كتاب الأمالي للشيخ أبي جعفر الطوسي

كتاب الأمالي للشيخ أبي جعفر الطوسي

26/09/2011

كتاب الأمالي للشيخ أبي جعفر الطوسي

كتاب الأمالي
للشيخ أبي جعفر الطوسي



 قراءة: سلام ياسين


 

الكتاب: «المجالس في الأخبار» أو «الأمالي»
المؤلّف: أبو جعفر، محمّد بن الحسن الطوسي، شيخ الطائفة (385-460 هجريّة)
تحقيق: «مؤسّسة البعثة»
الناشر: «دار الثقافة، ط 1، قم 1414هجريّة
إنّ أقدم مخطوطة لهذا الكتاب القيّم تعود إلى سنة 580 هجريّة بخطّ السديد بن محمد بن هلال الكاتب، تليها طبعة حجريّة سنة 1313 هجريّة في إيران، ثمّ طبعة «مطبعة النعمان» في النجف سنة 1381 هجريّة-1964م، ثمّ هذه الطبعة التي بين أيدينا.

 

في المكتبة الإسلاميّة كتب عدّة بعنوان (الأمالي) أو (المجالس)، وهي عبارة عن محاضرات يُمليها الشيخ على تلاميذه في مجلس، أو في مجالس، وفي أيّام معيّنة، أو في مواسم خاصّة، عن ظهر قلبه أو عن كتابه.
وكتاب (الأمالي) للشيخ أبي جعفر الطوسي قدّس سرّه، عبارة عن مجالس عُقدت في مشهد الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في النجف الأشرف، كان يُلقيها على تلاميذه، ومن بينهم ولده «أبوعلي» الذي أملاها بدوره على تلاميذه فيما بعد. أيّ أنّ الذي حدّث بها عن المؤلّف هو ولده أبو علي دون غيره ممّن حضر هذه المجالس، ممّا جعل بعض الباحثين يعتقد نسبة هذه الأمالي للإبن.
يقول السيّد الأمين في (أعيان الشيعة): «إنّ الأمالي المتداول هو للشيخ الطوسي لا لولده، فإنْ كان يوجد أَمالٍ أخرى لولده ".." فذاك، وإلا فهذا المتداول لا علاقة للمترجَم -يعني أبا علي الطوسي- به إلّا أنّه يرويه عن أبيه».
وقد ذكر الشيخ الطوسي هذا الكتاب ضمن ترجمته لنفسه في (الفهرست)، فقال: «وله كتاب المجالس في الاخبار».

مؤلّف الكتاب

هو الشيخ محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي، ولد في شهر رمضان عام 385 هجريّة، في طوس -على الأرجح- وبها نشأ، ولمّا بلغ الثالثة والعشرين من عمره هاجر إلى بغداد، وكانت الزعامة للشيعة الإماميّة فيها للشيخ المفيد، فتتلمذ في مجلسه، مدّة خمس سنوات، وكان ممّا درسه الأصول والكلام، وشرعَ حينذاك في تأليف كتاب (تهذيب الأحكام) وهو أحد الكتب الأربعة في الحديث عند الإمامية، وتتلمذ أيضاً على الحسين بن عبيد الله الغضائري، ومحمّد بن أحمد بن أبي الفوارس، وغير هؤلاء من شيوخ عصره.
وبعد وفاة الشيخ المفيد عام 413 هجريّة، انتقلت زعامة الإماميّة إلى الشريف المرتضى، فحضر الشيخ الطوسي مجلسه ودرس على يديه مدّة ثلاثة وعشرين عاماً، ألّف خلال ذلك كُتب: (تلخيص الشافي) و(الرِّجال) و(الفهرست). وبعد وفاة السيد المرتضى عام 436 هجريّة، تفرّغ الشيخ الطوسي للتدريس والتعليم، وانشغل بالأمور التي تخصّ الزعامة الدينيّة للإماميّة، واستمرّت زعامته في بغداد مدّة اثنتي عشرة سنة (436 - 448 هجريّة‍(.
وكان رضوان الله عليه يحظى بالمكانة التي حظِيَ بها أستاذاه المفيد والمرتضى عليهما الرحمة، فأصبح الطوسيّ شيخ الطائفة وعُمدتها، والإمام المعظّم عند الشيعة الإمامية، وتقاطر عليه العلماء لحضور مجلسه، حتّى عُدّ تلاميذُه أكثر من ثلاثمائة، من مختلف المذاهب الاسلامية، وقد منحه الخليفة العبّاسي «القائم بأمر الله» كرسيّ الكلام، وكان هذا الكرسيّ لا يُعطى إلّا للقليلين من كبار العلماء.
بعد دخول السلاجقة الى بغداد عام 448 هجريّة وإفسادهم فيها، ومن ذلك إحراقهم دار الشيخ الطوسي وعدداً من كتبه، هاجر إلى النجف الأشرف سنة 448 هجريّة، وبقي فيها حتى وفاته قدّس سرّه سنة 460، واستمرّت أسرته فيها من بعده.
وقد غدت مدينة النجف بعد فترة قصيرة من وصول الشيخ الطوسي إليها، حاضرةَ العلم والفكر، وأخذ الناس يُهاجرون إليها من مختلف المناطق، وباشر الشيخ بعد إقامته بها بالتدريس، فكان يُملي دروسه على تلاميذه بانتظام، وما كتابُ (الأمالي) إلّا محاضرات ألقاها هناك، واستمرّ في تدريسه وإلقاء محاضراته حتى أواخر حياته الشريفة.

مصادر الكتاب

كانت مصادر الشيخ الطوسي عن بعض شيوخه، كالشيخ المفيد، وابن عبدون، وابن الصّلت الأهوازي، وهلال الحفّار، وأبي منصور السكري، والحسن بن محمّد الفحام، وابن أبي الفوارس، والحسين بن إبراهيم القزويني، وابن خشيش، وأبي الطيّب الطبري، وابن بشران، وابن مخلد، وابن مهدي، وابن الحمامي، وابن شاذان، وابن حمويه، وابن شبل، والجرجاني، والصقّال، والغضائري.
 
مجالس الكتاب

عددها ستّة وأربعون مجلساً، وهي على قسمين؛ الأوّل يضمّ ثمانية عشر مجلساً، والثاني ثمانية وعشرين، واستغرق إملاؤها جميعاً ثلاث سنين، ابتداءً من شهر ربيع الأوّل سنة 455 هجريّة، إلى شهر صفر 458 هجريّة، بعضها مؤرّخ بالشهر والسنة، وبعضها الآخر باليوم والشهر والسنة.
وكان من عادة الشيخ الطوسي عقدُها أيّام الجُمَع، ويبدأ الكلامَ فيها بذكر مشايخه الذين روى عنهم. وممّا يُلفت الإنتباه في هذه المجالس طابع الإستمراريّة والثّبات على عقدها يوم الجمعة، وهو يشير إلى انتظام الوضع الدراسي والحركة العلمية في النجف الأشرف، بعد النكسة التي أصابتها في حوادث بغداد عام 448 هجريّة.

تضمّ «أمالي الشيخ الطوسي» طائفة من الأحاديث النبويّة الشريفة، وجانباً من السيرة النبوية، وروايات عن الأئمّة عليهم السلام في التفسير والحِكم والمواعظ، وأدعية مأثورة، وقد حظِي التاريخ فيها بمجال واسع، حيث تناول الشيخ بعض حوادثه بالتفصيل، كهجرة المسلمين إلى الحبشة، ويوم خيبر، ويوم مؤتة، والخلافة بعد الرسول صلّى الله عليه وآله، وشهادة الإمام الحسين عليه السلام، كما وتناول بعض الحركات السياسية في التاريخ الاسلامي، كثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وغيرها.

مختارات من الكتاب

نقتطف في هذا الباب مجموعة من الأحاديث التي رواها الشيخ الطوسي عن مشايخه متسلسلة إلى المعصومين عليهم السلام:

* قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر الله، قسوة القلب، إنّ أبعد الناس من الله القلب القاسي».

* وعنه صلّى الله عليه وآله: «ما فُتح لأحدٍ بابُ دعاء إلّا فتح الله له فيه بابَ إجابة، فإذا فُتح لأحدكم باب دعاء فليَجهد، فإنّ الله عزّ وجلّ لا يمَلّ حتى تملّوا».

* وعنه صلّى الله عليه وآله: «لَتُنقَضُ عُرى الإسلام عُروة عروة، كلّما نُقضت عروة تشبّث الناس بالتي تليها، فأوّلُهنّ نقضُ الحكم، وآخرهنّ الصلاة».

* الإمام السجّاد عليه السلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إلزموا مودّتنا أهل البيت، فإنّه من لَقيَ الله اليوم القيامة وهو يودُّنا دخل الجنّة بشفاعتنا، والّذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عملُه إلّا بمعرفة حقّنا».

* في تفسير قوله تعالى: ﴿ولله الحجّة البالغة﴾ الأنعام:149، عن الإمام الباقر عليه السلام: «إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنتَ عالماً؟ فإنْ قال نعم، قال له: أفلا عملتَ بما علِمت؟ وإن قال كنتُ جاهلاً، قال له: أفلا تعلّمتَ حتّى تعمل؟ فيخصمُه، فتلك الحجّة البالغة».

* الإمام الصادق عليه السلام لمن سأله أن يعلّمه دعاءً يدعو به في المهمّات، فعلّمه دعاء جدّه زين العابدين عليه السلام، وفيه:«أللّهم هديتَني فلهوتُ، ووعظتَ فقسوتُ، وأبليتَ الجميلَ فعصيتُ، وعرّفْتَ فأصررتُ، ثمّ عرِفتُ فاستغفرتُ فأقلتَ، فعدتُ فسترتَ، فلك الحمدُ إلهي، تقحّمتُ أوديةَ هلاكي، وتحلّلتُ شِعابَ تَلَفِي، وتعرّضتُ فيها لسطواتك، وبحلولها لعقوباتك، ووسيلتي إليك التوحيد، وذريعتي أنّي لم أُشرك بك شيئاً، ولم أتّخذ معك إلهاً، وقد فررتُ إليك من نفسي، وإليك يفرّ المُسيء، وأنت مَفزعُ المُضيِّع حظَّ نفْسِه..».

* الإمام الكاظم عليه السلام: «عليك بالجِدّ، ولا تُخرجنّ نفسك من حدّ التقصير في عبادة الله وطاعته، فإنّ الله [تعالى] لا يُعبدُ حقَّ عبادته».

* أوّل شعرٍ رُثي به الحسين بن علي صلوات الله عليهما، قولُ عقبة بن عمرو السهمي:

                                           


مررتُ على قبر الحسين بكربلا      ففاض عليه من دموعي غزيرُها
 فما زلتُ أرثيه وأبكي لشجْوِه   ويُسعدُ عيني دمعُها وزفيرُها
 وبكِيتُ من بعد الحسين عصابةً   أطافت به من جانبيه قبورُها
 سلامٌ على أهل القبور بكربلا   وقلّ لها منّي سلامٌ يزورُها

 


اخبار مرتبطة

  مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

نفحات