وصايا

وصايا

19/08/2017

.. واللهَ الله فِي بيتِ ربِّكم


.. واللهَ الله فِي بيتِ ربِّكم

شرح وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لأهل بيته والمسلمين عامّة

ـــــــــــــــــــــــــــ السيد حبيب الله الهاشمي الخوئي  رحمه الله ـــــــــــــــــــــــــــ

قال أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في وصيّته للإمامين الحسن والحسين عليهما السلام، ولأهل بيته، وعامّة المسلمين لمّا ضربه ابن ملجم لعنه الله:

* أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللهِ.

* وأَلَّا تَبْغِيَا الدُّنْيَا وإِنْ بَغَتْكُمَا. (البَغي هنا بمعنى الطلب)

* ولَا تَأْسَفَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا. (زُوي: قُبض أو نُحِّيَ)

* وقُولَا بِالْحَقِّ واعْمَلَا لِلأَجْرِ.

* وكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً ولِلْمَظْلُومِ عَوْناً.

أُوصِيكُمَا وجَمِيعَ وَلَدِي وأَهْلِي ومَنْ بَلَغَه كِتَابِي:

* بِتَقْوَى اللهِ، ونَظْمِ أَمْرِكُمْ، وصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم يَقُولُ: صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ والصِّيَامِ.

* اللهَ الله فِي الأَيْتَامِ فَلَا تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ، ولَا يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ. (اللهَ الله: منصوب على التحذير، أي اتّقوا الله. فَلَا تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ: أي لا تطعموهم يوماً بعد يوم فتجيعوهم)

* واللهَ الله فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ؛ مَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّه سَيُوَرِّثُهُمْ.

* واللهَ الله فِي الْقُرْآنِ؛ لَا يَسْبِقُكُمْ بِالْعَمَلِ بِه غَيْرُكُمْ.

* واللهَ الله فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ.

* واللهَ الله فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ لَا تُخَلُّوه (فَلَا يَخْلُو مِنْكُم) مَا بَقِيتُمْ؛ فَإِنَّه إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا. (لم تُناظروا: أي لم تُمهَلوا، فيعجّل لكم البلاء والاستئصال)

* واللهَ الله فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وأَنْفُسِكُمْ وأَلْسِنَتِكُمْ فِي سَبِيلِ الله.

* وعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ والتَّبَاذُلِ، وإِيَّاكُمْ والتَّدَابُرَ والتَّقَاطُعَ.

* لَا تَتْرُكُوا الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ».

*  ثُمَّ قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً؛ تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. أَلَا لَا تَقْتُلُنَّ بِي إِلَّا قَاتِلِي. انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِه هَذِه فَاضْرِبُوه ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ، ولَا تُمَثِّلُوا بِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم يَقُولُ: إِيَّاكُمْ والْمُثْلَةَ، ولَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ». (المُثلة: تقطيع الأعضاء)

شرحُ الوصية

هذه وصيّة عامّة من أمير المؤمنين صلوات الله عليه لأهل بيته وغيرهم من المسلمين، نظمَها في اثنتي عشرة مادّة:

1) ملازمة التقوى.

2) التزام النظم في كلّ الأمور، فإنّ عدم رعاية النظم يُوجب عدم الوصول إلى المآرب والحوائج.

3) إصلاح ذات البَين وترك الخصومة والنزاع والنفاق.

4) رعاية الأيتام في حفظ مالهم وتغذيتهم وتربيتهم، وهو غير البالغ الّذي فقد أباه. قال الشارح المعتزلي: «والظاهر أنّه عليه السلام، لا يعني الأيتام الذين لهم مالٌ تحت أيدي أوصيائهم، لأنّ أولئك الأوصياء محرَّمٌ عليهم أن يصيبوا من أموال اليتامى إلّا القدر النّزر جدّاً عند الضرورة، ثمّ يقضونه مع التمكّن، ومَن هذه حاله لا يحسن أن يقال له: لا تغبّوا أفواه أيتامكم، وإنّما الأظهر أنّه يعني الَّذين مات آباؤهم، وهم فقراءُ يتعيّن مواساتهم، ويقبح القعودُ عنهم، كما قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ الدهر:8. واليُتم في الناس من قِبل الأب..». إلى أن قال: «ولا يسمّى الصبيّ يتيماً إلَّا إذا كان دونَ البلوغ، وإذا بلغ زال اسم اليُتم عنه، واليتامى أحد الأصناف الَّذين عُيّنوا في الخمس بنصّ الكتاب العزيز».

5) رعاية الجيران، فإنّ الجار بمنزلة الملتجئ المأمون بالنسبة إلى جاره، ومن حقّه كفّ السوء عنه والإحسان والإعانة بالنسبة إليه، وأبلغ ما رُوي في حقّ الجار، ما حدّثه عليه السّلام عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله، من قوله: «ما زالَ يُوصي بهِم حتّى ظَننّا أنّه سَيُورّثهم».

وفي الحديث أنّ حُسن الجوار وصِلة الرّحِم يعمران الديار ويزيدان في الأعمار. وقد ورد في ذمّ جار السوء أخبار وآثار كثيرة.

6) ملازمة القرآن تعليماً وتعلَّماً، وملازمة العمل به وبأحكامه، وقد حذّر عليه السلام من المسامحة في ذلك إلى حيث يسبق غير المسلمين عليهم في العمل به، كما نشاهده الآن من عمل غير المسلمين بأحكامه العامّة، من الصدق والتعاون والجدّ في العمل، حتّى تقدّموا على المسلمين في كثيرٍ من الأمور.

7) ملازمة إقامة الصلاة بالجمعة والجماعة، كما هي سنّة الرسول صلَّى الله عليه وآله، فإنّها بهذه الكيفيّة عمود الدين، ومِلاك تربية المسلمين وجمْعهم، وتأليف قلوبهم ووحدتهم.

8) ملازمة إقامة شعائر الحجّ في كلّ سنة، ليجتمع جميع المسلمين في هذا المعبد الإسلاميّ العامّ، فيتعارفون ويتعاونون ويشدّ بعضهم أَزْرَ بعض، فإنّ الحجّ عمود الاجتماع الإسلامي، فلو تُرك تنثلِمُ الوحدة الإسلاميّة، ولا يُناظر المسلمون.

9) الجهاد بالمال والنفس واللّسان، فإنّه واجبٌ على كلّ حال بحسب اقتضاء الأحوال.

10) التواصل وحفظ الرابطة مع الإخوان المسلمين في شتّى البلاد الإسلاميّة، وبذْل العون بالمال والحال بعضهم مع بعض.

11) ترْكُ التدابر والهجر والقطيعة، فإنّه يوجب المَقت، والعداوة، وسوء الظنّ، والتخاذل.

12) ملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لردع الأشرار عن أعمالهم السوء، وقيام الأبرار بإجراء الأمور النافعة للعامّة والأمّة، فإنّ التسامح فيهما يوجب تسلُّط الأشرار، والاستيلاء على موارد القدرة والثروة في المجتمع الاسلاميّ، فلا يؤثّر الدعاء في دفعهم بسبب تقصير المسلمين وجرّهم البلاء إلى أنفسهم.

ثمّ وصّى أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالاكتفاء بالقصاص من القاتل، وعدم الأخذ بالظنّة والتهمة، وعدم الانتقام من سائر الأمّة، وإنْ كانوا أعداء، وعدم التمثيل بالجاني، والاكتفاء بضربةٍ لقاء ضربة.

* المصدر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: ج 20، ص 129 – 133.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

19/08/2017

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات