كلمة سواء

كلمة سواء

منذ 6 أيام

آداب يوم المبعث الشريف

 

شكرُ الرسولِ على قدْر إنعامه

آداب يوم المبعث الشريف

ــــــــــــــــــــــــ السيد ابن طاوس ــــــــــــــــــــــــ

تحت عنوان «في ما ينبغي أن يكون المسلمون عليه في يوم مبعث النبيّ صلّى الله عليه وآله، ومعرفة مقدار المِنّة عليهم»، كتب سيّد العلماء المراقبين، السيد ابن طاوس قدّس سرّه هذه التنبيهات النافعة، ونحن ننقلها موجزة بتصرّفٍ يسير عن الجزء الثالث من (إقبال الأعمال: ص 280 -281).

«شعائر»

 

اِعلم أنّنا قد أشرنا في ما قدّمنا إشارة لطيفة إلى أنّنا لا نقدرُ على وصف المِنّة علينا بهذه الرسالة الشريفة، ولكنّنا مكلّفون بما نقدرُ عليه من تعظيم قدْرها والاعتراف بإحسانها وبِرّها، فنضرب لذلك بعض الأمثال، ففيها تنبيهٌ على تعظيم هذه المناسبة الجليلة، فنقول:

لو كان المسلمون قد أصاب كلّاً منهم بنحوٍ ما خطرُ الكفر الذي كان عليه أهل الجاهلية، لكان فريقٌ منهم قد أُلقي في النار وهي تُوقَدُ عليه. وفريقٌ قد افتُضح بالعار... وفريقٌ في مطمورة غضبِ الله جلّ جلاله وانتقامه. وفريقٌ في حبس مَقْتِ الله جلّ جلاله. وفريقٌ قد استحقّ أخْذَ كلِّ ما في يديه. وفريقٌ حكمت عليه الذنوبُ التي احتوشته بالتفريق بينه وبين أولاده أو أحِبّته. وفريقٌ سَقُمَ عقلُه وأدنفَه جهلُه، وآخَرُ مَرِضَ قلبُه وأحاطَ به ذَنْبُه.

وطائفةٌ أظلمتْ عليها ظُلَم الجهالة فلم تعُد تُبصر ما بين يديها من الضلالة. ومثلُها عمياءَ تجهل مبلغ عماها، أو خرساء أبكمَها سخَطُ مولاها، وثالثةٌ صمّاء لا تسمع دعوةَ المنادي إلى الله جلّ جلاله.

والبلاءُ قد أحاط بالعباد، وضَعُفَ عن دفعه قوّةُ أهلِ الاجتهاد... فبعثَ اللهُ جلّ جلالُه رسولاً إلى هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات، ليسلّمهم من النّكَبات والآفات والعاهات، ولِيُخَلِّصهم من أخطارها، ويُطفئ عنهم لهبَ نارها، ويغسل عن وجوههم دنَس عارها، ويبلغ بهم من غايات السعادات، ما كانوا قاصرين عنها وبعيدين منها في ما مضى من الأوقات.

فينبغي أن يكون الاعترافُ للمرسِل والرسول صلوات الله عليه بقدر هذا الإنعام الذي لا يبلغُ وصفي إيّاه، وأن يكونوا في هذا اليوم مباشرين وشاكرين وذاكرين لمناقبه، وناشرين وباعثين – حسب استطاعتهم - إلى بين يديه من الهدايا التي كان هو صلّى الله عليه وآله أصلُها وفرعها إلى كلّ مَن وصلت إليه.

فقومٌ يطهِّرون دعوته ودولته ممّا يُشينها من المآثم والقبائح، وقومٌ يعظّمون رسالته بزيادة العمل الصالح، وآخَرون ينزّهون سَمْعَه الشريف أن يبلغه عنهم ما يُبعده منهم. وفئةٌ تكرّم نظره المقدّس أن يطّلعَ على ما يكرهُ صدوره عنها، وأخرى تُصلّي المندوبات وتُهديها إليه، وثالثةٌ تجتهد في الصلاة والثناء عليه.

وقومٌ يذكرون اللهَ جلّ جلاله بما يُلهِمُهم إيّاه من الأذكار ويُهدونها إلى رسولهم صلوات الله عليه، وقومٌ يتعبّدون بحسب ما يقدرون ويُهدونه ذلك، ويرون أنّهم مقصّرون.

ويكون هذا اليوم عند الجميع بحسب ما خلّصهم به رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من كلّ أمرٍ فظيع، وبحسب ما اصطنع معهم من جليلِ الصّنيع، ويختمونه بالتأسُّف والتلهّف على فواته، كيف لم يكن مستمرّاً لهم في سعاداته وطاعاته، ويسألون العفوَ عن التقصير. ولو عملوا مهما عملوا، لما وَفَوا ولا عرفوا مقدار هذا اليوم العظيم الكبير.

 

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 6 أيام

إصدارات عربية

  آداب وسُنن

آداب وسُنن

نفحات