الملف

الملف

منذ يوم

صفات الشيعة في حديث الإمام الباقر عليه السلام

«بركةٌ على مَن جاوروا، وسِلْمٌ لمن خالطوا»

صفات الشيعة في حديث الإمام الباقر عليه السلام

 

* التشيّع لأهل البيت عليهم السلام مظهرٌ لحقيقة حبّ الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله وأوليائه، وعنوانٌ لصدقِ الولاء والانتماء. من هنا فقد عرّف الأئمّة عليهم السلام الشيعيّ بأوصافٍ لا تتوفّر إلّا لمن خرج من أَسْرِ «الأنا» وصار يفيض بِرّاً على مَن حوله، وفي مقابل ذلك ينحسر هذا العنوان عمّن يظلم نفسه والناس.

بعض ما جاء في وصف الإمام الباقر عليه السلام لأتباع منهج الحقّ، وما لهم من جزيل الكرامة عند الله عزّ وجلّ.

«شعائر»

 

رُوي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: «رَحِمَ اللهُ مَن أحيا أمرنا. قيل له: وكيف يُحيى أمركم؟ قال عليه السلام: بالتّذاكُر له».

وعنه عليه السلام، كما في (صفات الشيعة: ص 13) للشيخ الصدوق: «إنّما شيعةُ عليٍّ عليه السّلام المتباذِلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاوِرون لِإحياء أمرِنا، إذا غَضِبوا لم يَظلموا، وإذا رضوا لم يُسرِفوا، بركةٌ على مَن جاوروا، وسِلْمٌ لمن خالطوا».

وروى محمّد بن سليمان الكوفي، المتوفّى مطلع القرن الرابع، في كتابه (مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: 1/429، و 2/ 286 - 297) عدّة أحاديث عن الباقر عليه السلام في وصف الشيعة ومنزلتهم عند الله تعالى. قال عليه السلام

* «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليٍّ عليه السلام: إذا كان يوم القيامة قعدتُ أنا وجبرئيل عليه السلام على الصّراط، فلا يمرّ بنا أحدٌ إلّا ببراءةٍ فيها ولايتُك».

* «إنّما شيعتُنا مَن أطاعَ الله».

* «لا تُنال ولايتُنا إلّا بالورع، وليسَ من شيعتنا مَن ظَلم الناس».

* وعن الصادق عليه السلام، قال: «حدّثنا أبي.. إنّه كان يكون الرجلُ من شيعةِ عليٍّ عليه السلام في القبيلة؛ فيكون إليه ودائعهم ووصايتهم وأمانتهم... يُسْأَلُ عنه فيُقال: فلانٌ هو واللهِ أصدَقُنا في الحديث وآدانا للأمانة، فمَن مِثله؟ فكونوا لنا زَيناً ولا تكونوا علينا شَيناً».

* وعنه عليه السلام، عن أبيه، قال: «دخل عليٌّ على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: يا عليّ، إنّ الرجلَ من شيعتك لَيَشفَعُ لمثل رَبيعةَ ومُضَر».

رجلٌ من أهل الجنّة

* «.. عن الحكم بن عتيبة، قال: بينا أنا مع أبي جعفرٍ عليه السلام، والبيتُ غاصٌّ بأهله إذ أقبلَ شيخٌ يتوكّأ على عَنَزَةٍ له حتّى وقف على باب البيت. فقال: السّلام عليك يا ابنَ رسول الله ورحمة الله وبركاته. ثمّ سكت. [العنَزَة: عصا في رأسها حديدة]

فقال أبو جعفر عليه السلام: وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته.

ثمّ أقبل الشّيخ بوجهه على أهل البيت، وقال: السّلام عليكم. ثمّ سكت حتّى أجابه القوم جميعاً وردّوا عليه السّلام.

ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السلام، ثمّ قال: يا ابنَ رسول الله، أدِنني منك جعلني اللهُ فِداك، فوَاللهِ إنّي لأُحِبُّكم وأُحِبُّ مَن يُحبّكم، ووَاللهِ ما أُحبّكم وأُحِبُّ مَن يحبّكم لطمعٍ في دنيا. واللهِ إنّي لأُبْغِضُ عدوَّكم وأبرأُ منه، وواللهِ ما أُبغِضُه وأبرأُ منه لوِترٍ كان بيني وبينه، واللهِ إنّي لأُحِلُّ حلالَكم وأحرّمُ حرامَكم وأنتظرُ أمرَكم، فهل ترجو لي جعلني الله فداك؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: إليَّ إليَّ، حتّى أقعده إلى جنبه.

ثمّ قال: أيّها الشّيخ، إنّ أبي عليّ بن الحسين عليه السلام، أتاه رجلٌ فسألَه عن مثل الّذي سألتني عنه. فقال له أبي عليه السلام: إنْ تمتْ ترِد على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعلى عليٍّ والحسنِ والحسينِ وعليّ بن الحسين، ويَثلج قلبُك ويَبردُ فؤادك وتَقرّ عينُك وتُستقبَل بالرّوح والرّيحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغتْ نفسُك هاهنا، وأهوى بيده إلى حلقه، وإنْ تَعِشْ ترى ما يُقِرّ اللهُ به عينك، وتكون معنا في السَّنام الأعلى.

فقال الشّيخ: كيف قلتَ يا أبا جعفر؟ فأعاد عليه الكلام.

فقال الشّيخ: الله أكبر يا أبا جعفر... ثمّ أقبل الشّيخ ينتحب ينشج... حتّى لصق بالأرض. وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرون من حال الشّيخ. وأقبل أبو جعفر عليه السلام يمسح بإصبعه الدّموع من حماليق عينيه وينفضها.

ثمّ رفع الشّيخ رأسه فقال لأبي جعفر عليه السلام: يا ابنَ رسول الله، ناولني يدَك جعلني الله فداك. فناوله يده فقبّلها ووضعَها على عينيه وخدّه، ثمّ حسر عن بطنه وصدره، ثمّ قام، فقال: السّلام عليكم. وأقبل أبو جعفر عليه السلام (يرقبُه) وهو مدبِر. ثمّ أقبل بوجهه على القوم، فقال: مَن أحبّ أن ينظرَ إلى رجلٍ من أهل الجنّة؛ فَلْيَنْظُر إلى هذا.

قال الحكم بن عتيبة: لم أرَ مأتماً قطّ يُشبه ذلكَ المجلس».

 

(الكافي للكليني: 8/ 76 – 77)

رَتْقُ السّماءِ والأرض

* « وفد عمرو بن عبيد – من وجوه المعتزلة - على محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام ليمتحنه بالسؤال. فقال له: جُعلت فداك، ما معنى قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا..﴾، ما هذا الرّتق والفَتق؟ (الأنبياء:30)

قال أبو جعفر عليه السلام: كانتِ السّماءُ رَتْقَاً لا تُنزِلُ القَطْرَ [أي المطر]، وكانتِ الأرضُ رَتْقَاً لا تُخرِجُ النبات. فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضاً ومضى...

***

* «حَجّ هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متّكئاً على يدَي سالمٍ مولاه، ومحمّدُ بن عليّ بن الحسين جالسٌ في المسجد.

فقال له سالم: يا أمير المؤمنين، هذا محمّد بن عليّ بن الحسين.

فقال له هشام: المفتونُ به أهل العراق؟ قال: نعم.

قال: فاذهب إليه وقل له: يقول أمير المؤمنين: ما الذي يأكلُ الناسُ ويشربون إلى أن يُفصَلَ بينهم يوم القيامة؟!

قال له أبو جعفر عليه السلام: يُحشَرُ الناسُ على مثلِ قُرصة البُرَّ النقيّ، فيها أنهارٌ متفجّرة، يأكلون ويشربون حتّى يُفْرَغَ من الحساب.

فرأى هشام أنّه قد ظفرَ به، فقال: الله أكبر، اذهب إليه فقل له: ما أشغلَهم عن الأكل والشرب يومئذٍ؟

فقال له أبو جعفر عليه السلام: هم في النار أشغل، ولم يُشغلوا حتّى قالوا: ﴿..أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ..﴾». (الأعراف:50)

(النيسابوري، روضة الواعظين: ص 203 – 204)

 

من وصايا الإمام الباقر عليه السلام

«.. وتعرَّضْ لرقّةِ القلبِ بكَثرةِ الذِّكرِ في الخَلَوات. ".." وتِخلَّصْ إلى عظيمِ الشّكرِ باستكثارِ قليلِ الرّزق، واستقلالِ كثيرِ الطاعة. ".."

واعلم أنّه لا عِلمَ كطلبِ السلامة، ولا سلامةَ كسلامةِ القلب، ولا عقلَ كمخالفة الهوى، ولا خوفَ كخوفٍ حاجِز، ولا رجاءَ كرجاءٍ مُعين.

ولا فقرَ كفقرِ القلب ".." ولا نورَ كَنُور اليقين، ولا يقينَ كاستصغارِك للدّنيا، ولا معرفةَ كمعرفتِك بنفسك. ".." ولا مصيبةَ كاستهانتك بالذَّنب، ورِضاك بالحالةِ التي أنت عليها. ".." ولا معصيةَ كحبِّ البقاء، ولا ذلَّ كَذُلِّ الطَّمع.

وإيّاكَ والتفريطَ عندَ إمكانِ الفرصة، فإنّه ميدانٌ يَجري لأهلِه بالخُسران...».

(انظر: تحف العقول للحرّاني: 284 ـ 286)

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات