الملف

الملف

منذ يوم

سيرة الصدّيقة الكُبرى عليها السلام في مصنّفات المسلمين السنّة


ألزَمَ مودّتها كافّةَ بَرِيّته

سيرة الصدّيقة الكُبرى عليها السلام في مصنّفات المسلمين السنّة

 

§      أحمد بن عبد الله الطبري

* (ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القُربى) تأليف أحمد بن عبد الله الطبريّ، أبو العبّاس، «شيخ الحرم المكّي، وشيخ الشافعية ومحدّث الحجاز»، المتوفّى سنة 694 هجريّة، كما في ترجمته من (شذرات الذّهب).

يقول في مقدّمته على الكتاب: «إن الله عزّ وجلّ قد اصطفى محمّداً صلّى الله عليه [وآله] وسلّم على جميع مَن سواه... وألزم مودّة قُرباه كافّة بريّته... لا جَرَم سنحَ بالخاطر تدوين ما ورد في مناقبهم وتعريف ما رُوي في شريف قدرهم وعلوّ مراتبهم... ووسمتُه بـ(ذخائر العقبى في مناقب ذوي القُربى)... واللهَ أسأل أن يجعل ذلك وسيلةً إلى جنات النعيم..».

ما يلي، مقتطفات مما ذكره الطبريّ تحت عنوان «في ذِكر سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول ابنة سيّد المرسلين»، نوردها مع الإبقاء على عنونته للفقرات وإحالاته إلى المصادر التي نقل عنها.

«شعائر»

 

* وُلدت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم سنة إحدى وأربعين من مولد النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

* وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: إنّ ابنتي فاطمة حوراء.. وإنّما سمّاها فاطمة لأنّ الله عزّ وجلّ فطَمَها ومحبّيها عن النار». أخرجه النسائيّ.

تزويجها وحيٌ من الله عزّ وجلّ

* عن أنَس بن مالك من ضمن حديثٍ طويل.. قال: «.. دعاني النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بعد أيام فقال لي: يا أنَس، أُخرجْ ادعُ لي أبا بكر... وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزبير، (وغيرهم) من الأنصار.

فدعوتُهم فلمّا اجتمعوا عنده كلّهم وأخذوا مجالسهم، وكان عليٌّ غائباً في حاجةٍ للنبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فقال النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم:

(الحمدُ للهِ المحمودِ بنعمتِه، المعبودِ بقدرتِه، المطاعِ بسلطانِه، المرهوبِ من عذابِه وسطواتِه، النافذِ أمرُه في سمائه وأرضه، الذي خلقَ الخلقَ بقُدرته وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدِينِه، وأكرمَهم بنبيّه محمّدٍ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم... [إلى أن قال صلّى الله عليه وآله]:

ثمّ إنّ اللهَ تعالى أمَرني أن أُزوِّج فاطمة.. من عليّ بن أبي طالب، فاشهدوا أنّي قد زوّجتُه على أربعمائة مثقال فضة، إنْ رَضِيَ بذلك...).

ثمّ دعا بطبق من بُسر (البُسر: التمر قبل إرطابه)، فوُضعت بين أيدينا، ثمّ قال: انتهبوا، فانتهبنا. فبينا نحن ننتهب إذ دخل عليٌّ [عليه السلام] على النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فتبسّم النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في وجهه، ثمّ قال: إنّ اللهَ قد أمرَني أن أزوّجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضّة إنْ رضيتَ بذاك.

فقال: قد رضيتُ بذلك يا رسول الله.

قال أنَس: فقال النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: جمعَ اللهُ شملَكما، وأسعدَ جَدَّكما، وباركَ عليكما، وأخرجَ منكما كثيراً طيّباً.

قال أنَس: فوَاللهِ لقد أخرج اللهُ منهما الكثيرَ الطيّب». أخرجه أبو الخير القزويني الحاكمي.

* وعن أسماء، قالت: «لقد أولمَ عليٌّ على فاطمة [عليهما السلام]، فما كان وليمةٌ في ذلك الزمان أفضلَ من وليمته... وكانت وليمته آصعاً من شعير وتمر وحيس». خرّجه الدولابي. [الآصع من الموازين يعادل على تقدير أربعة عشر كيلو غرام تقريباً، والحيس هو الطعام المتّخذ من التمر والأَقِط والسّمن، والأقِط مخيضُ لبن الإبل]

* وعن جابر قال: «حضرنا عُرسَ عليّ وفاطمة [عليهما السلام]، فما رأيت عرساً كان أطيبَ منه، حشونا البيت طِيباً وأتينا بتمرٍ وزبيب». خرّجه أبو بكر بن فارس.

* وعن أسماء بنت عميس، قالت: «لقد جُهّزت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى عليّ بن أبي طالب [عليه السلام]، وما كان حَشوُ فرشهما ووسائدهما إلّا ليفاً». خرّجه الدولابي.

فاطمة أحبّ الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

* عن أسامة بن زيد: «قالوا: يا رسولَ الله، مَن أحبُّ إليك؟ قال: فاطمة..».

* وعن عائشة... أنّها سُئلت: «أيّ النّاس كان أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم؟ قالت: فاطمة.

فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها، إنْ كان ما علمتُ صوّاماً قوّاماً». خرّجه الترمذي... وخرّجه ابن عبيد وزاد بعد قوله قوّاماً: «جَديراً بقول الحقّ».

* وعن أبي ثعلبة قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إذا قَدِمَ من غزوٍ أو سفرٍ بدأ بالمسجد فصلّى فيه ركعتين، ثمّ أتى فاطمة [عليها السلام]، ثمّ أتى أزواجه»، خرّجه أبو عمر.

* عن عليّ بن أبي طالب [عليه السلام] أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: (يا فاطمة، إنّ الله عزّ وجلّ يغضبُ لغضبِك ويرضى لرضاك) خرّجه أبو سعد في (شرف النبوّة)... وابن المثنّى في (معجمه).

ما جاء في سيادتها وأفضليّتها

عن عمران بن حصين... أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم عاد فاطمة [عليها السلام] وهي مريضة، فقال لها: «كيف تَجِدينَكِ يا بنيّة؟

قالت: إنّي وَجِعَة...

فقال: يا بُنيّة، أما ترضين أنّكِ سيّدةُ نساءِ العالَمين؟

فقالت: يا أبتِ، فأين مريم بنت عمران؟

قال: تلك سيّدة نساء عالَمها وأنت سيّدة نساء عالَمك، أما واللهِ لقد زوّجتُكِ سيّداً في الدنيا والآخرة، لا يُبغِضُه إلّا منافق». خرّجه أبو عمر وخرّجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي في فضل فاطمة [عليها السلام] عن عمران.

برّها بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم

«عن ابن مسعود، قال: ما رأيتُ رسولَ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم دعا على قريشٍ غيرَ يومٍ واحد، فإنّه كان يُصلّي ورهطٌ من قريش جلوس، وسَلَى جزورٍ قريبٌ منه، فقالوا: مَن يأخذ هذا السَّلى فيُلقيه على ظهره؟!

فقام رجلٌ وألقاه على ظهرِه. فلم يزلْ ساجداً حتّى جاءت فاطمة عليها السلام فأخذته عن ظهره، فقال صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (اللّهُمّ عليك بالملإ من قُريش، اللّهُمّ عليكَ بعتبة بن ربيعة، اللّهُمّ عليك بشيبة بن ربيعة، اللّهُمّ عليك بأبي جهل بن هشام، اللّهمّ عليك بعقبة بن أبي معيط، اللهمّ عليك بأُبَيّ بن خلف أو أُمَيّة بن خلف). [الشكّ من بعض الرواة عن ابن مسعود]

قال عبد الله [بن مسعود]: فلقد رأيتُهم قُتلوا يوم بدر جميعاً، ثمّ سُحبوا إلى القليب (أي البئر) غير أُبي - أو أميّة - فإنّه كان رجلاً ضخما فتقطّع». خرّجه البخاري.

أمرُ الناس يوم القيامة بتنكيس رؤوسهم وغضّ أبصارهم

«عن أبي أيوب الأنصاريّ: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (إذا كان يومُ القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: يا أهل الجمع نَكِّسُوا رؤوسُكم وغُضُّوا أبصارَكم حتّى تَمُرَّ فاطمةُ بنتُ محمّدٍ على الصّراط. فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع)». خرّجه أبو سعد محمّد بن عليّ بن عمر النقّاش في (فوائد العراقيين)، وخرّجه تمام عن عليّ عليه السلام، وخرّجه ابن بشران عن عائشة.

وفاتها عليها السلام

في كتاب تاريخ (مواليد أهل البيت) – [مصحّحاً على كشف الغمّة للأربلي 3/126]:

«.. تُوفّيت [السيدة فاطمة صلوات الله عليها] وهي ابنة ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعين يوماً؛ منها بمكّة ثمان سنين والباقي بالمدينة. وعاشتْ بعد أبيها صلّى الله عليه [وآله] وسلّم خمسة وسبعين يوماً. وفي رواية أربعين يوماً، وكانت ولادتها بعد النبوّة بخمس سنين وقريش تبني البيت..».

وصيّتها إلى أسماء بنت عميس

* «عن أمّ أبي جعفر [الصحيح: أمّ جعفر وهي ابنة محمّد بن جعفر الصادق عليه السلام] أنّ فاطمة عليها السلام قالتْ لأسماء بنت عميس: يا أسماء إنّي قد استقبحتُ ما يُصْنَعُ بالنّساءِ (عند تشييعهنّ).

قالت أسماء: يا ابنةَ رسول الله، ألا أُريكِ شيئاً رأيتُه بأرض الحبشة؟ فدعتْ بجرائدَ رطبة فحنَتها ثمّ طرحت عليها ثوباً.

فقالت فاطمة [عليها السلام]: ما أحسنَ هذا وأجملَه،لا تُعرف به المرأة من الرّجل، فإذا أنا متّ فاغسليني أنتِ وعليّ، ولا يَدخلْ عليَّ أحد.

فلمّا تُوفّيت جاءتْ عائشة... تدخل فقالت أسماء: لا تدخلي. فشكتْ إلى أبي بكر، قالت: إنّ هذه الخثعمية تحولُ بيننا وبين بنتِ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، وقد جعلتْ لها مثلَ هودجِ العروس!

فجاء أبو بكر فوقف على الباب، فقال: يا أسماء، ما حملَكِ على أنْ منعتِ أزواجَ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يدخلنَ على بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، وجعلتِ لها مثلَ هودجِ العروس؟

فقالت: أمرَتني أنْ لا يدخلَ عليها أحدٌ، وأَريتُها هذا الذي صنعت وهي حيّة، فأمرتني أن أصنع ذلك لها.

قال أبو بكر: اصنعي ما أمَرَتْكِ، ثمّ انصرف وغسّلها عليٌّ وأسماء». خرّجه أبو عمر وخرّج الدولابي معناه مختصراً، وذكر أنّها لمّا أرتْها النعش تبسّمتْ وما رُؤيت مبتسمة، يعني بعد النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى يومئذٍ.

* قال أبو عمر: «فاطمة أوّل مَن غُطّي نَعشُها من النساء في الإسلام على الصّفة المذكورة. وصلّى عليها عليٌّ عليه السلام... وكانت أشارتْ على عَلِيٍّ [عليه السلام] أن يدفنها ليلاً».

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

  سنن وآداب

سنن وآداب

منذ يوم

سنن وآداب

نفحات