ملحق شعائر 7

ملحق شعائر 7

21/04/2012

الأسرة، نقطة ضعف الغرب





الأسرة، نقطة ضعف الغرب
 نصُّ الإمام الخامنئي (دام ظله )
في اللّقاء الثالث للأفكار الإستراتيجيّة





بسم الله الرحمن الرحيم

 


 

تقديم

من أبرز مَحاور الثّقافة العالميّة، موضوع الأسرة، وخصوصاً «المرأة»، وهو من أولويّات الخطاب الإسلامي للعالم في هذا المقطع المتميِّز من عمر الدُّنيا، حيث ينتشر نداء التّوحيد «لا إله إلَّا الله» في أربع رياح الأرض بخطى ثابتةٍ مسدّدةٍ، واثقة بوعد الله تعالى بإقامة الحقّ والعدل، وزوال الجهل والظالمين.
سنجد في هذا النَّصّ حول موضوع المرأة والأسرة، مَعْلمَين بارزَين:
الأوّل: أنّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران، تواصل الثّورة العلميّة في جميع الأبعاد، وفي هذا السِّياق يقع الفعل الإستراتيجي لإنتاج الفكر الإسلامي الذي يقدِّم الإجابات على مختلف المشاكل.
الثّاني: أنّ امتيازالإمام الخامنئي بجدارة، في الأداء الفقهي، والإداري، والسّياسي، والجهادي، يرجع إلى تميّزه -دام ظلّه- في البُعد الفكري.
لا يمكن للمتتبّع الموضوعي لحركة الفكر الإسلامي الأصيل المعاصر، إلَّا أن يقف بموضوعيّة وإكبار عند وراثة الإمام الخامنئي لكبار الفقهاء المنظّرين العمليِّين في الفكر الإسلامي، أمثال الإمام الخميني، والسيّد الطباطبائي، والشّهيدَين الصّدر ومطهَّري، ليضيف إلى ذلك  مأسسة الإفادة من كلّ «النُّخب الفكريّة» في تسلسلٍ منهجيٍّ متأنٍّ، يهدف إلى بلورة الرُّؤى الإسلاميّة، وتحويلها إلى مناهج وبرامج عمليّة، تلبّي حاجة الأمّة والعالم، كما تمّت الإشارة في هذا النّصّ.
للأجيال أن تفتخر بهذا الإنجاز، وترنو بكلِّ رجاء وأمل إلى أنَّ الفكر الإسلامي، سيشهد على يد السيّد المرجع والقائد تطوُّراً نوعيّاً، أهمّ ما فيه هو السّلامة من شوائب الغزو الثّقافي.
بين يدي القارىء الكريم خطاب السيّد القائد في مؤتمر «اللّقاء الثّالث، للأفكار الإستراتيجيّة»، حول موضوع الأسرة والمرأة، تقدِّمه «شعائر» في أجواء ذكرى ولادة الصّدِّيقة الكبرى عليها السلام، ويوم المرأة العالمي، الذي أعلنه الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه.
«شعائر»

  


أللّهمَّ سدّد ألسنتنا بالصّواب والحكمة.
أرحِّب بجميع الإخوة والأخوات، وأشكر الحاضرين المحترمين على مشاركتهم في هذا العمل الجماعي البالغ الأهميّة. كذلك أوجّه شكراً خاصاً للمتكلِّمين؛ سواءً الذين قدَّموا مطالب، أو من الذين أبدَوا إعتراضات على ما طُرح، كذلك أشكر من كلّ قلبي رئيس البرنامج ومديره جناب الدكتور واعظ زاده على الإدارة الحسنة لهذا اللّقاء، وبشكلٍ أكثر على تمهيده وتنظيمه -هو ومجموعة من العاملين على مدى عدّة أشهر-  لشكل هذا اللّقاء ومضمونه.

* تبادل وجهات النظر بشكل علميّ
إنَّ الهدف من هذه الجلسة وجلسات هذه الملتقيات، هو تبادل وجهات النّظر بشكلٍ علميٍّ مع مجموعات النُّخَب حول المسائل الأساسيّة للبلاد.
 إذا قيل بأنّها أفكار إستراتيجيّة فهذا صحيح، في الحقيقة إنَّ السَّعي هو وصولنا لفكرٍ واحد، بيد أنّه يمكن التّقسيم والتّنويع: الفكر في مجال العدالة، الفكر في مجال المرأة والأسرة، ثمّ إنَّ لدينا لائحة طويلة تصل إلى أكثر من عشرين موضوعاً، كلّ منها يحمل صفة الفكر؛ وعندما نقول «الأفكار» فبلحاظ هذا التّقسيم والتّنوُّع، وإلّا فإنَّ المنطلق هو أن نصل إلى وجهة نظر واحدة وفكر واحد في كلّ مجال من خلال التّلاقي والإنتاج الفكري والمعنوي لهذا الجَمْع من النُّخَب، والمساعدة التي سيقدِّمونها للإسلام ولنظام الجمهوريّة الإسلاميّة.
وبالطّبع فليس المقصود بأن نقوم في هذه الجلسات ببحث موضوعٍ مّا من الصّفر وحتى المئة، وهذا الأمر ليس عمليّاً أيضاً، وإنّما بشقِّ طريق التّعامل مع المسائل الهامّة والمطروحة والمستقبل، نريد وخاصّة في البُعد النظري، أن يُفتح طريق كي تتولّى نُخب البلاد وعقولها الفعّالة وأهل الخبرة في كلّ إختصاص، جزءاً من المسؤوليّة لإنتاج فكر سليم، سيتحوّل بدوره إلى قاعدة للتّنفيذ والعمل والبرمجة.

المنطلَق هو أن نصل إلى وجهة نظر واحدة وفكر واحد في كلّ مجال من خلال التّلاقي والإنتاج الفكري والمعنوي لهذا الجَمْع من النُّخَب، والمساعدة التي سيقدِّمونها للإسلام ولنظام الجمهوريّة الإسلاميّة.

 ما أقصده هو أنَّ هناك نقاطَ ضعفٍ وكذلك نقاطَ قوّة في المجال النَّظري، وكذلك في المجال التّطبيقي؛ يتمّ كشف هذه النّقاط في هذه اللّقاءات من خلال البحث الذي يتمّ مع المفكِّرين وأهل الخبرة في كلّ إختصاص، وبالإستناد إلى معلوماتهم وإنجازاتهم العلميّة يمكننا أن نشخِّص نقاط قوّتنا وكذلك نقاط ضعفنا، وأن ننهض لمعالجتها، وأن نرمّم تلك النّقاط المتزعزعة أو المتصدِّعة، وأن نصلحها ونُزيل مواطن الضعف.
ينبغي لنا أن نعرف موقعيّتنا في عالم التّنظير، أين نحن متقدِّمون وأين نحن متأخِّرون؛ في الواقع هناك أماكن نحن فيها في المقدّمة، وفي مجالات أخرى نحن في الخلف.
في مجال مسألة المرأة وما نبحثه الآن، كلّ هذه المصادر والتّعاليم الإسلاميّة في متناول أيدينا، الآيات القرآنيّة الكريمة؛ سواء ما يتعلّق بهذه المسألة بشكل مباشر أو ما يشملها في كلّيّاته من خلال عمومه وإطلاقه؛ ينبغي لنا أن نضعها في قالب نظري؛ أن نُخرجها بشكل نظريّات ومجموعات لديها قابليّة التّفريع والإستخدام والإستنتاج، ومن ثمّ نضعها بين أيدي الجميع. بين أيدينا للتّخطيط، لكي نحوّلها إلى برامج، وكذلك بين أيدي المخالفين والمستفسِرين؛ حيث أشار البعض لهذا والحقّ معهم، لقد إزداد اليوم في الدّنيا عدد من المستفسِرين والمتسائلين حول وجهات نظر الجمهوريّة الإسلاميّة التي تحمل في طيّاتها تجربة ثلاثين عاماً. وأنتم تدركون هذا بالطّبع، ونحن على اطّلاعٍ بشكل كلّي؛ هناك مَن يراجع كثيراً، ويسأل الكثيرون، يريدون أن يعرفوا في المواضيع المختلفة حول ما هو موجود في الجمهوريّة الإسلاميّة، حسناً ينبغي أن توفَّر الإجابات لهؤلاء.

لقد أُنجزت أعمال جيّدة وجديّة وخاصّة في هذا المركز الذي تأسَّس للأطروحة الإسلاميّة الإيرانيّة للتقدّم، حيث الباحثون مشغولون بأعمال جيّدة جداً. كلٌّ من هذه اللّقاءات ينثر بذرة في أرض خصبة

في السّابق كان لنا لقاءان، أحدهما حول الأطروحة الإسلاميّة – الإيرانيّة للتقدُّم، والآخر حول العدالة؛ مع أنَّ هذين الموضوعَين منفصلان ومستقلّان عن بعضهما، إلَّا أنّهما في طول بعضهما. لقد أُنجزت أعمال جيّدة. وأرغب أن يعرف الإخوة والأخوات بهذا، لأنّه يؤثِّر على ما سأذكره بالنّسبة لموضوع اللّيلة، إعلموا أنَّ العمل يتقدَّم بشكل جدّي. لقد أشار السيّد واعظ زاده لهذا، إلّا أنّ تفاصيل الأعمال التي جرت هي أكثر ممّا ذكَره في كلامه كتقرير، لأنَّ بناءه كان الإختصار.

مسألة المرأة والأسرة هي من مسائل الدّرجة الأولى بالنسبة للبلاد. ولقد أثبت هذا المعنى الأصدقاء والسيّدات والسّادة الذين حضروا وتحدَّثوا هنا، لقد دلّ الكلام هذا على أنَّ المسألة مهمّة جداً.

 لقد أُنجزت أعمال جيّدة وجدّيّة وخاصّة هذا المركز الذي تأسَّس للأطروحة الإسلاميّة الإيرانيّة للتقدّم، حيث الباحثون مشغولون بأعمال جيّدة جداً. في الحقيقة إنّ كلّاً من هذه اللّقاءات ينثر بذرة في أرض خصبة، مهمَّة ريّ هذه الأرض وسقيها، تقع على عاتق مجموعة من العاملين الذين تمّ تعيين بعضهم حتى الآن، والبعض الآخر نفكِّر بتحديدهم إن شاء الله، وبالطبع فإنَّ الجوّ العام للبلاد يساعد على الإزدهارعلى التّحليق. نحن لسنا مستعجلين. بالطّبع نرغب في أن تتقدَّم الأعمال بسرعة، أي أنّنا لا نقبل بالكسل والتخلُّف وما شابه ولكن لا يوجد تسرُّع في العمل، لا نريد أن نعمل بتسرُّع؛ نريد للعمل أن يخرج متيناً وعميقاً وخالداً ويملك قابليّة العرض والدّفاع عنه إن شاء الله، فإنّ هذه الجلسات -هذه الجلسة وكذلك ما سبقها- ستؤدِّي هذا الدور، وأنا متأكّد من هذا الأمر.

• دور النّساء في الثّورة والحرب والنّظام، دورٌ استثنائي
في ما يرتبط بهذه الجلسة، إنَّ مسألة المرأة والأسرة هي من مسائل الدّرجة الأولى بالنسبة للبلاد. ولقد أثبت هذا المعنى الأصدقاء والسيّدات والسّادة الذين حضروا وتحدَّثوا هنا، ولا ضرورة لأن نضيف شيئاً على ما قلتم وبيّنتم بشكل واسع وجيّد، لقد دلّ الكلام هذا على أنَّ المسألة مهمّة جداً.
أوّلاً: إنَّ دور وحصَّة السيّدات في النّظام دور إستثنائي وممتاز؛ مثلما كان دور السيّدات في أصل الثّورة ممتازاً. ربّما لا يعرف الشّباب الأعزّاء الحاضرون في هذا اللّقاء، ممَّن لم يكونوا في زمان الكفاح أو الثّورة، ما الذي حدث حينها، وليس لديهم سوى معلومات عن طريق التّقارير والتي جميعها ناقصة؛ وللأسف، كلّ التّقارير والأخبار التي خرجت من قلب الكفاح والثّورة ناقصة، وذات بُعد واحد، ومختصرة. لدينا عمل كبير ينبغي إنجازه في هذا المجال، وهذا وإن لم يكن من الأفكار الإستراتيجيّة، إلَّا أنّه من الأعمال الإستراتيجيّة وينبغي أن تتمّ متابعته إن شاء الله.
 أولئك الذين شاركوا وكان لهم حضور فعّال منذ بداية الثّورة يعلمون بأنَّ النّساء كان لهنَّ دور (مميّز) سواء في بدايات النّهضة أو في زمن الثّورة، أي في تلك السّنة والنّصف من التّحرُّكات الجماهيريّة الثوريّة، كان للنّساء دور مؤثِّر ولا بديل له، ولو أنّهنّ لم يشاركن  في هذه التّحرُّكات والتّظاهرات الحاشدة والعظيمة، لما كان لهذا التّحرّكات كلّ ذلك الأثر، بل في بعض الأماكن، مثلاً عندنا في مشهد كان إنطلاق التّظاهرات بواسطة النّساء، أي أنَّ أول حركة شعبيّة كانت حركة نسائيّة وقد تصدتّ لهنّ الشّرطة وانطلقت في ما بعد التحرُّكات من الرجال في النّهضة، هكذا كان الأمر وكذلك بالنّسبة إلى دورهنّ في تشكيل النّظام وما جرى بعده بشكلٍ سريع؛ أي زمن الحرب زمن المحنة، زمن الإمتحان الصّعب: ﴿..حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت..﴾ التوبة:118، لقد كانت الأوضاع قاسية في زمن الحرب. والحال فإنَّ البعض شاهد الحرب عبر التلفاز والإذاعة وما شابه، والبعض كان وسط ميدان الحرب بجسمه وروحه، ما يتمّ عرضه من تقارير وأخبار مفعمة بالحماس والشَّوق في الحرب، كلّه صحيح وحقيقي حيث أنّني أقرأ الكثير من الكُتب المتعلِّقة بذكريات المقاتلين أعلم بأنّها صحيحة، كلّ ذلك الشَّوق والحرقة والعشق للجهاد والإشتياق للشّهادة وعدم الرَّهبة من الموت وما شابه، هو ما يعرض في التّقارير وهو صحيح لكنّ النظرة العامّة للحرب، هي نظرة ثقل المحنة.
 حسناً تلك الكتيبة التي تتقدّم وتحارب بشوق ولهفة لا تعلم ما هي الحالة الموجودة في المركز الرئيسي حول كلّ أوضاع الجبهة، وما هي نقاط الضعف وما هي الهواجس الجديّة وما وراء المركز الرئيسي على المستوى العام للبلاد، ما هي النّواقص والمخاوف الموجودة؛ لقد كان زمناً صعباً.

شاهدت عن قرب أعمال الدّعم الحربي للنّساء في الأهواز، لقد كان دوراً منقطع النّظير. لقد كانت النساء فعّالات حتى في الأقسام العسكريّة، القصّة التي كتبتها السيّدة حسيني «دا» تدلّ على هذا الأمر؛ لقد شكَّلنَ فريق عمل لا يمكن قياسه بأيّ معيار ولا ميزان.

 في هذا الزّمن الصّعب كان دور النّساء دوراً إستثنائيّاً، دور أمّهات الشّهداء، دور زوجات الشّهداء، دور النّساء المباشر في ساحة الحرب، في أعمال الحرب، وأحياناً وبشكل نادر في الأعمال العسكريّة والعمليّات. ولقد شاهدت عن قرب أعمال الدّعم الحربي للنّساء في الأهواز، لقد كان دوراً منقطع النّظير.

أدرك الإمام دور الشّعب، أدرك الإمام تأثير حضور الشّعب، في الوقت الذي لم يكن أحد يدرك (هذا التّأثير)، بعض كبار الشخصيّات كانوا بتعابير قبيحة، يقولون لنا: هل تظنّون أنّه يمكن القيام بأعمال كبيرة مع هذا الشّعب؟! 

 لقد كانت النساء فعّالات حتى في الأقسام العسكريّة، القصّة التي كتبتها السيّدة حسيني «دا» تدلّ على هذا الأمر؛ لقد شكَّلنَ فريق عمل لا يمكن قياسه بأيّ معيار ولا ميزان. أن تكون أمّاً، أمّاً لشهيد، أمّاً لشهيدَين، ثلاثة شهداء، أربعة شهداء، ليس الأمر بالمزحة، ذِكره على اللّسان سهل ويسير.
إذا تعرَّض طفل للزّكام، وسعل عدَّة مرات كم نقلق عليه؟ فماذا لو ذهب الولد فقُتل، ثمّ قُتل الثّاني، وثمّ الثّالث، هل هذه فرحة؟ وهذه الأمّ بكلّ عواطفها الأموميّة المرهفة والملتهبة، تؤدّي دورها بشكل تتشجَّع معه مئة أمٍّ أخرى لإرسال أولادهنّ إلى ساحة الحرب، لو أنَّ تلك الأمّهات حين وصلتهنَّ جثامين أبنائهنّ أو لم تصل، صدرت منهنّ آه وأنين، عتاب وشقّ للجيوب أو إعتراض على الإمام وعلى الحرب، فلا شكَّ أنّ الحرب كانت سَتُشلّ في تلك السّنوات والمراحل الأولى، وهذا هو دور أمّهات الشّهداء، الزّوجات الصّابرات للشّهداء، نساء شابّات يفقدنَ أزواجهنّ في بداية الحياة الجميلة التي كنَّ يتمنَّينها، أن يرضينَ أولاً بأن يذهب أزواجهنّ الشّباب إلى حيث من الممكن أن لا يرجعوا؛ ومن ثمّ يتحمَّلن شهادتهم ثمّ يفتخرنَ بهذا ويرفعنَ رؤوسهنَّ شموخاً، هذه أدوار لا بديل لها ولا مثيل. ثمَّ المعاناة المستمرّة حتى الآن لزوجات المعوَّقين من جرحى الحرب، سيِّدات تزوَّجن بمعوَّق جسده ناقص، وفي بعض الأحيان يكون سيّئ الخُلُق بسبب وضعه الجسدي أو العوارض الناشئة من حالات الصَّرع والتشنّج العصبي، أن تقوم سيّدة بملء إرادتها وبشكل ملتزم ومسؤول وتتحمّل هذا بشكل تطوُّعي وبدون أيّ إجبار، تكون قد قامت بعمل فدائي كبير. أحياناً قد تقولين أنّه آتي في اليوم لزيارة أحد الجرحى لمدّة ساعتين، حسناً في كلّ مرة تذهبين تُشكرين على تعبك، ولكن أحياناً يكون العكس، أن تختاري أن تكوني زوجة لأحد هؤلاء الجرحى، عندها تصبح هذه المرأة  دائنة! لقد قامت هذه النّساء بهذه التّضحية، وفي الحقيقة إنَّ دور النساء لا يمكن أن يُحدّ ويُحسب.

• الإمام، أوّل مَن أدرك أهميّة حضور المرأة
    وإنّني أقرّ وأعترف بأنّ إمامنا العظيم كان أوّل مَن أدرك هذا الدَّور –كالكثير من الأمور الأخرى التي كان أوّل مَن أدركها ولم يكن أحد منّا يعرفها– ولذلك فقد أدرك الإمام دور الشّعب، أدرك الإمام تأثير حضور الشّعب، في الوقت الذي لم يكن أحد يدرك (هذا التأثير)، بعض كبار الشخصيّات كانوا بتعابير قبيحة، يقولون لنا: هل تظنّون أنّه يمكن القيام بأعمال كبيرة مع هذا الشعب؟! كانوا يتكلّمون بشكل يحتقر هؤلاء الناس وكأنّهم لا يتحدّثون عن بشر! أمّا الإمام فبالعكس عرف قدر الشّعب، وعرف الشّعب، أدرك قدراته وكشفها واستنهضها. لأنَّ الإمام كان صادقاً، لأنَّ كلامه كان يخرج من ذلك القلب النّوراني الكبير، فإنه كان يؤثّر (في النّاس)، لذلك فإنّ الجميع قد نزل إلى السّاحة.
أعتقد أنّنا حيثما تقدّمنا اليوم إلى الأمام فإن ذلك بفضل الإمام، لقد أطلق عنان هذه الحركة بشكل متين بحيث أنَّ أمثالي ينبغي أن يركضوا اليوم وراءه، لقد تحرّك هذا الشّعب، ولا تزال الرّاية تنتقل من جيل إلى جيل ومن يد إلى يد.

في ذلك اليوم الذي تشكَّلت فيه اللّجان، جميع الفئات جاءت إليها، مِن الطّالب الجامعي إلى الأستاذ وطالب العلم عالِم الصفّ الأوّل، النّاس العاديّين، كلّهم جاؤوا وانتسبوا للِّجان، حين بدأت الحرب توجّه الجميع إلى جبهات الحرب بأمر الإمام، وحين قال الإمام في أواخر عمره: يجب أن تذهبوا وتبنوا وتصنعوا للوصول إلى الإكتفاء -تحرّك الجميع نحو إعادة البناء- لكنّ الفتوحات لا تزال مستمرّة حتى  اليوم.
أعتقد أنّنا حيثما تقدّمنا اليوم إلى الأمام فإن ذلك بفضل الإمام، لقد أطلق عنان هذه الحركة بشكل متين بحيث أنَّ أمثالي ينبغي أن يركضوا اليوم وراءه، لقد تحرّك هذا الشّعب، ولا تزال الرّاية تنتقل من جيل إلى جيل ومن يد إلى يد.
وهكذا كان الإمام أيضاً في مجال المرأة، لقد أدرك الإمام دور النّساء، وإلّا فقد كان هناك علماء كبار حيث كنّا نتجادل معهم حول مسألة هل تشارك النّساء في التّظاهرات أو لا تشاركنَ! وكانوا يقولون أن لا تشارك النّساء في التّظاهرات.
ذلك الحصن المنيع الذي كان الإنسان يعتمد عليه ويرتاح باله كي يتمكَّن أن يقف في مواجهة هكذا آراء صادرة من مراكز هامّة، كان حصن رأي الإمام وفكر الإمام وعزمه. رحمة الله تعالى على هذا الرَّجل العظيم إلى أبد الآبدين.

• أهميّة مبحث الأسرة
على أيّ حال، فإنّ دور الإمام لا بديل له، لذا فإنّ هذا الدَّور ضروري لأنّ له مستقبلاً، لقد مضى على عمر الثّورة إثنان وثلاثون عاماً، وهو عمر شباب حتى عند الإنسان، فما بالك بهكذا مدّة في التّاريخ. ينبغي أن يعمّر هذا النّظام الإلهي لمئات السنوات، نحن لا نزال في ريعان شبابه، المستقبل محتاج لهذا الحضور النّسائي في حشود الحضور الوطني، لذا فإنَّ علينا أن نبذل الجهد في مسألة المرأة والحفاظ على هذه الطّاقة الموجودة في مجتمعنا، وهذا هو السّبب الأوّل لكي نتصدّى لبحث مسألة المرأة.
 السّبب الثّاني هو مسألة الأسرة، لقد كان للمتكلّمين المحترمين بالأمس أبحاث جيّدة، إنْ أردت أن أحكم، فسأقول أنَّ متوسِّط الأبحاث كان فوق مستوى «الجيِّد»، كلام صحيح، إحصاءات جيّدة، إستنباطات واستنتاجات جيّدة، من زوايا مختلفة، قضيّة ذات أبعاد، قام كلّ مفكِّر بدراستها من أحد أبعادها، سلَّطوا الأضواء على تفاصيل هذا الموضوع المهمّ والحساس. لقد استفدنا بشكل كبير.
 ذلك الحصن المنيع الذي كان الإنسان يعتمد عليه ويرتاح باله كي يتمكَّن أن يقف في مواجهة هكذا آراء صادرة من مراكز هامّة، كان حصن رأي الإمام وفكر الإمام وعزمه. رحمة الله تعالى على هذا الرجل العظيم إلى أبد الآبدين.

بناءً على هذا، إنّ مسألة الأسرة هي مسألة مهمّة جداً، القاعدة الأساس للمجتمع، الخليّة الأساس في المجتمع، وليس بمعنى أنّه إذا كانت هذه الخليّة سليمة، فإنّ السلامة ستُرى في بقية الأجزاء، أو أنّها إذا فسدت فإنَّ باقي الأجزاء ستفسد بتبعيَّتها، بل إنّها إذا كانت سليمة فإنّ الجسم سالم، لأنّ الجسم ليس شيئاً آخر غير الخلايا، كلّ جهاز هو عبارة عن مجموعة من الخلايا. إذا استطعنا أن نحفظ هذه الخلايا سالمة، فسيكون الجهاز سليماً، المسألة مهمّة لهذه الدّرجة.

• تقدّم المجتمع الإسلامي، رهن سلامة الأسرة
في الأساس، لا يمكن للمجتمع الإسلامي أن يتقدّم أبداً إنْ لم ينعم البلد بمؤسّسة أسريّة سليمة وحيويّة ونشيطة، في المجالات الثّقافيّة خاصّة وفي غيرها من المجالات.
لا إمكان للتقدّم بدون أُسَر جيِّدة، فإذن الأسرة ضرورة، ولا ينقض هذا بأن تقولوا، لا يوجد أسرة في الغرب ولكن يوجد تقدّم، إنّ ما تظهر مؤشِّراته بشكل أكبر يوماً بعد يوم في خراب مؤسَّسة الأسرة في الغرب، سوف يلقي بظلاله وآثاره (على الغرب) لا داعي للإستعجال، الأحداث العالميّة والتّاريخيّة ليست بالأمر الذي تظهر آثاره فوراً وبسرعة، بل بشكل تدريجي، كما أنّه لا يزال يؤثّر حتى الآن، في الزّمن الذي أنتج الغرب هذا التطوّر، كانت لا تزال الأسرة هناك محافظة على بنيانها، حتّى مسألة العلاقة بين الجنسَين كانت لا تزال مضبوطة من خلال رعاية الأخلاق الجنسيّة، بالطّبع ليس بشكلها الإسلامي، وإنّما بأسلوبها الخاص، مَن لديه إطّلاع على المعارف الغربيّة سواء في أوروبا أو في أميركا يرى ويشاهد هذا الأمر، حيث كان يوجد هناك رعاية للأخلاق بين الجنسَين وكان يوجد حياء واجتناب للتُّهم وما شابه.
لقد نشأ هذ الفلَتان والإباحيّة بشكل تدريجي، لقد تمّ تمهيد الأرضيّة في ذلك الزمن واليوم وصلوا إلى هذا المستوى.
لذلك فإنّ أوضاعهم اليوم ستنتج غداً مُرّاً وصعباً جداً لهم، هذه هي الجهة الثانية (لطرح مسـألة المرأة).

لا يمكن للمجتمع الإسلامي أن يتقدّم أبداً، إنْ لم يَنْعُم البلد بمؤسسة أسريّة سليمة وحيويّة ونشيطة في المجالات الثقافيّة خاصّة، وفي غيرها من المجالات. لا إمكان للتقدّم بدون أُسَر جيّدة.

والجهة الثّالثة هي أنّه في هذه الإثنين والثلاثين عاماً، لطالما كانت مسألة المرأة على رأس لائحة الإعتراض علينا من قبل الأعداء، منذ بداية الثّورة، إعترضوا علينا وجعلوها في مستوى الإرهاب ونقض حقوق البشر، يومها لم يكن قد ظهر أيّ شيء ولم يكن معلوماً كيف سيتعامل المجتمع الإسلامي مع جنس النّساء، بدأوا بحملتهم: الإسلام ضدّ المرأة، الإسلام هو هكذا وهكذا. وبالطبع فإنّهم لا يزالون مستمرّين في هذا حتى اليوم.
حسناً، كان علينا أن نواجه وندافع في المقابل، لا يمكن الإستخفاف بالرّأي العام العالمي، فلا يمكن إعتبار الجميع مغرضين وليس الكلّ خبيثاً. الخباثة خاصّة بمجموعة معيّنة، من السّياسيّين وصنَّاع السّياسة والمخطِّطين وأمثالهم. ينبغي لنا أن لا نسمح بأن يقع عامّة النّاس في هذا التّضليل الكبير، لذا ينبغي أن نتصدَّى.

• الغرب يتهرّب عمداً من طرح مسألة الأسرة
علينا أن نذكر أيضاً، أنّ الغرب يتهرّب عمداً من طرح مسألة الأسرة، في جميع الأبحاث التي يجرونها، يوجد بحث للمرأة ولكن لا يوجد أثر لبحث الأسرة، إنّ الأسرة هي نقطة ضعف الغرب، إنّهم يطرحون مسألة المرأة ولكن لا يذكرون حتى إسم الأسرة، مع أنّ المرأة ليست منفصلة عن الأسرة، بناءً على هذا، فإنّ التّصدّي لهذه المسألة أمر ضروري.
حسناً، لقد كان هذا اللّقاء أيضاً جيّداً جداً، ما أدركناه في هذا اللّقاء، بالإضافة إلى ما كسبناه من مضمون مطالب الأصدقاء -المشاركين- وهو مهمّ. عرفنا أنّه في مجال المرأة والأسرة لدينا على المستوى العلمي التّخصّصي من الأعمال التي تنتظر الإنجاز إلى ما شاء الله تعالى، هناك من الأعمال المطلوب إنجازها والتي قد اقترحها البعض من الأصدقاء -بتشكيل المركز الفلاني أو مركز كذا- وكلّ هذا صحيح. ينبغي أن يُنجز في الواقع، ولقد كنّا تكلّمنا سابقاً مع الأصدقاء في المكتب، مع السيّد واعظ زاده وآخرين حول متابعة عمل هذا الإجتماع في مسائل المرأة والأسرة، لديهم العديد من الأفكار في مجال التّنظير.
إنّ الخطاب في المجتمع مثل الهواء يتنفّسه الجميع سواء عرفوا بهذا أم لم يعرفوا، أرادوا أم لم يريدوا، ينبغي صياغة «منشور» حول الأسرة، ويقع دور بارز ومهمّ في ذلك على عاتق وسائل الإعلام، وعلماء الدِّين، وأساتذة الجامعات
 سيتمّ إنجاز أعمال مهمّة إن شاء الله. كذلك في مجال إنتاج الخطاب، وأيضاً في مجال تقريب هذا الخطاب من مرحلة التّنفيذ، والذي بطبيعة الحال إنْ تمّت صياغته بشكل خطاب فلن يكون من الصّعب إجراؤه عمليّاً.
أي إنّ تلك الإشكالات الموجودة مع مجلس الشّورى ومجلس صيانة الدّستور وغيرهما، يتمّ حلهّا وإزالتها، إنّ الخطاب في المجتمع هو مثل الهواء يتنفّسه الجميع سواء عرفوا بهذا أم لم يعرفوا، سواء أرادوا أم لم يريدوا، ينبغي صياغة هذا الخطاب، والذي يقع دور بارز ومهمّ فيه على عاتق وسائل الإعلام، وكذلك بشكل خاصّ على علماء الدِّين وكبار الشخصيّات وأساتذة الجامعات.
 علينا أن نملأ الفراغ النّظري في هذا المجال. وستكون النتيجة بأنّ الإستثمار في مجال الأبحاث أمر ضروري، بقدر الإمكان نحن نؤيِّد هذا، لقد وصلنا إلى هذه النتيجة من خلال رجوعنا إلى مقالات الأصدقاء، والتي كان خلاصتها ونصوصها قد وصلني سابقاً، وكذلك قمت بتصنيفها بأنّه على مؤسَّسات النظام أن تُخصِّص استثماراً وتمويلاً بقدر المستطاع بقدر طاقاتها وإمكاناتها في البحث والدِّراسات في هذا المجال.
• أكبر جرائم الغرب: النّظرة إلى المرأة
ثانياً: دراسة ونقد النّظريّات الرّائجة في العالم، بدون إنفعال، والتّأكيد على عدم الإنفعال هو أمر مهمّ جداً. ولقد شاهدت هذه الرُّوح، الليلة من الكلمة الأولى للمشاركين وحتى الكلمة الأخيرة، حيث رأيت أنّ النظرة هي نظرة انتقاديّة بالوضع الموجود في الغرب في ما يتعلّق بالمرأة وخاصّة في مسألة الأسرة. والملاحظ أنَّ أغلب الإنتقادات التي وجّهتموها للغرب كانت في مجال الأسرة، ولكنّني أعتقد أنّ الجريمة الأكبر التي اقترفها الغرب في مسألة المرأة والأسرة كانت في نظرته للمرأة، وهذا لا يمكن وصفه بجملة أو اثنتين. إنّ السّياسة الغربيّة توجّه أكبر ضربة وإهانة لكرامة المرأة، حتى هؤلاء النّسويّون (الفمينيزم) والمتشدِّدون –ولديهم مستويات وطبقات مختلفة– يوجّهون ضربة للمرأة من حيث لا يشعرون، هو من باب حسن الظنّ –أي أنّ العاملين في هذا المجال حسب الظّاهر لا يفهمون ماذا يفعلون– ويحتمل أن يكون صنّاع السّياسات والمخطّطين للبرامج خلف الكواليس على علم كامل بما يفعلون.
 في لقاء رسمي، ينبغي للرّجل أن يرتدي بذلة رسميّة، وأن يضع «بابيون» ويقفل ياقة البدلة ويسدل أكمامه حتى المعصم، غير مسموح أن يرتدي بنطلوناً قصيراً ولا قميصاً قصير الأكمام، ولكن على السيّدة في ذلك اللّقاء الرّسمي نفسه أن تظهر أقساماً من جسدها بشكل عارٍ، ٍلقد أصبح هذا عُرفاً، ويفتخرون به أيضاً.

كما أنّ هذا الإحتمال قد ورد في بروتوكولات بني صهيون بشكلٍ كامل. حيث أنّ تضييع جنس النساء وجعلهنّ مظهراً للإستغلال الشّهواني للرِّجال قد ذُكرت في مواد ذلك البروتوكول، لكنّ الإنسان عندما يشاهد المؤسّسات الصّهيونيّة والشّبكات الإعلانيّة الصّهيونيّة يدرك أنَّ هذا الأمر يتمّ تنفيذه بشكل عملي، ولأنّه لم يصبح واجباً بالنسبة لهم، فإنّهم يقومون به بشكل مستحبّ، لقد التزموا بهذا العمل وهم ينفذِّونه، يقوم بتضييع المرأة وتحقيرها. أي أنّهم قاموا بتثبيت رسوم وأعراف وعادات لا يمكن لأحد مخالفتها ولا التجرُّؤ عليها، في لقاء رسمي، ينبغي للرجل أن يرتدي بذلة رسميّة، وأن يضع «بابيون» ويقفل ياقة البدلة ويسدل أكمامه حتى المعصم، غير مسموح أن يرتدي بنطلوناً قصيراً ولا قميصاً قصير الأكمام، ولكن على السيّدة في ذلك اللّقاء الرّسمي نفسه أن تظهر أقساماً من جسدها بشكل عارٍٍ، إذا حضرت بلباس كامل هذا محلّ إشكال! إن لم تكن متبرّجة ومتزيّنة فهذا محلّ إشكال! لقد أصبح هذا عُرفاً، ويفتخرون به أيضاً.
في الغرب، وخاصّة في أميركا وفي شمال أوروبا البلدان الإسكندنافيّة، يوجد مراكز مهمّة عملها الأصلي هو عرض النّساء للرّجال، ويتمّ الإعلان عن هذا في الجرائد والمجلات، ولا أحد يعترض! أصبح هذا عرفاً. أيّ ضربة أشدّ على النّساء من هذا؟ بأن يتمّ صناعة نموذج للنّساء على هذا الشّكل –نموذج لنسائهم وللبلدان التي تتّبعهم وليس لنسائنا– هذه من أشدّ الضربات التي يوجّهونها حالياً. وعليه ينبغي ألّا يتملّكنا الإنفعال في مواجهة هذه الثّقافة الخاطئة. إنّ الغرب في مسألة المرأة والأسرة يعيش في ضياع وضلالٍ عميق، ليست الأسرة فقط، بل الأمر يتعلّق بشخصيّة المرأة وهويّة المرأة، والغرب واقع في ضلالٍ عجيب.
في الغرب، وخاصّة في أميركا وفي شمال أوروبا البلدان الإسكندنافيّة، يوجد مراكز مهمّة عملها الأصلي هو عرض النّساء للرّجال، ويتمّ الإعلان عن هذا في الجرائد والمجلات، ولا أحد يعترض! أصبح هذا عرفاً.
إنّ علينا أن نستفيد في هذه الدّراسات من مخزوننا العلمي –والذي ليس بالقليل– حيث يمكن إستخراج عشرات النّظريّات والنّماذج المترقّبة في مجال المرأة والأسرة. ينبغي صياغتها بشكل نظريّات، وتدوينها وعرضها بتفاصيلها وأجزائها. هذه أعمال متوسِّطة المدى وطويلة المدى وينبغي أن تُنجز. ينبغي الإستفادة من التّعاليم الأصليّة الرّاقية للإسلام في القرآن والحديث.

* نظرة الإسلام إلى المرأة: الجنس أمر ثانوي
ولقد دوَّنْت هنا عدّة ملاحظات، ولكن بما أنَّ الوقت ضيِّق، وكذلك فإنّ الكثير من الأفكار قد تمّ طرحها، فعليه، فلا حاجة لأن أكرّرها، ومن مجموع الأمور التي كتبتُها، ما أرغب أن أطرحه هنا، هو أنّ نظرة الإسلام بشكل إجمالي للمرأة –من بُعدها كجنس– هي نظرة مميّزة ومتعالية جداً، أعتقد أنّ الكثير من هذه المشكلات المتعلّقة بالسيّدة ناشئة من مشكلات الحياة الجمعيّة للأسرة، حيث إنّ المرأة هي محوَرها. لدينا فراغات قانونيّة وعرفيّة وتقليديّة عجيبة ومتعدّدة، أحياناً حين تتّصل بنا السيدات –من مجلس الشورى، أو من الحوزة، أو من المراجعات المتنوّعة للناس، أو من مراكز أخرى– وتطرحنَ مشكلاتهنّ، نلاحظ أنّ هذه المشكلات تتعلّق بشكل أساسي بالمشكلات داخل الأسرة، إذا كان للمرأة في داخل الأسرة أمن نفسي وأمن أخلاقي وراحة وسكينة، وكان الزَّوج لباساً لها بشكل حقيقي –كما أنّها لباس للزَّوج، وكما أراد القرآن أن يكون بينهما مودّة ورحمة، وإذا تمّ رعاية ﴿..ولهنّ مثل الذي عليهنّ..﴾ البقرة:228 في الأسرة– هذه الأمور التي هي أصول كلِّية وأساسيّة، حينها ستكون مشكلات المرأة خارج الأسرة قابلة للتّحمّل، وستتمكّن المرأة من التغلّب على هذه المشكلات. إذا تمكّنت المرأة أن تخفِّف من هذه المشكلات في مركز استراحتها وفي متراسها الأساسي، فستتمكّن بلا شك، من أن تفعل ذلك في ساحة المجتمع.
نظرة الإسلام إلى الجنس، هي نظرة من الدّرجة الثّانية. النّظرة الأولى وبالدّرجة الأولى، هي البُعد الإنساني، والتي لا دور فيها للجنس.
في مسألة المرأة نفسها وكذلك في مسألة الأسرة، والإسلام لديه أفكار جذّابة وبارزة ومهمّة. أوّلاً: إنّ نظرة الإسلام إلى الجنس، هي نظرة من الدّرجة الثّانية. النّظرة الأولى وذات الدّرجة الأولى، هي البُعد الإنساني، والتي لا دور فيها للجنس. الخطاب للإنسان، وهناك ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ ولا يوجد «يا أيها الذي آمن» أي إنَّ الصيغة آمنوا هي صيغة ذكوريّة وليست صيغة أنثويّة، ولكن هذا لا يعني أبداً بأنّ هناك أفضليّة للرّجل على المرأة في هذا الخطاب، وإنّما هذا ناشئ من عوامل أخرى، وتلك العوامل واضحة بالنسبة لنا. ولا أريد هنا أن أدخل في بحث، مثلاً لماذا نقول في اللّغة الفارسيّة للشّعب «مردم» وهي مشتقّة من الرَّجل «مرد» ولا نقول «زنُم» مثلاً (زن = امرأة) وكذلك في الإنكليزية هناك human لماذا man؟
وهذه عوامل أخرى في نهاية الأمر داخل الأسرة، الرّجل هو الواجهة الخارجيّة، والمرأة هي الواجهة الداخليّة، وإن شئتم أن تعبّروا بلطفٍ أكثر، فإنّ الرّجل هو غلاف اللّوز بينما المرأة هي لبّ اللّوز. ويمكن استخدام مثل هذه التّعابير، الرّجل هو أكثر ظهوراً، بُنْيَته هي هكذا، لقد خلقه الله وجعله لهذا العمل، وخلق المرأة لعمل آخر. بناءً على هذا فإنَّ البروز والظُّهور والعرض والإطلالة عند الرّجل أكثر لأجل هذه الخصوصيّات وليس بمعنى الأفضليّة في المسائل الأساسيّة للإنسان -والتي تتعلّق بالإنسان- فلا فرق بين الرّجل والمرأة.
في المسائل الأساسيّة للإنسان، والتي تتعلّق بالإنسان، لا فرق بين الرّجل والمرأة.
أنظروا إلى مسألة التقرّب من الله، هناك نساء فوق قدرة أمثالنا على التّصوُّر، في الآية الشريفة من سورة الأحزاب، لا فرق بين المرأة والرّجل، ولعلّ المقصود ضرب التصوّرات الجاهليّة حول المرأة ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيماً﴾ الأحزاب:33، حيثما وُجد الرّجل هناك إمرأة، رجل خاشع، إمرأة خاشعة، رجل متصدّق، إمرأة متصدِّقة، لا فرق بينهما أبداً.
في سورة آل عمران المباركة، يقول بعد تكرار «ربّنا»: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض..﴾ آل عمران:195، لا فرق بين الرّجل والمرأة، حتى أنّه في مورد ولأجل ضرب تلك الأفكار الجاهليّة التي ذكرتها، رَفع من شأن المرأة أعلى من شأن الرّجل، حيث إنّ هكذا حالة لا ترد مرّة أخرى في شأن الأشخاص.
ولا يلاحظ المرء مورداً آخر كهذا في القرآن. ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ﴾ التحريم:10 مثالاً للكفّار، هاتان الإمرأتان ليستا مثالاً للنّساء، كلا، إنّهما مثالٌ للمرأة والرجل. ﴿..كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا..﴾ التحريم:10 إلى آخر الآية. ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ﴾ هنا أيضاً سمّى الله للمؤمنين امرأتين. لاحظوا أنتم، على مرّ التاريخ وإلى نهاية العالم، كم من المؤمنين، من الكبار، الصُّلحاء، الأولياء والأنبياء جاؤوا وذهبوا، عندما يريد الله أن يعرِّفهم على معيار، نموذج، رمز: يعرّفهم على امرأتين: الأولى امرأة فرعون ﴿..إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ..﴾ التحريم:11 إلى آخر الآية، والثانية مريم بنت عمران، ﴿..الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا..﴾ التحريم:12. إنّه أمر عجيب.
إذاً،ّ الجنس هو أمر ثانوي، هو أمر عارض. يتجلّى عمليّاً في الحياة. في السَّير الأساسي للبشر ليس له أي تأثير ولا معنى له. حتى أعمالهم تختلف في ما بينها. «جهاد المرأة حُسن التّبعُّل» أي أنّ ثواب ذلك الشابّ المجاهد الذي وضع دمه على كفّه وذهب الى ميدان الحرب يُعطى لهذه المرأة. لأنّ هذا العمل لا يقلّ تعباً عن الجهاد. بالتأكيد إنّ التّبعُّلَ أمرٌ صعبٌ جداً، مع توقّعاتهم، إنتظاراتهم، مع سوء أخلاقهم، وصوتهم المرتفع وطولهم الفارع؛ حسناً، تستطيع إمرأة مع هذه الظُّروف أن تحافظ على محيط المنزل دافئاً وهانئاً وحنوناً وفيه سكينة وهدوء، هذا فنّ كبير. هذا حقّاً جهاد. هذا فرع من ذلك الجهاد الأكبر الذي تكلّموا عنه. جهادٌ مع النّفس.
الكثير من السيّدات يجعلن أزواجهن من أهل الجنّة؛ والكثير من السيّدات أيضاً يجعلن أزواجهنّ من أهل النّار. هذا رهن بهنّ. وبالتأكيد فإنَّ للرّجال هذا الدَّور أيضاً. في مجال الأسرة لا ينبغي تجاهل دور الرّجال، كذلك.
بالنسبة لموضوع العائلة، يوجد كلام كثير، مسألة الزوجيّة، مسألة الأمومة، كلّها مسائل ينبغي التفكيك بينها. لدى المرأة في الأسرة دور الزوجيّة؛ دور الزوجيّة هذا هو دور استثنائي؛ حتى لو لم يكن هناك دور أمومة. إفرضوا أنّ هناك إمرأة، إمّا أنّها لم ترغب في الإنجاب أو أنّها ولأيّ سبب آخر لم تُنجب؛ ولكنّها زوجة. لا ينبغي الإستخفاف بدور الزوجيّة. إذا أردنا أن يكون الرّجل شخصاً مفيداً في المجتمع، ينبغي لهذه المرأة أن تكون إمرأة جيّدة في المنزل. وإلّا فلن يحصل هذا. نحن اختبرنا (هذا الأمر) في زمن المقاومة وما بعدها في زمن انتصار الثّورة؛ الرّجال الذين كانت ترافقهم زوجاتهم في حركتهم، استطاعوا أن يصمدوا في نضالهم، وكذلك استطاعوا أن يتابعوا استقامتهم على الطريق الصّحيح. وبالطّبع كان هناك حالات معاكسة. أحياناً عندما كنت أقوم بعقد قران لتلك الشابّات والشباب الذين كانوا يأتون –في ما مضى كنت أقوم بهذا ولكن حاليّاً لا أحظى بهذا التّوفيق- كنت أقول لهم: إنّ الكثير من السيّدات يجعلن أزواجهنّ من أهل الجنّة؛ والكثير من السيّدات أيضاً يجعلن أزواجهنّ من أهل النّار. هذا رهن بهنّ. وبالتأكيد فإنَّ للرّجال هذا الدور أيضاً. في مجال الأسرة لا ينبغي تجاهل دور الرّجال، كذلك. بناءً على هذا، إنَّ دور الزوجيّة هو دور بالغ الأهميّة. ثمّ هناك دور الأمومة؛ وحسناً، لقد ألقيت كلمات مفصَّلة وجرى بحث وافر حوله.

• عمل المرأة
من جملة المسائل التي تُطرَح، مسألة عمل السيّدات. إنَّ عمل السيّدات هو من جملة الأشياء التي نوافق عليها. إنّني موافق على أنواع المشاركة سواء كان من نوع العمل الإقتصادي، أو من نوع العمل السّياسي والإجتماعي، والأنشطة الخيريّة وأمثالها؛ فهي جيّدة أيضاً. النّساء نصف المجتمع وأمر جيّد جداً أن نتمكَّن من الإستفادة من نصف المجتمع هذا في المجالات المتنوِّعة. ولكن خلاصة القول أنَّ هناك أصلَين أو ثلاثة أصول ينبغي رعايتها وعدم تجاهلها. أوّلها، هو أن لا يلقي هذا العمل بظلاله على العمل الأساسي -والذي هو عمل الأسرة والزوجيّة والأمومة والتّدبير المنزلي- وهذا أمر ممكن.
إن لم تقمنَ بتربية أبنائكنّ في المنزل، أو لم تقمن بفكِّ عُقَد خيوط عواطف الطّفل الظريفة جداً -والتي هي أنعم من خيوط الحرير- بأنفسكنّ كي لا يتعقَّد عاطفيّاً، لا يمكن لأيِّ أحد آخر أن يقوم بهذا العمل. لا أبوه، ولا غيره.
أعتقد أنَّ لدينا نماذجَ عن سيدات كنّ يقمن بهذا ولا شكّ بأنهنّ واجَهنَ بعض الصًّعوبات؛ درسنَ وكذلك علَّمنَ، أنجزنَ أعمال البيت، أنجبنَ أطفالاً، قمنَ بتربيتهم والإهتمام بهم. فإذاً، نحن موافقون على العمل والمشاركة، على ألَّا تؤثِّر وتضرّ بهذه المسألة الأصليّة؛ لأنّ لا بديل عنهنَّ فيها. إن لم تقمنَ بتربية أبنائكنّ في المنزل، أو لم تقمن بفكِّ عُقَد خيوط عواطف الطّفل الظّريفة جداً -والتي هي أنعم من خيوط الحرير- بأنفسكنّ كي لا يتعقَّد عاطفياً، لا يمكن لأيِّ أحد آخر أن يقوم بهذا العمل. لا أبوه، ولا غيره بطريق أولى؛ إنّه عمل الأمّ فقط. هذه الأعمال هي بيد الأمّ. أمّا ذلك الشّغل الذي لديكنّ في الخارج، فإنْ لم تقمن به أنتنَّ فإنَّ هناك عشرة أشخاص آخرين سيقومون بهذا العمل. بناءً على هذا، فإن الأولويّة هي للعمل الذي لا بديل عنكنَّ فيه، هذا هو المطلوب والمُتعيِّن.
وهنا تقع مسؤوليّة على عاتق الحكومة، ينبغي القيام بمساعدة تلك النّساء اللواتي، ولأيِّ سبب أو بُعد أو ضرورة، يقمنَ بعمل بدوامٍ كاملٍ أو جزئي، كي يتمكَّنَّ من الإهتمام بشؤون الأمومة وأمور المنزل؛ من خلال الإجازات وسنِّ التّقاعد وساعات الدّوام اليومي، ينبغي على الحكومة أن تساعد بشكلٍ ما، كي تتمكَّن هذه السيّدة والتي تقوم بالعمل لأيِّ سبب من الأسباب، كي تستطيع أن تتابع تلك الشّؤون.
على عاتق الحكومة، مساعدة تلك النساء اللواتي، ولأيِّ سبب أو بُعد أو ضرورة، يقمنَ بعمل بدوامٍ كاملٍ أو جزئي، كي يتمكَّنَّ من الإهتمام بشؤون الأمومة وأمور المنزل.
المسألة الثانية: هي مسألة (المَحْرَم وغير المَحْرم). إن هذه المسألة جديّة في الإسلام، ولا شكّ بأنّ الجزء الأكبر من هذه القضيّة يرجع الى الأسرة. أي أنّ العين الطاهرة والقلب الخالي من الوسوسة والشكّ لكلّ من الزوجين، يؤدّي الى إضفاء  المتانة والحنان، في أجواء الأسرة؛ مثل مركز للحرارة يبعث الدفء في محيطه. إذا كان الطّرف المقابل طاهر العين والقلب، فإنَّ هذا سيصبح مِن كِلا الطرفين، وستكون أجواء الأسرة مفعمة بالحنان والمحبّة.
إن لم يكن الأمر كذلك، فكانت العين خائنة واليد خائنة واللّسان ذا وجهين والقلب خالٍ من المحبّة، ولم يكن هناك إعتقاد بالزواج والزوجيّة، فإنَّ أجواء الأسرة ستكون باردة حتى إن كان هناك تظاهر وتمويه.
قرأت في مقالات الأصدقاء أنَّ الخروج والعمل يؤدِّي أحياناً إلى نشوء سوء ظنّ في غير محلِّه. ولكن لا يوجد فرق؛ فحينما ينشأ سوء الظنّ سواء كانت الأسباب وجيهة أو لا، فإنّه سيترك أثره؛ مثل الرّصاصة التي تخرج من فوهة السّلاح، حين تصطدم بصدر أحدهم فإنّها تقتله، سواء كان الرامي قاصداً، أو أنَّ يده ضغطت خطأ على الزناد. الرّصاصة لا تميِّز، ولن تقول: لأنّ الذي أطلقني لم يكن يقصد ذلك، فلن أؤذي الطرف المقابل؛ كلّا، فالرصاصة تقتل. سوء الظنّ هذا يفعل فعله، سواء كان منشأه صحيحاً، أو كان ناتجاً عن الوسواس، أو الأوهام الباطلة مثلاً.
مسألة (المَحْرَم وغير المَحْرم) مسألة جديّة في الإسلام. العين الطّاهرة والقلب الخالي من الوسوسة والشكّ لكلّ من الزوجين يؤدّي الى إضفاء  المتانة والحنان، في أجواء الأسرة. إذا كان الطّرف المقابل طاهر العين والقلب، فإنَّ هذا سيصبح مِن كِلا الطرفين، وستكون أجواء الأسرة مفعمة بالحنان والمحبّة.
هناك نقطة أيضاً في مسألة الزواج، إنَّ للزواج قداسةً من وجهة نظر الأديان التي أعرفها. وأنا لم أدقِّق كثيراً في هذا الخصوص، لا بأس كذلك بأن يقوم بعض الأصدقاء المستعدِّين للعمل في التّدقيق في هذا المجال. في الغالب، مراسم الزّواج هي مراسم دينيّة؛ يجريها المسيحيّون في الكنيسة واليهود في معابدهم.
 المسلمون وإن لم يجروا مراسم الزّواج في المساجد، إلَّا أنّهم يجرونها حين يقدرون في المشاهد المشرّفة أو في الأيام المباركة وبواسطة علماء الدِّين، حين يقوم عالم الدِّين بعقد القران فإنه يبيِّن بعض التّعاليم الدينيّة. بناءً على هذا، فإنّ الصّبغة صبغة دينيّة. إنَّ للزواج بُعداً مقدَّساً؛ وينبغي عدم نزع هذا البُعد المقدَّس عن الزواج. سلب القداسة يتمّ عبر هذه الأعمال القبيحة والتي للأسف أصبحت رائجة في مجتمعاتنا. هذه المهور الباهظة التي يتمّ وضعها، ويتخيَّلون بأنّها تستطيع أن تدعم الزوجيّة وتحفظ الأسرة. والحال بأنّها ليست كذلك. الحدّ الأكثر بأن يقوم الزّوج بالإمتناع عن دفع المهر، فيؤخذ إلى السِّجن، ليبقى هناك سنة أو سنتين. وفي هذه الحال لا تستفيد المرأة شيئاً؛ لا تحظى بشيء، سوى أنَّ بنيان الأسرة سيتهدَّم.
في الإسلام حين ينقل عن الإمام الحسين عليه السلام أنّه قال، إنّنا لم نزوِّج بناتنا وأخواتنا ونساءنا إلَّا على مهر السُّنّة، فلأجل هذا الأمر؛ وإلّا فإنّه كان يستطيع؛ لو شاء الإمام أن يزوِّج بألف دينار لَفَعل، ولم يكن من الضروري مثلاً أن يلزم نفسه بخمسمئة درهم -المعادل لإثنتي عشر أوقيّة ونصف- لقد كانوا يستطيعون ذلك لكنّهم قلَّلوا المهور. هذا التّقليل للمهور كان مدروساً ومحسوباً بدقّة؛ هذا جيّد جداً. أو هذه المبالغات الزّائدة في الزواج -صرف المبالغ الطائلة وإقامة الحفلات المتعدّدة- والتي يغتمّ قلب الإنسان في الحقيقة عندما يسمع بها، هذه من النّقاط التي ينبغي صياغة خطاب وترويج لثقافة حولها. حيث أنَّ السيّدات مؤثّرات والسّادة مؤثّرون، وكذلك أساتذة الجامعات وعلماء الدّين، وبشكل خاصّ الإذاعة والتلفاز ووسائل الإعلام، إنَّ عليهم جميعاً أن يعملوا في هذا المجال؛ أن يخلِّصوا الأجواء من هذه الحالة.
إنَّ للزّواج بُعداً مقدَّساً؛ وينبغي عدم نزع هذا البُعد المقدَّس عن الزواج. سلب القداسة يتمّ عبر هذه الأعمال القبيحة والتي للأسف أصبحت رائجة في مجتمعاتنا. هذه المُهور الباهظة التي يتمّ وضعها، ويتخيَّلون بأنّها تستطيع أن تدعم الزوجيّة وتحفظ الأسرة.
كذلك نطرح هنا أمراً حول دور الرّجال، حيث دائماً يُقال دور المرأة في الأسرة والسّبب واضح؛ وهو أنَّ المرأة هي عنصر محوَري في الأسرة. ولكن هذا لا يعني أن لا دور ولا واجب ولا مسؤوليّة للرّجل في الأسرة. الرّجال اللَّامبالون، والرّجال غير العاطفيّين، والرّجال اللّاهون، والرّجال الذين لا يقدِّرون أتعاب النّساء في البيت، هؤلاء يوجِّهون ضربة إلى أجواء الأسرة.
 على الرّجل أن يكون عارفاً للجميل. على المجتمع أن يكون عارفاً للجميل. ينبغي أن يتمّ تقدير عمل النّساء في المنازل بشكلٍ خاص. بعضهنّ يستطعنَ أن يذهبنَ الى العمل، بعضهنَّ يستطعنَ الحصول على الشّهادات العليا، وبعضهنَّ لديهنَّ شهادات عليا -أنا شاهدت نساءً من هذا النوع- قلنَ نحن نريد أن نهتمّ بهذا الطفل ونربِّيه تربيةً جيّدة. لذا لم نذهب للعمل خارج المنزل. لم تذهب تلك المرأة للعمل، وبدوره فإنّ العمل هذا لم يبقَ معطَّلاً، أولئك العشرة أشخاص الآخرون ذهبوا وقاموا به.
ينبغي تقدير هكذا إمرأة. في الكلمات التي أُلقيت ذكرت مسائل كالضّمان والتّأمين لتلك النساء، أجل ينبغي تخصيص هذه المسائل الضروريّة لهنّ كالتّأمين الإقتصادي والضّمان وباقي الأمور اللّازمة. كذلك فإنّ الأبناءَ لهم دور. فهم من أهم أجزاء الأسرة؛ دورهم هو احترام الوالدَين. وهذا الأمر له حكاية مفصَّلة.
شاهدت نساءً من هذا النوع: قلنَ نحن نريد أن نهتمّ بهذا الطفل ونربِّيه تربيةً جيدة. لذا لم نذهب للعمل خارج المنزل. لم تذهب تلك المرأة للعمل.
على كلِّ حال فإنَّني أشكركم، إنّني راضٍ عن هذا اللّقاء. الحمد لله كان لقاءً جيداً. نسأل الله أن يكون راضياً عنّا وعنكم، وأن تكون جهودكم مشمولة بنظر بقيّة الله أرواحنا فداه، وأن تجري متابعة هذا العمل وإكماله إن شاء الله.
طُرِح مشروع جيّد حول عمل دولي عن المرأة حيث لم تسنح الفرصة للحديث حوله. لقد رأيت هذا المشروع وأؤيّده. يمكن الإستفادة من وجهات نظر السيّدة التي تكلَّمت حول المسائل الدّولية. أمر جيّد أن يتمّ القيام بعمل دولي في مجال النّساء. جزاكم الله خيراً.

أللّهمّ أنزِل رحمتك وفضلك وهدايتك على هذا الجمع. أللّهمّ إجعل ما قلناه وسمعناه وفعلناه وما سنفعله لك وفي سبيلك، واجعله خالِصاً ومخلَصاً. أللّهمَّ أنزل توفيقاتك على هذا الجمع وعلى الشّعب الإيراني، وخاصّة على المسؤولين الذين يحملون على عاتقهم مسؤوليّاتٍ جساماً في هذا المجال.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

21/04/2012

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات