بسملة

بسملة

09/12/2018

﴿..لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾

﴿..لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾

بقلم: الشيخ حسين كَوْراني

                                  ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾

 

تدور المعارك الطاحنة المتنقّلة في منطقتنا بين أميركا وأدواتها الغربيّة والشرقيّة من جهة، وبين محور المقاومة الذي كان يوصَف بالدول المارقة.

لم تهدأ حركة آلات الذبح والفتْك والتدمير والإبادة، منذ حرب تمّوز، بل تعالى هديرها والضجيج، وكثرت التحالفات الشكليّة والحقيقيّة، المؤثّرة والتي ولدت ميتة، وما زالت أميركا تلهث وتستميت في البحث عن حلول.

من أشدّ مفارقات المشهد السياسيّ غرابةً في المنطقة، أنّ محور المقاومة ينتقل من نصرٍ إلى نصر، وأنّ المحور الأميركيّ، يتابع إقامة احتفالات النصر!

من أمثلة ذلك:

1- المقاومة الإسلاميّة في لبنان، حرّرت لبنان، وتريد أميركا منع «حزب الله» من المشاركة في الحكومة، وتشديد العقوبات الماليّة عليه.

2- الحشد الشعبيّ يحرّر العراق، وتصرّ أميركا على تشكيل الحكومة العراقيّة، والحصول منها على اعتراف بالقواعد الأميركيّة.

3- والأدهى، احتفاليات أميركا العالميّة والمحليّة بصفقة القرن!! بدءاً بنقل سفارتها إلى القدس في مسار قرارات تصفية القضيّة الفلسطينيّة.

4- والمضحك المبكي، أنّ أميركا المهزومة، تقفز عبر «إسرائيلها» الثانية المأزومة، من مستنقع هزائمها النكراء إلى أعلى مراتب التطبيع مع السعوديّة، وقطر، والبحرين، والإمارات، وأخيراً عُمان!!!

حقاً مَن المنتصر، ومن يحقّ له الاحتفال بالنصر؟

****

تراكمت خسائر أميركا في منطقتنا بما لم يسبق له مثيل طيلة تاريخها الأسود، وفي جردة حساب سريعة لأبرز هذه الخسائر، نجد التالي:

1- فشل الكيان الصهيونيّ في خدمة المشروع الأميركيّ.

كانت «حرب تمّوز» بالنسبة لأميركا «صفعة القرن» المدوّية التي صدّعت هيبتها وخلخلتْ هيمنتها وأثبتت للقاصي والداني أنّ القاعدة الأميركيّة الأولى على مستوى العالم، عاجزة عن تأمين المصالح الأميركيّة في هذه المنطقة.

وتواصل انقلاب السحر الأميركيّ على صاحبه إلى حدّ أن «إسرائيل» لم تتمكّن من ردّ ولو اليسير من اعتبارها، بل إنّ ميزان القوى بات لصالح محور المقاومة إلى حدّ أنّ صواريخ غزّة الأخيرة التي أطلقها فصيل واحد هو «حركة الجهاد الإسلاميّ» أربك كلّ حسابات أميركا و«إسرائيل»، واتّضح جليّاً أن تجويع الكيان الصهيونيّ، والسيسي، لشعب غزّة، لم يقدّم لأميركا خدمة في المنطقة تُذكر.

2- فشل آل سعود في خدمة المشروع الأميركيّ.

يرتكز ميزان القوى الأميركيّ في المنطقة على «إسرائيلَين»:

* الأولى: آل سعود، ووهّابيّة بريطانيا وابن عبد الوهّاب.

* والثانية: إسرائيل، الكيان الصهيونيّ.

وكما فشلت «إسرائيل الثانية»، في تأمين المصالح الأميركيّة، فقد فشلت «إسرائيل الأولى» في تمكين أميركا من إعادة الالتفاف والتموضع كما فعل (الملك) عبد العزيز بن سعود القَيْنُقاعيّ -على ذمة بن غوريون، وجون فيلبي- مع بريطانيا.

 يومها -كما تكشف وثائق تلك المرحلة الداعشيّة الأولى- اعتمدت بريطانيا سياسة الذّبح والمجازر المتنقّلة بين الطائف، ومكّة، والرياض، وقطر، وكربلاء، والبحرين، والكويت، وغيرها، فأمكنها إقامة (الدولة السعوديّة)، لتكون الحاضنة لشُذّاذ الآفاق اليهود، الذين كان «وعد بلفور» قد زجّ بهم في أتون منطقة يستحيل أن يعيشوا فيها دون حضنٍ يهوديّ غير معروف، ولم يكن هذا الحضن اليهوديّ سوى هذه الحاضنة السعوديّة التي تحوّلت إلى رافعة وحيدة ودائمة لكلّ مشاريع الكيان الصهيونيّ في المنطقة.

***

لسوء حظّ أميركا أنها حين أطلقت الدواعش في سوريا والعراق، وفق سياسة التوحّش، تحت شعار «بالذّبح جيناكم»، قد اعتمدت نفس المخطّط البريطانيّ أيام مجازر «الدّرعيّة» بقيادة عبد العزيز بن سعود، وبدأت «أميركا» تنفيذه عبر ابنه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود دون أن تجيد قراءة الفارق الجوهريّ في الظروف السياسيّة بين عصر عبد العزيز، وبين هذا العصر، والفارق الجوهريّ بين المهمّة التي أمرت بريطانيا عبدَ العزيز بتنفيذها، وبين المهمّة التي أمرت أميركا سلمانَ بن عبد العزيز بالقيام بها.

* أما الظرف السياسيّ في زمن عبد العزيز، فقد كان ظرف استباحة الأمّة والعالم العربيّ والإسلاميّ، وتقسيم تركة «الرجل المريض».

* وأما الظرف السياسيّ في هذا العصر فهو ظرف تأسيس الإمام الخمينيّ لدولة إسلاميّة مستقلّة، تعاظمت حتّى صارت أقوى دولة في المنطقة، وكانت وما تزال بقيادة الإمام الخامنئيّ تُراكم انتصارات الأمّة، كما أنها وباطّرادٍ حثيث شُغلُ دول الدنيا الشاغل، وصولاً إلى أنها استطاعت أن تُحدث شرخاً تاريخياً بين أميركا والاتحاد الأوروبيّ، وغيره من الدول.

* وأما المهمّة التي أمرت بريطانيا عبد العزيز بتنفيذها فهي الدعم السرّيّ المطلق للكيان الصهيونيّ، في حين أن أميركا أمرتْ سلمانَ بن عبد العزيز بالدّعم العلنيّ المطلق للكيان الصهيونيّ، وهي مهمّة مستحيلة حتّى لو لم تكن الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران موجودة، فكيف بها وقد أصبحت -الجمهوريّة الإسلاميّة- تقود محور المقاومة بكلّ امتداداته وتجلّياته؟

يضاف إلى ذلك أن سلمان لا يجرؤ على أن يُعرف عنه أنه يتبنّى الدعم العلنيّ للكيان الصهيونيّ، رغم أنه يتفانى في تنفيذ المشروع الأميركيّ، وفي هذا السياق التقتْ رغبة الراعي الصّهيو - أميركيّ مع رغبة سلمان اليهوديّ المتستّر بالإسلام -كما وصفه بن غوريون- في تظهير محمّد بن سلمان وكأنّه العقل المدبّر لصفقة القرن، مع أنّ ابن سلمان ليس إلا دُمية أبيه والبُرقع.

***

لم تعد تراكمات فشل سلمان -وابنه الدّمية- خافية على أحد، إلا أنّ الذي يخفى على الأكثرين ويستعصي عليهم استشرافه، هو أمران مركزيان:

الأول: أن المآل المنطقيّ لتراكمات هذا الفشل الذريع لهذا الصّنم السّعو - وهّابيّ، هو السقوط المدوّي الذي ستغيّر ارتداداته وجه المنطقة والعالم، وينبلج فجر الأمّة الصادق، فتتحرّر من التزييف الأمويّ - اليهوديّ المزمِن للإسلام، والذي تواصلت آخر حلقاته -عبر آل سعود ووهابيّة بريطانيا- أكثر من قرن، هو الأخطر على الأمة والبشريّة من كلّ قرون تزييف التحالف الأمويّ - اليهوديّ التي استمرّت من «أبي سفيان»، و«معاوية»، إلى «الملك سلمان».

الثاني: أن انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران، وقيام الجمهوريّة الإسلاميّة، وانطلاقة المقاومة الإسلاميّة في لبنان، وتجذُّر الصحوة الإسلاميّة الهادرة بين شعوب المنطقة، وصولاً إلى تعاظم فصائل الجهاد المقتدرة في فلسطين والعراق واليمن -كلّ ذلك- ليس إلا أقمار منظومة واحدة، هي منظومة وعْدِ الله تعالى بإظهار دينه على الدين كلّه: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾.

اخبار مرتبطة

  ايها العزيز

ايها العزيز

  دوريات

دوريات

10/12/2018

دوريات

  اجنبية

اجنبية

10/12/2018

اجنبية

نفحات