بسملة

بسملة

14/01/2019

الكيان السعوديّ، البداية، والنهاية

الكيان السعوديّ، البداية، والنهاية

بقلم: الشيخ حسين كَوْراني

تشكّلَ الوعي السياسيّ لأجيال ما بعد اجتياح الحلفاء لبلادنا، على نصف الحقيقة، وهي أنّ الكيان الصهيونيّ هو وسيلة تثبيت الاستعمار في منطقتنا التي سمّوْها «الشرق الأوسط»، والصحيح أنّ الاستعمار بنى الكيان الصهيونيّ على تأسيس «الكيان السعوديّ»، إدراكاً من المستعمِر آنذاك استحالةَ تحقّق «وعد بلفور»، بدون وجود حاضنة ورافعة متستّرة بالإسلام، لا تعرف شعوب المنطقة حقيقتها اليهوديّة.

ما يلي، مدخل إلى توثيق «يهوديّة آل سعود»، يتضمّن غَيضاً من فيض الأدلّة القطعيّة التي غيّبها «حُرم معاداة آل سعود»، الذي هو الجزء المقوّم في «حُرْم معاداة الساميّة».

• تشرشل: الكيان السعوديّ، مشروع بريطانيا الأول

قال تشرشل لحاييم وايزمن، كما جاء في مذكّراته: «إنشاء الكيان السعوديّ هو مشروع بريطانيا الأول.. والمشروع الثاني من بعده إنشاء الكيان الصهيونيّ بواسطته»!..

• ماذا قال تشرشل لحاييم وايزمن، حول عبد العزيز آل سعود

يتلازم حديث المستعمِر آنذاك -الإنجليزيّ أوّلاً، والأميركيّ وغيره ثانياً- عن الكيان السعوديّ مع الحديث عن شخص «عبد العزيز آل سعود».

يضيف «وايزمَن» في مذكّراته: «قال تشرتشل: أريد أن تعلم مكرّراً -يا وايزمن- أنّني وضعتُ مشروعاً لكم وهو لا يُنفَّذ إلّا بعد نهاية الحرب (الحرب العالميّة الثانية)، وهذا المشروع هو: أنني أريد أن أرى ابن السعود سيّداً على الشرق الأوسط وكبير كبراء هذا الشرق، على شرط أن يتّفق معكم أوّلاً، ومتى تمّ هذا المشروع فعليكم أن تأخذوا منه ما أمكن أخذُه، وليس من شكّ أنّنا سنُساعدكم في هذا، وعليك أن تحتفظ بكتمان هذا السرّ، ولكن انقله إلى روزفلت، وليس هناك شيءٌ يستحيلُ تحقيقه حين أعمل لتحقيقه أنا وروزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكيّة».

• يهوديّة عبد العزيز، هي السبب

«جون فيلبي» أو «الحاجّ عبد الله» كما سمّى نفسه بعد تظاهره بالإسلام، هو الضابط الإنجليزيّ الكبير الذي أُوكلت إليه مهمّة تأسيس الكيان السعوديّ، ونشرِ الوهابيّة، وقد ألّف كتباً متعدّدة، هي منجمٌ خصبٌ لاستخراج الأدلّة الوفيرة، على يهوديّة عبد العزيز.

من هذه الأدلة:

بعد أن تحدّث «فيلبي» -في مذكّراته- عن سفره من الحجاز إلى الأردن لإخماد انتفاضة الشعب الفلسطينيّ آنذاك، ولتحجيم «عبد الله» ملك الأردن الذي كان ما يزال يفكّر بغزو آل سعود، يتحدّث «فيلبي» عن رجوعه إلى الحجاز حاملاً رسالة من «بن غوريون» لعبد العزيز آل سعود، ومبلغاً كبيراً من المال.

قال «فيلبي»: «وسافرت من الأردن إلى مكّة، وهناك قابلت الصديق الصدوق عبد العزيز آل سعود المتلهّف لأخباري، وما أن قابلته في مجلسه الواسع وسألني عن (العلوم)، أي الأخبار، حتّى أفهمته بإشارة يفهمها منّي تمامَ الفهم وتعني (أنْ فُضَّ هؤلاء الناس الموجودين في المجلس)، ففضّهم، ولم يبقَ سوانا نحن الاثنين -عبد الله فيلبي، وعبد العزيز- فطمأنته من أنّني صفّيتُ الوضع في الأردن لصالحه وصالح بريطانيا».

• بن غوريون لعبد العزيز: يا أخي بالله والوطن!

تابع فيلبي: «ثم قرأت عليه رسالة بن غوريون التي جاء فيها قول بن غوريون لعبد العزيز (يا صاحب الجلالة.. يا أخي بالله والوطن)، وكانت لكلمة (يا صاحب الجلالة) رنّةٌ في أُذن عبد العزيز، فهي أوّل كلمة يسمعها عبد العزيز بعد تولّيه العرش، إذ لم يتعوّد من عرب نجد سماعها أو دعوته إلّا باسمه المجرّد (يا عبد العزيز) أو (يا طويل العمر) على أكثر تقدير.. وعندها استوقفني عبد العزيز عن تلاوتي لرسالة بن غوريون متسائلاً، يقول: (لماذا يدعوني -بن غوريون- صاحبَ الجلالة وأخوه (كذا) بالله والوطن؟!)، فقلت لعبد العزيز: (إنّ جميع أهل أوروبا لا يلقّبون ملوكهم إلا بأصحاب الجلالة لأنهم ظلُّ الله في الأرض!..، أما قول بن غوريون عن "أخوّتك بالله والوطن"، فكلّنا إخوة له بالله والوطن، وأنت أعرف بذلك!!).. فقال: الآن فهمت.. أتمِم رسالتك يا حاجّ».

• بن غوريون: هذا المال من تبرّعات يهود بريطانيا، شكراً لك، ودعماً لمملكتك

أضاف فيلبي: «فتلوتُ الرسالة التي جاء (فيها) قول بن غوريون: (إنّ مبلغ العشرين ألف جنيه استرليني ما هو إلّا إعانة منّا لدعمك في ما تحتاج إليه في تصريف شؤون مُلكك الجديد في هذه المملكة الشاسعة المباركة.

وإني أحبّ أن أؤكد لك أنه ليس في هذا المبلغ ذرّة من الحرام، فكلّه من تبرّعات يهود بريطانيا وأوروبا الذين قد دعموك لدى الحكومة البريطانيّة في السابق ضدّ (ابن الرشيد) وكافّة خصومك، وجعلوا بريطانيا تضحّي بصديقها السابق (الشّريف) حسين لأجلك، لكونه رفض حتى إعطاء قطعة من فلسطين لليهود الذين شُرِّدوا في العالم».

يتابع فيلبي: «لقد استوقفني عبد العزيز مراراً متسائلاً عن الكثير من جُمل تلك الرسالة، من ذلك أنه سألني عن مبلغ الـ(20) ألف جنيه استرليني قائلاً: (وهل ينوي بن غوريون تهديدي بهذا المبلغ الذي بعثه لي بواسطتك؟ وهل عرفتْ حكومة بريطانيا العظمى بهذا المبلغ؟ وهل استلامي للمبلغ من بن غوريون لا يُغضِب حكومة بريطانيا فتقطع عني المرتّب الشهريّ والعون؟..)، قلت: أبداً.. إنّ اليهود في بريطانيا هم حكّام بريطانيا بالفعل، إنّهم الحكم والسلطة والصحافة والمخابرات البريطانيّة، إنّ لهم مراكز النفوذ الأقوى في بريطانيا، وكانوا وراء دعمك وعَوْنك، ووراء الاستمرار في صرف مرتّبك حتّى الآن عن طريق المكتب الهنديّ.. كما كانوا في السابق وراء قطْع هذا المرتب لاختبارك هل سترفض أو لا ترفض التوقيع بإعطاء فلسطين لليهود».

• حذّر عبد العزيز من انكشاف يهوديّته

ويتابع فيلبي قائلاً: «قال عبد العزيز: (وهل اطّلعَ أحد على رسالة بن غوريون هذه؟)، فأجبتُه: (لم يطّلعْ عليها سوى أربعة)!!. فبدا على وجه عبد العزيز الامتعاض الشديد أثناء تساؤله بلهفة عن معرفة هؤلاء الأربعة الذين اطّلعوا على الرسالة!: (مَن هم الأربعة؟؟.. من هم الأربعة يا حاجّ فيلبي؟.. أنا لا أخشى غضب أحد إلّا غضب الله وبريطانيا!)، قلت لعبد العزيز إنّ هؤلاء الأربعة هم: (الله، وأنا، وبن غوريون، وعبد العزيز)، فضحك عبد العزيز لهذا وهو يقول: (الله الأول عالمٌ بكلّ شيء. أما الثلاثة الباقون فقد ضحكوا على الله، لكنّني أسألك عن عبيد الله -وعلى الأخص- عبد الله -الذي في الأردن- هل أخبره بن غوريون بشيء حينما التقى معه؟)، ويقصد بذلك أمير الأردن عبد الله -الملك عبد الله في ما بعد- .. قلت: (لم يعرف عبد الله أيّ شيء، وأنت تعلم أنّنا لو أردنا إطْلاعه على الأسرار التي بيننا وبينك لما منحناك عرشي الحجاز ومنحناه غَوْر الأردن)..».

• وصيّة شفهيّة من عبد العزيز (للأخ بن غوريون)

أضاف فيلبي: «.. وانتهى اللقاء بتحميلي وصيّة شفهيّة من عبد العزيز لابن غوريون يقول فيها: قل للأخ بن غوريون إنّنا لن ننسى فضل أمّنا وأبونا (كذا) بريطانيا، كما لم ننسَ فضل أبناء عمّنا اليهود في دعمنا وفي مقدّمتهم السير برسي كوكس، وندعو الله أن يلحقنا أقصى ما نريده، ونعمل من أجله لتمكين هؤلاء اليهود المساكين المشرّدين في أنحاء العالم لتحقيق ما يريدون في مستقرٍّ لهم يكفيهم هذا العناء»!

* وثائق البداية تحتّم اقتراب النهاية

ما تقدّم، عيّنةٌ من الأدلّة على يهوديّة، عبد العزيز، وعلى أنّ إقامة «الكيان السعوديّ» كانت العمود الفقريّ لكلّ الخطط الاستعماريّة ضدّ شعوب هذه المنطقة الأكثر حساسيّة من العالم.

ولا يكاد ينقضي العجب، كيف استطاع الاستعمار وآل سعوده، وسائر الصهاينة، أن يطمسوا هذه الأدلة وأمثالها طيلة العقود الماضية.

تضيء هذه الأدلة -وغيرها كثير- على حقائق واعدة في الراهن السياسيّ، والمستقبل القريب، أبرزها:

1- أنّ المهمّة التي اضطرّ الشيطان الأميركيّ لإيكالها إلى «سلمان» وابنه الدّمية، وهي تصفية القضيّة الفلسطينيّة عبر «صفقة القرن»، ليست إلّا مقامرة الأميركيّ بأهمّ أوراقه، ولأنّ النتائج غير مضمونة، فقد جرى تظهير الابن كراعٍ لهذه المقامرة، ليتمكّن الأب من الالتفاف عندما تُسدّ أمامه السّبل ويستحكم العجز عن تنفيذ المهمّة المستحيلة.

2- أنّ تزامن تنامي الوعي بحقيقة آل سعود اليهوديّة مع تراكم انتصارات الأمّة، لن يُبقي أدنى مجال لسلمان وأسياده للالتفاف الحادّ على المواقف السّعو - صهيونيّة. يؤكد ذلك ما يجري في فلسطين على الصعيدَين الشعبيّ والعسكريّ، والتنامي الهائل لقدرات المقاومة الإسلاميّة في لبنان، وغزّة، والعراق، واليمن، والنتيجة الحتميّة لذلك، زوال الهيمنة الأميركيّة على المنطقة، وزوال «الكيان السعوديّ»، والكيان الصهيونيّ.

«سلمان» آخر ملوك «بني قينقاع» المتستّرين بالإسلام لخدمة الصهيونيّة العالميّة.

 


 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

14/01/2019

إصدارات

نفحات