مراقبات

مراقبات

26/04/2017

مراقبات شهر شعبان المعظَّم


مراقبات شهر شعبان المعظَّم

اللّهمّ إنّي أسألُك بحقِّ المولود في هذا اليوم

ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

في (إقبال الأعمال) للسيّد ابن طاوس قدّس سرّه أنّ «شهر شعبان شهرٌ عظيم الشأن... وكفاه شرفاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله اختاره لنفسه الشريفة بصريح مقاله، ودعا لمن أعانه على صيامه بمقدّس ابتهاله، فقال عليه السلام: ألا إنّ شعبانَ شهري، رحِمَ اللهُ مَن أعانني على شهري».

وفي كتاب (المراقبات) للفقيه العارف الملَكي التبريزي، أن اليوم الثالث من شهر شعبان - وهو يوم ميلاد الإمام الحسين صلوات الله عليه - «يتقدّر شرفُه بمقدار شرف صاحبه عليه السلام، فللسالك أن يأتيَ مِن شُكره بما تيسّر له من الصوم والزيارة والدعاء الوارد وغيرِه من القُربات».

أضاف رضوان الله عليه أنّ مِن خصائص هذا اليوم أمْرُ الملاك فُطرُسٍ (انظر: الملف من هذا العدد) «فيمْكن للسالك أن يجعله عليه السلام في هذا اليوم معاذَه في تحصيل نجاته، وجناحَيْ روحه وعقله حتّى يطير مع الرَّوْحانيّين في سماوات القُرب والرضوان، ويكونَ فرحه في هذا اليوم مشوباً بمراسم العزاء والحزن، كما كان الشأن كذلك لأهله المطهّرين..».

وفي (مصباح المتهجّد) للشيخ الطوسي، قال «خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني، وكيلِ أبي محمدٍ (العسكريّ) عليه السلام، أن مولانا الحسين عليه السلام ولِد يوم الخميس لثلاثٍ خلونَ من شعبان؛ فصمْه وادْعُ فيه بهذا الدعاء: «اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ المولودِ في هذا اليوم، الموعودِ بشهادته قبل استهلاله وولادته..». (انظر: ص 33 من هذا العدد)

وإلى هذا الدعاء أشار الشيخ الكفعمي في أرجوزته «منهاج السلامة في ما يتأكّد صيامه»:

وثالثٌ منه تراهُ مَولدا * لابن عليٍّ؛ أعني الحسينَ السيّدا

فصُمْهُ وادعُ بالدّعا فيه * تنالُ من ربّكَ ما تبتغيه

أجرُهما لا يَقْدِرُ الأملاكُ * أن يُحصوه أوْ له إدراكُ

 

ومن مهمّات هذا الشهر الجليل المواظبة على «المناجاة الشعبانية» المروية عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقراءة الدعاء – الصلوات عند زوال أيامه المرويّ عن الإمام زين العابدين عليه السلام. (انظر: باب يذكرون من هذا العدد)

وأشرف أوقات شهر شعبان اليوم الثالث منه، وليلة النصف ويومها، والأسبوع الأخير منه، وهو الذي أَفرد له الإمام الرضا عليه السلام برنامجاً خاصّاً تهيئةً للدخول في شهر رمضان المبارك.

تجدر الإشارة إلى أن أعمال شهر شعبان وفضائله موّزعة على صفحات هذا العدد من مجلة شعائر تحت عنوان «شجرة طوبى».

 

اليوم الخامس عشر وليلته: ولادة الإمام صاحب الزمان عليه السلام

في ليلة النصف من شهر شعبان، سنة 255 للهجرة، وُلِد الإمام المهديّ صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف. يقول الفقيه الملَكي التبريزي في (المراقبات) إنّ من خصائص هذه الليلة المباركة، أنها:

* من ليالي القدر، وليلة قسمة الأرزاق والآجال، كما ورد في الأخبار المستفيضة، وفي بعضها أنّ الله تعالى جعل الليلة للأئمّة كما جعل ليلة القدر لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم..

* وهي من مواقف زيارة الإمام الحسين عليه السلام، يزوره فيها مائة ألف نبيّ سِوى الملائكة، وهذا موقفٌ جليل يكشف عن أمر عظيم يكون فيه.

* هي من الليالي المؤكّد فيها الإحياء، وورَدت فيها أعمال وعبادات فاخرة جدّاً يمكن أن يُقال: إنّه لم يَرِد في شيءٍ من الليالي - ليلة القدر وغيرها - مثلها أو أزيَد منها.

* ومن خصائصها الجليلة أيضاً: أنّها ليلةٌ وُلد فيها مولودٌ لم يولَد مثله في تطهير الأرض والفرَج العامّ للمؤمنين من الأمم، ونشْر رايات عدْل الله على أهل الأرض، وكمالِ الجمع بين سياسة الدين والدنيا».

ويقول رضوان الله عليه حول مراقبات هذه الليلة: «.. والسالك إذا بلَغ هذا المَنزل – أي ليلة النصف من شعبان – فعليه:

* أن يقطع أولاً نظره من اللذّة بالدنيا ومن الرّاحة فيها، ويوطّن نفسه أنّها ليلة وداعِه للدنيا.

* وإنْ قدّر نفسه فيها أنها مثل ليلةٍ يقوم في صبيحتها يومُ القيامة، يخفّ عليه ثِقلُ الأعمال، بل يثقل عليه مضيُّ الليلة وتمامها، ويَودّ أن تكون أطول من ذلك...

* وعليه أن ينظر قبل دخول الليلة في اختيار الأعمال، وترتيبها بما يناسب حاله، وإنْ رأى عملين متساويين في الفضل والمناسبة، فليُؤْثِر ما هو الأشقّ على النفس».

وقال الشيخ الكفعمي العاملي في أرجوزته التي تقدمت الإشارة إليها:

وصومُ شعبانَ عظيمُ الفضلِ * خصوصاً النّصف فخُذْ ما أُمْلي

لأنّ في ليلته قد وُلِدا * القائمُ المهديُّ مصباحُ الهُدى

مَن يدْعُ فيها مالكَ النواصي * أُجيبَ إلّا أن يكونَ عاصي

قيل: وفيها تُقْسَمُ الآمالُ * كذلك الأرزاقُ والآجالُ

 

المناجاة الشعبانية

المناجاة الشعبانية هي دعاءٌ كان يَقرأه أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام في شهر شعبان، أوله: «اللّهُمّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ، واسمَعْ دُعائي إذا دعوتُك، واسمَعْ نِدائي إذا نادَيتُك، وأقْبِلْ علَيَّ إذا ناجيتُك..»، ولأجل ذلك عُرفت بالمناجاة الشعبانية.

تتضمّن هذه المناجاة الجليلة، كما يقول الفقيه العارف الملَكي التبريزي في (المراقبات) «علوماً جمّة في كيفية تعامل العبد مع الله جلّ جلاله، وبيان وجوه الأدب التي ينبغي أن نلتزمها ونتأدّب بها عندما نسأل الله تعالى حوائجنا، وندعوه سبحانه ونستغفره».

رواها السيد ابن طاوس - كما ذكر العلامة المجلسي في (زاد المعاد) - بسندٍ معتبَر عن الحسين بن خالَوَيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

قال الإمام الخميني قدّس سرّه: «أنا لم أرَ في الأدعية، أيّ دعاء قيل بأن جميع الأئمة كانوا يقرأونه إلّا دعاء المناجاة الشعبانية، ولم أر بأنّ الأئمة كانوا يدعون بدعاء آخر غير المناجاة الشعبانية، لأن المناجاة الشعبانية هي لإعدادكم، لإعداد الجميع لضيافة الله عزّ وجلّ».

وعدّها الفقيه الملكي التبريزي أيضاً «نعمةً عظيمةً من بركات آل محمّد، يَعرف قدْر عظَمَتها من كان له قلبٌ أو ألقى السّمعَ وهو شهيد»، مضيفاً بأنّ العارفين بعظيم قدرها «ينتظرون مجيء شعبان ويشتاقون إليه من أجلها»، ليَختم رضوان الله عليه بالقول: «وهذه المناجاة من مهمّات أعمال هذا الشهر، بل للسالك أن لا يترك قراءة بعض فقراتها على مدار السنة».

ويقول الإمام السيد علي الخامنئي دام ظلّه: «إنَ المناجاة الشعبانيّة... هي أحد الأدعية التي لا يُمكن إيجاد نظيرٍ لمعانيها العرفانية.... وهي النموذج الكامل من تضرُّع أكثر عباد الله الصالحين قُرباً واصطفاءً، بين يدَي معبوده ومَحبوبه...وهي أيضاً أسوة في كيفية إظهار الحاجة وطلب الإنسان المؤمن من الله تعالى».

وفي (تفسير القرآن الكريم) للشهيد السيد مصطفى الخميني، يقول رحمه الله: «هذه المناجاة من أرقى المناجاة وأسمى المعارف الإلهيّة، وتتضمّن فقرات عديدة تفتح للسالك أُفق المعارف وأبواب الإدراك الروحي، وهي معجزة دالة على حقّانية المذهب والطريقة الجعفرية».

 

شجرة طوبى

دعاء رسول الله ليلة النصف من شعبان

في (إقبال الأعمال) للسيد ابن طاوس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يدعو في ليلة النصف من شعبان، فيقول:

«اللّهُمَّ اقْسِم لنا من خَشيتِكَ ما يَحولُ بيننا وبينَ معصيتِك، ومِن طاعتِك ما تُبلِّغُنا به رضوانَك، ومن اليقينِ ما يَهونُ علينا به مصيباتُ الدنيا.

اللّهُمَّ مَتِّعْنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوّتِنا ما أحْيَيتَنا، واجْعَلْهُ الوارثَ منّا، واجعَلْ ثارَنا على مَن ظلَمَنا، وانصُرنا على مَن عادانا، ولا تجعلْ مُصيبتَنا في دِينِنا، ولا تجعلِ الدّنيا أكبرَ همِّنا ولا مَبلغَ عِلمنا، ولا تُسلِّطْ علينا مَن لا يرحمُنا، برحمتكَ يا أرحمَ الراحمين».

دعاء ليلة النصف من شعبان

من أدعية ليلة النصف من شعبان، ما راوه الشيخ الطوسي في (المصباح)، والسيد ابن طاوس في (الإقبال)، وقال إنه بمنزلة القَسم على الله تعالى بجلالة المولود في هذه الليلة الشريفة:

«اللّهُمّ بحقّ ليلتِنا هذه ومولودِها، وحُجّتِك ومَوعودِها، التي قَرَنْتَ إلى فضلِها فضلاً، فتمّتْ كلمتُكَ صِدقاً وعدلاً، لا مُبَدِّلَ لكلماتِك ولا معقِّبَ لآياتِك، نورُك المتألِّقُ وضياؤك المُشرِق، والعَلَمُ النّورُ في طَخْياء الدَّيجور، الغائبُ المستور، جَلَّ مولِدُه وكَرُم مَحْتِدُه، والملائكةُ شُهَّدُه، واللهُ ناصِرُه ومؤيِّدُه إذا آنَ ميعادُه والملائكةُ أمدادُه. سيفُ الله الذي لا يَنبو، ونورُه الذي لا يَخبو، وذو الحِلم الذي لا يَصبو، مدارُ الدّهرِ ونواميسُ العَصر، ووُلاةُ الأمرِ، والمُنَزَّلُ عليهم ما يُنزَّلُ (يَتنزَّلُ) في ليلةِ القدر، وأصحابُ الحَشرِ والنّشرِ، وتَراجمةُ وَحْيِه ووُلاةُ أمرِه ونَهيِه.

اللَّهُمّ فَصَلِّ على خاتمِهم وقائمِهم، المستورِ عن عوالمِهم.

اللّهُمّ وأدرِكْ بنا أيّامَه وظهورَه وقيامَه، واجعلْنا من أنصارِه، واقْرِن ثارَنا بِثَارِه، واكتُبنا في أعوانِه وخُلصائه، وأحْيِنا في دولتِه ناعمِين، وبصُحبتِه غانمِين، وبحقِّه قائمِين، ومِن السّوءِ سالمِين، يا أرحمَ الراحمين، والحمدُ لله ربّ العالمين، وصلّى اللهُ على محمّدٍ خاتَم النبيّين والمرسَلين، وعلى أهل بيته الصّادقين وعِترته النّاطقين، والعَنْ جميعَ الظالمين، واحكُم بيننا وبينهم يا أحكمَ الحاكمين».


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

26/04/2017

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات