الملف

الملف

08/04/2019

المهدويّة والنبوّة الخاتمة

 

المهدويّة والنبوّة الخاتمة

تمام النِّعمة بالفعل بعد تمامها بالقوّة

  • د. إدريس هاني*

إذا كانت وظيفة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، كامنة في التنزيل، فوظيفة الإمام عليه السلام كامنة في التأويل. وكما قاتل أمير المؤمنين عليه السلام على التأويل، سيعود الأمر قبل استتباب الأمر لمهديّ الأُمّة كما بدأ، فيبارزه الناس بالتأويل الفاسد، ويقاتلهم بالتأويل الصحيح، فينتصر ، وهو آخر الأوصياء وخاتم الأبدال.

فمتى أدركنا أنّ الأمور أشباه، اعتُبر آخرها بأوّلها، ومتى أدركنا أن لا وجود لأمر تكويني أو تشريعي إلّا وفق حكمة مقاصدية، كما أكّد الأئمّة الأطهار، فإنّ وجود الإمام هو في مقام البدل الشاغل للفترات قبل بعثة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهم بالأولوية أبدال ما بعد الرسالة الخاتمة لانقطاع الوحي وختم الرسالة.

فكيف يقال بـ«لا جدوى» حضور المهديّ عليه السلام، وقد اتّسعت دائرة الانسداد، وحيث عادت قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» العمدةَ في زمان ما بعد العلم والبيان؛ واستبدّت الظنون خاصّها وعامها؟

إلاّ أنْ يُقال: إنّ الأمّة عاشت زمان التنزيل دون أنْ تدرك من زمان التأويل، ما يقيم البيان ويعضده. وحيث لا يعلم متشابهَ التنزيل إلاّ اللهُ والراسخون في العلم، وقد ظهر أنّ الراسخين في العلم هم الأئمّة من العترة الطاهرة، حيث أجاب الصادق عليه السلام شارحاً الآية الكريمة: ﴿..وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ..﴾ آل عمران:7، فقال: «نحن نعلمه».

وحيثما استمرّت أطياف المتشابه وتلابست الأمور، كان لازماً وجود الراسخين في العلم، ومصداقهم المهديّ المخلّص عليه السلام.

المهدويةّ آكد في غَيبة الرّسُل

إذا لم تكن مهدويّة الخضر مزاحمة لنبوّة موسى، فما الغرابة في وجود مهديّ الأمّة إذاً؟! لا بل إنّها في حال عدم وجود النبيّ آكَدُ بالأولوية القطعية. وإذا كانت مهدوية الخضر ونظائره في تاريخ الرسالات الذي عرفنا منه القليل وجهلنا منه الكثير، نافعة في زمان البعثات، فما وجه الغرابة أن تكون نافعة في زمان غياب الرسُل؟! بل سوف تكون إذ ذاك آكد في النفع متى أدركنا أنّ الرسالة الخاتمة تستدعي وجود مهديّ، يحمل من خصائص عظَمة الرسالة الخاتمة أيضاً، حيث لا يمكن انبعاث نبيّ آخر.

إنّ مقتضى «الخاتَمية» أن يكون المهديّ عليه السلام، حيث لا فترة بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فتصبح الخاتمية دليلاً أقوى على ضرورة المهديّ أكثر من الرسالات غير الخاتمة، متى أدركنا مقاصد النبوّة ومقاصد المهدويّة.

إنّ وظيفة المهديّ عليه السلام مكمّلة لوظيفة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. وقد يقال ههنا: كيف يتمّ ذلك وقد أكمل الله دينه وأتمّ نعمته؟! غير أنّ الشبهة هنا واضحة التهافت. فتمام الرسالة ببيان وظيفة المهديّ والإخبار عنه؛ فهو مشمولٌ في آية الإكمال. وشاهدُه قول الإمام الرضا عليه السلام: «إنّ اللهَ تبارَك اسمُه لم يَقبضْ رسولَه صلّى الله عليه وآله وسلّم، حتّى أكمَل له الدِّينَ، فأنزَلَ عليهِ القرآنَ فيه تفصيلُ كلِّ شيءٍ، بيَّن فيه الحلاَل والحرامَ والحدودَ والأحكامَ وجميع ما يحتاجُ الناسُ إليه كملاً. فقال عزّ وجلّ: ﴿..ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ..﴾. وأنزلَ عليه في حجّةِ الوداع... ﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً..﴾ المائدة:3. وأمرُ الإمامة مِن تمام الدِّين..».

وبالإمامة يتحقّق تمام النعمة بالتأويل، كما تمّت النعمة من قبلُ بالتنزيل. إنّ تمام النعمة في زمن التنزيل كان بالقوّة، بينما سيكون تمام النعمة في زمن التأويل بالفعل. وهذا ما أكّدته الآيات والأخبار، حيث وردت بصيغة الـ (لو)، نظير قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأرْضِ..﴾ الأعراف:96.

لكنّ وقوع ذلك سيكون في زمن المهديّ بالفعل، حيث سيتحقّق ذلك كما دلّت الآيات والأخبار. فمن الآيات قوله تعالى: ﴿بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ..﴾ هود:86.

ومن الأخبار، ما جاء في رواية لأمير المؤمنين يشرح فيها قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ..﴾ التوبة:33. فسأل الجالسين: « أظهرَ ذلكَ بعدُ؟»، قالوا: نعم، قال: «كلّا، فلا وَالّذي نفسي بيده، حتّى لا تبقى قريةٌ إلاّ ونُودِيَ فيها بشهادةِ أنْ لا إلهَ إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسولُ الله، بكرةً وعَشِيّاً».

أقول، إنّ المهديّ مصداقٌ لمعنى الآية، حيث ذكر تعالى إرسال الرسول بالهدى. فالهدى والظهور، هما أصدق في المهديّ الذي هو من متمّمات هذا الأمر.

 إنّ المهديّ سيحقّق كلّ مطالب النبوّات والرسالات بإقامة العدل بين الناس، والقضاء على الظلم والطغيان. وما دام أنّ أكثر دعوات الأنبياء لم تتحقّق في توحيد البشرية على التوحيد، وتطهير الأرض من الظلم، فإنّ المهديّ سيتوفّر له من وسائل الإعجاز ما لم يتوفّر لغيره. بل ما من معجزة كانت لنبيّ إلّا ويؤتاها حتى يتحقّق المراد. إنّ المهديّ عليه السلام هو محقّق رجاء كلّ الأنبياء؛ وليس إلاّ المهديّ حقيق بهذا الدور، فالمهديّ بهذا المعنى هو ضرورة نبوية ورسالية.

_________________________

* مفكّر إسلامي من المغرب

 

شعب الخيرات

دعاء رسول الله ليلة النصف من شعبان

في (إقبال الأعمال) للسيّد ابن طاوس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يدعو في ليلة النصف من شعبان، فيقول:

«اللّهُمَّ اقْسِم لنا من خَشيتِكَ ما يَحولُ بيننا وبينَ معصيتِك، ومِن طاعتِك ما تُبلِّغُنا به رضوانَك، ومن اليقينِ ما يَهونُ علينا به مصيباتُ الدنيا.

اللّهُمَّ مَتِّعْنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوّتِنا ما أحْيَيتَنا، واجْعَلْهُ الوارثَ منّا، واجعَلْ ثارَنا على مَن ظلَمَنا، وانصُرنا على مَن عادانا، ولا تجعلْ مُصيبتَنا في دِينِنا، ولا تجعلِ الدّنيا أكبرَ همِّنا ولا مَبلغَ عِلمنا، ولا تُسلِّطْ علينا مَن لا يرحمُنا، برحمتكَ يا أرحمَ الراحمين».

(السيّد ابن طاوس، الإقبال: 3/321)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات