الملف

الملف

16/09/2017

محرّم وعاشوراء في فكر الإمام الخميني قدّس سرّه

 

محرّم وعاشوراء في فكر الإمام الخميني قدّس سرّه

منهجٌ حيّ لكلِّ زمانٍ ومكان

§        إعداد: «شعائر»

* «إنّ كلّ ما لدينا من محرّم وعاشوراء»، بهذه الكلمات عبّر الإمام الخميني قدّس سرّه، عن سرّ حفظ الإسلام وانتصارات الأمّة إلى يومنا هذا، وذلك من خلال إحياء ذكرى النهضة الحسينية والتذكير بأهدافها، وإقامة المجالس والمآتم، وحرقة ذلك البكاء الذي لا يزال يستنهض الهمم جيلاً بعد جيل، إلى ظهور الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

ما يلي، مقتطفات من ثلاث خطب ألقاها الإمام الراحل في منزلة محرّم وعاشوراء مبيّناً أهداف الثورة الحسينيّة وأبعادها العقائدية والسياسية.

«شعائر»

 

خوف الظالمين من البكاء على سيد الشهداء عليه السلام

* إنّ الذي صان الإسلام وأبقاه حيّاً حتى وصل إلينا نحن المجتمعين هنا، هو الإمام الحسين عليه السلام.

* نحن السائرون على نهجه والمقتفون لآثاره، والمقيمون لمجالس العزاء التي أمرَنا بها الإمام جعفر الصادق عليه السلام، وأئمّة الهدى عليهم السلام، إنّما نكرّر عين ما كان، ونقول ما كان يقوله الإمام ويروم تحقيقه، ألَا وهو مكافحة الظلم والظالمين.

* ما ورد في الروايات مِن أنّ مَن بكى، أو تباكى، أو تظاهر بالحزن، فإنّ أجره الجنّة، إنّما يُفسَّر بكون هذا الشخص يساهم في صيانة نهضة الإمام الحسين سلام الله عليه.

* رضا خان لم يكن ليبادر هو بنفسه إلى معارضة إقامة هذه المجالس، بل إنّه كان ينفّذ توجيهات وأوامر أولئك الخبراء الذين كانوا يعدّون الدراسات، ويرصدون هذه الأمور. فأعداؤنا كانوا قد درسوا أوضاع الشعوب، وأمعنوا النظر في أحوال الشيعة، فتوصّلوا إلى حقيقة عدم تمكّنهم من بلوغ غاياتهم وتحقيق مقاصدهم الخبيثة، ما دامت هذه المجالس موجودة، وما دامت هذه المراثي تُقرأ بحقّ المظلوم، وما دام يجري من خلالها فضح الظالم وممارساته، ولذلك فقد ضيّقوا الخناق في عهد رضا خان على إقامة المواكب والمجالس الحسينية في إيران، (وقيّدوا حريّات) الخطباء والعلماء في ارتقاء المنبر وممارسة الخطابة والتبليغ، وشنّوا حملة تبليغٍ شعواء، فأعادونا القهقرى، ونهبوا كلّ ثرواتنا.

* ظهرت الآن فئة تقول: لنترك المجالس وقراءة المراثي. إنّهم يجهلون أبعاد ومرامي المجالس الحسينية، ولا يعلمون أنّ ثورتنا هي امتداد لنهضة الحسين عليه السلام، وإنّها تبعٌ لتلك النهضة وشعاع من أشعتها، إنّهم لا يعون أنّ البكاء على الحسين يعني إحياءً لنهضته، وإحياءً لقضية إمكانية نهوض ثلّة قليلة بوجه إمبراطورية كبرى، إنّ هذه القضية منهج حيّ لكلّ زمان ومكان.

 * .. فلا يتصوّر أبناؤنا وشبّاننا أنّ القضية بكاء شعب لا غير! وأنّنا «شعبٌ بكّاء»! على ما يريد الآخرون أن يوحوا لكم به. إنّهم يخافون من هذا البكاء بالذات، لأنّه بكاءٌ على المظلوم، وصرخة بوجه الظالم، وهذه المواكب التي تجوب الشوارع للعزاء إنّما تواجه الظّلمَ وتتحدّى الظالمين، وهو ما ينبغي المحافظة عليه، إنّها شعائرنا الدينية التي ينبغي أن تُصان، وهي شعائر سياسية يلزم التمسّك بها. حذار من أن يخدعكم هؤلاء الكتّاب الذين يهدفون إلى تجريدكم من كلّ شيءٍ، وذلك تحت أسماء ومرامي منحرفة مختلفة.

* هؤلاء الذين يطالبوننا بالكفّ عن المآتم والمجالس الحسينية، لا يعلمون أنّ هؤلاء المقيمين لهذه الشعائر إنّما يقدمون لهذا البلد وللإسلام أسمى الخدمات، وعلى شبّاننا أن لا ينخدعوا بتخرّصات هؤلاء وادّعاءاتهم، إنّهم ــ أيُّها الشبان ــ أناسٌ خوَنة، هؤلاء الذين يوحون إليكم بأنّكم «شعب بكّاء» فأسيادهم وكبراؤهم يخشون هذا البكاء.

* ينبغي أن لا يتصوّر شبّاننا بأنّهم (يقومون بعملٍ جيّد) عندما يغادرون المجلس حينما يتعرّض الخطيب لذكر المصيبة، هذا تصرّف خاطئ جداً، ينبغي أن تستمرّ المجالس بإقامة العزاء، ينبغي أن تذكر المظالم كي يفهم الناس ماذا جرى، بل إنّ هذا يجب أن يقام كلّ يوم، فإنّ لذلك أبعاداً سياسية واجتماعية غاية في الأهمية.

(حديث الإمام في جمع من علماء طهران:21/9/1979)

التضحية في ساحة المعركة والتبليغ خارجها

* ما هو واجبنا ونحن على أعتاب شهر محرّم الحرام؟ وما هو تكليف العلماء والخطباء الكرام في هذا الشهر؟ وما هي وظيفة سائر شرائح الشعب وفئاته؟ لقد حدّد سيّد الشهداء عليه السلام، وأنصاره، وأهل بيته، تكليفنا وهو التضحية في الميدان، والتبليغ في خارجه.

* نفس القيمة التي تمتلكها تضحية الحسين عليه السلام عند الله تبارك وتعالى، ونفس الدور الذي أدّته في تأجيج نهضته، تملكها ــ أو تقاربها ــ خُطَب السجّاد عليه السلام، وزينب عليها السلام أيضاً... فتأثيرها يعادل أو يقرب من تأثير تضحية الحسين عليه السلام بدمه.

* لقد أفهمنا سيّد الشهداء عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، إنّ على النساء والرجال ألّا يخافوا في مواجهة حكومة الجَور. فقد وقفت زينب سلام الله عليها، في مقابل يزيد -وفي مجلسه- وصرخت بوجهه وأهانته وأشبعته تحقيراً، بما لم يتعرّض له جميع بني أمية طُرّاً في حياتهم. كما أنّها عليها السلام، والسجّاد عليه السلام، تحدّثا وخطبا في الناس أثناء الطريق وفي الكوفة والشام.

(خطاب الإمام قدّس سرّه، في جمع من خطباء وعلماء قمّ، وطهران، وآذربيجان: 17/10/1982)

مجالس العزاء تعبئة في صراط التوحيد

* طوال التاريخ، كانت مجالس العزاء ــ هذه الوسائل التنظيمية ــ منتشرة في أرجاء البلدان الإسلامية، وفي إيران التي صارت مهداً للإسلام والتشيّع، أخذت هذه المجالس تتحوّل إلى وسيلة لمواجهة الحكومات التي توالت على سدّة الحكم، ساعية لاستئصال الإسلام وقلعه من جذوره، والقضاء على العلماء، فهذه المجالس والمواكب هي التي تمكّنت من الوقوف بوجهها وإخافتها.

* في المرة الأولى التي اعتقلتني سلطات النظام الملكي، وجيء بي من قمّ إلى طهران، قال لي بعض رجال أمنهم الذين اصطحبوني في السيارة: لقد جئنا لإلقاء القبض عليك والخشية تملأنا من أن يطّلع على أمرنا أولئك الموجودون في تلك الخيَم والتكايا بمدينة قمّ، فنعجز حينذاك عن أداء مهمتنا. وخوف هؤلاء ليس بشيء، لكنّ القوى الكبرى تخشى هذه المواكب والمآتم، القوى الكبرى تخشى هذا التنظيم الذي لا يستند إلى يدٍ واحدة تحرّكه، فالشعب يجتمع في هذه المجالس طواعيةً، وتنعقد هذه المجالس في كلّ أنحاء البلاد، في بلدٍ مترامي الأطراف، في أيام عاشوراء، وخلال شهري محرّم وصفر، وفي شهر رمضان المبارك، فهذه المواكب والمآتم هي التي تجمع الناس.

* قد يسمّينا المتغرّبون بــ«الشعب البكّاء»، ولعلّ البعض منا لا يتمكّن من قبول أنّ دمعة واحدة لها كل هذا الثواب العظيم، لا يمكن إدراك عظمة الثواب المترتّب على إقامة مجلس للعزاء، والجزاء المعدّ لقراءة الأدعية، والثواب المعدّ لمن يقرأ دعاءً ذا سطرين مثلاً.

* إنّ المهمّ في الأمر هو البعد السياسي لهذه الأدعية وهذه الشعائر، المهمّ هو ذلك التوجّه إلى الله وتمركز أنظار الناس إلى نقطة واحدة وهدف واحد، وهذا هو الذي يعبّئ الشعب باتجاه هدف وغاية إسلامية...

(حديث الإمام مع علماء قم وطهران:21/6/1986)

 

توجيهات الإمام الخامنئي لمحبّي الإمام الحسين عليه السلام

لا بدّ من التركيز على تعزيز الاهتمام بالصلاة في يوم عاشوراء بعد إقامة مراسم العزاء، أكثر من أيّ وقت مضى، ونحمد الله أنّ هذه الشعيرة تقام الآن منذ عدّة سنوات.

من الأمور التي يجب الاهتمام بها هي تلاوة القرآن الكريم ونشر المعارف القرآنية، ومن المطلوب أيضاً إدراج المفاهيم القرآنية في الأشعار الحسينية؛ حيث إنّ هذه المفاهيم تشعل في النفوس نبراس الثورة الحسينية التي جاءت من أجل الإسلام، وعودته إلى الحياة.

إنّ مواكب الحسين عليه السلام لا يمكن لها أن تنفصل عن السياسة، وكلّ من يحبّ هذا الإمام العظيم لا يستطيع أن يغضّ الطرف عنها، حيث إنّ الذي يحبّ الإمام عليه السلام، يعني أنّه يحبّ الإسلام السياسي، والإسلام المجاهد، والإسلام المقاتل، والإسلام الذي يضحّي بالدم والنفس من أجل العقيدة والدين. ولا يمكن للإنسان أن يأتي إلى مراسم عزاء الحسين عليه السلام، ولا يتدخّل في السياسة، ولا يهتم بأمور المسلمين.

إنّ أفضل العناصر التي يجب أن تشارك في هذه المراسم هم المجاهدون في سبيل الله، أبطال الإسلام الذين دافعوا عن كيان الوطن الإسلامي بكلّ ما لديهم من قوّة. فمثل هؤلاء يجب أن يتمّ الاعتماد عليهم في إقامة مراسم الإمام الحسين عليه السلام.

إنّ مسألة تربية (وإعداد) الخطباء الذين يَرثون الإمام الشهيد وعدم وقوعهم في الخطأ من الأمور المهمّة؛ حيث يجب على الخطيب والراثي مراقبة ما يقوله وعدم التفوّه بشيءٍ خاطئ قد يرسم صورة خاطئة عن الدين لدى الحاضرين. فمثلاً عندما يتحدّث شخصان في مكانٍ ليس فيه ثالث لا يضرّ شيئاً، إلّا أنّه عندما يتكلّم شخص أمام العشرات أو المئات يختلف الأمر، حيث يتناقل الحاضرون الكلام الخاطئ ويبني عليه آخرون، فيصبح الأمر مشكلة؛ ألا وهي امتعاض الناس من الدين، والابتعاد عنه بسبب عدم وجود تفهّم صحيح لواقعة عاشوراء.

(وكالة تسنيم للأنباء: 2015/10/16)

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

16/09/2017

أرشيفو

نفحات