كلمة سواء

كلمة سواء

08/04/2019

صيانة الفضائل والقِيَم

 

صيانة الفضائل والقِيَم

خطّ الدفاع الأول في مواجهة الفِتن

العلامة الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي*

الفتنة من مصاديق الابتلاء، وهذا الأخير من السُّنن الإلهيّة الدائمة، فالإنسان عرضة للابتلاء ما دام حيّاً، ولا مناص من الفِتن الاجتماعية ما دامت المجتمعات قائمة. وعليه، ينبغي أن نأخذ بالحسبان مسائل عدة كي لا نُباغَت عند مواجهة فتنةٍ ما، ونكون على استعداد للتصدّي لها، فلا نقع في حبائل شياطين الإنس والجن.

والتكليف، أو الواجب الأول في مواجهة الفتن والابتلاءات الفردية والاجتماعية، هو صيانة عقائدنا وديننا وقيمنا من أن تمتدّ إليها أيادي اللّصوص. ولو استعرضنا خطب أمير المؤمنين عليه السلام في (نهج البلاغة) لاتّضح لنا خطورة ما يتوجّب على المرء إزاء الفِتن، بل وحتّى تكليفه فيما بينه وبين نفسه.

ورد في إحدى الخطب المعروفة، قوله عليه السلام: «لَتُبَلبَلُنَّ بلبلةً ولَتُغَربَلُنَّ غربلةً ولَتُساطُنَّ سَوطَةَ القِدر حتّى يعود أسفلُكم أعلاكم وأعلاكم أسفلَكم»؛ أي ستحلّ بكم الاضطرابات فيكون مَثَلكم كمَثَل الحبوب التي توضع في القدر، حتّى إذا غلى ماؤه صار أعلى الحبوب أسفَلها، وأسفُلها أعلاها.

وفي خطبة أخرى يقول أمير المؤمنين عليه السلام: «سيأتي عليكم زمان يُكفأ فيه الإسلام كما يُكفأ الإناء بما فيه»؛ أي ستمرّ عليكم فتن يُراق فيها كلّ ما في الإسلام كما يراق ما في الإناء إذا قُلِب؛ فيصبح الإسلام كالوعاء المقلوب، ولا يبقى شيء من حقيقته أو محتواه.

ثم يحذّر أمير المؤمنين عليه السلام الخلائق بقوله: «فلا تكونوا أنصابِ الفتن وأعلام البِدَع»؛ أي عليكم أن تحذروا لئلّا تكونوا للفتن يافطات وللبِدع علامات.

ومن نافل القول إن خشيتنا من الفتنة لا ينبع ممّا ينجم عنها من خسائر ماديّة فحسب، بل إنّ ما يقلقنا ويثير مخاوفنا أكثر هو زوال الدين والمعتقدات والقِيم. فالفتن التي يذكرها القرآن الكريم وتشير إليها الأحاديث الشريفة، هي تلك التي تستهدف دين الإنسان وآخرته. فإذا كنّا نخشى على ديننا من الخطر فلا بدّ أن نرى من أين يمكن أن يلحق الضرر به. فإنّ أهمّ جانب من الدين يكون عرضة للمخاطر هو المعتقدات والقيم أو الثقافة الدينيّة؛ وبتعبير آخر: علينا أن نلتفت إلى الأُسس وما يتّخذ طابعاً بنيويّاً ممّا هو موجود وما ينبغي أن يوجد من الأمور. ورد في بعض الأدعية: «..وأنْ تهبَ لي يقيناً تُباشر به قلبي وإيماناً يَذهبُ بالشكّ عنّي». فإنّ أوّل صفعة يتلقّاها دين المرء هي وهن ما يؤمن به من معتقدات، فعلى كلّ امرئٍ أن يحمل همّ المحافظة والتعرّف على معتقداته وقيمه الإسلامية، على نحو صحيح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مختصر عن أحد فصول كتابه (أمواج الفتن وسفينة النجاة) بتصرّف

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات