بسملة

بسملة

12/06/2018

صفقة القرن الخمينيّة، زوال «إسرائيل» و«آل سعود»


صفقة القرن الخمينيّة، زوال «إسرائيل» و«آل سعود»


«إنّ أعظم حادثة وقعت بعد الحرب العالمية الثانية هي انتصار الثورة في إيران»
هنري كيسنجر


أحداث العقود الأربعة الماضية، في منطقة «غرب آسيا» -كما يؤكّد الإمام الخامنئيّ على تسميتها بدلاً من «الشرق الأوسط»- تندرج في عنوان واحد هو تردّدات الزلزال الخمينيّ.

لا يمكن فقه الراهن السياسيّ، ولا حُسن استشراف المستقبل، بمعزلٍ عن هذه الحقيقة التي كشفت بعض مراقي عالميّة نهضة الشعب الإيرانيّ المسلم بقيادة الفقيه النوعيّ المجدّد الإمام الخمينيّ.

بات متيسّراً لغير المتخصّصين في الشأن السياسيّ العالميّ أن يُدركوا ما التقط بعضه «كيسنجر» -بحُكم موقعه في طليعة دهاقنة السياسة الصّهيو - أميركيّة التي كانت تُمسك بتلابيب العالم، يوم تفجّرت شلّالات الصحوة الإسلامية- أي الإنسانية والعالمية- الهادرة.

يومها قال «كيسنجر»: «إنّ أعظم حادثة وقعت بعد الحرب العالمية الثانية هي انتصار الثورة في إيران».

وقد نقل الرئيس الفلسطينيّ الراحل «ياسر عرفات»، كلام «كيسنجر» هذا حرفيّاً، للإمام الخمينيّ، عندما التقاه في طهران بتاريخ 28 بهمن 1357 هجري شمسي، 19 ربيع الأوّل 1399 هجري قمري، أي قبل حوالي أربعين عاماً.

***

يوم بدأ العبد الصالح المسدّد الإمام الخمينيّ نهضته عبر الشعب الإيرانيّ المجاهد والأبيّ، كان -الإمام- يرتكز إلى حَول الله تعالى وقوّته، موقناً بوعده سبحانه، منطلقاً في هَدْي ذلك من تخصّص الفقيه النوعيّ، والفيلسوف والحكيم المتألّه، في المجالات التالية:

1- تخصُّصٍ في عوالم ما قبل الخلق، وقصّة خلق الإنسان في عالم النشأة الأولى، حيث كانت كليّات مراحل النشأة الثانية واضحة جليّة، وكانت أنوار النبيّ وأهل بيته محْدِقةً بالعرش، وكانت مهمّة خاتم الولاية الإلهيّة الإمام المهديّ المنتظَر واضحة ومحدّدة.

2- وتخصُّصٍ في الخزين العقائديّ والتشريعيّ الأعظم، وهو الهدى الإلهيّ الذي أشرقت أنواره يوم بدأ عمر الإنسان على وجه الأرض: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ (طه:123-124). وقد تدرّج التعبير عن هذا الهدى الإلهيّ في رسالات السماء التي اكتملت مع الرسالة الخاتمة.

3- وتخصُّصٍ في حركة التاريخ وفلسفته، وفق القوانين والسُّنن الكونيّة والاجتماعية، والدرس الأبرز في جميع المراحل: ﴿..إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ..﴾ (محمّد:7).

4- ومعرفة وافية بمآلات حركة التاريخ وخاتمتها على يد المهديّ المنتظَر عليه السلام.

5- وتخصُّصٍ في التزكية والتعليم في خط «يزكّيهم ويعلّمهم»، وقد أثمر هذا التخصّص عناية مبكرة من الإمام بالبناء الروحيّ والأخلاقيّ، في ملازمة الجهاد الأكبر بالعمل الدّؤوب في النفس والكتابة والتدريس، فتخرّج عليه أساطين من كبار الفقهاء العرفاء -منهم الشهيد بهشتي، والشهيد مطهّري، والشهيد دستغيب وكثير غيرهم- تلاطمت أمواج جهودهم المضنية في أرجاء إيران عبر التواصل الدائم مع الجماهير، رغم شراسة «الساواك» مخابرات النظام الشاهنشاهيّ المقبور.

6- ورؤيةٍ ثاقبة في المجالات السياسيّة المحليّة والعالميّة، هي نتاج النجاح في عوالم التزكية والصِّدق في حمل هموم المستضعفين، وتكشف حوارات الإمام السياسيّة -خصوصاً في باريس- عن رؤية خمينيّة مسدّدة، إنْ في تناول مواقف الدول بحكمة وقوّة حجّة، أو في باب رؤيته لمعالم نظام الحكم الإسلاميّ البديل لحكم الشاه.

***

أما في باب السياسات المعتمدة، والأهداف السياسيّة التي ترمي إليها هذه السياسات، فسأكتفي بالتركيز على السياسات التالية:

1- لم يتصرّف الإمام يوماً في موقف أو كتابة أو خطابة، إلا على أساس عالميّة نهضته التي تبدأ بالشعب الإيرانيّ المسلم، لتحقيق هدفين: أ- إيجاد القاعدة التي يواصل من خلالها مخاطبة سائر الشعوب الإسلاميّة والعالم بأسره. ب- مواجهة الشاه العميل لأميركا و«إسرائيل».

2- تثبت توثيقات «صحيفة الإمام» في اثنين وعشرين مجلّداً، أنّ الإمام الخمينيّ لم يَغِب عن ذهنه يوماً مشكلة «المستضعفين» في العالم بأَسْره مع «القوى الكبرى» التي يطلق عليهم مع هذا التوصيف، «الناهبين الدوليّين» و«مصّاصي الدّماء» و«المستكبرين».

3- كما تثبت هذه التوثيقات أن الإمام الخمينيّ كان يخاطب الأمّة الإسلاميّة كمدخل إلى عالميّة أهدافه القرآنيّة التي تهيب بالمسلمين أن يكونوا روّاد الحضارة والعدل العالميّين.

4- بناء على ذلك كان التركيز على «الشرق مهد الأنبياء» الذين -كما يؤكّد الإمام بجلاء- لم تعرف البشريّة قِيَم العقل والعدل والأخلاق الفاضلة، إلا منهم.

5- ولقد ميّز الإمام بما لا مزيد عليه بين الإدارات الغربية، وشعوب الغرب، مؤكّداً على وجوب التصدّي لهيمنة الإدارات الغربيّة، خصوصاً «الشيطان الأكبر» الأميركيّ، تمهيداً لإنقاذ العالمين في الشرق والغرب من «مصّاصي دماء الشعوب».

6- ويُذهل المتتبّع لخطاب الإمام الخمينيّ منذ البدايات، وضوح الرؤية والتسديد في تلخيص حلّ مشكلة شعوب منطقتنا مع «الشيطان الأكبر» بضرب ركيزتَيه: آل سعود والوهّابيّين عموماً، و«الغدّة السرطانية» «إسرائيل».

***

* أكتفي من كلام الإمام حول الوهّابيّة، بهذا النصّ من «صحيفة الإمام ج 20 / 222 – 244 بتاريخ 29 / 4 / 1367 هـ. ش = 1988م»:

«ألا يرى المسلمون أنّ مراكز الوهّابيّة في العالم تحوّلت إلى مراكز فتنة وجاسوسيّة وهي تروّج لإسلام الأعيان، إسلام أبي سفيان، إسلام الملالي القذرين، إسلام أدعياء القداسة عديمي الشعور في الحوزات العلميّة والجامعات، إسلام الذلّ والنكبة، إسلام المال والقوّة، إسلام الخداع والمساومة والاستعباد، إسلام حاكمية الرأسمال والرأسماليّين على المظلومين والحفاة، وبكلمة: الإسلام الأمريكيّ!.

ومن جهة أخرى تسجد على أعتاب أسيادها أمريكا آكلة العالم! لا يعرف المسلمون إلى مَن يشكون هذا الألم».

***

وأمّا نصوص الإمام الخمينيّ حول «فلسطين» و«القدس» و«زوال إسرائيل» وواجب المليار مسلم في استئصال الكيان الصهيونيّ، فهي لا تكاد تُحصى، وقد بات الكثير منها معروفاً ومتداولاً.

وفي خطّ الإمام ونهجه في هذا المجال، توثَّب القادة الكبار من تلامذته، ومنهم الفقيه النوعيّ والشهيد السعيد العلامة الشيخ مرتضى مطهّري، الذي ألقى عام 1969م -أي قبل انتصار الثورة بعشر سنوات- خطبة ناريّة حول الاحتلال الصهيونيّ، وقد اعتُقل على إثرها، وممّا جاء فيها:

* «لو كان نبيّ الإسلام اليوم حيّاً، فماذا كان يفعل؟ حول أيّ مسألة كان يفكّر النبيّ الأكرم؟ واللهِ وباللهِ نحن حول هذه القضية مسؤولون. أقسم بالله أنّ علينا مسؤولية. أقسم بالله نحن غافلون. واللهِ إنّ القضية التي تُدمي قلب الرسول الأكرم، اليوم، هي هذه القضيّة. القصّة التي تُدمي قلب الحسين بن عليّ هي هذه القضيّة. لو كان الحسين موجوداً لَقال: أنت الذي تريدُ أن تُقيم عزاءً لي، أو تلطم، أو تضرب بالسّلاسل، فإنّ شعارك اليوم يجب أن يكون فلسطين. "شِمْر" قبل ألف وأربعمائة سنة، زال، مات. إعرف "شِمْر" يومك هذا!

اليوم يجب أن تتلاطم أبواب هذه المدينة (طهران) وجدرانها من شعارات فلسطين.

بناءً عليه، كيف يكون خلاصنا نحن المسلمين في هذا المجال؟

بالله، يجب أن نخجل من أنّنا نسمّي أنفسنا مسلمين. يجب أن نخجل من أنّنا نسمّي أنفسنا شيعة عليّ بن أبي طالب.

أقسم بالله، سمعت أنّ العدوّ وجّه هذه الإهانة. أغار على أرض المسلمين، وترك الرجال ما بين قتيلٍ وأسير، وتعرّض للنساء فسلب حليهنّ من آذانهنّ وأيديهنّ، وفِي مثل هذا يقول عليّ بن أبي طالب -الذي ندّعي التشيّع له ونظهر تجاهه حساسيّاتٍ بلا معنى، وكاذبة-: "فلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً".

أليس هؤلاء مسلمين؟! أليس لهم أعزّاء؟!

مَن في الدنيا اليوم يُنكر أن الفلسطينيّين المهجّرين، لا يحقّ لهم الرجوع إلى وطنهم؟!!

إقرأوا قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ..﴾ (التوبة:20).

أيّها السادة: إنّ المساعدة بالمال ممكنة. واللهِ واجبة. مثل وجوب الصّلاة. مثل وجوب الصّيام. هذا الإنفاق واجب.

أول سؤال نُسأله بعد الموت هو هذا السؤال: أنت ماذا فعلت في مجال الاتّحاد في مقابل "إسرائيل"؟. قال النبيّ: مَن سمع مسلماً ينادي يا لَلمسلمين فلم يُجبه، فليس بمسلم».

***

ونحن الآن على مشارف زوال ركيزتَي أميركا في منطقة «غرب آسيا»، تمهيداً لطرد الاحتلال الأميركيّ، علينا أن نستحضر منطلقات الإمام الخمينيّ، وأهدافه والسياسات، وكيف حفظ الإمام الخامنئيّ الوصيّة، لندرك أنّ ما تحقّق وما يوشك تحقّقه، ليس إلا بداية تحوّلات عالميّة عاصفة، والآتي -بحوله تعالى- أبعد غوراً، وأشدّ عصفاً، وعلى الله قصدُ السبيل.

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

12/06/2018

دوريات

  أجنبية

أجنبية

12/06/2018

أجنبية

نفحات