نعمة الإستخارة

نعمة الإستخارة

27/08/2011

نعمة الإستخارة

نعمة الإستخارة
إنزالُ المؤمن منزلةَ الأنبياء والأوصياء


السيّد إبن طاوس قدّس سرّه

«ولقد صار العبدُ المؤمن، والرسولُ المُهيمن، والوصيُّ المستخيرين، يقف هو وهما بين يدَي الله تعالى على بِساط المُشاورة لجلاله، ويَنزل إليك الجواب متعجّلاً كما يبرز إليهما صلوات الله عليهما».
ما يلي، مقاربة فريدة لِنعمة الإستخارة كما وردت في كتاب (فتح الأبواب في الإستخارات) للسيّد أبي القاسم عليّ ابن طاوس قدّس سرّه.

إعلم أنّني اعتبرتُ المشاورة لله تعالى في الأمور على التَّفصيل، وبُروز جوابه المقدَّس في الحال على التَّعجيل، فرأيتُ هذه رحمةً مِن الله جلَّ جلاله باهِرة كاشِفة، ونِعمة زاهِرة متضاعَفة، ما أَعرف أنَّ أحداً مِن أهل المِلَلِ السَّالِفة دَلَّهُ جلَّ جلالُه عليها، وبلّغه إليها، حتى لو عرفتُ يومَ ابتداء رحمة الله جلَّ جلالُه لهذه الأمّة بها وتوفيقهم لها، لَكان عندي من أيّام التَّعظيم والإحترام الذي يُؤثَرُ فيه شُكْر الله جلَّ جلاله على توفير هذه النِّعَمة، ونحن نَضرب مثلاً تُفهم به جلالة ما أَشرنا إليه، ودلّنا الله جلَّ جلاله عليه.
وهو أنّه: لو أنَّ ملِكاً من ملوك الدُّنيا محجوبٌ عن أكثر رعيّته، ولا يقدر على الحضور في خدمته ولا مشاورته إلَّا بعضُ خاصّته، فبَلَغتْ سعةُ رحمتِه إلى أن جَعَل -في كلّ شهرٍ، أو أسبوعٍ، أو عند صلاة ركعتين بِخشوعٍ وخضوعٍ، أو في وقت معيّن- يوماً معيّناً يَأذن فيه إذناً عامّاً، يدخل فيه إليه مَن شاء مِن رعاياه وأهل بلاده، يُحدِّثونه بأسرارهم، ويشاورونه مثل ما يُشاوره خواصُّه وأعزُّ أولاده، ويُعرِّفهم جوابَ مشاورته في الحال، ويَكشف لهم عن مصالحهم الحاضرة والمُستقبلة بِواضِح المَقال، أمَا كان يُوصَف ذلك المَلِك بالرحمة الواسعة والمكارم المتتابِعة، ويَحسدُ رعيَّتَه غيرُهم من رعايا ملوك البلاد، ويجعلون ذلك اليوم الذي يشاورونه فيه من أيّام الأعياد.
وكذا حال المشاورة لله تعالى في الأسباب، ورحمتُه في تعجيل الجواب، فإنّ هذا كان مقام الأنبياء والمرسلين، والخواصّ من عباده المَسعودين، يَطلبون منه الحاجات، فيُوحي إلى الذين يوحَى إليهم على لسان الملائكة، وُيلقي في قلوب مَن يشاء منهم، ويُسمِع آذان مَن يُريد، ويَرفع الحجاب عنهم، وكان هذا المقام لهم خاصّة، لا يشاركهم فيه مَن لا يَجري مَجراهم من العِباد. فصار الإذن من الله جلَّ جلاله لكلّ أُمّة محمّدٍ صلّى الله عليه وآله في مشاورته تعالى في ما يَحتاجون إلى المشاورة فيه من كلّ إصدار وإيراد، أَبلغ من رحمة ذلك الملِك في تعيين وقتٍ لدخول رعيّته كافّةِ، وإذْنه لهم في مشاورته، فما أَدري كيف خَفِيَ هذا الإنعام الأعظم، والمقام الأكرم، على مَن خَفِيَ عنه؟ وكيف أَهمل حقَّ الله تعالى وحقَّ رسوله عليه الصلاة والسلام في ما قد بَلَغَت الرحمة منه؟ ولقد صار العبدُ المؤمن، والرسولُ المهيمن، والوصيُّ المستخيرين، يقف هو وهما بين يدَي الله تعالى على بِساط المُشاورة لجلاله، ويَنزل إليك الجواب متعجّلاً كما يبرز إليهما صلوات الله عليهما.
وهذا ممّا لم يكن يَبلغه أمل العبد من رحمة الله جلَّ جلاله، وزاد على فضله وكرمه وإفضاله أنّ العقل المَبهُوت كيف بَلَغ إلى هذا المقام مع تقصيره في أعماله.
وهذا –أيضاً- فضلٌ من الله جلَّ جلالُه، زاد على فضله سبحانه بإجابة الدعوات، لأنّ الدَّاعي إذا دعا ما يعلم الجواب في الحال كما يعلمه في الإستخارات، ولو رأى الدَّاعي حصول الحاجة التي دعا في قضائها على التَّعجيل والتَّأجيل، ما عَلِمَ قطعاً ويقيناً أنّ هذا جواب دعائه على التَّحقيق والتَّفصيل، فإنّه يَجوز أن يكون الله جلّ جلاله قد أَذِن في قضاء حاجة الداعي على سبيل التفضُّل قبل دعائه وسؤاله، فصادف قضاؤها حصولَ تضرّعه وابتهاله، وأمّا الإستخارة فهي جواب على التَّصريح بِلَفْظ «إفعل» أو «لا تفعل»، وخيرة أو لا خيرة، وصافٍ أو فيه أمور مُكدّرة.

اخبار مرتبطة

  الصورة الملكوتيّة

الصورة الملكوتيّة

  دوريات

دوريات

27/08/2011

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات