أحسن الحديث

أحسن الحديث

14/01/2019

طعام المسكين وديعةُ الله عند الموسِرين

 

موجز في تفسير سورة الماعون

طعام المسكين وديعةُ الله عند الموسِرين

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ

* السورة السابعة بعد المائة في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، نزلت بعد «التكاثر».

* سُمّيت بـ«الماعون» لورود هذا الاسم في الآية الأخيرة منها، في قوله تعالى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾.

* آياتها سبع، وهي مكّية. وقيل إنّ السورة نزلت في «أبي سفيان» الذي كان ينحر في اليوم اثنين من الإبل ويُطعم أصحابه، ولكنّ يتيماً جاءه يوماً يطلب منه شيئاً فضربه بعصاه وطرده.

 

 

 

 

 

 

تذكر السورة بشكلّ عام خمسة عناوين من صفات مُنكري القيامة وأعمالهم: التكذيب بالدّين، والغِلظة على اليتيم، والتغافل عن إطعام المساكين، والسهو عن الصلاة، والرياء في الأعمال.

والسورة، بعدُ، تتضمّن وعيداً لمن انتحل الدّين، وهو متخلّقٌ بأخلاق المنافقين، كالسّهو عن الصلاة، والرياء، ومنْع الماعون، ممّا لا يلائم التصديق بالجزاء. 

(انظر: الطباطبائي، تفسير الميزان؛ الشيرازي، تفسير الأمثل)

 

كتاب الله الناطق

قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾.

* أمير المؤمنين عليه السلام: «ليس عملٌ أحبَّ إلى الله عزّ وجلّ من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيءٌ من أمور الدنيا، فإنّ اللهَ عزّ وجلّ ذمّ أقواماً، فقال: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾، يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها».

* الإمام الصادق عليه السلام في معنى السّهو عن الصلاة في الآية: «تأخير الصلاة عن أوّل وقتِها لِغير عُذر».

قوله تعالى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾.

في معنى «الماعون»، ورد:

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنه: «ما تَعاون الناس بينهم: الفأس، والقِدر، والدّلو، وأشباهه». و«تَعاون» هنا بمعنى تداوله الناس في ما بينهم.

* وعن الإمام الصادق عليه السلام: «..هو القرضُ يُقرضه، والمعروفُ يصنعه، ومتاعُ البيت يُعيره، ومنه الزكاة..».

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «منْ منعَ الماعون جارَه منعَه اللهُ خيرَه يوم القيامة...».

فضل قراءة سورة الماعون

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، أنّه قال: «مَن قرأ هذه السورة، غفرَ اللهُ له ما دامتِ الزكاةُ مؤدّاة...».

* وعنه صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأَها بعد عشاء الآخرة، غفر اللهُ له، وحفِظَه إلى صلاة الصبح».

* عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن قرأها بعد صلاة العَصر، كان في أمان الله وحِفظه إلى وقته في اليوم الثاني».

 

لطائف التعبير في سورة الماعون

* طعام أو إطعام: الإنسان الذي عبّر عنه القرآن الكريم في سورة الماعون بـ«المسكين»؛ قد انتهى به الفقر إلى درجة أنّه أسكنه عن الحركة، وقد قرّر الله له في أموال الناس حقّاً معلوماً، لذا فقد قال عزّ وجلّ: ﴿عَلَى طَعَامِ المِسْكِين﴾، ولم يقل: «على إطعام المسكين» ليعرّفنا أنّ هذا الطعام هو طعامه، قد ملّكه الله إيّاه، فهو دَينٌ له عندنا، فإذا أخذه فإنّه قد أخذ ماله، ولم يأخذ مال أحد من الناس.

ولو أنّه عبّر بـ«إطعام» لم يدلّ ذلك على أنّ الطعام له، فلعلّ الطعام للناس، ونحن نطلب منهم أن يبذلوه له، على سبيل الهدية أو الصدقة الحسنة منهم، انطلاقاً من كرم أخلاقهم!! وإذا كان هذا الطعام ملكاً للمسكين، فلا يحقّ لأحد أن يَمنّ به عليه، ولا حتّى أن ينتظر منه الجزاء، أو الشكر عليه، فهل يصحّ الامتنان على الإنسان بما هو له؟!

* ساهون عن صلاتهم أم في صلاتهم: يلاحظ أنّه تعالى قد قال: ﴿الذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُون﴾ ولم يقل: «في صلاتهم»، لأنّ الإنسان قد يسهو في صلاته: الكبير والصغير، والعالم والجاهل، والمرأة والرجل. لكنّ هؤلاء يدخلون في صلاتهم قاصدين للتقرّب بها، ثمّ يعرض لهم سهوٌ في بعض أجزائها. إلّا أنّ السهو عن أصل الصلاة، حتّى كأنّه لا يفطن لوجودها من الأساس، رغم أنّه يمارس حركاتها؛ يبقى هو الأخطر، والأسوأ والأدهى.

هذا، وقد قال سبحانه: ﴿فَوَيْلٌ لِلمُصَلِّين﴾ بصيغة اسم الفاعل، ولم يقل: «للذين يصلّون» بصيغة الفعل الذي يدلّ على الحدوث والتجدّد، ولعلّه ليشير إلى أنّهم ثابتون في هذا الاتّجاه، فإنّ صلاتهم وإن كانت مستمرّة ولكنّ سهوهم عن الصلاة أيضاً مستمرّ -سهوهم عنها لا سهوهم فيها- كما أشرنا إليه.

وقد يحدث للإنسان في بعض المناسبات أن يسهو عن بعض شأنه، لانشغال باله بأمرٍ عارض، ولكن أن يستمرّ على هذا السهو فهو مصلٍّ دائماً، وساهٍ عن صلاته دائماً. فذلك يمثّل الغاية في سوء التوفيق، ويعبّر عن مدى خِذلان الله له، وبعده عنه.

ثمّ إنّه تعالى لم يقل: عن «صلواتهم»، بصيغة الجمع، بل قال: ﴿عَنْ صَلاَتِهِمْ﴾، ربما ليشير إلى أنّ الغفلة إنّما هي عن حقيقة الصلاة وطبيعتها، وليس عن أفرادها. والسهو عن الطبيعة والحقيقة، يستبطن السهو عن الأفراد؛ لأنّ الحقيقة تدلّ على أفرادها، وتتطابق معها على صعيد التجسّد الخارجيّ.

وربطُ السّهو بطبيعةِ الصلاة يُعطي: أنّ القضية ليست قضيةَ سهوٍ ربّما جاء صدفةً في موردٍ معيّن، وفي زمان معين، فإنّ سهواً كهذا ليس خطيراً إلى درجة أن يعبّر عن أنّ طبيعة هذا الساهي لا تنسجم مع الصلاة، ولا تتفاعل معها، لعدم وجود سِنخيّة وملائمة بين طبيعته وحالاته، وبين الصلاة.

 (السيد جعفر مرتضى العاملي، تفسير سورة الماعون)

 

 

معاني مفردات السورة

الدِّين: الجزاءُ يومَ الجزاء، فالمكذّب بالدّين منكرُ المعاد.

الدَّعّ: هو الردّ بعنف وجفاء. الحضّ: الترغيب.

ساهون: غافلون لا يهتمّون بصلاتهم، ولا يبالون أن تفوتهم بالكلّية، أو بعض الأوقات، أو تتأخّر عن وقت فضيلتها.

يُراؤون: يأتون بالعبادات رياءً، فهم يعملون للناس، لا لله تعالى.

الماعون: كل ما يُعين الغير في رفع حاجةٍ من حوائج الحياة.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

14/01/2019

إصدارات

نفحات