام، فأثبت المترجَم تواتر كلّ واحد من تلك الأحاديث، وهذا الكتاب يدلّ على طول باعه وسعة اطّلاعه، وهو في عدّة مجلّدات، منها مجلّد في حديث الطير، وقد طُبعت هذه المجلّدات ببلاد الهند، وقرأتُ نبذاً من أحدها فوجدت مادّة غزيرة وبحراً طامياً، وعلمت منه ما للمؤلّف من طول الباع وسعة الاطّلاع..».

* وقال معدّ الترجمة السيد علي الميلاني: «الحمد لله الذي وفّقني لتأليف كتاب (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار) وإخراجه للناس في عشرين مجلّداً.

فمجلّدٌ في الآيات.. وهي: آية الولاية، وآية التطهير، وآية المباهلة، وآية الإنذار، وآية: السّابقون السّابقون.

وتسعة عشر مجلّداً في الأحاديث، وهي: حديث الغدير، وحديث المنزلة، وحديث الطير، وحديث مدينة العلم، وحديث النور، وحديث السفينة، وحديث التشبيه، وحديث الثقلين».

ولمّا وصلت كتب السيّد مير حامد حسين إلى الأقطار الإسلاميّة والعواصم العلميّة فيها، كالنجف الأشرف، واطّلع عليها كبار الفقهاء، ووقف عليها رجالات الحديث والكلام والعلماء الأعلام في سائر العلوم، أكبروها غاية الإكبار، وأثنوا عليها وعلى مؤلّفها العظيم الثناء البالغ الجليل. وقد جُمعت نصوص تلك التقاريظ في كتاب سمّي بـ(سواطع الأنوار في تقاريظ عبقات الأنوار)، من بينها:

1) تقريظ المرجع السيّد الميرزا الشيرازي قدّس سرّه، وممّا قاله: «.. وقفتُ بتأييد الله تعالى وحُسن توفيقه على تصانيف ذي الفضل الغزير، والقدر الخطير، العديم النظير، المولوي السيّد حامد حسين، أيّده الله في الدارين، وطيّب بنشر الفضائل أنفاسه... رأيتُ مطالب عالية، تفوق روائح تحقيقها الغالية، عباراتها الوافية دليل الخبرة، وإشاراتها الشافية محلّ العبرة. وكيف لا؟ وهي من عيون الأفكار الصافية مخرَجة، ومن خلاصة الإخلاص منتجة..».

2) تقريظ المحدّث النوري رحمه الله: «ولَعمري، لقد وفى حقّ العلم بحقّ براعته، ونشر حديث الإسلام بصدق لسان يراعته، وبذل من جهده في إقامة الأود، وإبانة الرشد..».

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

29/12/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات