أعلام

أعلام

13/04/2018

العبدُ الصالح الخَضِر عليه السلام

 

أنيسُ الإمام المهديّ وصاحبُه في غَيبته

العبدُ الصالح الخَضِر عليه السلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أطول الآدميّين عمراً، يحضر المواسم، فيقضي جميع المناسك، ويقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمنين.

* عالمٌ ربّاني، شملته الرحمة الإلهية الخاصّة، مكلّفٌ بالباطن والنظام التكوينيّ للعالم، وعنده من أسرار التدبير.

* كان معلّماً لموسى بن عمران عليه السلام، وقد أوصاه بوصايا جليلة ومواعظ بليغة.

* أنيسُ الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل البيت عليهم السلام، ويظهر مع صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

* أُعدّت هذه الترجمة الموجزة استناداً إلى عددٍ من تفاسير القرآن الكريم، ومصادر روائية وتاريخية، وقد جرى استبعاد كثيرٍ ممّا ورد في الموضوع لتضعيف أهل التحقيق له.

 

جاء في (علل الشرائع: 1/59) للشيخ الصدوق، بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ الخَضِر كان نبيّاً مرسلاً بعثَه اللهُ تبارك وتعالى إلى قومه، فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورُسله وكُتبه، وكانت آيتُه أنّه كان لا يجلسُ على خشبةٍ يابسةٍ ولا أرضٍ بيضاءَ إلّا أزهرتْ خضراء، وإنّما سُمّي خَضِراً لذلك..». وهو من وُلد سام بن النبيّ نوح عليه السلام.

من أصحاب ذي القِرنين

تشير عدّة من الروايات عن طريق أهل البيت عليهم السلام أنّ «الخَضِر» كان في عداد أصحاب ذي القَرنين، فقد سُئل أمير المؤمنين عليه السلام -على ما جاء في (بحار الأنوار: 12/179) عن ذي القرنين: أنبيّاً كان أم ملِكاً؟

فقال عليه السلام: «.. بل عبداً أحبّ اللهَ فأحبّه، ونصحَ لله ".." فقيلَ له [لذي القرنين]: إنّ للهِ في أرضه عَيناً يُقال لها: (عين الحياة)، لا يشرب منها ذو روحٍ إلّا لم يمُت حتّى الصّيحة.

فدعا ذا القرنين الخَضِر -وكان أفضلَ أصحابه عنده- ودعا ثلاثمائة وستّين رجلاً، ودفعَ إلى كلّ واحدٍ منهم سمكةً وقال لهم: اذهبوا إلى موضع كذا وكذا، فإنّ هناك ثلاثمائة وستّين عيناً، فليَغسلْ كلُّ واحدٍ منكم سمكَتَه في عينٍ غيرِ عين صاحبه.

فذهبوا يغسلون، وقعد الخَضِر يغسل، فانسابتِ السّمكة منه في العين، وبقي الخَضِر متعجّباً ممّا رأى، وقال في نفسه: ما أقولُ لذي القرنين؟

ثمّ نزعَ ثيابَه يطلب السّمكة، فشرب من مائها واغتمسَ فيه ولم يقدر على السمكة، فرجعوا إلى ذي القرنين، فأمر ذو القرنين بقبضِ السّمك من أصحابه، فلمّا انتهوا إلى الخَضِر لم يجدوا معه شيئاً، فدعاه وقال له: ما حالُ السمكة؟

فأخبره الخبر، فقال له: فصنعت ماذا؟

قال: اغتمستُ فيها فجعلتُ أغوصُ وأطلبُها فلم أجِدها.

قال: فشربتَ من مائها؟ قال: نعم... فطلب ذو القرنين العينَ فلم يجِدها، فقال للخَضِر: كنتَ أنت صاحبَها».

قصته مع موسى عليهما السلام

لم يرِد ذكرُ العبد الصالح الخَضِر عليه السلام في القرآن الكريم إلّا ما في قصّة رحلة نبيّ الله موسى عليه السلام إلى ﴿مَجْمَع البَحرين﴾ للقائه والتعلّم منه، ولا ذُكر شيءٌ من أوصافه إلّا ما في قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ الكهف:65.

ففي (عِلل الشرائع) عن الإمام الصادق عليه السلام: «..وإنّ موسى لمّا كلّمه اللهُ تكليماً، وأنزل عليه التوراة، وكتبَ له في الألواح من كلّ شيءٍ موعظةً وتفصيلاً لكلّ شيء، وجعل آيتَه في يده وعصاه، وفي الطوفان، والجراد، والقمَّل، والضفادع، والدّم، وفلقَ البحر وأغرقَ اللهُ عزّ وجلّ فرعونَ وجنوده ".." فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرئيل: يا جبرئيل أدرك عبدي موسى ".." وقُلْ له: إنّ عند ملتقى البحرين رجلاً عابداً فاتّبعه، وتعلّمْ منه ".." فمضى هو وفتاه يوشع بن نون حتّى انتهيا إلى ملتقى البحرين فوجدا هناك الخَضِر عليه السلام يتعبّد اللهَ عزّ وجلّ كما قال الله عزّ وجلّ: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾..».

وفي (قصص الأنبياء: ص 159) للراوندي عن الباقر أو الصادق عليهما السلام: «..أنّ موسى وفتاه اقتصّا الأثرَ حتّى أتيا صاحبهما في جزيرةٍ، [فوجداه] جالساً في كساء، فسلّم عليه، وأجاب وتعجّب وهو بأرضٍ ليس بها سلام.

فقال الخَضِر: من أنت؟ قال: موسى.

فقال: ابن عمران الذي كلّمه الله؟ قال: نعم.

قال: فما جاء بك؟ قال: أتيتُكَ على أن تعلّمني. قال: إنّي وُكّلتُ بأمرٍ لا تُطيقه، فحدّثَه عن آل محمّدٍ، وعن بلائهم، وعمّا يُصيبهم حتّى اشتدّ بكاؤهما، وذكرَ له فضلَ محمّدٍ وعليٍّ وفاطمةَ والحسن والحسين، وما أُعطوا وما ابتُلوا به، فجعل يقول: يا ليتني من أمّة محّمد..».

في روايات أهل البيت

* في (كمال الدين وتمام النعمة: ص 391) للصدوق، بسنده عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: «إنّ الخَضِر شربَ من ماء الحياة، فهو حيٌّ لا يموتُ حتّى يُنفخ في الصور، وإنّه لَيأتينا فيسلّمُ علينا فنسمعُ صوتَه ولا نرى شخصَه، وإنّه ليَحضُر حيث ذُكر، فمَن ذكَره منكم فليُسَلِّمْ عليه، وإنّه لَيحضُرُ المواسمَ فيقضي جميعَ المناسك، ويقفُ بعرَفة فيؤمّنُ على دعاء المؤمنين، وسيُؤنسُ اللهُ به وحشةَ قائمِنا في غَيبته، ويَصِلُ به وحدتَه».

وعنه عليه السلام في المصدر نفسه: «لمّا قُبضَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، جاء الخَضِر فوقف على باب البيت؛ وفيه عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ورسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد سُجّي بثوب، فقال: السلام عليكم يا أهلَ البيت ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. آل عمران:185، إنّ في الله خلفاً من كلّ هالك، وعزاءً من كلّ مصيبة، ودركاً من كلّ فائت، فتوكّلوا عليه وثِقوا به، واستغفروا اللهَ لي ولكم. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا أخي الخَضِر، جاء يعزّيكم بنبيّكم».

* في (تهذيب الأحكام: 3/252) للشيخ الطوسي، بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال: «بالكوفة مسجدٌ يُقال له مسجد السّهلة، لو أنّ عمّي زيداً أتاه فصلّى فيه واستجار اللهَ لأجارهُ عشرين سنةً، فيه مناخُ الرّاكب.

قيل: ومن الراكب؟ قال: الخَضِر عليه السلام..».

وجهُ الله أوقعني في العبودية

روى الديلميّ في (أعلام الدين: ص 350)، عن أبي أُمامة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال ذاتَ يومٍ لأصحابه: «ألا أحدّثكم عن الخَضِر؟ قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: بينا هو يمشي في سوقٍ من أسواق بني إسرائيل إذ بَصُرَ به مسكينٌ، فقال: تصدّقْ عَلَيَّ باركَ اللهُ فيك.

قال الخَضِر: آمنتُ بالله، ما يقضي اللهُ يكون، ما عندي من شيءٍ أُعطيكه.

قال المسكين: بوجهِ الله لمّا تصدّقتَ عليَّ، إنّي رأيتُ الخيرَ في وجهك، ورجوتُ الخيرَ عندك. قال الخَضِر: آمنتُ بالله، إنّك سألتني بأمرٍ عظيم، ما عندي من شيءٍ أُعطيكَه إلّا أن تأخذَني فتبيعني.

قال المسكين: وهل يستقيمُ هذا؟

قال: الحقَّ أقولُ لك: إنّك سألتَني بأمرٍ عظيم، سألتَني بوجه ربّي عزّ وجلّ، أما إنّي لا أُخيّبك في مسألتي بوجه ربّي، فبِعني.

فقدّمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء، فقال الخَضِر عليه السلام: إنّما ابتعتني التماسَ خدمتي، فمُرني بعمل!

قال: إنّي أكرهُ أن أشقَّ عليك، إنّك شيخٌ كبير.

قال: لستَ تشقّ عليّ، قال: فقُم فانقلْ هذه الحجارة - وكان لا ينقلها دون ستّة نفرٍ في يوم - فقام فنقل الحجارة في ساعته، فقال له: أحسنتَ وأجملتَ وأطقتَ ما لم يُطقه أحد.

ثمّ عرض للرجل سفرٌ، فقال: إنّي أحسبُكَ أميناً فاخلُفني في أهلي خلافةً حسنة، وإنّي أكره أن أشقّ عليك.

قال: لستَ تشقُّ عليّ، قال: فاضرب من اللِّبِن شيئاً حتّى أرجع إليك.

فخرجَ الرّجلُ لسفره ورجع وقد شيّد بناءه، فقال له الرجل: أسألكَ بوجه الله، ما حسبُك وما أمرك؟

قال: إنّك سألتني بأمرٍ عظيمٍ؛ بوجهِ الله عزّ وجلّ، ووجهُ الله عزّ وجلّ أوقعَني في العبودية، وسأُخبرك مَن أنا، أنا الخَضِر الذي سمعتَ به، سألني مسكينٌ صدقةً ولم يكن عندي شيءٌ أُعطيه، فسألني بوجهِ الله عزّ وجلّ فأمكنتُه من رقبَتي، فباعني، فأُخبرُكَ أنّه من سُئل بوجهِ الله عزّ وجلّ فردّ سائلَه وهو قادرٌ على ذلك، وقفَ يومَ القيامة ليس لوجهه جِلدٌ ولا لحمٌ ولا دم، إلّا عظْمٌ يتقعقع.

قال الرجل: شققتُ عليك ولم أعرفك. قال: لا بأس، أبقيتَ وأحسنت.

قال: بأبي أنت وأمي احكم في أهلي ومالي بما أراكَ اللهُ عزّ وجلّ، أم أخيّرُك فأُخلي سبيلك؟

قال: أَحبُّ إليّ أن تُخلي سبيلي فأعبدَ الله على سبيله.

فقال الخَضِر عليه السلام: الحمدُ لله الذي أوقعني في العبودية، فأنجاني منها».

من وصاياه ومواعظه

* في (منية المريد) للشهيد الثاني، قال: «..وعن النبي صلّى الله عليه وآله أنّ موسى عليه السلام لقيَ الخَضِر عليه السلام فقال: أوصِني.

فقال الخَضِر: يا طالبَ العلم! إنّ القائل أقلّ ملالةً من المستمع، فلا تُمِلَّ جُلساءَك إذا حدّثتهم، واعلمْ أنّ قلبك وعاء، فانظر ماذا تحشو به وعاءَك، واعرفِ الدنيا وانبذْها وراءك، فإنّها ليست لك بدار، ولا لكَ فيها محلّ قرار، وإنّها جعلتْ بُلغةً للعباد ليتزوّدوا منها للمعاد.

يا موسى! وطِّن نفسك على الصبر تلقَ الحِلم، وأشعِر قلبك التقوى تنلِ العلم، ورضِّ نفسَك على الصبر تخلصْ من الاثم.

يا موسى! تفرّغْ للعلم إنْ كنتَ تريده، فإنّما العلمُ لمَن تفرّغَ له ".." وأعرِضْ عن الجهّال، واحلمْ عن السفهاء، فإنّ ذلك فضلَ الحلماء وزينَ العلماء، إذا شتمكَ الجاهلُ فاسكتْ عنه سلماً، وجانِبْه حزماً، فإنّ ما بقيَ من جهله عليك وشتمِه إيّاك أكثر..».

* في (الأمالي: ص 401) للصدوق، بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ موسى بن عمران عليه السلام حين أرادَ أن يفارق الخَضِر عليه السلام قال له: أوصِني، فكان ممّا أوصاهُ أنْ قال له: إيّاك واللّجاجة، أو أن تمشيَ في غير حاجة، أو أن تضحكَ من غير عَجب، واذكر خطيئتك، وإيّاك وخطايا الناس».

* وفي (الخصال: ص 111) للصدوق أيضاً، بسنده عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: «كان آخر ما أوصى به الخَضِر موسى بن عمران عليه السلام أنْ قال له: لا تُعيّرنّ أحداً بذَنْب، وإنّ أحبّ الأمور إلى الله عزّ وجلّ ثلاثة: القصدُ في الجِدَة، والعفو في المقدرة، والرِّفقُ بعباد الله. وما رفق أحدٌ بأحدٍ في الدنيا إلا رفق اللهُ عزّ وجلّ به يوم القيامة، ورأسُ الحكمة مخافةُ الله تبارك وتعالى».

 

 

 

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

13/04/2018

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات