موقف

موقف

14/01/2019

رسالة الإعلام الديني

رسالة الإعلام الديني

 خطورة تمييع المضمون بدل تسهيل آلية العرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ علي رضا بناهيان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمتاز وسائل الإعلام الحديثة بقدرتها على تناول جميع القضايا المطروحة في الساحة الإنسانية، ومخاطبة أعداد كبيرة من الجماهير، والتأثير في قناعاتهم، متجاوزةً تنوّع مشاربهم الثقافية، ومستوياتهم الاجتماعية، وانتشارهم الجغرافي، وهي الميزة التي يُطلق عليها «شمولية وسائل الإعلام».

يسجّل النصّ الآتي، المقتطف من كتاب (الفن والإعلام في فكر الإمام الخميني)، للعلامة الشيخ علي رضا بناهيان (ترجمة وإصدار دار المعارف الحكمية، بيروت 2017م)، ملاحظتين أساسيّتين حول مفهوم «الشمولية» المشار إليه، والذي يُعدّ من المحاور الأساسية في خطاب الإمام الخميني قدّس سرّه.

«شعائر»

 

في ما يخصّ شمولية وسائل الإعلام، لا بدّ من الالتفات إلى أمرين، حيث إن أحدهما غالباً ما يتعرّض للإهمال.

الأول: هو أن وسيلة الإعلام لا بدّ وأن تُولي اهتمامها بجميع الشرائح. معنى ذلك هو النظر إلى أضعف المخاطَبين. وعلى الرغم من أن هذا الأمر يحظى غالباً بالعناية والاهتمام، إلا أننا نلاحظ اتّخاذه طابعاً إفراطياً، وذلك عبر إنتاج البرامج الضعيفة بذريعة اهتمام وسيلة الإعلام بالطّبقات «الدنيا»، ورغبة هذه الأخيرة بالبرامج «الخفيفة».

الأمر الآخر الذي يتعرض للإهمال: هو الطبقة «النخبوية» والملتزمة عقائدياً، فإنه غالباً ما لا تُحتسب هذه الطائفة في عداد المخاطبين، فلا يتمّ إنتاج برامج جدّية لتكامل أفرادها، بل لا يدخل إنتاجها في جدول الأعمال.

وأما إذا كنا لا نهاب مخاطبي وسائل الإعلام المتطلّبين والفاقدين للإيمان، وعمدنا بصورة جادّة إلى إنتاج البرامج للطبقة الملتزمة أيضاً، عندها لن تفقد وسائل الإعلام أهم مخاطبيها وسوف تقدّم خدماتها لهم، وسيلتحق بهم الكثير من ضعاف المخاطبين. في حين أن كفّة الجانب الآخر في الوقت الحاضر أكثر رجحاناً. كما أن جذب الملتزمين والمؤمنين من المخاطبين إلى البرامج الضعيفة يؤدي إلى تغلغل الضعف والوهن إلى نفوسهم. في حين أن إنتاج البرامج الجيدة للمخاطبين الملتزمين عقائدياً يرفع من مستوى المجتمع.

أساساً، لا ينبغي الوقوع في الإفراط والتفريط في مجال الأنشطة الإعلامية، وهذا أصلٌ هامّ في طريقة التخطيط والبرمجة. والأهمّ من ذلك أنّه لا يجوز -عند إعداد وإنتاج البرنامج- أن نحدّ من مستوى المضمون مراعاةً لمستوى المخاطَب بذريعة الشمولية، بل لا بدّ من تبسيط طريقة البيان لينتفع منه المخاطب البارز، ويتلقى المخاطب الأضعف رسالته السامية أيضاً. وهذا الأمر يصدق على مضمون المسلسلات أكثر من غيرها، وعدم مراعاته فيها أمرٌ مشهود.

وكلّما نظرنا في الأنشطة الإعلامية إلى المخاطَبين بنظرة استصغار، فقد علمنا على تضعيفهم بنحو من الأنحاء، وكلّما نظرنا إليهم نظرة إجلال وإكبار كلّما قطعنا خطوة في سبيل نموّهم وتقدّمهم إلى الأمام. وهذه نظرة لا تبدو أنّها هي السائدة في برمجيات الإعلام وإصداراته. علماً بأنّ استصغار المخاطبين والقلق المفرط من الإدبار عن برامجنا والإقبال على البرامج الفاسدة التي تُبثّ عبر الفضائيات، قبل أن يكون ناجماً عن رؤية المدراء والمنتجين، يمكن أن يكون ناتجاً عن عاملَين آخرين:

الأول: العجز عن العرض الفنّي للنتاجات القيّمة التي تستطيع أن تجذب إليها عامّة المخاطبين من الطبقات الأدنى.

الثاني: انخفاض مستوى المدراء والمنتجين أنفسهم. ونأمل أن يكون العامل الثاني غير موجود.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

14/01/2019

إصدارات

نفحات