قراءة في كتاب

قراءة في كتاب

13/04/2018

كتاب (الغَيبة) لابن أبي زينب النعماني

 

كتاب (الغَيبة) لابن أبي زينب النعماني

التأسيس الروائي المرجعيّ لسيرة صاحب الزمان عليه السلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ قراءة: محمود ابراهيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكتاب: (الغَيبة)

المؤلّف: محمّد بن إبراهيم الكاتب، المعروف ب‍«ابن أبي زينب النعمانيّ» (ت: 360 هجريّة)

الناشر: «أنوار الهدى»، قمّ المقدّسة، 1422 هجرية

قد يكون علينا أن ننظر إلى كتاب (الغَيبة) للشيخ أبي عبد الله بن إبراهيم بن جعفر المعروف بـ«ابن أبي زينب النعماني» (ت: 360 هجرية) باعتباره أحد أوائل الكتب المؤسّسة لسيرة الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف..

وعلى غالب الظنّ أنّ كثيرين من علماء الإمامية الذين تناولوا موضوع الغَيبة، قد استندوا إلى ما دوَّنه النعمانيّ في هذا الخصوص. ولو نحن تابعنا المدوَّنات الكثيرة حول غَيبة الإمام عليه السلام، لَتبيّنَ لنا أنّ ثمّة وحدة في المنهج بين معظم تلك المدوّنات. فالجميع على الأرجح، أتى على ما تضمّنه كتاب النعمانيّ، ولا سيّما لجهة ما احتواه من عناوين أساسية بصدد الغَيبة. وأهمّ هذه العناوين:

-                رايات الطاغوت قبل قيام القائم عليه السلام.

-                سيرة المهديّ عليه السلام وحكومته.

-                أنصار المهديّ عليه السلام وجيشه.

-                هزيمة قوات السفياني.

-                يوم الخلاص الإلهيّ.

لقد اعتمد الشيخ النعمانيّ في كتابه هذا، منهجية الأبواب في ترتيب مباحثه، الأمر الذي أضاء للّذين جاؤوا من بعده الخطوط المنهجية الضرورية التي ينبغي أن يسلكوها حيال موضوعٍ شديد الحساسية والدقّة كموضوع الإمام الغائب. فقد كان على المؤلّف، أولاً، أن يستحضر الروايات الصحيحة والموثوقة من مصادرها الأصلية، وثانياً أن يقوم برحلات تحقيقٍ ميدانية لتحصيل المعلومات الوافية حول السيرة الشريفة للإمام، ومن ناحية ثالثة أن يتوخّى أقصى الحذر في عمله تفادياً لجَور السلطات المعادية لأئمّة أهل بيت النبوّة في ذلك الوقت. كتبه وهو في حلب سنة 342 هجرية.

وقد امتدح الشيخ المفيد في كتابه (الإرشاد) المؤلّف، بعد استعراضه للروايات الخاصّة بالإمام المهديّ عليه السلام قائلا: «وهذا طرفٌ يسيرٌ مما جاء في النصوص على الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام، والروايات في ذلك كثيرة قد دوّنها أصحاب الحديث من هذه (الجماعة)، وأثبتوها في كُتبهم المصنّفة، فممّن أثبتها على الشرح والتفصيل محمّد بن إبراهيم المكنّى أبا عبد الله النعماني في كتابه الذي صنّفه في الغَيبة».

راوي الكتاب

الراوي الوحيد لهذا الكتاب هو تلميذه أبو الحسين محمّد بن علي البجَلي أو الشجاعي، وهو غير مشهور.

قال النجاشيّ؛ العالم الرجالي الشيعي المعروف الموفّة سنة 450 هجريّة، عند ترجمته للمؤلف النعماني: «..رأيتُ أبا الحسين، محمّدَ بن عليّ الشجاعيّ الكاتب يقرأ عليه كتاب (الغَيبة)؛ تصنيف محمّد بن إبراهيم النعماني، بمشهد العتيقة، لأنّه كان قرأه عليه، ووصّى لي ابنُه أبو عبد الله، الحسين بن محمّد الشجاعي بهذا الكتاب، وبسائر كُتبه، والنّسخةُ المقروءة عندي..». وعن طريق النجاشي، إذاً، وصل إلينا هذا الكتاب.

الترتيب المنهجي للكتاب

  يتوزّع كتاب (الغَيبة) على ستّة وعشرين باباً تضمّنت التأصيل القرآنيّ والنبويّ، وما ذكره الأئمّة المعصومون حول الإمام الحجّة عليه السلام. وقد تناولت الأبواب العشرة الأولى الروايات التي تتحدّث عن قائم آل محمّدٍ كأمرٍ إلهيّ يختزنه الله تعالى لإقامة العدل في عالم الخَلق.

أمّا الأبواب الأخرى فقد تضمّنت ما جاء في ذكر أحوال الشيعة عند خروج القائم، وما رُوي عنه عليه السلام من أنّه يستأنف دعاءً جديداً، وأنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ. ثم ينتهي إلى ما رُوي في مدّة حياة القائم عليه السلام بعد قيامه.

يمكن القول إنّ مقصد هذا الكتاب هو بيان السيرة المشرّفة للإمام الحجّة المهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، مقروناً كما سبق وأشرنا - بطائفةٍ من النصوص المعصومة تشير إلى إمامته عليه السلام. أمّا الأحاديث الدالّة على ولايته الإلهية وبأنّه وارث النبوّات من آدم عليه السلام إلى النبيّ الخاتَم صلّى الله عليه وآله، فتؤكّده الرواية المشهورة من أنّ الله لا يُخلي الأرض من حجّة.

وإلى هذا كلّه يذكر المؤلّف بعد ذلك عدّة أحاديث في غَيبة الإمام المهديّ، وصفته، وسيرته، وحكمه، وآياته، وفضله، وكذا العلامات التي تكون قبل قيامه، ومواضيع أخرى كلّها تتعلّق بالإمام الثاني عشر عليه السلام.

عن هذا الكتاب يقول العلامة الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتابه (الذريعة): «يظهر من بعض المواضع أنّ كتاب (الغَيبة) للنعماني كان موسوماً أو معروفاً بـ (ملاء العَيبة في طول الغَيبة)..». وذكر الحرّ العاملي أنّه «كتابٌ حسنٌ وجامع»، في حين رأى الماحوزي أنّ «فيه فوائد كثيرة.. ».

مقدّمة المؤلّف

ابتدأ المؤلّف الكتاب بمقدّمة طويلة ذكر فيها سبب تأليفه له، وهو أنّ بعض الشيعة من قليلي الإيمان وممّن ليس لديهم معرفة بـالروايات حصل عندهم انحرافٌ في موضوع الغَيبة.

يقول: «أما بعد: فإنّا رأينا طوائف من (الجماعة) المنسوبة إلى التشيّع ".." قد تفرّقت كَلِمُها، وتشعّبتْ مذاهبها، واستهانت بفرائض الله عزّ وجل، وخفّت إلى محارم الله تعالى، فطال بعضها علوّاً، وانخفض بعضها تقصيراً، وشكّوا جميعاً إلّا القليل في إمام زمانهم، ووليّ أمرهم، وحجّة ربّهم التي اختارها بعلمه ".." فقصدتُ القربة إلى الله عزّ وجلّ بذكر ما جاء عن الأئمّة الصادقين الطاهرين عليهم السلام، من لَدُنْ أمير المؤمنين عليه السلام إلى آخر مَن رُوي عنه منهم في هذه الغَيبة التي عَمِيَ عن حقيقتها ونورها مَن أبعده الله عن العلم بها، والهداية إلى ما أوتي عنهم عليهم السلام. فيها ما يصحّحُ لأهل الحقّ حقيقةَ ما رَووه ودانوا به، وتؤكّد حجّتهم بوقوعها، وبصدق ما آذنوا به منها».

وقد اشتمل كتاب الغَيبة على 478 رواية موزّعة على 26 باباً، لكلّ بابٍ ما يناسبه من الروايات، وقد اكتفى المؤلّف بجمع الروايات وتصنيفها بلا إضافة تعليق أو شرح إلّا في حالات نادرة، مكتفياً أيضاً بنقل الرواية في بابٍ واحد، من دون تكرارٍ لها في الأبواب الأخرى.

أسلوبية التحقيق

لقد بذل المحقّق الشيخ فارس حسون كريّم جهداً مميزاً في تظهير عمل الشيخ النعماني في كتاب (الغَيبة). وعن طريقته العلمية في التحقيق يبيِّن المحقّق أنّ بعض أبواب الكتاب قُوبلت مع النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران بالرقم 578، والمذكورة في فهرس المكتبة:5/1439، وهي نسخة نفيسة كُتبت في 57 صفحة بقياس 10 × 25 سم، احتوتْ كلّ صفحة 32 سطراً وعليها حواشي تدلّ على أنّها قوبلت مع نُسخ أخرى، وعليها أيضا خطّ الميرزا حسين النوري - صاحب مستدرك الوسائل - كتبها لنفسه سنة 1289 ه‍.

وقد جرتْ المقابلة بين النسختين المطبوعتين مع بعضهما، وقد أثبت المحقّق نصّاً مؤلّفاً متقناً -قدر الوسع والإمكان- وأشار إلى الاختلافات المهمّة الموجودة بين النُّسخ، سواء المخطوطة أو المطبوعة منها.

        ما من شكّ أنّ كتاب (الغَيبة) لابن أبي زينب النعماني، له فرادته في مقاربة حياة وغَيبة الإمام الحجّة عليه السلام وخصوصاً لناحية القُرب الزماني للمؤلّف من سفراء الإمام الأربعة. وهو ما يمنح هذه المدوّنة صفتها المرجعية كوثيقة لتظهير العقيدة المهدويّة في الثقافة الإسلامية الراهنة.

المؤلّف في سطور

ابن أبي زينب النُعماني، محمّد بن إبراهيم بن جعفر، أبو عبد الله الكاتب النعماني البغدادي، المعروف بابن أبي زينب، من كبار علماء الإمامية ومحدّثيهم.

قرأ على ثقة الإسلام الكليني وأخذ عنه. وسافر في طلب العلم، وقدم بغداد، ثمّ خرج إلى الشام، ومات بها.

سمع من جمعٍ من المشايخ، منهم: ابن عقدة، والمسعودي، ومحمّد بن همّام، وسلامة بن محمّد الأرزني، ومحمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميري، وموسى بن محمّد الأشعري، وغيرهم.

روى عنه أبو الحسين محمّد بن علي الشجاعي، وله منه إجازة برواية كُتبه.

وكان عظيم القدر، شريف المنزلة، كثير الحديث. صنَّف كتباً، منها : الغَيبة وهو كتاب معتمد مشهور، الفرائض، الردّ على الإسماعيلية، تفسير القرآن، التسلَّي، ونثر اللئالي في الحديث. توفِّي حدود سنة ستّين وثلاثمائة.

(السبحاني، موسوعة طبقات الفقهاء: 4/ 335 – 336)

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

13/04/2018

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات