حوارات

حوارات

08/04/2019

أسوة الجهاد والاجتهاد الشيخ الآصفي

 

أسوة الجهاد والاجتهاد الشيخ الآصفي:

(اليقين بالله) و (العمل بالتكليف) يختزلان آفاق شخصية الإمام الخميني

____ إعداد: سليمان بيضون ____

 

«تلقّيتُ بألمٍ وأسفٍ كبيرين نبأ وفاة العالم الباحث المجاهد المرحوم آية الله الحاج الشيخ مهدي الآصفي رحمة الله عليه. لقد كان فقيهاً متجدّد الأفكار، وعالم كلام ماهر،

وكاتباً غزيراً مؤثّراً له عشرات الكتب المفيدة المتعلقة بقضايا العقيدة والكلام والفقه. وتُمثّل ثمرة عمره المبارك.

كما كان للمرحوم سابقة مشرقة في مضمار الكفاح السياسي والاجتماعي في العراق، ويُعدّ الفكر الرصين والتحليل العميق لقضايا

المنطقة من مميّزات هذه الشخصية الجامعة للأطراف. ومن السمات الأخرى لهذا العالم الديني الجليل زهده وعدم رغبته في المتاع

المادّي وركونه لمعيشة طلبة العلوم الدينية المتقشّفة الفقيرة، ولقد كان تحمّل جهود ممثّليتي في النّجف الأشرف لسنين طويلة،

ممّا يضع حقّاً كبيراً لذلك المرحوم على عاتقي، وأتمنّى أن يكون لُطف الله ورحمته جزاء لكلّ خدماته العلمية والدينية والاجتماعية».

كان ذلك بعض ما جاء في بيان الإمام الخامنئي لمناسبة وفاة الشّيخ محمد مهدي الآصفي رضوان الله عليه.

وكان سماحته قد توفي بعد معاناةٍ مع مرضٍ عضالٍ بتاريخ 16 شعبان عام 1436 هجرية، الموافق لـ 4 حزيران 2015 ميلادية.

في ما يلي مُختارات مُنتقاة من مؤلّفات الفقيد الجليل نقدمها بأسلوب السؤال والجواب.

 

 

س: ما المقصود من «حُبّ الله تعالى»؟ وكيف نحبّه عزّ وجلّ؟

ج: تتكوّن العلاقة بالله تعالى في صورتها الصّحيحة من مجموعة من العناصر يعدّ كلّ منها مفتاحاً لباب من أبواب رحمة الله الواسعة، مثل: الرّجاء، والخوف، والحبّ، والشوق، والإنابة، والطاعة، والعبودية... وقد ورد في الدّعاء عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام: «اللهم إنّي أسألك أن تملأ قلبي حبّاً لك، وخشيةً منك، وتصديقاً لك، وإيماناً بك، وفرَقاً منك، وشوقاً إليك».

و«حُبّ الله تعالى» من أقوى هذه العناصر وأبلغها في شدّ الإنسان بالله تعالى، وتوثيق علاقته به عزّ شأنه. وفي الدّعاء عن الإمام الحسين عليه السلام: «عميت عينٌ لا تراك عليها رقيباً، وخسرت صفقةُ عبدٍ لم تجعل له من حبّك نصيباً».

أمّا كيف نحبّ الله تعالى؟ فأقول: إنّ وعي نِعَم الله وحمده وشكره هو العامل الأساس في الحُبّ، الذي تكون له نتائج وآثار في حياة العبد، منها: الاتّباع والطاعة لله ورسوله، وطهارة القلب، وذكر الله، والرّضا بأمر الله، والحُبّ في الله والبغض في الله... ما يفضي إلى أن يحبّ اللهُ عبدَه، فتكون العلاقة تبادلية، وهذا ما يقوله الله تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ...﴾ آل عمران:31.

س: ما هي مسؤوليات المؤمنين في عصر الغيبة الكبرى للإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف؟

ج: مسؤوليات المؤمنين في عصر الغيبة كثيرة، نذكر منها:

1- معرفة الإمام عليه السلام: وتُستقى هذه المعرفة في معظم أجزائها من معين التعبّد بكلام الله وكلام رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السلام.

2- الإعداد والتحضير لظهور الإمام: ويشمل الحضور الفاعل في ساحة الحياة الواسعة للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدّعوة إلى الله، وتزكية النّفوس، ومقاومة الاحتلال وأعوانهم من الظلمة الذين يحكمون بلاد المسلمين.

3- الدّعاء للإمام عليه السلام: إنّ الله تعالى يُقرّب بالدعاء ظهور الإمام عجّل الله فرجه، ويفرّج بظهوره عن المسلمين مصائبهم ويجمع به شملهم ويعزّ به نصرهم.

4- الطاعة للقيادة النائبة عن الإمام عليه السلام: هم الفقهاء العدول الأكفاء المتصدّون لولاية الأمر في هذا العصر.

5- الثبات على مواثيق ولاية أهل البيت عليهم السلام: كالولاء لأوليائهم والبراءة من أعدائهم، والمشاركة في أحزانهم وأفراحهم، والتبعية لهم في الثقافة والموقف.

س: هل لتربة قبر الإمام الحسين عليه السلام خاصيّة الشفاء من الأمراض والعِلل؟

ج: من البركات التي خصّ اللهُ بها الإمام الحسين عليه السلام الاستشفاء بتربته، وقد وردت في ذلك روايات كثيرة، منها ما رواه الشّيخ الطوسي في التهذيب عن الإمام الصادق عليه السلام: «في طين قبر الحسين عليه السلام الشفاءُ من كلّ داء، وهو الدواءُ الأكبر ». ولا يتنافي ذلك مع اللجوء إلى الطبّ والأطباء.

 

س: الإمام الخميني رضوان الله عليه غنيّ عن التعريف، ما هي انطباعات سماحتكم عن شخصيّته الفذّة؟

ج: الإمام الخميني رحمه الله من الشخصيات النادرة في العصر الحاضر، فقد كان أوّل فقيه- في عصرنا- ينظّر للدولة الإسلامية ثمّ يدعو إليها، ثمّ ينهض بإنشائها، ثمّ يتولّى زعامتها، ثمّ يواجه كلّ التحدّيات التي واجهتها من ناحية الشرق والغرب، ومن الداخل، بإيمان وثقة بالله، وصبر وسعة صدر،وكفاءة عالية.

وعندما نحلّل هذا الصّمود والقوّة والنّجاح ننتهي إلى (الإيمان بالله)، و (العمل بالتكليف). وهاتان الكلمتان تختزلان آفاق هذه الشخصية كلّها.

ولكي تتجسّد هاتان الكلمتان في حياة الإنسان وسلوكه لا بدّ لهُ من جهد طويل وحركة شاقّة إلى الله تعالى، تجمع بين العلم والعمل والحركة والمعرفة.

وقد امتزج في حياة الإمام الخميني (الفقه والعرفان) بـ (الحركة والثورة)، ولكنّه لم يَعِشْ بمعزلٍ عن النّاس، وإنّما كان يعيش وسط المجتمع، استقبله الملايين من النّاس في مطار طهران، فلّما رحل إلى لقاء الله ودّعه عشرة ملايين من المشيعين بالدموع.

س: ما هو رأي سماحتكم في كتاب (المراقبات) للفقيه العارف الميرزا جواد الملَكي التبريزي؟

ج: هذا الكتاب القيّم قرأتُه أكثر من مرّة، وقد تأسّفتُ كثيراً لأنّ الحظّ لم يحالفني في قراءة هذا الكتاب النفيس أيّام الشباب وبداية انخراطنا في الحوزة العلمية، لأني أجزم بأنّي لو كنت قرأتّه سابقاً لكانت حياتي قطعاً تختلف عمّا هي عليه الآن، ولكانت أفضل بكثير كمالاً واستقامةً، لأنّ فيه الكثير ممّا يُعين على تنمية الروح الإيمانيّة وسموّها المعنوي.

س: بعد عمرٍ حافلٍ بالجهاد والاجتهاد، هل هنالك شيء كان سماحتكم يودّ أن ينجزه ولم ينجزه؟ في الجانب العلمي أو أيّ جانب آخر من حياته؟

ج: رأيي في نفسي أنّني ضيّعتُ عمري، حيث لم أُعطِ للعلم حقّه، ولم أعطِ للمسؤوليات الكبار التي جعلها الله تعالى على عواتقنا حقّها. أنا لا أعتقد أنّني صنعتُ شيئاً، ولذلك تغلبني الحسرة على ما فاتني من العمر، والذي لم أقضه كما يحب الله تعالى، في الانصراف إلى العلم والعمل وطاعة الله وعبادته، ولذلك لا أعتقد أنّني نموذج في هذا المضمار.

س: ما هي أبرز آداب تلاوة القرآن الكريم؟

ج: هنالك عدّة نقاط في المنهج الصحيح لقراءة القرآن، وهي مجموعة ما ورد في الروايات الشريفة، نذكر منها على سبيل الاختصار:

1- الطَّهور (الوضوء أو الغُسل أو التيمّم).

2- استقبال القبلة.

3- مراقبة أسلوب الجلوس لقراءة القرآن.

4- الاستمرار والمواصلة في قراءة القرآن.

5- الدّعاء عند تلاوة القرآن.

6- الاستعاذة من الشيطان الرجيم.

7- إشراك العين في تناول القرآن (القراءة في المصحف).

8- ترتيل القرآن وعدم التعجّل والتسرّع في قراءة القرآن.

9- تحسين الصوت بالقرآن.

10- تطهير القلب من أدران الهوى والمعاصي بالإنابة والتقوى.

11- حضور القلب: تفريغ القلب لكلام الله من كل الشواغل والصوارف.

12- التدبّر والتفهّم: استخدام العقل لفهم كلام الله وربط بعضه ببعض.

13- التعمّق في القرآن: عن أمير المؤمنين عليه السلام: «له ظهرٌ وبطنٌ... ظاهره أنيق وباطنه عميق».

14- استنطاق القرآن: عن أمير المؤمنين عليه السلام: «ينطق بعضهُ ببعضٍ».

15- الاستشعار بخطاب الله ونداءاته.

16- التجاوب مع القرآن: إذا استشعر القارئ أنّ الله تعالى يَعْنيه بخطابه وندائه وترغيبه وترهيبه وتبصيره.... تجاوب معهُ في كلّ ذلك.

17- التكرار والتأكيد: كلّما كرّره القارئ ازداد إليه شوقاً، وانطبع في نفسه انطباعاً أقوى.

18- التفاعل مع القرآن: وهي حالة فوق حضور القلب والتدبّر والتعمّق، إنّها حالة الانفعال والتأثر النفسي الشديد بالقرآن.

19- القراءة بالحُزن: عن الإمام الصادق عليه السلام: «القرآن نزل بالحُزن فاقرأهُ بالحُزن».

20- البُكاء عند قراءة القرآن.

21- التحازُن والتباكي: وهو ليس التظاهر بالحُزن والبُكاء وإنّما هذه المحاولة تؤدّي - عند صدق المحاولة- إلى الحُزن والبُكاء.

22- تحكيم القرآن: القراءة الجادّة الصادقة هي التي تمنح صاحبها العزم والإرادة على العمل بكتاب الله.

23- قراءة القرآن قائماً في الصلاة.

24- قراءة القرآن في آناء الليل.

25- الدّعاء عند الفراغ من تلاوة القرآن أو ختمه.

 

س: يعيشُ العراق ظروفاً صعبةً، ما هي كلمة سماحتكم للقوى السياسيّة العاملة في العراق؟

ج: نحن اليوم في العراق في الظروف الصعبة الحاضرة لابدّ لنا من توحيد الموقف والقرار السياسي، وهذه الوحدة لا تتحقّق في واقعنا السياسي في العراق الاّ من خلال الالتزام بالمرجعية الدينيّة العليا في النّجف الأشرف والاصطفاف معها في الأزمات، هذه المرجعية التي يستجيب لها ويلبي دعوتها النّاس كلّما دعتهم الى موقف سياسي او ثقافي او اجتماعي، فلقد وجدنا إقبال الشباب الواسع لتلبية دعوة سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني حفظه الله للتطوّع لقتال «داعش»، وكان حضور هؤلاء الشباب في جبهات القتال وهزيمتهم لداعش يبعث الطمأنينة والأمن في نفوس النّاس، وفي نفس الوقت يغيظ أمريكا وعملائها في المنطقة.

 

شعب الخيرات

دعاء الإمام الصادق عليه السلام ليلةَ النصف من شعبان

«عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: علَّمني أبو عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام، دعاءً أدعو به ليلةَ النّصف من شعبان:

أللّـهُمَّ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، الْعَلِيُّ الْعَظيمُ، الْخالِقُ الرّازِقُ، الْمُحْيِي الْمُميتُ، الْبَديءُ الْبَديعُ، لَكَ الْجَلالُ وَلَكَ الْفَضْلُ، وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الْمَنُّ، وَلَكَ الْجُودُ وَلَكَ الْكَرَمُ، وَلَكَ الأمْرُ وَلَكَ الْمَجْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، يا واحِدُ يا أحَدُ، يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغفِرْ لي وَارْحَمْني، وَاكْفِني ما أَهَمَّني، وَاقْضِ دَيْني، وَوَسِّعْ عَلَيَّ في رِزْقي، فَإِنَّكَ في هذِهِ اللَّيْلَةِ كُلَّ أَمْرٍ حَكيمٍ تَفْرُقُ، وَمَنْ تَشاءُ مِنْ خَلْقِكَ تَرْزُقُ، فَارْزُقْني وَأَنْتَ خَيْرُ الرّازِقينَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَأَنْتَ خَيْرُ الْقائِلينَ النّاطِقينَ: ﴿وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾. فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْألُ، وَإِيّاكَ قَصَدْتُ، وَابْنَ نَبِيِّكَ اعْتَمَدْتُ، وَلَكَ رَجَوْتُ، فَارْحَمْني يا أرْحَمَ الرّاحِمينَ».

(الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص 844)

 

 

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات