الملف

الملف

27/01/2017

سَلُوه أن يَستوهبَ أمَتَه من الله

سَلُوه أن يَستوهبَ أمَتَه من الله

ثقافة التوسّل بالمعصومين عليهم السلام

___ الشهيد الأوّل قدّس سرّه ___

* ذكر الشهيد الأول قدّس سرّه عند حديثه عن فضل مسجد السَّهلة والصلاة والدعاء فيه، خبرَ حادثةٍ وقعت في زمن الإمام الصادق عليه السلام. وفيها ما يدلّ على عظَمة التوسُّل بالمعصومين عليهم السلام، والمكرُمات الإلهية المترتّبة عليه. وفي ما يلي نَصّ الحادثة كما أوردها الشهيد الأوّل في كتابه (المزار).

«شعائر»

 

«رُوي عن بشار المكاريّ، أنّه قال: دخلتُ على أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام، بالكوفة وقد قدّم طبقَ رُطب طَبَرزُد وهو يأكل، فقال لي: يا بشّار، ادنُ فكُل.

قلت: هنّاك الله وجعلني اللهُ فِداك، قد أخذتني الغِيرة من شيءٍ رأيتُه في طريقي أوجعَ قلبي وبلغ منّي.

فقال لي: بحقّي عليك لمّا دنوتَ فأكلتَ.

قال: فدنوتُ وأكلتُ.

فقال لي: حديثَك.

قلت: رأيتُ جلوازاً يضربُ رأس امرأةٍ ويسوقها إلى الحبس، وهي تنادي بأعلى صوتها: المُستغاثُ باللهِ ورسولِه، ولا يُغيثها أحد.

قال: ولمَ فَعلَ بها ذاك؟

قال: سمعتُ الناس يقولون إنّها عثرتْ، فقالت: (لعنَ اللهُ ظالميكِ يا فاطمة)، فارتَكَب منها ما ارتَكَب.

قال: فقطع الأكل، ولم يزل يبكي حتّى ابتلّ منديلُه ولحيته وصدرُه بالدموع. ثمّ قال: قُمْ يا بشّار بنا إلى مَسجِدِ السّهلة، فنَدعُوَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، ونَسألهُ خَلاصَ هذهِ المَرأة.

قال: ووجّه (الإمامُ عليه السلام) بعضَ الشيعة إلى بابِ السّلطان، وتقدّمَ إليه بِأن لا يبرحَ إلى أن يأتيهِ رسولُه، فإنْ حَدَثَ بالمرأةِ حَدَثٌ صار إلينا حيثُ كنّا.

قال: فصِرنا إلى مَسجدِ السّهلة، وصلّى كلُّ واحدٍ منّا ركعتَين، ثمّ رفع الصّادق عليه السّلام يده إلى السّماء، وقال:

(أنتَ اللهُ الذي لا إلهَ إلّا أنتَ مُبدِئُ الخَلْقِ ومُعِيدُهُم، وأنتَ اللهُ الّذي لا إلهَ إلّا أنتَ خالِقُ الخَلْقِ ورازِقُهُم، وأنتَ اللهُ الّذي لا إلهَ إلّا أنتَ القابِضُ الباسِطُ، أنتَ اللهُ لا إلهَ إلّا أنتَ مُدَبِّرُ الأمُورِ وباعِثُ مَنْ في القُبورِ، وأنتَ وارِثُ الأرضِ ومَنْ عَلَيها.

أسألُكَ بِاسمِكَ المَخْزونِ المَكْنونِ الحَيِّ القَيّومِ، وأنتَ اللهُ لا إِلهَ إلَّا أنتَ عالِمُ السِّرِّ وأخْفَى، أَسألُكَ باسمِكَ الّذي إذا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وإذا سُئِلْتَ بِهِ أَعطَيتَ.

وأسألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وأهلِ بَيتِهِ وبِحَقِّهِم الّذي أَوْجَبْتُهُ على نَفسِكَ أنْ تُصلِّيَ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ، وأنْ تَقضيَ لي حاجتي السّاعةَ السّاعةَ السّاعة.

يا سامِعَ الدُّعاءِ يا سَيِّداهُ يا مَولاهُ يا غِياثاهُ، أسألُكَ بِكُلّ اسمٍ سَمّيْتَ بِهِ نَفسَكَ أوِ استَأْثَرْتَ بِه في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ أنْ تُصلِّيَ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وأنْ تُعَجِّلَ خلاصَ هذهِ المَرأة، يا مُقَلِّبَ القُلوبِ والأبصارِ، يا سَميعَ الدُّعاء).

 قال: ثمّ خرَّ ساجداً لا أسمعُ منه إلّا النّفَس، ثمّ رفع رأسه، فقال: قُم! فقد أُطلِقَت المرأة.

قال: فخرجنا جميعاً، فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجّهْنا إلى باب السلطان، فقال له (الإمام عليه السلام): ما الخبر؟

قال: لقد أُطلِق عنها.

قال: كيفَ كانَ إخراجُها؟

قال: لا أدري، ولكنّي كنتُ واقفاً على باب السلطان إذ خرج حاجبٌ فدعاها وقال لها: ما الذي تكلَّمتِ به؟

قالت: عَثَرتُ فقلتُ: (لعنَ اللهُ ظالميكَ يا فاطمة)، ففعلَ بي ما فعل. قال: فَأَخرجَ مائتي درهم، وقال: خُذِي هذهِ واجعَلي الأميرَ في حِلٍّ، فأبَت أنْ تأخذَها.

فلمّا رأى ذلك دخلَ وأعلم صاحبه بذلك، ثمّ خرج فقال: انصَرِفي إلى بيتك، فذهبَت إلى منزلها.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: أَبَتْ أنْ تَأخذَ مائتَي درهم؟

قال: نعم، وهي والله محتاجةٌ إليها.

قال: فأَخرجَ مِن جَيبِهِ صرّةً فيها سبعة دنانير، وقال: اِذْهَبْ أنتَ بِهذهِ إلى مَنزلِها، فأقرِئْها منّي السّلامَ، وادفَعْ إليها هذهِ الدّنانير.

فقال: فذهبنا جميعاً فأَقْرَأناها منه السلام، فقالت: باللهِ أَقرأَنِي جعفرُ بن محمّدٍ السلام؟

فقلت لها: رَحِمَكِ الله، واللهِ إنّ جعفر بن محمّدٍ عليه السلام أَقرأَكِ السلام. فشهقتْ ووقعت مغشيّةً عليها.

قال: فصبرنا حتّى أفاقت، وقالت: أَعِدْها عليّ، فأعدناها عليها حتّى فعلت ذلك ثلاثاً، ثمّ قلنا لها: خُذي، هذا ما أرسلَ به إليك وأبشِري بذلك.

فأخذته منّا، وقالت: سَلُوهُ أنْ يَستَوْهِبَ أَمَتَهُ من الله، فمَا أعرفُ أحداً أَتوسَّل بِه إلى اللهِ أكبرَ منه ومن آبائه وأجداده عليهم السلام.

قال: فرجعنا إلى أبي عبد الله عليه السلام، فجعلنا نحدّثُه بما كان منها، فجَعل يبكي ويَدعو لها..». 

 

مُحَدَّثون من غير نبوّة

«في الحديث: (إنّ أوصياءَ محمّدٍ عَليهِ وعَليهِمُ السّلام مُحَدَّثُون)؛ أي تحدِّثُهم الملائكةُ، وفيهم جَبرئيل عليه السلام، من غير معاينة.

ومثلُه قولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إنّ في كلّ أُمّةٍ مُحَدَّثينَ من غير نبوّة).

ومنه وفي وصف فاطمة عليها السلام: (أَيّتُها المُحَدَّثَةُ العَليمة)».

(الطريحي، مجمع البحرين: 469/1)

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

27/01/2017

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات