بسملة

بسملة

25/05/2017

بين «بدر» العصر، وفتح مكّة


بين «بدر» العصر، وفتح مكّة

بقلم: الشيخ حسين كَوراني

كانت وقعة «بدر الكبرى» إيذاناً بتحطيم جبروت قريش وأصنامها.

بعد هذه الوقعة صار شهر رمضان عنوان النصر على الشيطان في الجهادَين الأكبر والأصغر.

من «بدر الكبرى» إلى اكتمال ﴿نَصْر اللهِ والفَتح﴾، تواصلت منازلات التوحيد ضدّ شرك التحالف الأمويّ - اليهوديّ.

كانت المعارك طاحنةً ضروساً. أشدّها دويّاً معركة «الخندق»: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ (الأحزاب:10) ".." ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ (الأحزاب:25-27).

ما هي معالم صورة واقع الأمّة اليوم، في مواجهتها للطبعة الحجريّة المستنسخة من التحالف الأمويّ - اليهوديّ؟

***

حتّى يومنا هذا، انجلى غبار النقع، في جميع المعارك التي شغّل فيها الشيطان الأكبر الأميركيّ آل سعود ودواعشهم - وما يزال، بل كأنّه الآن بدأ - عن الحقائق المركزيّة التالية:

أولاً: انكشاف تواصل التحالف الأمويّ - اليهوديّ الذي أسّسه أبو سفيان مع يهود المدينة المنوّرة.

ثبت هذا التواصل بالأدلّة القاطعة ومن أضعفها «بوّابة الجولان» لتسليح دواعش «آل سعود» ومعالجة «الجَرحى»!

ثانياً: انكشاف حقيقة التّماهي السعوديّ مع الكيان الصهيونيّ المحتلّ، والصهيونيّة العالميّة عموماً، ليكتمل يقين الأمّة - ولو تدريجياً - بأن للغدّة السرطانيّة المسمّاة «إسرائيل» وجهَين: مضمرٍ، وهو آل سعود ووهّابيّتُهم الداعشيّة، ومعلنٍ، وهو الصهاينة المحتلّون لفلسطين.

بات واضحاً كالشمس في رابعة النهار، أن «بلفور» لم يجرؤ على إعطاء وعده المشؤوم لليهود بفلسطين، لولا وجود الحاضنة السعوديّة - الوهّابيّة، الوجهِ المضمر للغدّة السرطانيّة.

ثالثاً: بعد أوّل هزيمة مدوّية للكيان الصهيونيّ في حرب تمّوز، اضطرّ آل سعود مرغمين إلى تبادل دورهم السرّيّ المضمر مع الكيان الصهيونيّ، فتصدّروا واجهة التآمر على الأمّة، الأمر الذي أسهم في انكشاف كلّ أوراقهم طيلة حوالي ثلاثة قرون إلا ربع قرن، وبسرعة قياسيّة.

رابعاً: تزامن مع هذا التبدّل الفوريّ في دورَي الغدّة السرطانيّة، أمران في غاية الأهمّيّة:

الأول: إعادة الأمّة قراءة تاريخ المنطقة من مرحلة ما قبل وعد «بلفور»، مروراً به و«بالنكبة»: عام 48م، و«النكسة» عام 67م، وبمصادرة وحرْف أهداف حرب 73م، ومجيء «آل سعود» بدعم أسيادهم بالسادات رئيساً لمصر، تمهيداً لمشروع «فهد» في قمّة «فاس» الثانية عام 82م.

الثاني: اضطرار الشيطان الأكبر الأميركيّ لبعثرة جميع أوراقه في المنطقة من حكامٍ دُمىً، وخُطط، وصولاً إلى القرار بإعادة رسم خارطة المنطقة لمرحلة ما بعد «سايكس - بيكو».

وكما زاد فشل الأداء السعوديّ في انكشاف حقيقة «آل سعود»، فقد زاد فشل تخبّط الإدارة الأميركيّة، جرّاء الهزائم المتتالية طيلة السنوات الماضية (2006-2017م).

خامساً: مع انكشاف حقيقة آل سعود، ظهر جليّاً أن «حصان طروادة» اليهوديّ أو المتهوّد والمتَصَهْيِن، لا ينحصر بآل سعود فقط، بل يشمل كلّ الوهّابيّين، وبعض الأُسَر الحاكمة في «الخليج»، خصوصاً في قطر والإمارات، وخارج المنطقة العربيّة خصوصاً الإدارة السياسيّة في تركيا.

كما اتضح أنّ في المحسوبين على جمهور محور المقاومة ﴿مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ (النساء:143).

يمكن رصد خصائص هؤلاء المذبذبين في الآيات التالية:

* ﴿... وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ (الأحزاب:13).

* ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ * وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (التوبة:101-102).

* ﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (التوبة:62).

* ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾ (التوبة:81).

* ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾ (التوبة:87).

* ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ (البقرة:14-16).

سادساً: إعادة الاعتبار لصوابيّة التوجّه القوميّ والوطنيّ للرئيس المصريّ جمال عبد الناصر، وللتوجّه السياسيّ لحركات ما عُرف باسم «اليسار» في مقابل «الرجعيّة العربيّة».

***

لا يحتاج الباحث إلى بذل الجهد، ليكتشف الغباء الذي ران على قلوب الشيطان الأكبر و«إسرائيلَيه» وجهَي الغدّة السرطانيّة، ليتضح بالتالي – في ضوء السُّنَن الكونيّة القرآنيّة - أنّ معسكر الشيطان يسعى إلى حتفه بظِلفِه.

لقد أحرق المعسكر الأميركيّ من أوراق قوّته في إحدى عشر سنة، ما بناه طيلة الحقبة الاستعماريّة للمنطقة.

يكفي لليقين بذلك أن نتصور النتائج فيما لو أنّ هذا المعسكر لم يلجأ إلى السلاح والهمجيّة الداعشيّة، مكتفياً بالحراك الشعبيّ في سوريا وغيرها.

يضاف إلى إحراق «ورقة الشارع والجماهير»، خسائر المعسكر الأميركيّ الفادحة، التالية:

أ) اهتزاز صورة «القطب الأوحد»، إلى حدودٍ قصوى لم يبلغها من قبل.

ب) التخلّي عن الأنظمة التي شكّلت وسيلة استعباده لشعوب المنطقة.

ت) احتراق ورقة «خادم الحرمين الشريفين» التي تحدث عنها «أيزنهاور» في مذكّراته، منظّراً لأهميّة استغلالها لفرض الوصاية الأميركيّة على المنطقة، بل وحيثما يتمدّد الفكر الوهّابيّ معزّزاً بسلاح البترودولار.

ث) احتراق ورقة «الوهّابيّة» وكلّ الحركات المتأسلمة، أو الإسلاميّة الغبيّة.

من نتائج هذه الخسائر المحوريّة، والانتصارات المتتالية لمحور المقاومة، أنّ المنطقة بلغت آخر النفق الاستعماريّ الخانق، وعلى الله قصد السبيل.

* ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (الحشر:2).

* ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الأنفال:34).

* ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ (الأنفال: 35).

* ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ (الأنفال:36).

***

يُجمع المسلمون على أن فتح مكة قادمٌ مهما تأخّر التوقيت.

يعني هذا الإجماع أن المستقبل للأمّة، والأمويّون واليهود لا مستقبلَ لهم.

لن يتمكّنوا من الإجلاب بخيلهم ورَجِلهم، أكثر مما أجلبوا.

يتوقف تسريع النصر النهائيّ على تعميق وعي الأمّة في مجالين:

1) أن الوهّابيّين وآل سعود ليسوا من الأمّة. يبرأ منهم السنّة كما نبرأ منهم.

2) الحذر البالغ من الفتنة الشيعيّة - الشيعيّة، فلا نختلفْ ونحن على «عدوة فرسٍ» من النصر. لن يضرّ المداهن لآل سعود إلا نفسه.

ستزول «إسرائيل»، ويزول معها «آل سعود» الحاضنة اليهوديّة الشمطاء، ويلحق بهم من آثر الاصطفاف معهم.

﴿كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (المجادلة:21).

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

25/05/2017

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات