الملف

الملف

منذ أسبوع

أسماء الله الحُسنى


أسماء الله الحُسنى

الإحصاء، والتفسير

 

استهلال

التوحيد عبادة المعنى دون الاسم

الأسماء الحُسنى في القرآن الكريم

العلامة السيد محمّد حسين الطباطبائي رحمه الله

معنى إحصاء أسماء الله تعالى

العلامة السيد نعمة الله الجزائري رحمه الله

العبارات الواردة في تعيين الأسماء الحسنى

الفقيه الشيخ إبراهيم الكفعمي رحمه الله

حقيقة «الأسماء» في الحكمة الإلهية

المولى الشيخ هادي السبزواري رحمه الله

موجز في تفسير معاني أسماء الله تبارك وتعالى

إعداد: «شعائر»

 

التوحيد عبادة المعنى دون الاسم

«عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن أسماء الله عزّ وجلّ واشتقاقها، فقال:

الله مشتقّ من إله، وإله يقتضي مألوهاً ، والاسم غير المسمّى ، فمَن عبَد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد الاثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد، أفهمت يا هشام؟

قال: قلت: زدني.

قال: لله عزّ وجلّ تسعة وتسعون اسماً، فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها هو إلهاً، ولكن الله عزّ وجلّ معنى، يُدلّ عليه بهذه الأسماء وكلّها غيره.

يا هشام، الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق، أفهمت يا هشام فهماً تدفع به وتنافر أعداءنا والملحدين في الله والمشركين مع الله عزّ وجلّ غيره؟

قلت: نعم.

فقال: نفعك الله به وثبّتك يا هشام.

قال هشام: فوالله ما قهرني أحد في التوحيد حينئذٍ حتى قمت مقامي هذا».

(الشيخ الصدوق، التوحيد: ص 221)

 

 

الأسماء الحسنى

معناها ودلالاتها ومنزلتها في القرآن الكريم

§      العلامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي

* وردت عبارة ﴿الأَسْمَاءُ الحُسْنَى) مع نسبتها لله تبارك وتعالى، في أربعة مواضع من القرآن الكريم؛ وهي بالترتيب الآية 180 من سورة (الأعراف)، الآية 110 من سورة (الإسراء)، الآية الثامنة من سورة (طه)، والآية الأخيرة (24) من سورة (الحشر) المباركة.

وقد أفرد العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه، في غير موضع من (تفسير الميزان) مساحة واسعة لشرح معاني ودلالات هذه الآيات، اخترنا منها، بتصرّف بسيط، مقتطفات إجمالية في توضيح وتفسير منزلة ﴿الأسماء الحسنى﴾، كما وردت في الآيات الكريمة المشار إليها.

«شعائر»

 

 

يقول الله تبارك وتعالى (الأعراف/180): ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

الاسم بحسب اللغة ما يُدلّ به على الشيء سواء:

- أفاد معنى وصفياً؛ كاللفظ الذي يُشار به إلى الشيء لدلالته على معنًى موجودٍ فيه.

- أو لم يفد إلّا الإشارة إلى الذات؛ كزيد وعمرو.

وتوصيف الأسماء بـ‍«الحسنى» - وهي مؤنث أحسن - يدلّ على أنّ المراد بها الأسماء التي فيها معنى وصفيّ، دون تلك التي لا دلالة لها إلّا على الذات المتعالية فقط، لو كان بين أسمائه تعالى ما هو كذلك.

وليس المراد أيضاً كل معنى وصفيّ، بل المعنى الوصفيّ الذي فيه شيء من الحُسن، ولا كلّ معنى وصفيّ حَسَن، بل ما كان أحسن بالنسبة إلى غيره إذا اعتُبرا مع الذات المتعالية: فالشجاع والعفيف من الأسماء الحسنة، لكنهما لا يليقان بساحة قُدسه لإنبائهما عن خصوصية جسمانية لا يمكن سلبها عنهما. ولو أمكن، لم يكن مانعٌ عن إطلاقهما عليه: كالجواد والعدل والرحيم.

فكون اسمٍ ما من أسمائه تعالى «أحسن الأسماء» أن يدلّ على معنى كماليّ غير مخالط لنقص أو عدَم، مخالطةً لا يمكن معها تحرير المعنى من ذلك النقص والعدم وتصفيته.

فالأسماء بأجمعها محصول لغاتنا، لم نضعها إلّا لمصاديقها فينا، وهي لا تخلو عن شوب الحاجة والنقص، غير أنّ:

- من الأسماء ما لا يُمكن سلب جهات الحاجة والنقص عنها.

- ومنها ما يمكن فيه ذلك؛ كالعلم والحياة والقدرة.

فالعلم فينا هو الإحاطة بالشيء من طريق أخذ صورته من الخارج بوسائل مادية.

والقدرة فينا هي المنشِئة للفعل بكيفية مادية موجودة لعضلاتنا.

والحياة كوننا بحيث نعلم ونقدر بما لنا من وسائل العلم والقدرة.

فهذه الأسماء – العالم والقادر والحيّ بلحاظ ما تقدّم - لا تليق بساحة قدسه تعالى. غير أنّا إذا جرّدنا معانيها عن خصوصيات المادة، عاد العلم، وهو الإحاطة بالشيء بحضوره عنده، والقدرة هي المنشئة للشيء بإيجاده، والحياة كون الشيء بحيث يعلم ويقدر. وهذه لا مانع من إطلاقها عليه سبحانه، لأنّها معانٍ كمالية خالية عن جهات النقص والحاجة.

وقد دلّ العقل والنقل أنّ كل صفة كمالية فهي له تعالى، وهو المفيض لها على غيره من غير مثالٍ سابق، فهو تعالى عالم قادر حيّ، لكن لا كعلمنا وقدرتنا وحياتنا، بل بما يليق بساحة قدسه من حقيقة هذه المعاني الكمالية مجرّدةً عن النقائص.

وقد قدِّم الخبر في قوله: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى..‏﴾، وهو يفيد الحصر، وجيء بالأسماء محلّى باللام، والجمع المحلّى باللام يفيد العموم، ومقتضى ذلك أنّ كلّ «اسم أحسن» في الوجود فهو لله سبحانه لا يشاركه فيه أحد، وإنْ كان الله سبحانه ينسب بعض هذه المعاني إلى غيره ويسمّيه به؛ كالعلم والحياة والخلق والرحمة. فالمراد بكونها لله كون حقيقتها له وحده لا شريك له.

(8/342 – 343)

ليس للأسماء إلا الطريقية المحضة

يقول الله تبارك وتعالى (الإسراء/110): ﴿ قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى..﴾

لفظة ﴿أَو﴾ ليست للتسوية والإباحة، فالمراد بقوله ﴿الله﴾ و ﴿الرّحمن﴾ الاسمان الدالان على المسمّى دون المسمّى (ذاته). والمعنى: ادعوا باسم الله أو باسم الرحمن، فالدعاء دعاؤه.

والآية من غُرر الآيات القرآنية تنير حقيقة ما يراه القرآن الكريم من توحيد الذات وتوحيد العبادة، قبال ما تراه الوثنية من توحيد الذات وتشريك العبادة.

ولذلك لمّا سمع بعض المشركين دعاءه صلّى الله عليه وآله وسلّم في صلاته: «يا اللهُ يا رحمن» قال: انظروا... ينهانا أن نعبد إلهين، وهو يدعو إلهين.

والآية الكريمة تردّ عليهم ذلك وتكشف عن وجه الخطأ في رأيهم بأنّ هذه الأسماء أسماء حُسنى له تعالى؛ فهي مملوكة له محضاً، لا تستقلّ دونه بنَعت ولا تنحاز عنه في ذات أو صفة تملكه وتقوم به، فليس لها إلّا الطريقية المحضة، ويكون دعاؤها دعاءه والتوجه بها توجهاً إليه، وكيف يستقيم أن يحجب الاسم المسمّى وليس إلّا طريقاً دالّاً عليه هادياً إليه، ووجهاً له يتجلّى به لغيره، فدعاء الأسماء الكثيرة لا ينافي توحيد عبادة الذات، كما يمتنع أن تقف العبادة على الاسم ولا تتعدّاه.

(13/223 – 224)

قيّوميّة اسم الذات على سائر الأسماء

قوله تعالى (الحشر/22-24): ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

* هذه الآيات الثلاث - وإنْ كانت مسوقةً لتعداد قبيلٍ من أسمائه تعالى الحُسنى، والإشارة إلى تسميته تعالى بكلّ اسمٍ أحسن، وتنزّهه بشهادة ما في السماوات والأرض، لكنّها بانضمامها إلى ما مرّ من الأمر بالذكر (الآية 19) - تفيد أنّ على الذاكرين أن يذكروه بأسمائه الحسنى فيعرفوا أنفسهم بما يقابلها من أسماء النقص، فافهم ذلك.

وبانضمامها إلى الآية السابقة (الآية 21) وما فيها من قوله: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ..﴾ تفيد تعليل خشوع الجبل وتصدّعه من خشية الله، كأنّه قيل: وكيف لا وهو الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة، إلى آخر الآيات.

* وقوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ..﴾: يفيد الموصول والصلة معنى اسمٍ من أسمائه، وهو وحدانيّته تعالى في ألوهيته ومعبوديته.

* وقوله: ﴿..عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ..﴾: الشهادة هي المشهود الحاضر عند المدرك، والغيب خلافها... فهو تعالى عالم الغيب والشهادة، وغيره لا علم له بالغيب لمحدودية وجوده وعدم إحاطته إلّا بما علّمه تعالى... وأمّا هو تعالى فغَيبٌ على الإطلاق لا سبيلَ إلى الإحاطة به لشيء أصلاً.

* قوله تعالى: ﴿..الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..﴾:

- «القدّوس»: مبالغة في القُدس وهو النزاهة والطهارة.

- «السلام»: مَن يلاقيك بالسلامة والعافية من غير شرّ وضرّ،.

- «المؤمن»: الذي يعطي الأمن.

- «المهيمن»: الفائق المسيطر على الشيء.

- «العزيز»: الغالب الذي لا يغلبه شيء، أو مَن عنده ما عند غيره مِن غير عكس.

- «الجبّار»: مبالغة من جبر الكسر، أو الذي تنفذ إرادته ويجبِر على ما يشاء.

- «المتكبّر»: الذي تلبّس بالكبرياء وظهر بها.

* قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ..﴾:

- «الخالق»: هو الموجِد للأشياء عن تقدير.

- «البارئ»: المنشئ للأشياء ممتازاً بعضُها من بعض.

«المصوِّر»: المعطي لها صوراً يمتاز بها بعضها من بعض.

والأسماء الثلاثة تتضمّن معنى الإيجاد باعتبارات مختلفة، وبينها ترتّب؛ فالتصوير فرعُ البرء، والبرء فرع الخَلق، وهو ظاهر.

وإنّما صدَّر الآيتين السابقتين بقوله: ﴿..الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ..﴾  فوصف به ﴿الله﴾ وعقّبه بالأسماء بخلاف هذه الآية، إذ قال: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ..﴾؛ لأنّ الأسماء الكريمة المذكورة في الآيتين السابقتين، وهي أحد عشر اسماً، من لوازم الربوبية ومالكية التدبير التي تتفرّع عليها الألوهية والمعبودية بالحقّ، وهي على نحو الأصالة والاستقلال لله سبحانه وحده لا شريك له في ذلك، فاتّصافه تعالى وحده بها يستوجب اختصاص الألوهية واستحقاق المعبودية به تعالى.

فالأسماء الكريمة بمنزلة التعليل لاختصاص الألوهية به تعالى، كأنّه قيل: «لا إله إلّا هو لأنّه عالم الغيب والشهادة هو الرّحمن الرّحيم»، ولذا أيضاً ذيّل هذه الأسماء بقوله ثناءً عليه: ﴿..سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ردّاً على القول بالشركاء كما يقوله المشركون.

وأمّا قوله: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ..﴾: فالمذكور فيه من الأسماء يفيد معنى الخَلق والإيجاد. واختصاص ذلك به تعالى، لا يستوجب اختصاص الألوهية به كما يدلّ عليه أنّ الوثنيين قائلون باختصاص الخَلق والإيجاد به تعالى، وهم مع ذلك يدعون من دونه أرباباً وآلهة ويثبتون له شركاء.

وأمّا وقوع اسم الجلالة في صدر الآيات الثلاث جميعاً فهو علَمٌ للذات المستجمع لجميع صفات الكمال، يرتبط به ويجري عليه جميع الأسماء، وفي التكرار مزيد تأكيد وتثبيت للمطلوب.

 (19/221 – 224)

 

 

معنى إحصاء الأسماء الحسنى

تعقيبات على كتاب (التوحيد) للشيخ الصدوق

§      السيد نعمة الله الجزائري

 

* كتاب (نور البراهين في أخبار الطاهرين) للعلّامة المحدّث الجليل السيّد نعمة الله الموسوي الجزائري (ت: 1112 هجرية) هو شرح لكتاب (التوحيد) للشيخ الصدوق رضوان الله عليه، ويُعرف أيضاً بـ(أنيس الوحيد في شرح التوحيد).

تتضمّن المقالة الآتية، تعقيب السيّد الجزائري (ج 1 - شرح ص 473) بمجموعة نقاط على مضمون الخبرَين الثامن والتاسع الواردين في باب أسماء الله الحسنى من (توحيد) الشيخ الصدوق، وهو ما ننقله بتصرّف يسير اقتضته ضرورات التحرير.

«شعائر»

 

روى الشيخ الصدوق في (التوحيد) بسنده:

8- «..عن سليمان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

إنّ للهِ تباركَ وتعالى تسعةً وتسعين اسماً، مائة إلّا واحِداً، مَن أَحصاها دَخل الجنّة، وهي: اللهُ، الإلهُ، الواحدُ، الأحَدُ، الصّمَدُ، الأوّلُ، الآخِرُ، السّميعُ، البَصيرُ، القَديرُ، القاهِرُ، العَلِيُّ الأعلَى، الباقي، البَديعُ، البارِئُ، الأكرَمُ، الظّاهرُ، الباطِنُ، الحَيُّ، الحَكيمُ، العَليمُ، الحَليمُ، الحَفيظُ، الحَقُّ، الحَسيبُ، الحَميدُ، الحَفِيُّ، الرّبُّ، الرَحمنُ، الرّحيمُ، الذارِئُ، الرّزاقُ، الرّقِيبُ، الرّؤوفُ، الرائي، السّلامُ، المُؤمِنُ، المُهيمِنُ، العزيزُ، الجَبّارُ، المُتكبِّرُ، السّيِّدُ، السُّبّوحُ، الشّهيدُ، الصّادِقُ، الصّانِعُ، الطّاهِرُ، العَدْلُ، العَفُوُّ، الغَفورُ، الغَنِيُّ، الغياثُ، الفاطِرُ، الفَرْدُ، الفَتّاحُ، الفالِقُ، القديمُ، المَلِكُ، القُدُوسُ، القَوِيُّ، القَريبُ، القَيّومُ، القَابِضُ، الباسِطُ، قاضِي الحاجات، المَجيدُ، المَوْلَى، المَنَّانُ، المُحيطُ، المُبينُ، المقيتُ، المُصَوِّرُ، الكريمُ، الكبيرُ، الكافي، كاشِفُ الضّرّ، الوَتْرُ، النُّورُ، الوَهّابُ، النّاصِرُ، الواسِعُ، الوَدودُ، الهادِي، الوَفِيُّ، الوَكيلُ، الوارِثُ، البَرُّ، الباعِثُ، التّوّابُ، الجَليلُ، الجَوادُ، الخَبيرُ، الخالِقُ، خَيرُ النّاصرين، الدّيّانُ، الشّكُورُ، العَظيمُ، اللّطيفُ، الشّافي».

وروى الشيخ الصدوق أيضاً بسنده:

9- «..عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهرويّ، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام، قال: قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

للهِ عزَّ وجلَّ تِسعةٌ وتسعون اسماً، مَن دعا اللهَ بها استجابَ له، ومَن أَحصاها دَخَل الجنَة».

ثمّ قال الشيخ الصدوق: «إحصاؤها هو الإحاطةُ بها والوقوف على معانيها، وليس معنى الإحصاء عدّها».

هل «الأسماء» توقيفية؟

ذهب بعضهم إلى أنّ معنى الاحصاء عدّها، لأنّه المتبادر منه.

وقيل: المراد بإحصائها حِفظها، لأنّه إنّما يحصل بتكرار مجموعها وتعدادها مراراً.

وقيل: المراد ضَبطُها حصراً وتعداداً وعلماً وإيماناً وقياماً بحقوقها.

بقي الكلام هنا في أمور:

أوّلها: أنّ الأسماء الحسنى هل هي منحصرة في هذه المذكورات المنصوص على عددها وتعيينها أم لا؟ [أي المذكورات في الخبر الثامن المتقدّم]

قيل بالأول نظراً إلى لفظ الرواية، والمشهور هو الثاني، لأنّ أسماءه عزّ شأنه الواردة في الأدعية المأثورة والأخبار المروية ممّا تزيد على الأربعمائة، بل ربّما بلغت الألف إن اعتبرت الأفعال والمركّبات، ويؤيّده ما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، أنّه قال: «إنَّ للهِ أربعةَ آلاف اسم، ألفٌ لا يَعلمُها إلّا الله، وألفٌ لا يَعلمُها إلّا اللهُ والملائكةُ، وألفٌ لا يَعلمُها إلا اللهُ والملائكةُ والنبيّون، وأمّا الألفُ الرابِع، فالمُؤمنونَ يَعلمونَه، ثلاثمائة منها في التّوراةِ، وثلاثمائة في الإنجيلِ، وثلاثمائة في الزَّبورِ، ومائة في القُرآنِ، تِسعةٌ وتسعون ظاهرةٌ، وواحدٌ منها مَكتومٌ، مَن أحصاها دَخَلَ الجنّة».

وثانيها: أنّه إذا كانت الأسماء أكثر من هذا العدد، فما وجهُ الاقتصار عليه؟

فنقول: ذكر بعض العارفين أنّ مفهوم العدد ليس بحجّة، وأنّ الاقتصار عليها نظراً إلى عظيم ما يترتّب عليها من الآثار بالنسبة إلى ما لم يُذكر، وإن اشترك الكلّ في كونها أسماءً حُسنى، على أنّ التسعة والتسعين عددٌ وَتر، والله سبحانه وَتْرٌ ويحبّ الوَتر، لكن ينبغي أن يعلم أنّ الأخبار الواردة في تعديد هذه الأسماء التسعة والتسعين مختلفة، كما يظهر لمَن راجع الكتب المشتملة على الأسماء الحسنى، وحينئذٍ فهذا الثواب، أعني دخول الجنّة، ممّا يترتّب على إحصاء هذا العدد على موافقة أي خبر من الأخبار الواردة فيه.

وثالثها: أنّه هل يجوز اطلاق اسمٍ لم يرد فيه إذنٌ من الشارع عليه تعالى، أم لا؟

ذهب العلماء إلى أقوال ثلاثة، ثالثها التفصيل وهو جوازه في الصفات دون الأسماء، وهو لا يخلو من قوّة.

وقال شيخنا الشهيد نوّر الله ضريحه في أواخر (قواعده: 2/176): «إنّ ما تضمّنته الرواية من الأسماء المذكورة، كلّها ممّا ورد بها السمع، ولا شيء منها يوهم نقصاً، فلذلك جاز إطلاقها على الله تعالى إجماعاً، أمّا ما عداها فتنقسم أقساماً ثلاثة:

الأول: ما لم يرد به السمع ويوهم نقصاً، فيمتنع إطلاقه إجماعاً، نحو العارف والعاقل والفَطِن والذكيّ، لأنّ المعرفة قد تُشعِر بسبق فكرة، والعقل هو المنع عمّا لا يليق، والفطنة والذكاء يشعران بسرعة الإدراك لما غاب عن المدرك، وكذا المتواضع لأنه يوهم المذلّة، والعلّامة فإنّه يوهم التأنيث، والداري لأنّه يوهم تقدّم الشكّ.

الثاني: ما ورد به السمع، ولكن إطلاقه في غير مورده يوهم النقص، كما في قوله تعالى (آل عمران/54): ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ..﴾، وقوله (البقرة/15): ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ..﴾، فلا يجوز أن يقال: يا مستهزئ يا ماكر، أو يحلف به.

الثالث: ما خلا عن الإيهام، إلا أنّه لم يرد به السمع، مثل السخيّ والأريحيّ، ومنه السيّد عند بعضهم، والأولى التوقّف عمّا لم يثبت التسمية به، وإن جاز أن يطلق معناه عليه إذا لم يكن فيه إيهام».

 

 

العبارات الواردة في تعيين أسماء الله الحسنى

 

§      الشيخ الكفعمي العاملي

* (المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى) رسالة للفقيه الربّانيّ الشيخ إبراهيم الكفعمي العاملي (ت: 905 هجرية)، وهي شرح قرآني حديثي عرفاني لغوي أدبي لمعاني أسماء الله تبارك وتعالى، وفيها من المباحث اللطيفة التي لا يُستغنى عنها، ألحقها رضوان الله عليه بكتابيه (البلد الأمين)، و(المصباح)، واستهلّها بإيراد الأسماء المباركة «بثلاث عبارات»، ثم اعتمد عبارة رابعة مشتملة على الثلاث المتقدمة، وهي التي تناول كلّ اسمٍ من أسمائها بالشرح «من غير إيجازٍ مخلّ ولا إسهابٍ مملّ». وسيأتي نماذج من شرحه في المقال الأخير من هذا الملف.

تتضمن المقالة التالية، ثبتاً بالأسماء الإلهية المقدّسة، نقلها الشيخ الكفعمي عن ثلاث مصادر معتبرة، مع الإشارة إلى أنها ممّا ورد به «السمع»، إمّا في القرآن الكريم أو في صحيح الأخبار.

«شعائر»

   

الأسماء الحسنى: وسنوردها هنا بثلاث عبارات:

الأولى: ما ذكرها الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد رحمه الله، في (عدّته) أنّ الرضا عليه السلام روى عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليه السلام، أنّ «لله تسعةً وتسعين اسماً مَن دعا بها استجيب له ومَن أحصاها دَخل الجنّة، وهي هذه: [هذه هي الأسماء المباركة التي شرحها الشيخ الصدوق في (التوحيد)، ونقلها عنه العلامة المجلسي في (البحار)]

اللهُ، (الإلهُ)، الواحدُ، الأحدُ، الصمدُ، الأولُ، الآخرُ، السميعُ، البصيرُ، القديرُ، القاهرُ، العليُّ، الأعلى، الباقي، البديعُ، البارئُ، الأكرمُ، الظّاهرُ، الباطنُ، الحيُّ، الحكيمُ، العليمُ، الحليمُ، الحفيظُ، الحقُّ، الحسيبُ، الحميدُ، الحفيُّ، الربُّ، الرحمنُ، الرحيمُ، الذارئُ، الرزّاقُ، الرقيبُ، الرؤوفُ، الرائي، السلامُ، المؤمنُ، المهيمنُ، العزيزُ، الجبّارُ، المتكبّرُ، السيّدُ، السبّوحُ، الشهيدُ، الصادقُ، الصانعُ، الطاهرُ، العدلُ، العفوُّ، الغفورُ، الغنيُّ، الغياثُ، الفاطرُ، الفردُ، الفتّاحُ، الفالقُ، القديمُ، الملكُ، القدّوسُ، القويُّ، القريبُ، القيّومُ، القابضُ، الباسطُ، قاضي الحاجات، المجيدُ، المولى، المنّانُ، المحيطُ، المبينُ، المقيتُ، المصوّرُ، الكريمُ، الكبيرُ، الكافي، كاشفُ الضرّ، الوَتْرُ، النورُ، الوهّابُ، الناصرُ، الواسعُ، الودودُ، الهادي، الوفيُّ، الوكيلُ، الوارثُ، البَرُّ، الباعثُ، التوّابُ، الجليلُ، الجوادُ، الخبيرُ، الخالقُ، خيرُ الناصرين، الديّانُ، الشكورُ، العظيمُ، اللطيفُ، الشافي».

قال ابن فهد: واعلم أنّ تخصيص هذه الأسماء المكرّمة بالذكر لا يدلّ على نفي ما عداها، لأنّ في أدعيتهم أسماء كثيرة لم تُذكر في هذه الأسماء المعدودة، ولعلّ تخصيص هذا بالذكر لاختصاصها بمزيّة الشرف على باقي الأسماء.

الثانية: ما ذكرها الشهيد رحمه الله في (قواعده)، وهي: «اللهُ، الرحمنُ، الرحيمُ، الملِكُ، القدوسُ، السّلامُ، المؤمنُ، المهيمنُ، العزيزُ، الجبّارُ، المتكبّرُ، البارئُ، الخالقُ، المصوّرُ، الغفّارُ، الوهّابُ، الرزّاقُ، الخافضُ، الرافعُ، المعزُّ، المذلُّ، السميعُ، البصيرُ، الحليمُ، العظيمُ، العليُّ، الكبيرُ، الحفيظُ، الجليلُ، الرقيبُ، المجيبُ، الحكيمُ، المجيدُ، الباعثُ، الحميدُ، المبدئُ، المعيدُ، المحيي، المميتُ، الحيُّ، القيّومُ، الماجدُ، التوّابُ، المنتقمُ، العفوُّ، الرؤوفُ، الوالي، الغنيُّ، المغنِي، الفتّاحُ، القابضُ، الباسطُ، الحكَمُ، العدلُ، اللطيفُ، الخبيرُ، الغفورُ، الشكورُ، المقيتُ، الحسيبُ، الواسعُ، الودودُ، الشهيدُ، الحقُّ، الوكيلُ، القويُّ، المتينُ، الوليُّ، المحصِي، الواجدُ، الواحدُ، الأحدُ، الصمدُ، القادرُ، المقتدرُ، المقدّمُ، المؤخّرُ، الأوّلُ، الآخرُ، الظاهرُ، الباطنُ، البرُّ، ذو الجلال والإكرام، المقسِطُ، الجامعُ، المانعُ، الضارّ، النافعُ، النورُ، البديعُ، الوارثُ، الرشيدُ، الصّبورُ، الهادي، الباقي».

قال رحمه الله: «ورد في الكتاب العزيز من الأسماء الحسنى: الربّ، والمولى، والنصير، والمحيط، والفاطر، والعلّام، والكافي، وذو الطَّول، وذو المعارج».

الثالثة: ما ذكرها فخر الدين محمد بن محاسن [البادرائي] رحمه الله في (جواهره) وهي:

«اللهُ، الرحمنُ، الرحيمُ، الملكُ، القدّوسُ، السلامُ، المؤمنُ، المهيمنُ، العزيزُ، الجبّارُ، المتكبّرُ، الخالقُ، البارئُ، المصوّرُ، الغفّارُ، القهّارُ، الوهّابُ، الرزّاقُ، الفتّاحُ، العليمُ، القابضُ، الباسطُ، الخافضُ، الرافعُ، المعزُّ، المذلُّ، السميعُ، البصيرُ، الحكمُ، العدلُ، اللطيفُ، الخبيرُ، الحليمُ، العظيمُ، الغفورُ، الشكورُ، العليُّ، الكبيرُ، الحفيظُ، المقيتُ، الحسيبُ، الجليلُ، الكريمُ، الرقيبُ، المجيبُ، الواسعُ، الحكيمُ، الودودُ، المجيدُ، الماجدُ، الباعثُ، الشهيدُ، الحقُّ، الوكيلُ، القويُّ، المتينُ، الوليُّ، الحميدُ، المحصي، المبدئُ، المعيدُ، المحيي، المميتُ، الحيُّ، القيّومُ، الواحدُ، الأحدُ، الصمدُ، القادرُ، المقتدرُ، المقدّمُ، المؤخّرُ، الأوّلُ، الآخرُ، الظاهرُ، الباطنُ، الوالي، المتعالي، البرُّ، التوّابُ، المنتقمُ، العفوُّ، الرؤوفُ، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسطُ، الجامعُ، الغنيُّ، المغني، المانعُ، الضارُّ، النافعُ، النورُ، الهادي، البديعُ، الباقي، الوارثُ، الرشيدُ، الصبورُ».

قال البادرائي: «فهذه تسعة وتسعون اسماً رواها محمّد بن إسحاق في المأثور».

ولمّا كانت كلّ واحدة من هذه العبارات الثلاث تزيد على صاحبتيها بأسماء وتنقص عنهما بأسماء، أحببت أن أضع عبارة رابعة مشتملة على أسماء العبارات الثلاث مع الإشارة إلى شرح كلّ اسم منها من غير إيجاز مخلّ ولا إسهاب مملّ. وسمّيت ذلك بـ(المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى).



حقيقة الأسماء الحسنى

أبعادها في الحكمة الإلهية والقرآن المجيد

§      المولى هادي السبزواري

* المولى هادي السبزواري، المتوفى سنة 1289 هجرية، فيلسوفٌ إلهيّ ومن كبار  شرّاح (الحكمة المتعالية) للفيلسوف والحكيم الإلهيّ صدر الدين الشيرازي (ت: 1050 هجرية).

ومن مؤلفات الحكيم السبزواري كتابه المعروف (شرح الأسماء الحسنى)، وهو شرحٌ لدعاء الجوشن الكبير ، ومنه اخترنا هذه المقالة في شرح عبارة «يَا مَنْ لهُ الأسماءُ الحُسنى» الواردة في الفقرة 56 من دعاء الجوشن.

 

«شعائر»

 

 

الاسم عند العرفاء هو حقيقة الوجود مأخوذة:

- بتعيّنٍ من التعيّنات الصفاتية من كمالاته تعالى.

- أو باعتبار تجلٍّ خاصٍّ من التجلّيات الإلهية.

فالوجود الحقيقي مأخوذاً:

- بتعيّن الظاهرية بالذات والمظهرية للغير الاسمُ «النور».

- وبتعيّن كونه ما به الانكشاف لذاته ولغيره الاسم «العليم».

- وبتعيّن كونه خيراً محضاً وعشقاً صرفاً الاسم «المريد».

- وبتعيّن الفياضية الذاتية للنورية عن علم ومشيّة الاسم «القدير».

- وبتعيّن الدراكية والفعالية الاسم «الحيّ».

- وبتعيّن الإعراب عمّا في الضمير المخفي والمكنون الغيبي الاسم «المتكلّم»، وهكذا.

وكذا مأخوذاً بتجلٍّ خاص على مهيّة خاصة، بحيث يكون كالحصة التي هي الكلّي المضاف إلى خصوصية، يكون الإضافة بما هي إضافة - وعلى سبيل التقييد لا على سبيل كونها قيداً - داخلة والمضاف إليه خارجاً، لكن هذه بحسب المفهوم، والتجلّي بحسب الوجود اسم خاصّ.

فنفسُ الوجود الذي لم يلحَظ معه تعيّنٌ ما، بل بنحو اللا تعيّن البحت، هو المسمّى. والوجود بشرط التعيّن هو الاسم. ونفسُ التعيّن هو الصفة. والمأخوذ بجميع التعيّنات الكمالية اللائقة به المستتبعة للوازمها من الأعيان الثابتة الموجودة بوجود الأسماء - كالأسماء بوجود المسمّى - هو مقام الأسماء والصفات، الذي يقال له في عُرف العرفاء: المرتبة الواحدية، كما يقال للموجود الذي هو اللا تعيّن البحت: المرتبة الأحدية.

والمراد من «اللا تعيّن» عدم ملاحظة التعيّن الوصفي، وأمّا بحسب الوجود والهوية فهو عين التشخّص والتعيّن والمتشخّص بذاته والمتعيّن بنفسه، وهذه الألفاظ ومفاهيمها مثل الحيّ، العليم، المريد، القدير، المتكلّم، السميع، البصير، وغيرها أسماء الأسماء.

إذا عرفت هذا عرفت أنّ النزاع المشهور المذكور في (تفسير) البيضاوي وغيره من أنّ الاسم عين المسمّى أو غيره مغزاه ماذا. فإن «الاسم» علمتَ أنّه عينُ ذلك الوجود الذي هو المسمّى، وغيره باعتبار التعيّن واللا تعيّن. والصفة أيضاً وجوداً ومصداقاً عين الذات ومفهوماً غيره.

فظهر أنّ بيانهم في تحرير محل النزاع غير محرّر، بل لم يأتوا ببيان، حتى أنّ شيخنا البهائي أعلى الله مقامه، قال في حاشيته على ذلك التفسير: «قد تحيّر نحارير الفضلاء في تحرير محلّ البحث على نحوٍ يكون حريّاً بهذا التشاجر، حتى قال [الرازي] في (التفسير الكبير) أنّ هذا البحث يجري مجرى العبث. وفى كلام المؤلف إيماء إلى هذا أيضاً»، انتهى كلامه رفع مقامه.

مصداق «الأسماء الحسنى»

وأنا أقول: لو تنزّلنا عمّا حرّرنا على مذاق العرفاء الشامخين، نقول:

يجري النزاع في اللفظ بل في النقش؛ إذ كما مرّ، لكلّ شيءٍ وجودٌ عينيّ وذهنيّ ولفظيّ وكَتبيّ، والكلّ وجوداته وأطواره، وعلاقتها معه إمّا طبيعية أو وضعية. فكما أنّ وجوده الذهنيّ وجوده، كذلك وجوده اللفظيّ والكتبيّ، إذا جعلا عنوانين له آلتين لِلحاظه، فإنّ وجهَ الشيء هو الشيءُ بوجه، وظهورُ الشيء هو هو، فإذا سُمع لفظ السماء مثلاً، أو نظر إلى نقشه يستغرق في وجوده الذهنيّ الذي هو أربط وأعلق به، ولا يلتفت إلى أنّه كيف مسموع أو مبصر، بل جوهرٌ بجوهريته، وظهورٌ من ظهوراته، وطورٌ من أطواره، ومن ثمّ لا يمسّ نقش الجلالة بلا طهارة، ويترتّب على تعويذه وتعويذ أسماء الأنبياء والأئمّة عليهم السلام الآثار...

ثمّ إنه يمكن أن يراد بالأسماء الحسنى في هذا الاسم الشريف الأئمّة الأطهار، كما ورد عنهم: «نَحْنُ وَاللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى الَّتِي لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنَ الْعِبَادِ عَمَلاً إِلَّا بِمَعْرِفَتِنَا». (كما أن الاسم يدلّ على المسمّى ويكون علامة له، كذلك هم عليهم السلام أدلّاء على الله يدلّون الناس عليه سبحانه، وهم علامة لمحاسن صفاته وأفعاله وآثاره)

وفى كلام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: «أنا الأسماءُ الحُسنى..».

والاسم من السِّمة، وهي العلامة، ولا شكّ أنّهم علائمه العظمى وآياته الكبرى، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن رآني فقد رأى الحقَّ». ولأنّ مقام الأسماء والصفات مقامهم عليهم السلام، وحقّ معرفته حاصل لهم، والتحقّق بأسمائه والتخلّق بأخلاقه حقّهم، فهم المرحومون برحمته الصفتيّة، والمستفيضون بفيضه الأقدس، كما أنّهم مرحومون برحمته الفعلية والفيض المقدّس، وأمّا معرفة كُنه المسمّى والمرتبة الأحدية فهي مما استأثرها الله عزّ وجلّ لنفسه.

 

التوحيد عبادة المعنى دون الاسم

«عن هشام بن الحكم، قال: سألتُ أبا عبد الله (الصادق) عليه السلام، عن أسماء الله عزّ ذكره واشتقاقها، فقلت: الله، ممّا هو مشتقّ؟

قال: يا هشام، الله مشتقٌّ من إِله، وإله يقتضي مألوهاً، والاسم غير المُسمّى، فمَن عبد الاسم دون المعنى فقد كفَر ولم يَعبدْ شيئاً، ومَن عبَد الاسمَ والمعنى فقد كفَر وعبَد الاثنين، ومَن عبَد المعنى دون الاسم فذاك التّوحيد، أفهمتَ يا هشام؟

فقلت: زدني!

فقال: إنّ للهِ تسعةً وتسعين اسماً، فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها إلهاً، ولكن لله معنى يدلّ عليه، فهذه الأسماء كلّها غيره.

يا هشام، الخبز اسمٌ للمأكول، والماء اسمٌ للمشروب، والثّوب اسمٌ للملبوس، والنار اسمٌ للمحرِق، أفهمتَ يا هشام فَهماً تدفع به وتُناضل به أعداءنا، والمتّخذين مع الله غيره؟

قلت: نعم.

فقال: نَفعَكَ اللهُ به، وثبّتَك!

قال هشام: فوَاللهِ ما قهَرني أحدٌ في علم التوحيد حتّى قمتُ مقامي هذا».

(الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: 2/72)

 

 

﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا..﴾ (الأعراف/180)

موجز في تفسير معاني أسماء الله تبارك وتعالى

 

§      إعداد: «شعائر»

* رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «للهِ عزّ وجلّ تسعةٌ وتسعون اسماً، مَن دعا اللهَ بها استجابَ له، ومَن أحصاها دخل الجنّة».

ورُوي الحديث بمعناه بألفاظ وأسانيد مختلفة في مصادر المسلمين الشيعة والسنّة. وفيما أجمع علماء الفريقَين أنّ «التسعة والتسعين» اسماً المشار إليها في النبويّ الشريف تختصّ بمزية الشرف على باقي أسمائه عزّ وجلّ، اختلفت مرويّاتهم في تعيينها وترتيبها، واستظهر بعضهم من تعدّد الأخبار في هذا الباب وجود حكمة ربانية تضاهي حكمته تعالى في إخفاء ليلة القدر.

إلى ذلك تنوّعت آراء العلماء في معنى «إحصاء» أسمائه تبارك وتعالى، فقيل إنّ المعنى: هو الإذعان باتّصافه عزّ وعلا بكلٍّ منها، وقيل: إحصاؤها هو القيام بحقوقها. وقيل أيضاً: التخلُّق بها. وقال الشيخ الصدوق في (التوحيد): «إحصاؤها هو الإحاطةُ بها والوقوف على معانيها»، ثمّ شرع رضوان الله عليه في شرح معاني كلٍّ منها.

هذه المقالة تتضمّن مختارات من شرح الشيخ الصدوق لعددٍ من الأسماء الحسنى، مشفوعة في بعض الموارد بشرح الشيخ الكفعمي نقلاً عن كتابه (المقام الأسنى)، وقد تقدّمت الإشارة إليه في هذا الملفّ.

«شعائر»

 

* «الله» - «الإله»: الله والإله المستحقّ للعبادة ولا تحقّ العبادة إلّا له، وتقول: لم يزل إلهاً بمعنى أنّه يحقّ له العبادة، ولهذا لمّا ضلّ المشركون فقدّروا أنّ العبادة تجب للأصنام، سمّوها آلهة، وأصله الإلاهة وهي العبادة....

الكفعمي: الله: اسم علم مفرد موضوع على ذات واجب الوجود... وقال الشهيد [الأول] في (قواعده): «الله اسم للذات لجريان النعوت عليه، وقيل هو اسمٌ للذات مع جملة الصفات الإلهية. فإذا قلنا (الله) فمعناه الذات الموصوفة بالصفات الخاصة وهي صفات الكمال ونعوت الجلال. قال رحمه الله: وهذا المفهوم هو الذي يُعبد ويوحَّد ويُنزَّه عن الشريك والنظير والمثل والندّ والضدّ». وقد اختُلف في اشتقاق هذا الاسم المقدّس...واعلم أنّ هذا الاسم الشريف قد امتاز عن غيره من أسمائه تعالى الحسنى بوجوه عشرة:

1- أنّه أشهر أسمائه تعالى.

2- أنّه أعلاها محلّاً في القرآن.

3- أنّه أعلاها محلّاً في الدعاء.

4- أنّه جُعل أمام سائر الأسماء.

5- أنّه خُصّت به كلمة الإخلاص.

6- أنّه وقعت به الشهادة.

7- أنّه علَم على الذات المقدّسة، وهو مختصّ بالمعبود الحقّ تعالى، فلا يطلق على غيره حقيقة ولا مجازاً، قال تعالى (مريم/65): ﴿..هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾، أي هل تعلم أحداً يُسمّى الله وقيل سميّاً أي مثلاً وشبيهاً.

8-  أنّ هذا الاسم الشريف دالّ على الذات المقدّسة الموصوفة بجميع الكمالات حتى لا يشذّ به شيء، وباقي أسمائه تعالى لا تدلّ آحادها إلّا على آحاد المعاني..

9- أنّه اسم غير صفة بخلاف سائر أسمائه تعالى، فإنّها تقع صفات، أما أنّه اسم غير صفة فلأنّك تصفه ولا تصف به..

10- أنّ جميع أسمائه الحسنى يتسمّى بهذا الاسم ولا يتسمّى هو بشيء منها...

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه قد قيل إنّ هذا الاسم المقدّس هو الاسم الأعظم، قال ابن فهد في (عدّته): «وهذا القول قريب جداً لأنّ الوارد في هذا المعنى كثير».

* «الرحمن»: الرحمن معناه الواسع الرحمة على عباده... ويقال: هو اسم من أسماء الله تبارك وتعالى في الكتب لا سَمِيّ له فيه، ويقال للرجل: رحيم القلب، ولا يقال: رحمن، لأن الرحمن يقدر على كشف البلوى، ولا يقدر الرحيم من خلقه على ذلك، وقد جوّز قوم أن يقال للرجل: رحمن، وأرادوا به الغاية في الرحمة، وهذا خطأ.

* «الرحيم»: الرحيم معناه أنّه رحيم بالمؤمنين يخصّهم برحمته في عاقبة أمرهم، كما قال الله عزّ وجلّ (الأحزاب/43): ﴿..وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾.

الكفعمي: «قال الشهيد رحمه الله: هما اسمان للمبالغة من رحم؛ كغضبان من غضب، وعليم من علم. والرحمة لغةً رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضّل والإحسان، ومنه الرَّحِم لانعطافها على ما فيها. وأسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي هي انفعال.

وقال صاحب (العدّة): الرحمن الرحيم مشتقّان من الرحمة، وهي النعمة».

* «الأحد الواحد»: الأحد: معناه أنّه واحد في ذاته ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا أعضاء، ولا يجوز عليه الأعداد والاختلاف، لأنّ اختلاف الأشياء من آيات وحدانيته (و) ممّا دلّ به على نفسه، ويقال: لم يزلِ اللهُ واحداً.

ومعنى ثان: أنّه واحد لا نظير له ولا يشاركه في معنى الوحدانية غيره، لأنّ كلّ مَن كان له نظراء أو أشباه لم يكن واحداً في الحقيقة، ويقال: فلان واحد الناس أي لا نظير له فيما يوصف به، والله واحد لا من عدد، لأنه عز ّوجلّ لا يعدّ في الأجناس، ولكنه واحد ليس له نظير.

وقال بعض الحكماء في (الواحد والأحد): «إنّما قيل: الواحد لأنّه متوحّد، والأوّل لا ثاني له، ثم ابتدع الخلق كلهم محتاجاً بعضهم إلى بعض، والواحد من العدد في الحساب ليس قبله شيء بل هو قبل كلّ عدد، والواحد كيف ما أردته أو جزّأته لم يزد فيه شيء ولم ينقص منه شيء، تقول: واحد في واحد فلم يزد عليه شيء ولم يتغيّر اللفظ عن الواحد، فدلّ أنه لا شيء قبله، وإذا دلّ أنّه لا شيء قبله دلّ أنّه محدِث الشيء، وإذا كان هو مفني الشيء دل أنّه لا شيء بعده، فإذا لم يكن قبله شيء ولا بعده شيء فهو المتوحّد بالأزل...

الكفعمي: «قال الشهيد: (الواحد) يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الذات، و(الأحد) يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الصفات.

قال صاحب (العدّة): إنّ (الواحد) أعمّ مورداً لكونه يطلق على مَن يعقل وغيره، ولا يطلق (الأحد) إلا على مَن يعقل».

* «الصمد»: معناه السيّد، ومن ذهب إلى هذا المعنى جاز له أن يقول له: لم يزل صمداً، ويقال للسيّد المطاع في قومه الذي لا يقضون أمراً دونه: صمد.

وللصمد معنى ثانٍ وهو أنّه المصمود إليه في الحوائج، يقال: صمدتُ صَمْدَ هذا الأمر أي قصدت قصده، ومَن ذهب إلى هذا المعنى لم يجز له أن يقول: لم يزل صمداً لأنه قد وصفه عزّ وجلّ بصفة من صفات فعله... والصمد: الذي ليس بجسم ولا جوف له.

الكفعمي: «قال وهب: عث أهل البصرة إلى الحسين عليه السلام، يسألونه عن الصمد، فقال: إنّ الله قد فسّره فقال: ﴿لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ * ولَمْ يَكُنْ لَه كُفُوا أَحَدٌ﴾، لم يَخرج منه شيءٌ كثيف كالولد، ولا لطيفٌ كالنّفس، ولا تنبعث منه البدورات كالنّوم والغمّ والرجاء والرغبة والشبع والخوف وأضدادها، وكذا هو لا يخرج من كثيف كالحيوان والنبات، ولا لطيف كالبصرِ وسائر الآلات».

* «الأول والآخر»: الأول والآخر معناهما أنّه الأول بغير ابتداء، والآخر بغير انتهاء.

* «القديم»: قيل: إنّ القديم معناه أنّه الموجود لم يزل، وإذا قيل لغيره أنّه قديم كان على المجاز لأنّ غيره محدَث ليس بقديم.

الكفعمي: الذي لا يسبقه عدم.

* «السميع»: أي أنه سميع الدعاء، بمعنى مجيب الدعاء، وأمّا السامع فإنّه يتعدّى إلى مسموع ويوجب وجوده، ولا يجوز فيه بهذا المعنى «لم يزل»، والباري عزّ وجلّ سميعٌ لذاته.

* «البصير»: البصير معناه إذا كانت المبصَرات كان لها مبصِراً، فلذلك جاز أن يقال: «لم يزل بصيراً، ولم يجز أن يقال: لم يزل مبصِراً»، لأنه يتعدّى إلى مبصَر ويوجب وجوده... والله عزّ وجلّ بصيرٌ لذاته...

الكفعمي: «السميع العليم في عبارة الشهيد مرجعهما إلى العلم، لتعاليه سبحانه عن الحاسّة..».

* «العليّ الأعلى»: العليّ معناه القاهر. وأمّا الأعلى فمعناه العليّ القاهر، ويؤيّده قوله عزّ وجلّ لموسى على نبيّنا وآله وعليه السلام: ﴿..لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾ طه:68، أي الغالب.

الكفعمي: العليّ: الذي لا رتبة فوق رتبته، أو المنزَّه عن صفات المخلوقين.

* «الحيّ»: الحيّ معناه أنّه الفعّال المدبّر، وهو حيّ لنفسه لا يجوز عليه الموت والفناء، وليس يحتاج إلى حياة بها يحيى.

الكفعمي: هو الذي لم يزل موجوداً وبالحياة موصوفاً، لم يحدث له الموت بعد الحياة ولا العكس... (وقيل): إنّه الفعّال المدرك حتى أنّ ما لا فعل له ولا إدراك فهو ميت، وأقل درجات الإدراك أن يشعر المدرك نفسه، فالحيّ الكامل هو الذي تندرج جميع المدركات تحت إدراكه حتى لا يشذّ عن علمه مدرك، ولا عن فعله مخلوق، وكلّ ذلك لله تعالى، فالحيّ المطلق هو الله تعالى.

* «القيّوم»: الكفعمي: هو القائم الدائم بلا زوال بذاته، وبه قيام كلّ موجود في إيجاده وتدبيره وحفظه، ومنه قوله (الرعد/33): ﴿أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ..﴾، أي يقوم بأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم، وقيل هو القيّم على كل شيء بالرعاية له.

* «الربّ»: الربّ المالك، وكلّ مَن ملك شيئاً فهو ربّه، ومنه قوله عزّ وجلّ (يوسف/50): ﴿..ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ..﴾، أي إلى سيّدك ومليكك، ولا يقال لمخلوق الربّ بالألف واللام، لأن الألف واللام دالتان على العموم، وإنّما يقال للمخلوق: ربّ كذا، فيعرف بالإضافة لأنّه لا يملك غيره فينسب إلى ملكيّته...

الكفعمي: هو في الأصل بمعنى التربية، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً...

* «السبّوح»: الكفعمي: المنزّه عن كل سوء. وسبَّحَ الله: نزّهه، وقوله «سُبْحانَكَ» أي أنزّهك من كلّ سوء... وسُمّيت الصلاة تسبيحاً لأنّ التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كلّ سوء... وكل اسم على فعول مفتوح الأول إلّا سُبّوح قُدّوس، وسُبُحات ربّنا بضم السين والباء، أي جلالته.

* «القدّوس»: القدوس معناه الطاهر، والتقديس: التطهير والتنزيه، وقد قيل: إنّ القدّوس من أسماء الله عزّ وجلّ في الكتب.

الكفعمي: قيل للجنّة «حظيرة القُدس» لأنّها موضع الطهارة من الأدناس والآفات التي تكون في الدنيا.

* «الخالق»:الخلق في اللغة: تقديرك الشيء.. وفي قول أئمّتنا عليهم السلام: «إنّ أفعال العباد مخلوقة خَلق تقدير لا خَلق تكوين، وخَلق عيسى على نبينّا وآله وعليه السلام من الطين كهيئة الطير هو خلق تقدير أيضاً، ومكوّن الطير وخالقه في الحقيقة الله عزّ وجلّ».

الكفعمي: هو المبدئ للخلق والمخترع لهم على غير مثال سبق، قاله البادرائي في (جواهره).

* «الحقّ»: الكفعمي: هو المتحقّق وجوده وكونه، وكلّ شيء تحقّق وجوده وكونه فهو حقّ، ومنه: ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ﴾ أي الكائنة حقاً لا شكّ في كونها، وقولهم الجنّة حقّ، أي كائنة وكذلك النار.

* «العظيم»: الكفعمي: قال الشهيد: «هو الذي لا تُحيط بكُنهه العقول».

* «الشهيد»: الكفعمي: الذي لا يغيب عنه شيء، وقد يكون الشهيد بمعنى العليم ومنه (آل عمران/18): ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ..﴾ أي علم.

* «المُقيت»: معناه الحافظ الرقيب...

الكفعمي: أقات على الشيء: اقتدر عليه. (وأيضاً): المُقيت: معطي القوت.

* «الكافي»: الكافي اسم مشتقّ من الكفاية، وكلّ مَن توكّل عليه سبحانه كفاه، ولا يُلجئه إلى غيره.

* «الوتر»: الوتر معناه الفرد، وكل شيء كان فرداً قيل: وتر.

الكفعمي: المتفرّد بالربوبية وبالأمر دون خلقه، والوتر بالكسر الفرد... وقوله ﴿والشَّفْعِ والْوَتْرِ﴾ فيه اثنا عشر قولاً... أحدها أنّ الشفع هو الخلق لكونه كلّه أزواجاً، كما قال: ﴿وخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً﴾، والوتر هو الله وحده.

* «الشكور»: الكفعمي: الذي يشكر اليسير من الطاعة ويثيب عليه الكثير من الثواب.

* «الحليم»: الحليم معناه أنّه حليم عمّن عصاه، لا يعجل عليهم بعقوبة.

الكفعمي: ذو الحلم والصفح والأناة وهو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر، ثمّ لا يسارع إلى الانتقام مع غاية قدرته، ولا يستحقّ الصافح مع العجز اسم الحلم؛ إنّما الحليم هو الصّفوح مع القدرة.

* «اللطيف»: اللطيف معناه أنّه لطيف بعباده؛ فهو بارٌّ بهم، منعِمٌ عليهم...

الكفعمي: لطف الله بك: أي أوصلَ إليك مرادَك برِفق.

 

 

 

دعاء الجوشن الكبير

من الأدعية المعروفة دعاء الجوشن الكبير، وهو مائة فصل، يحوي كلّ فصل عشرةً من أسماء الله تبارك وتعالى، والدعاء مرويّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، رواه جماعة من متأخّري أصحابنا رضوان الله عليهم. قال الكفعميّ وغيره:

ملخّص شرح دعاء الجوشن: هذا الدعاء رفيع الشأن، عظيم المنزلة، جليل القدر، مرويّ عن السجّاد زين العابدين، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، نزل به جبرئيل عليه السلام على النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو في بعض غزواته وقد اشتدّت، وعليه جَوشَنٌ [دِرع] ثقيلٌ آلمَه، فدعا الله تعالى، فهبط جبرئيل عليه السلام، وقال:

(يا محمّد، ربّك يَقرأ عليك السلام، ويقول لك: اخلعْ هذا الجوشن واقرأ هذا الدعاء، فهو أمانٌ لك ولأمّتك، فمَن قرأه عند خروجه من منزله، أو حمله حفظه اللهُ ".." ومَن كَتبه وجعله في منزله لم يسرَق ولم يحترق.

ومَن كتبه في رقّ غزال أو كاغذ [ورق] وحمله كان آمناً من كلّ شيء ".." ومَن كتبه على كَفَنِه استحيى اللهُ تعالى أن يعذّبه بالنار . ".."

يا محمّد، ومَن دعا به في شهر رمضان ثلاث مرّات، أو مرّة واحدة، حرّم اللهُ جسدَه على النار، ووجبتْ له الجنة، ووكّل اللهُ به مَلَكين يحفظانه من المعاصي، وكان في أمان الله تعالى طول حياته، وعند مماته). ".."

قال الحسين عليه السلام: أوصاني أبي عليه السلام بحِفظه وتعظيمه، وأن أكتبَه على كَفَنِه، وأن أُعَلِّمَه أهلي وأحثّهم عليه، وهو ألفُ اسمٍ، واسم».

(انظر: بحار الأنوار:91/382 – 384)

 

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  أجنبية

أجنبية

منذ أسبوع

أجنبية

نفحات