يذكيهم

يذكيهم

منذ 5 أيام

الفكر والذِّكر جناحان

«فَاسْلُكْ بِنا سُبُلَ الوُصُولِ إِلَيْكَ»
الفكر والذِّكر جناحان
______إعداد: مازن حمودي______


كتب المرجع الديني  الراحل الشيخ محمّد حسين الأصفهاني –وهو آنذاك من أعلام الحوزة العلميّة في النجف وأساتذتها البارزين- إلى العارف «المَلَكي التبريزي» صاحب (المراقبات) رسالة يطلب منه برنامجاً للسُّلوك ممّا تعلَّمه من أستاذه الملا حسينقلي الهمداني.
في ما يلي تقتطف «شعائر» ملخّصاً قيِّماً من ردِّ العارف الملكي، وفيه توصيات وإشارات لكلِّ من أراد السَّير في هذا الصراط المستقيم.
 


جاء في رسالة العارف الملكي: بعد الإعراض عن مشقَّة المجاملات وعدم الوصول إلى الواقعيّات على ما تفضّلتُم به في رسالتكم، وطلبكم من هذا المفلس برنامجاً يوصلكم إلى ما تريدون، فأقول بلا تكلّف حقيقة ما تعلَّمتُه للسَّير في هذه العوالم "..".
قالوا في الطّريق المطلوب لمعرفة النّفس: إنَّ النّفس الإنسانيّة ما لم تَعبُر من عالمها المثالي فسوف لن تَصِل إلى العالم العقلي. وما لم تَصِل النّفس إلى العالم العقلي فلا تحصل لها حقيقة المعرفة، ولن تصل إلى المطلوب.
ولهذا، من أجل الوصول إلى هذا الهدف قال المرحوم المغفور له، جزاه الله عنّا خير جزاء المعلِّمين: يجب على السّالك أن يقلِّل من طعامه مقداراً أكثر من المتعارف، ويوفِّر وقتاً أكبر للإستراحة لتضعف الصّفة الحيوانيّة عنده وتقوى الجنبة الرّوحيّة، وقال في تعيين ميزان ذلك:

أوّلاً: على السّالك أن لا يتناول أكثر من وجبتَين في اليوم والليلة، وأن لا يأكل بين الوجبات.

وثانياً: يجب عليه عندما يريد أن يأكل أن يكون ذلك بعد ساعة من الجوع، وأن يأكل بمقدار لا يشبع معه.
هذا في قلّة الطعام، وأما في كيفيّته فيجب عليه -إضافة إلى مراعاة الآداب المعروفة- أن لا يتناول لحماً كثيراً، بمعنى أن يترك أكله في وجبتَي اللّيل والنّهار، وأن يترك أكله أيضاً في كلّ أسبوع يومين أو ثلاثة. وإن استطاع تركه نهائيّاً فليعمل. ويجب على السّالك أيضاً أن يمتنع عن أكل الكرزات (الفستق، والجوز، واللوز، والحمص، والبندق، وبزر القرع) فإن نازعته نفسه جداً إلى أكله فليستخير الله في ذلك. وإن استطاع صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر فليفعل.

نوم السّالكين وذكرهم


وأمّا بالنّسبة إلى تقليل النوم، فكان يقول: ينبغي للسالك أن ينام ستّ ساعات فقط في اليوم، وأن يهتمّ كثيراً بحفظ لسانه، وعليه باجتناب معاشرة أهل الغفلة، وهذا كافٍ في تقليل الجنبة الحيوانيّة عنده.
وأمّا ما يجب على السّالك الإتيان به في سبيل تقوية الجانب الرّوحاني، فهو:
أوّلا: أن يكون مغموماً مهموماً محزوناً قلبه دائماً بسبب عدم الوصول إلى المطلوب.
وثانياً: أن لا يترك الفكر والذِّكر ما استطاع الى ذلك سبيلاً.
وهذان هما جناحا السَّير في سماء المعرفة.
وعمدة الوصايا في الذِّكر هي أذكار الصّباح واللّيل، وأهمّها ما ورد في الأخبار، وأهمّ التّعقيبات هي الصّلاة على محمّد وآل محمّد. وعمدة الذِّكر هو ما كان عند النّوم على ما هو المأثور في الأخبار، لا سيَّما إذا كان متطهِّراً بحيث يغشاه النّعاس وهو في حال الذِّكر.
وأمّا قيام اللّيل، فكان يوصي أن يكون قبل ساعة ونصف من طلوع الفجر في الصّيف، وثلاث ساعات قبل طلوع الفجر في الشّتاء.
وكان يقول: لقد رأيتُ آثاراً عظمية من سجدة الذِّكر اليونسيّة [لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين] أي ينبغي الإستمرار عليها ليلاً ونهاراً، وكلّما أُتي بها أكثر كان أثرها أعظم، وأقلّ القليل فيها هو تكرارها أربعمائة مرة، وقد جرَّبت ذلك بنفسي أيضاً، وادَّعى تجربة ذلك أيضاً أشخاص آخرون.
وممّا يزيد في تقوية الجانب الرُّوحي عند السّالك أيضاً هو قراءة القرآن الكريم وإهداء ثوابها إلى النّبي صلّى الله عليه وآله.

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر 7

ملحق شعائر 7

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 4 أيام

دوريات

نفحات