مراقبات شهر ذي القعدة

مراقبات شهر ذي القعدة

منذ 0 ساعة

مراقبات شهر ذي القعدة

مراقبات شهر ذي القعدة
أبرزها: صلاة التوبة يوم الأحد، وأعمال يوم الدَّحْو

إعداد: شعائر

ذو القعدة، بفتح القاف: المرّة الواحدة من القعود، وبكسرها: نوعٌ منه. أوّل الأشهر الحُرم، وهو يلي شوّالاً، سمِّي به لأنَّ العرب كانوا يقعدون فيه عن الأسفار والغزو وطلب الكلإ وشبهِها.
روى السيّد ابن طاوس قدّس سرّه أنّ شهر ذي القعدة موقع إجابة الدّعاء عند الشدّة، وهو موسمُ صلاة التوبة المرويّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.
من أبرز مناسباته ولادةُ الإمام الرضا وشهادته على رواية، وشهادة ابنه الإمام الجواد عليهما السلام، ويومُ دَحْوِ الأرض من تحت الكعبة في الخامس والعشرين منه.

المراقبات: هذا أوّلُ الأشهر الحُرم التي حُرِّم فيها القتال مع الكفّار، والعاقل يتنبّه من ذلك إلى حُكم المحاربة والمخالفة مع الله جلّ جلاله. فاجتهدي يا نفس في حفظ قلبك وبدنك في هذه الأشهر -زيادةً على ما يجب في سائر الشهور- من مخالفة الله جلّ جلالُه في شيء من أحكامه، بل [اجتهدي يا نفْسُ] في الرضا بقضائه في ما يقتضيه لك من البلايا والمصائب.
 
عمل التوبة

رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله صلاةٌ في يوم الأحد من هذا الشهر ذات فضل كثير. عن أنس بن مالك قال: «خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم الأحد في شهر ذي القعدة فقال: يا أيّها الناس مَن كان منكم يريد التوبة؟ قلنا: كلّنا نريد التوبة يا رسول الله، فقال صلّى الله عليه وآله: اغتسلوا وتوضّأوا وصلّوا أربع ركعات [كلّ ركعتين بتشهُّد وتسليم] واقرؤوا في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و(قل هو الله أحد) ثلاث مرّات والمعوّذتين مرّة، ثمّ استغفروا سبعين مرّة، ثمّ اختموا بـ (لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ)، ثمّ قولوا: يا عَزِيزُ يا غَفَّارُ اغْفِرْ لِي ذُنوبِي وَذُنُوبَ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ أَنْتَ.

ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: ما مِن عبدٍ من أُمّتي فعلها إلّا نودي من السماء: يا عبد الله استأنف العمل فإنّك مقبول التوبة مغفور الذنب، وينادي ملَك من تحت العرش: أيّها العبد بورك عليك وعلى أهلك وذريّتك، وينادي منادٍ آخر: أيّها العبد ترضى خصماؤك يوم القيامة، وينادي ملك آخر: أيّها العبد تموت على الإيمان، ولا يُسلب منك الدِّين، ويفسح في قبرك وينوّر فيه، وينادي منادٍ آخر: أيّها العبد يرضى أبواك وإن كانا ساخطين، وغفر لأبويك ذلك ولذريّتك، وأنت في سعة من الرِّزق في الدُّنيا والآخرة، وينادي جبرئيل عليه السلام: أنا الذي آتيك مع ملك الموت عليه السلام أن يَرفق بك ولا يخدشك أثر الموت، إنّما تُخرج الرُّوح من جسدك سلّاً. قلنا: يا رسول الله لو أنَّ عبداً يقول في غير الشهر؟ فقال عليه السلام: مثلَ ما وصفتُ، وإنّما علّمني جبرئيل عليه السلام هذه الكلمات أيّام أُسريَ بي».

فضل صوم ثلاثة أيام من الشهر الحرام

وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
* «مَن صام من شهرٍ حرامٍ ثلاثةَ أيام: الخميس والجمعة والسبت، كتب اللهُ له عبادة سنة».
* «مَن صام هذه الثلاثة أيام كتب الله تبارك وتعالى له عبادة تسعمائة سنة، صيامَ نهارها وقيامَ ليلِها».



اليوم الحادي عشر

في هذا اليوم من عام 148 هجريّة كانت ولادة الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام في المدينة المنوّرة.

ليلة النِّصف

الإقبال: رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنَّ في ذي القعدة ليلة مباركة، وهي ليلة خمس عشرة، ينظر الله إلى عباده المؤمنين فيها بالرَّحمة، أجرُ العامل فيها بطاعة الله أجر مائة سائح [الصَائم الملازم للمسجد] لم يعصِ الله طرفة عين، فإذا كان نصف اللّيل فخُذ في العمل بطاعة الله والصلاة وطلب الحوائج، فقد رُوي أنّه لا يبقى أحد سأل الله فيها حاجة إلّا أعطاه». أقول: فاغتنم نداء الله جلّ جلالُه لك إلى مجلس سعادتك وتشريفك بمجالستك ومشافهتك ومحلّ قضاء حاجتك، وأفكِّر لو كانت هذه المناداة من سلطان زمانك كيف تكون نشيطاً إلى الحضور بين يديه بغاية إمكانك، ولا يكنِ الله جلَّ جلالُه عندك دون هذه الحال، والذي قد عرضه الله جلَّ جلالُه عليك هو للدّنيا ولدار الدّوام والإقبال، والذي يدعوك إليه سلطان بلدك مكدّر بالمِنَّة والذِّلّة، ويؤول إلى الفناء والزّوال.

اليوم الثالث والعشرون

في اليوم الثالث والعشرين من سنة 203 للهجرة توفي فيه الإمام الرضا عليه السلام على بعض الأقوال، ومن المسنون فيه زيارته عليه السلام من قُرب ومن بُعْد. قال السيّد ابن طاوس في (الإقبال): «ورأيت في بعض تصانيف أصحابنا العجم رضوان الله عليهم: أنّه يستحبّ أن يُزار مولانا الرِّضا عليه السلام يوم الثالث والعشرين من ذي القعدة من قُرْب أو بُعْد ببعض زياراته المعروفة ".."».

اللّيلة الخامسة والعشرون

ليلةُ دَحْوِ الأَرْض [انبساط الأَرْض من تحت الكعبة على الماء] وهي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى، وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل.
عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام: «إنّ أوّل رحمة نزلت من السماء إلى الأرض في خمس وعشرين من ذي القعدة، فمَن صام ذلك اليوم وقام تلك اللّيلة فلهُ عبادة مائة سنة، صام نهارَها وقام ليلَها، وأيُّما جماعة اجتمعت ذلك اليوم في ذِكْر ربّهم عزَّ وجلَّ لم يتفرَّقوا حتى يُعطوا سُؤْلَهم، وينزل في ذلك اليوم ألف ألف رحمة ".."».
وعن الإمام الرضا عليه السلام: «ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة وُلد فيها ابراهيم عليه السلام ووُلد فيها عيسى بن مريم عليه السلام، وفيها دُحيت الأَرْض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستّين شهراً».

فضل اليوم الخامس والعشرين وأعماله

إقبال الأعمال: فمِن أعظم المِنَن الجسام إنشاءُ الأرض للأنام، ومن أسرار ما في ذلك إنّ الله جلّ جلالُه لم يجعل بناء الأرض وتدبير إنشائها إلى ملائكته ولا غيرهم من خاصّته، وتولّاها بِيد قدرته ورحمته، وملأها من كنوز حلمه وعفوه ورأفته. ".." وكن مشغولاً رحمَك اللهُ ذلك اليوم وغيره بالشُّكر له جلَّ جلالُه والتحميد والتمجيد. وإيّاك وأن يمرّ عليك مثل هذا اليوم وأنت متهاون بِقدره، ومتغافل عن مولاك وعظيم شأنه، ومتشاغل عن واجب شكره، فتسقط من عين عنايته وتهون، وتدخل تحت ذلِّ ذمّه جلَّ جلالُه لك في قوله: ﴿وكأين من آية في السماوات والأرض يمرُّون عليها وهم عنها معرضون﴾ يوسف:105.
 
أمّا أعماله:

1- الصَّوم: وهو أحد الأيام الأَربعة التي خُصَّت بالصيام بين أيام السنة. ورُوي أنّ كلّ شيءٍ بين السماء والأرض يستغفر لصائم هذا اليوم.
2- الغسل.
3- ركعتان تُصلّى عند الضُّحى [بعد طلوع الشمس] بالحمد مرّة وسورة الشمس خمس مرّات، ويقول بعد التسليم: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ.
ثمّ يدعو وَيقول: يا مُقِيلَ العَثَراتِ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ أَجِبْ دَعْوَتِي، يا سامِعَ الأصْواتِ إسْمَعْ صَوْتِي وَارْحَمْنِي وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي وَما عِنْدِي، يا ذا الجَلالِ وَالإكْرام.
4- الدعاء: أللّهُمَّ داحِيَ الكَعْبَةِ وَفالِقَ الحَبَّةِ وَصارِفَ اللَّزْبَةِ وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَةٍ، أَسأَلُكَ فِي هذا اليَوْمِ مِنْ أَيَّامِكَ الَّتِي أَعْظَمْتَ حَقَّها وَأَقْدَمْتَ سَبْقَها وَجَعَلْتَها عِنْدَ المُؤْمِنِينَ وَدِيعَةً وَإِلَيْكَ ذَرِيعَةً وَبِرَحْمَتِكَ الوَسِيعَةِ، أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ المُنْتَجَبِ فِي المِيثاقِ القَرِيبِ يَوْمَ التَّلاقِ فاتِقِ كُلِّ رَتْقٍ وَداعٍ إِلى كُلِّ حَقٍّ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الأطْهارِ الهُداةِ المَنارِ دَعائِمِ الجَبَّارِ وَوُلاةِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَعْطِنا فِي يَوْمِنا هذا مِنْ عَطائِكَ المَخْزُونِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ وَلا مَمْنُوعٍ، تَجْمَعُ لَنا بِهِ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الأوْبَةِ، يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ وَأَكْرَمَ مَرْجُوٍّ يا كَفَيُّ يا وَفِيُّ، يا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيُّ أُلطُفْ لِي بِلُطْفِكَ وَأسْعِدْنِي بِعَفْوِكَ وَأَيِّدْنِي بِنَصْرِكَ وَلا تُنْسِنِي كَرِيمَ ذِكْرِكَ بِوُلاةِ أَمْرِكَ وَحَفَظَةِ سِرِّكَ، وَاحْفَظْنِي مِنْ شَوائِبِ (شوايب) الدَّهْرِ إِلى يَوْمِ الحَشْرِ وَالنَّشْرِ، وَأَشْهِدْنِي أَوْلِياَئكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِي وَحُلُولِ رَمْسِي وَانْقِطاعِ عَمَلِي وَانْقَضاء أَجَلِي.
أللّهُمَّ وَاذْكُرْنِي عَلى طُولِ البِلى إِذا حَلَلْتُ بَيْنَ أَطْباقِ الثَّرى وَنَسِيَنِي النَّاسُونَ مِنَ الوَرى، وَأحْلِلْنِي دارَ المُقامَةِ وَبَوِّئْنِي مَنْزِلَ الكَرامَةِ وَاجْعَلْنِي مِنْ مُرافِقي أَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ اجْتِبائِكَ واصْطِفائِكَ، وَبارِكْ لِي فِي لِقائِكَ وَارْزُقْنِي حُسْنَ العَمَلِ قَبْلَ حُلُوِل الأجَلِ بَريئاً مِنَ الزَلَلِ وَسُوءِ الخَطَلِ.
أللّهُمَّ وَأَوْرِدْنِي حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاسْقِنِي مِنْهُ مَشْرَباً رَوِيّاً سائِغاً هَنِيئاً لا أَظْمأُ بَعْدَهُ وَلا أُُحَلَّأُ وِرْدَهُ وَلا عَنْهُ أُذادُ، وَاجْعَلْهُ لِي خَيْرَ زادٍ وَأَوْفى مِيعادٍ يَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ.
أللّهُمَّ وَالْعَنْ جَبابِرَةَ الأوَّلِينَ وَالآخرينَ وَبِحُقُوقِ (ولحقوق) أَوْلِيائِكَ المُسْتَأْثِرِينَ، أللّهُمَّ وَاقْصِمْ دَعائِمَهُمْ وَأهْلِكْ أَشْياعَهُمْ وَعامِلَهُمْ وَعَجِّلْ مَهالِكَهُمْ وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسالِكَهُمْ وَالعَنْ مُساهِمَهُمْ وَمُشارِكَهُمْ.
أللّهُمَّ وَعَجِّلْ فَرَجَ أَوْلِيائِكَ وَارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظالِمَهُمْ وأَظْهِرْ بِالحَقِّ قائِمَهُمْ وَاجْعَلْهُ لِدِينِكَ مُنْتَصِراً وَبِأَمْرِكَ فِي أَعْدائِكَ مُؤْتَمِراً.
أللّهُمَّ احْفُفْهُ بِملائِكَةِ النَّصْرِ وَبِما أَلْقَيْتَ إِلَيْهِ مِنَ الأمْرِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مُنْتَقِما لَكَ حَتَّى تَرْضى وَيَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ جَدِيداً غَضّاً، وَيَمْحَضَ الحَقَّ مَحْضاً وَيَرْفُضَ الباطِلَ رَفْضاً.
أللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى جَمِيعِ آبائِهِ وَاجْعَلْنا مِنْ صَحْبِهِ وَأُسْرَتِهِ وَابْعَثْنا فِي كَرَّتِهِ حَتَّى نَكُونَ فِي زَمانِهِ مِنْ أَعْوانِهِ، أللّهُمَّ أَدْرِكْ بِنا قِيامَهُ وَأَشْهِدْنا أّيَّامَهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَارْدُدْ إِلَيْنا سَلامَهُ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ (عليهم) وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.
5- أورد السيّد الداماد قدّس سرّه في رسالته المسمّاة (الأَرْبعة أيّام) في خلال أعمال يوم دحو الأَرْض إنّ زيارة الإمام الرضا عليه السلام في هذا اليوم هي آكدُ آدابِه المسنونة.

اليوم الأخير

في هذا اليوم من سنة مائتين وعشرين على المشهور استُشهد أبو جعفر الثاني، الإمام محمّد بن عليّ التقيّ الجواد عليهما السلام في بغداد، وقد سمّه المعتصم بالله العباسي، وكانت شهادته بعد سنتين ونصف السنة من هلاك المأمون، وكان الإمام عليه السلام قد أخبر بذلك مسبقاً حيث قال: «الفرج بعد المأمون بثلاثين شهراً».
وقد استُشهد الإمام الجواد عليه السلام وله من العمر خمس وعشرون سنة وبضعة أشهر، ويقع قبره الشريف في مقابر قريش، خلف قبر جدّه باب الحوائج الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام في الكاظميّة ضاحية بغداد.



 



 

اخبار مرتبطة

  مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

نفحات