كلمة سواء

كلمة سواء

27/03/2017

نحو أخلاقية عالمية لحوار الثقافات

 

 

نحو أخلاقية عالمية لحوار الثقافات

____ محمّد سعدي* ____

لا بدّ من الدعوة إلى إرساء أخلاقيات عالمية جديدة، ذلك أنّ مستقبلنا أصبح يتوقف على إحساسنا بالاحترام المتبادل، والمسؤولية المشتركة، والتضامن الفعّال لإقامة علاقات دولية أساسها العدل، والتكافؤ، والتعاون الدولي لإيجاد حلول للرهانات التي تواجهها الإنسانية.

ولا ريب في أنّ إرساء حوار حقيقي بين الأفراد والشعوب والحضارات، وبين الشمال والجنوب، يفترض الإيمان بمجموعة مبادئ أساسية:

- التواضع: إنّ التكبّر، واعتقاد تمثيل الخير المطلق، لا يساهم في تشجيع الحوار، بل يؤجّج الحقد والعداء، ومنطق «الأنا ضدّ الباقي»، منطق إقصائي يرفض الاعتراف بحقيقة التكامل والاعتماد المتبادل بين كلّ شعوب العالم.

- الرأفة: أي الإحساس بآلام ومآسي الآخرين والتعاطف معها، وهذا هو المنطلق للوعي بإنسانيتنا. وعلينا أن نمتلك القوة الأخلاقية والقدرة النفسية لكي نضع أنفسنا في مكان الأفراد والشعوب التي تعاني من المآسي، بشكلٍ يجعلنا نعي بأنّ معاناتهم تعنينا بشكلٍ مباشر، وتهدّد إنسانيتنا. قال الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا يُؤمِنُ أَحدُكُم حتّى يُحبّ لِأخِيه ما يُحِبُّ لِنفسِه».

- الحوار الداخلي: لا ينبغي أن يكون الحوار ترفاً زائداً مخصّصاً للمنتديات والمؤتمرات، فعليه أن يتحوّل إلى حاجة أساسية تشمل المجتمعات من داخلها.

- الإيمان بقوة السِّلم: على الإنسان الإيمان بقدرته على إدارة الصراعات وتحقيق السِّلم، والتحرّر من النظرة التشاؤمية التي ترى في الصراع حتميّة تاريخية، تحكم الإنسان منذ القدم.

- المسؤولية: ينبغي إرساء أخلاقية شمولية، تقوم بضبط وإدارة مختلف التحدّيات التي تهمّ الجماعة الإنسانية بأكملها، ويُمكن الرهان على مبدأ المسؤولية: مسؤولية الأفراد إزاء أنفسهم، إزاء الغير، مسؤولية المجتمع إزاء محيطه الاجتماعي والبيئي، ومسؤولية الإنسانية إزاء مصير العالم، ومستقبل الإنسانية. ولهذا فإنّ أي حوار حقيقي بين الثقافات ينبغي أن يجعل غايته مستقبل الإنسانية، وضمان حقوق الأجيال المقبلة في السلام والعيش الكريم.

- التضامن: ينبغي الوعي بوحدة مصير الإنسان ووحدة مصالحه العليا في العالم، وبالتالي تدعيم أواصر التعاون والتضامن داخل المجتمع العالمي، والحدّ من سطوة اقتصاد السوق، عبر خلق ضوابط لتدجين الليبرالية المتوحشة، وإرساء عولمة مسؤولة ومتضامنة كفيلة بإنقاذ العالم من أصولية التقدّم.

- القيَم المشتركة: ثمّة مجموعة قيَم إنسانية أساسية مشتركة بين كل الفضاءات الثقافية والدينية في العالم، وينبغي استثمارها والتركيز عليها لتكريس وحدة الإنسانية ووحدة «الجوهر الإنساني».

- إرساء أخلاقية كونية تسعى لخدمة الإنسان والإنسانية بروح مسؤولة منفتحة على العالم، ولذا لا يمكن للإنسانية العيش والبقاء بدون أخلاقية عالمية.

_____________________

* مفكّر وأستاذ جامعي من المغرب

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

27/03/2017

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات