من حقوقه عليه السلام

من حقوقه عليه السلام

22/02/2012

من حقوقه عليه السلام

السّببُ المتّصلُ بين الأرضِ والسماء
من حقوقه عليه السلام
______إعداد: «شعائر»______


يُعدُّ كتاب (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم عجّل الله تعالى فرجه الشريف) للميرزا السيّد محمّد تقي الموسوي الأصفهاني قدّس سرّه من أهمّ المؤلّفات في بابه؛ وهو ذكرُ آداب الدعاء للقائم عليه السلام، والجهات الموجبة للدعاء له صلوات الله عليه، وكذا الأوقات والحالات والأماكن التي يتأكّد فيها الدعاء لبقيّة الله في الأرَضين، والآثار المعنويّة والماديّة المترتّبة على ذلك.
ذكر الكتاب الشيخ الطهراني -المعاصر للمؤلّف- في (الذريعة)، فقال: «..مرتّب على ثمانية أبواب، وبعدُ لم يتمّ»، وقال فيه المرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني في (منتخب الأثَر): «..حَسنٌ نافع، لم أرَ مثله في موضوعه».
أمّا المؤلّف -الميرزا الأصفهاني-  فقد ترجم له جمعٌ غفير؛ منهم الطهراني في (نقباء البشر)، وكحّالة، والزّركلي، والميرزا الحبيب آبادي في (أماليه) وعدّه «من العلماء المبرّزين ومن مسلّمي الإجتهاد». وأشار المؤلّف السيّد الأصفهاني نفسه في مقدّمته على الكتاب أنّه صنّفه بأمرٍ من الإمام المهدي المنتظَر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
النصّ التالي، مقتطَف مختصَر ومحرّر من (مكيال المكارم) حول نبذة من حقوق صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه، على الخَلْق، لا سيّما على المؤمنين الموالين.

إعلم أنّ حقوق بقيّة الله في الأرضين الإمام المهدي المنتظَر روحي له الفداء، علينا كثيرةٌ جليلة، فلا أَكاد أُحصيها، ولا أَستطيع الغَوْص فيها. فمثلها مثلُ البحر الزَّاخِر، غير أنِّي أغترفُ منه غَرفة، وأَبتغي بذلك القُربة، وما توفيقي إلَّا بالله، عليه توكَّلتُ وإليه أُنيب.

1- فمنها حقُّ الوجود، فإنّه السبب في وجودك وكلّ موجود، ولَوْلاه ما خُلِقْتَ أنت ولا غيرك، بل لولاه ما خُلِقَت أرضٌ ولا فلك. ومعنى هذا الكلام يَجري على وجهَين:
أحدهما: ما [ذَكَره] صلوات الله عليه في توقيعٍ [له]. روى في (الإحتجاج) أنَّه اختلف جماعة من الشِّيعة في [التَّفويض لِلمعصوم من عند الله تعالى] وتنازعوا في ذلك تنازعاً شديداً، فقال قائل: ما بالكُم لا تَرجعون إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان فتسألونه عن ذلك ".."، فكتبوا المسألة، وأنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيعٌ نسختُه: إنَّ الله تعالى هو الذي خلق الأجسام، وقَسَّم الأرزاق، لأنَّه ليس بِجسم، ولا حالٌّ في جسم، ليس كمثله شيء، وهو السَّميع البصير، فأمَّا الأئمّة عليهم السلام فإنّهم يَسألون الله تعالى فيَخلق ويَسألونه فيَرزق، إيجاباً لِمسألتهم وإعظاماً لِحقِّهم. انتهى. وحاصل هذا الوجه أنَّه وآباءه عليهم السلام هم الوسائط في إيصال الفيوضات الإلهيّة إلى سائر المخلوقات وإليه أُشير في دعاء النُّدبة: «أينَ السَّبب المتَّصل بين أهل الأرض والسماء..»، ونسبة الفعل إلى السَّبب والواسطة كثيرة جداً في العُرْف واللُّغة.

والوجه الثاني: أنّه المقصود الأصلي والغرض الحقيقي مِنْ خَلْق جميع ما أَنشأَه الباري تعالى شأنه، وكذا آباؤه الطَّاهرون عليهم السلام، فهم العِلَّة الغائِيَّة، وخَلَق ما سواهم لأجلهم.
والأحاديث الدالّة عليه متظافرة. منها ما رواه الصدوق في (كمال الدين) مسنداً عن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ".." يا عليّ، ﴿الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا..﴾ غافر:7 بولايتنا، يا عليّ لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنّة ولا النّار، ولا السَّماء ولا الأرض ".." وإنّه لمّا عُرِج بي إلى السَّماء ".." فنوديتُ: يا محمّد أنت عبدي ".." ولِأوصيائك أَوجبْتُ كرامتي ".." ولأُطهِّرنَّ الأرض بآخِرِهم من أعدائي، ولَأُملِّكنَّه مشارق الأرض ومغاربها، ولَأَََُسَخِّرَنَّ له الرِّياح، ولَأُذلِّلنَّ له الرِّقاب الصّعاب، ولَأُرَقِّيَنَّه في الأسباب، ولَأَنصُرَنَّه بِجُندي، ولَأَمدَّنَّهُ بملائكتي حتّى يُعلِن دعوتي، ويَجمع الخَلْق على توحيدي، ثمّ لَأُديمَنَّ مُلْكَه، ولَأُداوِلَنَّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة».

2- ومنها حقّ البقاء في الدُّنيا، فلولاه ما حَييتَ في الدُّنيا ساعة ".." ويدلّ عليه ما رواه في (الكافي) عن الوشاء قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام هل تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: ".." لا تبقى، إذاً لَسَاخت».
* وروى الصَّدوق رضوان الله عليه عن الصَّادق جعفر بن محمّد، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: [من ضمن حديث طويل ذكر فيه رسول الله أسماء الأئمّة من أهل البيت صلوات الله عليهم، إلى أن قال صلّى الله عليه وآله]: بِهِم يُمسك الله عزَّ وجلَّ السَّماء أنْ تَقَع على الأرض إلَّا بإذنه، وبِهِم يَحفظ الأرض أنْ تَميد بأهلها».

* وعن (غَيبة) النعماني عن الصَّادق عن أمير المؤمنين عليه السلام: «واعلموا أنَّ الأرض لا تَخْلو مِن حُجَّةٍ للهِ ".." ولَوْ خَلَت الأرض ساعة واحدة من حُجَّةٍ للهِ لَساخَت بأهلها». والأخبار في هذا المعنى كثيرة جدّاً.

3- ومنها حقُّ القرابة من رسول الله صلّى الله عليه وآله. ففي سورة حمعسق: ﴿..قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى..﴾ الشورى:23، وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «هم الأئمّة عليهم السلام». وفي حديث نداء القائم عليه السلام حين ظهوره في مكّة: «..وأسألكم بحقِّ الله وحقِّ رسوله وبحقِّي فإنَّ لي عليكم حقَّ القُربى برسول الله صلّى الله عليه وآله..».


4- ومنها حقّ المُنعِم على المُتَنَعِّم، وحقُّ واسطة النِّعمة، ففي الحديث النّبوي قال صلّى الله عليه وآله: «مَن آتى إليكم معروفاً فكافئوه ..». وقد اجتَمَع الحقَّان لمولانا صاحب الزمان عليه السلام، فإنَّ ما يَنْتَفِع به أهل كلِّ زمان إنَّما هو ببركة إمام زمانهم عليه السلام، ويدلّ على ما ذكرنا ما في الزّيارة الجامعة: «وأولياء النِّعَم»، وما في (الكافي) عن أبي عبد الله عليه السلام: «إن الله خلَقَنا، فأَحْسَنَ خَلْقَنا، ".." وجَعَلَنا عَيْنه في عباده، ".." ويَده المبسوطة على عباده بالرّأفة والرّحمة، ".." وبابَه الذي يَدلّ عليه، وخُزَّانه في سمائه وأرضه، بنا أَثْمَرَت الأشجار، وأَيْنَعَت الثِّمار، وجَرَت الأنهار، وبِنَا يَنزل غَيْثُ السَّماء، ويَنْبت عشبُ الأرض، وبِعِبادتنا عُبِدَ الله، ولولا نحن ما عُبِدَ الله».

* و[يدلّ عليه أيضاً] ما في (الكافي) في حديث مرفوع عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خَلَقَ اللهُ آدم وأَقْطَعه الدُّنيا قطيعة، فما كان لآدم عليه السلام فلِرسول الله صلّى الله عليه وآله، وما كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله فهو للأئمّة من آل محمّد عليهم السلام».

* وفي حديث آخر: «الدُّنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فَمَن غَلَبَ على شيءٍ منها فَليَتَّقِ الله، وليُؤدِّ حقَّ الله تبارك وتعالى، وليَبِرَّ إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن بُرآء منه».

* وفي (دار السّلام) من كتاب (بصائر الدَّرجات)، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين عليه السلام: «يا أبا حمزة، لا تَنامَنَّ قبل طلوع الشَّمس، فإنِّي أَكرهُها لك، إنَّ الله يُقسِّم في ذلك الوقت أرزاق العِباد، وعلى أيدينا يُجريها».

5- ومنها حقُّ الوالد على الولد. فإنّ الشِّيعة مخلوقون مِن فاضِل طِينَتِهم، كما أنَّ الوَلد مخلوق مِنْ والده.
* وفي (الكافي) عن الرِّضا عليه السلام: «الإمام الأنيسُ الرَّفيق، والوالد الشَّفيق». وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أنا وعليّ أَبَوَا هذه الأمّة».

* وعن أبي جعفر عليه السلام: «إنَّ الله خَلَقَنا من أعلى عليِّين وخَلَقَ قلوب شيعتنا مِمَّا خَلَقَنا، وخَلَقَ أبدانهم من دون ذلك، فقُلوبهم تَهْوي إلينا، لأنّها خُلِقَت مِمَّا خُلِقنا».

6- ومنها حقُّ العالِم على المُتعلِّم. فهو وآباؤه الطّاهرون هم الرَّاسِخون في العِلم كما في عدَّة روايات عن الصّادق عليه السلام، وقد أُمِر النَّاس [بالتَّعلُّم منهم] في قوله تعالى: ﴿..فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ النحل:43.

7- ومنها حقُّ الإمام على الرَّعِيَّة. ففي (الكافي) بإسناده عن أبي حمزة، قال: «سألتُ أبا جعفر عليه السلام: ما حقُّ الإمام على النَّاس؟ قال عليه السلام: حقُّه عليهم أنْ يَسمعوا له ويُطيعوا».

* وفي خطبة أمير المؤمنين عليه السلام المرويّة في (روضة الكافي) ".." قال في ذكر الحقوق التي فَرَضَها الله تعالى: «..فأَعظَم ممّا افتَرَض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق حقُّ الوالي على الرَّعيَّة..».



 

اخبار مرتبطة

  قرن الإسلام، وعصرُ الشعوب

قرن الإسلام، وعصرُ الشعوب

  المُشايَعة والمتابَعة

المُشايَعة والمتابَعة

  دوريات

دوريات

22/02/2012

دوريات

نفحات