أحسن الحديث

أحسن الحديث

11/05/2020

موجز في تفسير سورة »التوحيد«

 

نسبةُ الباري وثُلث القرآن

موجز في تفسير سورة »التوحيد«

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ

 

* السورة الثانية عشرة بعد المائة في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، آياتها أربع، وهي مكّية، جاء في الحديث النبويّ الشريف: «...مَن قرأها فكأنّما قرأ ثُلث القرآن، وأُعطي من الأجر عشرَ حسنات بعدد مَن آمَن بالله وملائكتِه وكُتبِه ورسلِه واليومِ الآخر».

* سُمّيت بـ«التوحيد» لأنّ مضمونها كلّه لتأكيد وحدانية الله عزّ وجلّ، وتسمّى أيضاً (الإخلاص)، وعرّفتها الروايات بـ(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، نصّ الآية الأولى منها بعد البسملة.

 

 

 

 

 

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾

قال المفسّرون

العلامة الطباطبائي: «السورة تصفه تعالى بأحديّة الذّات ورجوع ما سواه إليه في جميع حوائجه الوجودية، من دون أن يشاركه شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وهو التوحيد القرآنيّ الذي يختصّ به القرآن الكريم، ويبني عليه جميع المعارف الإسلامية.

(تفسير الميزان: 20/387)

 المرجع الديني مكارم الشيرازي: «هذه السورة كما هو واضح من اسمها، (سورة الإخلاص، أو سورة التوحيد) تركّز على توحيد الله، وفي أربع آيات قصار تصف التوحيد بشكل جامع لا يحتاج إلى أيّ إضافة.

وفي نزول السورة، روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ اليهود سألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالوا: انسبْ لنا ربّك. فلبث ثلاثاً لا يُجيبهم. ثمّ نزلت ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ إلى آخرها». 

(تفسير الأمثل: 20/546)

فضيلة السورة

* عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنّه قال: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدعْ أن يقرأ في دُبرِ الفريضة بـ(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فإنّه مَن قرأها جُمع له خير الدنيا والآخرة، وغفَر اللهُ له ولوالدَيه وما وَلدا».

* وعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنّه قال: «أيعجزُ أحدُكم أن يقرأ ثُلثَ القرآنِ في ليلة؟

قيل: يا رسول الله ومَن يطيق ذلك؟

قال: اقرأوا (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)».

* عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «إنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، صلّى على سعد بن معاذ، فلمّا صلّى عليه قال: لقد وافى مِن الملائكةِ سبعونَ ألف ملَك، وفيهم جبرئيل يصلّون عليه، [قال النبيّ] فقلت: يا جبرئيل بمَ استحقّ صلاتهم عليه؟

قال: بقراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قاعداً وقائماً وراكباً وماشياً وذاهباً وجائياً».

* وعنه عليه السلام، أنّه قال: «مَن مضى به يومٌ واحد فصلّى فيه الخمس صلوات ولمْ يقرأْ فيها بـ(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قيل له: يا عبدَ الله لستَ من المصلّين».

التفسير الروائي

قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ الآية:1.

* أمير المؤمنين عليه السلام: «الله، معناهُ المعبود الذي يألَه فيه الخَلق ويؤلَه إليه، والله هو المستور عن دَركِ الأبصار، والمحجوب عن الأوهام والخطرات».

* الإمام الباقر عليه السلام: «الله، معناه المعبود الذي ألِهَ الخلقُ عن درك ماهيّته والإحاطة بكيفيته. ويقول العرب: ألِه الرجل: إذا تحيّر في الشيء فلم يُحط به علماً، ووَلِه: إذا فزع إلى شيءٍ ممّا يحذره ويخافه، فالإله هو المستور عن حواسّ الخلق».

* أبو هاشم القاسم الجعفري قال: «قلت لأبي جعفر الثاني [الإمام الجواد] عليه السلام: ما معنى الأحد؟

قال: المُجمع عليه بالوحدانية. أمَا سمعته يقول: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ..﴾..».

* عن عبد خير، قال: «سأل رجلٌ عليّاً عليه السلام عن تفسير هذه السورة، فقال: هو اللهُ أحدٌ بلا تأويل عدد..».

* الباقر عليه السلام: «..(الله أحد) أي المعبود الذي يألَه الخلقُ عن إدراكِه والإحاطة بكيفيّته، فردٌ بالإلهية متعالٍ عن صفات خلقه».

قوله تعالى: ﴿اللهُ الصَّمَدُ﴾ الآية:2.

* سئل عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام عن «الصمد»، فقال: «الصمد: الذي لا شريكَ له، ولا يؤودُه حفظُ شيءٍ، ولا يعزبُ عنه شيءٌ».

* وعنه عليه السلام: «الصمد: الذي إذا أراد شيئاً قال له (كُنْ فيكون)، والصمد: الذي أبدَع الأشياءَ فخلَقها أضداداً وأشكالاً وأزواجاً، وتفرّد بالوحدة بلا ضدّ ولا شكل ولا مثل ولا ندّ».

* الإمام الباقر عليه السلام: «حدّثني أبي زين العابدين، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهم السلام، أنّه قال: الصمد: الذي لا جوفَ له، والصّمد: الذي لا ينام، والصمد: الذي لم يَزلْ ولا يزال».

* عنه عليه السلام: «الصّمد: السيّدُ المُطاعُ الذي ليس فوقه آمِرٌ وناهٍ».

* قيل للإمام الجواد عليه السلام ما «الصّمد»؟ فقال: «السيّدُ المصمودُ إليه في القليل والكثير».

قوله تعالى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًاً أَحَدٌ﴾ الآيتان:3-4.

* أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له: «الذي لم يولَد فيكونَ في العزّ مشارَكاً، ولم يَلِدْ فيكون موروثاً هالكاً».

* عنه عليه السلام: «تعالى عن أن يكونَ له كفوٌ فيشبَّه به».

* الباقر عليه السلام: «لم يلد عزّ وجلّ فيكون له ولدٌ يَرثه في مُلكه، ولم يولَد فيكون له والدٌ يشركه في ربوبيّته ومُلكِه، ولم يكن له كفواً أحد فيعاونه في سلطانه».

* الصادق عليه السلام: «لم يلِد لأنّ الولد يشبه أباه، ولم يولَد فيشبه مَن كان قبله، ولم يكن له من خَلقِه كفواً أحداً، تعالى عن صفةِ مَن سواه علوّاً كبيراً».

آداب تلاوتها

* في الحديث القدسيّ: «اقرأ (قل هو الله أحد) كما أُنزلت، فإنّها نسبَتي ونَعتي».

* عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: «قال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مَن قرأ (قل هو الله أحد) مائة مرة حين يأخذ مَضجعَه غفَر اللهُ له ذنوبَ خمسين سنة».

* وعنه عليه السلام: «مَن قرأ (قل هو الله أحد) حين يأخذ مضجعه وكَّل اللهُ به خمسين ألف مَلَك يحرسونَه ليلته».

* عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: «مَن آوى إلى فراشه فقرأ (قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرة، حُفظ في داره وفي دويراتٍ حولَه».

* المفضّل بن عمر، قال: «قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: يا مفضّل، احتجِزْ من الناس كلّهم بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) وبـ(قل هو الله أحد)، اِقرأْها عن يمينِك، وعن شمالِك، ومن بين يدَيك، ومن خلفِكَ، ومن فوقِكَ، ومن تحتك، وإذا دخلتَ على سلطانٍ جائرِ فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات، واعقد بيدك اليسرى، ثمّ لا تفارقها حتى تخرجَ من عنده».

* الكاظم عليه السلام: «مَن (قرأ قل هو الله أحد) بينه وبين جبّارٍ مَنعَه اللهُ منه بقراءتِه بين يدَيه ومن خلفِه وعن يمينه وعن شماله، فإذا فعل ذلك رزقه الله خيرَه ومنعَه شرَّه».

* عبد العزيز بن المهتدي، قال: «سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد، فقال: كلّ مَن قرأ (قل هو الله) وأمَرَ بها فقد عرفَ التوحيد.

قلت: كيف يقرأها؟

قال: كما يقرأ الناس، وزاد فيه [أي بعد الفراغ منها]: كذلك اللهُ ربّي، كذلك اللهُ ربّي، كذلك اللهُ ربّي».

* في باب ذكر أخلاق الرضا عليه السلام ووصف عبادته: «وكان إذا قرأ (قل هو الله أحد) قال: هو أحد، فإذا فرغ منها قال: كذلك الله ربّنا، ثلاثاً».

* الإمام الرضا عليه السلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مَن مرّ على المقابر وقرأ (قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرة، ثمّ وَهَب أجرَه للأموات، أُعطي من الأجر بعدد الأموات».

اخبار مرتبطة

نفحات