بسملة

بسملة

15/12/2017

بداية زوال الهيمنة الأميركيّة، وزوالِ «إسرائيل» والحاضنة


بداية زوال الهيمنة الأميركيّة، وزوالِ «إسرائيل» والحاضنة

بقلم: الشيخ حسين كَوْراني

ربيعُ «القدس» العربيّ، والعالميّ، الذي نتنسّم شذا تفتُّح براعمه الأولى في هذه الأيّام التاريخيّة حدٌّ وسدٌّ، بين حقبة «سايكس بيكو»، وما بعدها من استقلالٍ وتحرّرٍ وعزٍّ وكرامة.

 يوم أعلن فقيهٌ أبرز من فقهاء الإسلام وحصونه «يوم القدس العالميّ»، كانت بداية التأسيس لهذا الربيع الأبهج.

وحين واصل خليفته الفقيه الخامنئيّ، رفْع راية القدس، وحددّ للمجاهدين بوصلتهم في مسار «إزالة إسرائيل من الوجود»، تواصَل البناء على هذا الزرع، فأثمر وأينع.

تباشير القطاف، آلاف العمليات، ورواسي الجهود المضنية، وشلّال الدم المتعطّش إلى جهاد «بدرٍ» و«كربلاء»، إلى الحرّيّة والسلام. بارك الله تعالى هذه الجهود، فكانت «حرب تمّوز» وانتصارات «غزّة» في حروبها المتكرّرة.

***

منذ «حرب تمّوز» وإلى الساعة التي نحن فيها، بدتْ أميركا و«إسرائيلاها» آل سعود، والكيان المحتلّ، كالثور الهائج، ولا إغراق. ﴿.. إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾!! (الفرقان:44)

مُذْ ذاك وهم:

·        ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ﴾. (التوبة:57)

·        ﴿.. عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾. (آل عمران:119)

·         ﴿.. تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا ..﴾. (الحج:72)

·        ﴿.. كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾. (المائدة: 64).

لا خطوط «نتنياهو» الحمر أجدتْهم، ولا الربيع العربيّ المزعوم أسعَفَهم.

وحين لم يعد في جعبتهم إلا استنساخ داعشيّة مجازر الدّرعيّة، والطائف، ودير ياسين وبحر البقر، استنفروا الدواعش الوهّابيّين المتصهينين، فإذا بهم ﴿مِنْ كُلِّ حَدَبٍ﴾ لوّثه «إسلام الوهّابيّة والصّهيو - دولار، الأمويّ - الأميركيّ»،- ﴿يَنْسِلُونَ﴾.

طاشتْ سهامُ حقدِهم. ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ (الأحزاب:25).

***

تمازج سابقُ مخزون الحقد الدفين، مع ما استجدّ من تنمّر الغيظ جرّاء تجرّع مرارات الخيبة المدويّة، فضلّ ضلالُهم، وجنّ جنونُهم!!

وفي «جنون البقر» بعض الشرح الذي يَشي ببعض جنون الثور البشريّ الهائج؟

كان جنونهم في البحرين في البدايات قبل المرحلة «الداعشيّة»، تلاه جنونهم في اليمن مع تصاعد ضرم أخاديدهم الداعشيّة المتنقّلة في كلّ العراق والشام، ولبنان، وفي نقاطٍ من مصر، وتونس، وليبيا.

أخاديدُ، أين من بعضها نيرانُ أصحاب «الأخدود» وحقدُهم. ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾. (البروج:4- 9).

ما ظنّك  -إذاً- بجنونهم، بعد أن أيقنوا بأنّ محرقة العصر التي أحمَوا وطيسها ستذهبُ أدراجَ الرياح.

لا نجد في معاجم اللّغة -وعلى ذمّة «الجوهريّ» في (الصِّحاح)- ما يقارب وصف حالهم، إلا تعبير «ضلّ ضلالهم» و«جنّ جنونهم».

***

هل عرفتَ السبب في الإجماع العالميّ غير المسبوق، على أنّ قرارات «أميركا وإسرائيليها» في هذه المرحلة -بالخصوص- هوجاء، وفي منتهى الفجاجة والرعونة والصّلف.

·        أين التعقّل، أو التظاهر به، من كلّ المشاريع الأميركيّة السياسيّة والعسكريّة في المنطقة، منذ «حرب تمّوز»، مروراً بفتح بوّابة الجولان، تتويجاً لسيلٍ من تصريحات شيوخ الفتنة وسياسيّيها حول العلاقات المتينة بين «الثوّار!» السوريّين، والدواعش عموماً، وبين «إسرائيل»، وصولاً إلى إطلاق «الدواعش» وتسخير الأخطبوط الإعلاميّ الاستعماريّ لتظهير أنّ حركتهم عفويّة خارج إرادات أميركا والأنظمة المحلّيّة التابعة!، والذهاب في ذلك إلى أبعد مديات استغباء الشعوب عبر تشكيل «التحالف الدوليّ» لمحاربة «الإرهاب»!!

·        أيّ منطقٍ سليمٍ، وحساباتٍ مدروسةٍ، يحملهم على حرق كلّ الأوراق التي كانوا يتستّرون بها؟

·        أين هو التعقّل، أو التظاهر به، من احتفالات «أميركا» و«إسرائيليها» بتنصيب «محمّد بن سلمان» برتبة المندوب السامي الصّهيو - أميركيّ، وفوق العادة، على منطقة «الشرق الأوسط» كما يسمّونها، وتزويده بكلّ ما يمكّنه من مواصلة الغارات الجويّة -وغيرها- على اليمن طيلة ما يزيد على الألف يوم؟!

·        أين التعقّل في زيارة «ترامب» إلى «السعوديّة» وما رافقها من أجواء السلب العلنيّ غير المنظّم لثروات أهل الحجاز، في سياق الشعار الانتخابيّ عن «البقرة الحلوب»؟

·        وأين السياسة والتعقّل، ممّا حرّضتْ أميركا عليه «آل سعود» تجاه العراق، فإذا بهم يحاولون بناء جسر علاقات حميمة بالعشائر العراقيّة، ليتسلّلوا إلى النسيج العراقيّ لمعاودة زرع الفتنة الطائفيّة التي فشل «آل سعود» بإشعالها عبر «دواعشهم»؟ هل يُمكن أن ينسى الشعب العراقيّ الأبيّ، مجازر الدواعش بتمويلٍ سعوديّ بالدّرجة الأولى؟

·        وأين الحنكة والتظاهر بالتعقّل في ما جرى لرئيس الوزراء اللبنانيّ في «السعوديّة» بتسويلٍ وصمتٍ أميركيّين، دون أدنى شكّ؟!

·        وأخيراً، أين ولو أدنى مسكةٍ من التعقّل في قرار «ترامب» الاعتراف بالقدس كعاصمةٍ للاحتلال؟!

***

لا يعفينا ما تقدّم -رغم متانته- من مواصلة التدبّر والتعمّق لمعرفة السبب الأوّل والرئيس لهذا المسلسل العجيب من القرارات الرعناء والمواقف الهوجاء.

ما هو السبب الذي جعل دولةً عظمى تتصرّف بهذه الرعونة العمياء؟

«أميركا» التي تعتبر نفسها القطب الأوحد، وكان قادتها بالأمس القريب يتبجّحون علناً بأنهم «سيبنون العالم كما يحلو لهم»، هي اليوم «القطب الأوحد» في التندّر واستنزال الإدانة والشّجب واللّعنات.

تراكمَ رصيدُ هذه «اللعنة العالميّة» لأميركا، طيلة العقود الأخيرة الماضية، وتعاظمَ مع مجازر «دواعش آل سعود»، وبلغ سيلُه الزُّبى مع فوز «ترامب» في انتخابات الرئاسة الأميركيّة، وسدّ نشازه الآفاق، مع قرار نقل السفارة الأميركية إلى «القدس».

لأوّل مرّة في تاريخ «أميركا» تبلغ الإدانات العالميّة لها إلى حيث تستحقّ أن تسجَّل في موسوعة «غينيس» باعتبارها الدولة العظمى الأولى التي يُجمع أصدقاؤها بالأمس وأعداؤها على أنها صاحبة أسوإ سجلٍّ سياسيٍّ أسود.

وبعيداً عن توصيف الظواهر المرَضيّة، الذي لا يعدو كونه تسطيحاً لا يقدّم الإجابة الشافية.

حقّاً، ما هو السبب الذي جعل سياسات أميركا و«إسرائيليها - آل سعود، والكيان المحتلّ» تبدو بهذا المستوى من الرعونة والحُمق؟

السؤال هنا عن أصل الداء، وليس عن عوارضه.

***

محالٌ أن نجد الجواب الشافي، إلا في حقيقةٍ واحدة، هي تصدّع البنيان الاستعماريّ في المنطقة، واهتزازه منذراً بالسقوط المدوّي.

أقام الاستعمار البريطانيّ هذا البناء على «آل سعود ووهّابيّتهم»، ولم يجرؤ «بلفور» على وعده اليهود بفلسطين، إلا بعد اطمئنانه لوجود الحاضنة السعوديّة للمشروع الصّهيونيّ.

وحين أفَلَتْ شمس بريطانيا ورثتْ «أميركا» هذا المرتكز للبناء الاستعماريّ، وورثتْ بالطبع ما بُني عليه، ولذلك سجّل «آيزنهاور» في مذكّراته المطبوعة، ضرورة اعتماد «سعود بن عبد العزيز» في مقابل المدّ القوميّ في مرحلة «عبد الناصر».

وجرتْ الأمور كما يشتهي الربّان الصّهيو- أميركيّ في خطٍّ بيانيٍّ تصاعديّ إلى «حرب تمّوز». حيث تصدّع البنيان الصهيونيّ القائم على القاعدة الحاضنة «آل سعود ووهّابيّتهم».

استدعت الضرورة الوجوديّة للهيمنة الصّهيو - أميركيّة، أن ينتقل دور الحاضنة من السِّرّ إلى العلن. كان هذا الانتقال مقتل البناء الاستعماريّ برمّته. اتّضح للقاصي والداني أنّ حامي الحرمين حامي «الدّواعش» والكيان المحتلّ، ومموِّل مجازرهما المتنقّلة الأفظع، وأنّه في الحقيقة «حرامي» الحرمين والقدس وكلّ المقدّسات.

تقارنَ اهتزاز أساس البناء الاستعماريّ، مع حاجة «ترامب» الحياتيّة لحماية اللّوبي الصهيونيّ أمام المخاطر «القانونيّة» التي تبلورت مؤخّراً، وضيّقت عليه الخناق.

 وهكذا، استدعت الضرورات الوجوديّة لثلاثيّ الشيطان، حرق كلّ المراحل، وتعجيل «أميركا وإسرائيليها» إعلان أهدافهم النهائية التي تتلخّص بالاعتراف بالقدس عاصمةً للاحتلال، كمدخلٍ تمهيديٍّ لصفقة العصر التي باتت واضحة المعالم، للسّبب المتقدّم ذاته.

تتلخّص الصفقة المزعومة بدفن القضية الفلسطينية برمّتها، وإنْ لزم البحث عن مكانٍ للتوطين فمساحة سيناء ستّون ألف كلم2، يُمكن أن تكون البديل.

لن تمرّ المؤامرة على القدس، فضلاً عمّا بعدها. «أميركا وإسرائيلاها» إلى زوال.

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 6 أيام

إصدارات عربية

نفحات