القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

26/11/2011

القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

إعلم أنّ النّفس في كلّ حظّ تناله من هذا العالم، فإنّ أثراً من ذلك يقع في القلب، وهذا التّأثّر هو من المُلْك والطّبيعة، وسبب لِتعلّقه بالدُّنيا.
وكلّما كانت الإلتذاذات أكثر، فإنّ القلب يكون أكثر تأثّراً ويصبح تعلّقه وحبّه أكثر، إلى أن يصبح تمامُ وجهِ القلب تجاه الدُّنيا وزخارفها، وهذا منشأُ مفاسد كثيرة. جميع أخطاء الإنسان والإبتلاء بالمعاصي والسيّئات بسبب هذه المحبّة والعلاقة، ومن المفاسد الكبيرة جدّاً.
لذلك كما كان يقول حضرة شيخنا العارف [الشاه آبادي] روحي فداه، هو «أنّ حبّ الدُّنيا إذا صار صورةَ قلب الإنسان وأصبح أنسُه بها شديداً، فعند الموت ينكشف له أنّ الحقّ تعالى يَفصله عن محبوبه، ويُفرّق بينه وبين مطلوباته، فإنّه ينتقل من الدُّنيا ساخطاً على الله تعالى مُبغضاً له».
وهذا الكلام الذي يقصم الظَّهر، يجب أن يوقظ الإنسان كثيراً، لِيَحفظ قلبه جيداً. لا سمح الله تعالى أنْ يسخط الإنسان على وليّ نعمته ومالكه الحقيقي، فإنّ صورة هذا الغضب والعداوة لا يعلمها أحدٌ إلَّا الله تعالى.
وأيضاً نقل شيخنا دام ظلّه عن والده أنّه كان أواخر عمره يعيش الوحشة لمحبّةٍ كان يشعر بها تجاه أحد أولاده، [المقصود هو علاقة شديدة جداً يُخشى من طغيانها، وليس المقصود أصل الحبّ للولد]، وبعد اشتغاله بالرِّياضة لفترة تخلّص من تلك العلاقة، ففرح بذلك وانتقل إلى دار السُّرور رضوان الله عليه.
في الكافي بإسناده عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
«مَثَل الدُّنيا كمثل ماء البحر، كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتى يقتله».
محبّة الدُّنيا تنتهي إلى الهلاك الأبدي، وهي مادّة جميع الإبتلاءات والسّيّئات في الباطن والظّاهر، وقد نُقل عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ الدُّنيا والدّرهم أهلكا مَن كان قبلكم وهما مُهلِكاكم».
على فرض أنّ الإنسان لم يبتلِ بالمعاصي -رغم أنّ ذلك بعيد، بل هو محال عادةً- فإنّ نفس التّعلّق بالدُّنيا والمحبّة لها سببٌ للإبتلاء، بل الميزان في طول (مدّة) عالم القبر والبرزخ هو هذه التعلّقات، كلّما كانت أقلّ، كان برزخُ الإنسان وقبره أشدّ نوراً وأكثرَ سعة، وكان مكْثُ الإنسان فيه أقلّ، ولهذا ليس عالم القبر لأولياء الله أكثر من ثلاثة أيّام كما في بعض الرّوايات، وذلك أيضاً بسبب العلاقة الطّبيعيّة والتّعلّق الجِبِلّي.
ومن مفاسد حبّ الدُّنيا والتّعلّق بها أنّه يُخيف الإنسان من الموت، وهذا الخوف الناشئ من حبّ الدَّنيا والعلاقة القلبيّة بها مذمومٌ جداً، وهو غير الخوف من المرجع الذي هو من صفات المؤمنين. والعمدة في شدّة الموت هو ضغط رفع التعلّقات هذا، أو الخوف من الموت.
في (القبسات) الذي هو أحد الكُتب التي قلّ نظيرها، يقول جناب المحقّق البارع، ومدقّق الإسلام الكبير، السيّد العظيم الشّأن الداماد كرّم الله وجهه: «لا يُخيفنَّك الموت! فإنّ مرارتَه من الخوف منه».


 

اخبار مرتبطة

  أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

  دورياات

دورياات

26/11/2011

دورياات

  اصدارات اجنبية

اصدارات اجنبية

نفحات