تحقيق

تحقيق

منذ 5 أيام

حصونُ خَيبر تحقيق: أحمد الحسيني


حصونُ خَيبر
ساحة المعركة الفاصلة مع اليهود
 
منظر عام لجانب من حصون خيبر
_____ تحقيق: أحمد الحسيني _____

ما إن نذكر حصون خيبر في الحجاز، حتى نتذكّر التّاريخ والتّحوّلات السّياسيّة التي طرأت في شبه الجزيرة العربيّة بعد انتصار المسلمين على اليهود الذين نقضوا العهود وتآمروا على النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وحاولوا مع المشركين القضاء على الدّين الحنيف. وقد انقلب ميزان القوى لصالح المسلمين بعد فتح مكّة، هذا الفتح الذي مهّد له دكُّ حصون خيبر بقيادة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وتحقيق الإنتصار على يد أمير المؤمنين عليه السلام بإجماع كلِّ المؤرِّخين. 
خيبر اليوم محافظة إداريّة تابعة للمدينة المنوّرة، تقع إلى الشّمال منها على بعد 170 كيلومتراً، بمحاذاة الطّريق الدّوليّة المؤدّية إلى تبوك وبلاد الشّام وتركيا.
ترتفع عن سطح البحر 1173 متراً، وتُعدّ محطّة مهمّة للحجّاج القادمين إلى المدينة من تلك البلاد، لكن ما يشدّ الزّائر إلى هذه المنطقة هو أطلال البلدة القديمة، أو ما يُسمّى محلّيّاً بخيبر القديمة، أو «نخيل خيبر» كما يقول عامّة النّاس.
يتكوّن سطح محافظة خيبر بصفة عامّة من الحرّات النّاشئة بفعل الثّورات البركانيّة التي حدثت في عصور جيولوجيّة قديمة. ومنطقة خيبر عبارة عن منخفض واقع بين حافّتَي حرّة بركانيّة اشتُهرت بنخيلها الممتاز، وبأرضها الخصبة التي غذّتها الينابيع والعيون الكبيرة والصّغيرة دائمة الجريان، والتي تُستغلّ في سَقي واحاتِ النّخيل، منها: عين اللّجيجة، وعين البركة، وعين عليّ.
تبلغ المساحة الإداريّة لمحافظة خيبر 260 كيلومتر تقريباً، وهي تشمل -إلى مدينة خيبر- مُدُناً صغيرة تتّسع باستمرار، أهمُّها: القاعدة (الشُّريف)، ويبلغ عدد سكّان المحافظة أكثر من 58 ألف نسمة.
هذا وتُعدُّ محافظة خيبر من أكبر الواحات في زراعة النّخيل، ويُعدّ التّمر ماضياً وحاضراً أهمّ إنتاجها الزّراعي، وهو يلي تمر «هَجَر» من حيث الجودة، وقد امتدحه –مقتبساً من المثل: كحاملِ التّمر إلى هجر- حسّانُ بن ثابت في قوله:

وإنّا ومَن يهدي القصائدَ نحونا    كمستبضعٍ تمراً إلى أهل خيبرا


وإلى جانب التّمر تنتج مزارعها القمح والشّعير والذّرة وبعض الخضروات والفواكه، وتعمل النّساء ببعض الحِرَف الشّعبية كصناعة المنتوجات الصّوفيّة، والمرواح اليدويّة.


وتُعدّ خيبر بلدةً سياحيّةً نظراً لِمَا تزخر به من المواقع الأثريّة والحصون والقلاع القديمة، ويتّخذ موقع خيبر الأثري أهميّة تاريخيّة وبُعداً معنويّاً، لِما جرى على أرضه من أحداث، حيث وقعت الغزوة المشهورة، وفيه الكثير من الحصون وبيوت الطّين القديمة.
 
خيبر في التّاريخ

خيبر لغةً: يرى بعض الإخباريّين العرب، كالحموي والبكري، أنّ خيبر لفظ عبراني معناه الحصن، ورأى آخرون أنّ التّسمية نسبة إلى رجلٍ اسمُه «خيبر بن قانيه»، كان أوّل من استقرّ فيها.
وورد في (لسان العرب) لابن منظور: «الخَبْرُ: أَن تزرع على النّصف أَو الثّلث من هذا وهي الـمُخابَرَةُ واشتقَّت من خَيْبَرَ، لأَنّها أوّل ما أُقْطِعَتْ كذلك؛ والـمُخابَرَةُ المزارعة ببعض ما يخرج من الأَرض وهو الخِبْرُ أَيضاً ... وقيل هو من الخَبارِ الأَرض الليِّنة ...».
ويرى بعض المستشرقين أنّ كلمة «خيبر» عبرانيّة الأصل، معناها الطّائفة والجماعة، في حين يرى قسم آخر منهم أنّ معناها الحصن والمعسكر، وقِيل إنّ معناها «الكيبوتس» أو المستعمرة.
المستوطنون الأوائل: يُعتقَد أنّ أوّل مَن سكن خيبر هم العماليق من العرب البائدة قبل الإسلام. كما ورد اسم خيبر ضمن المناطق التي استولى عليها الملك البابلي «نابونيد» وكانت تابعة لمُلكه، وذلك خلال الفترة من (555 إلى 539 قبل الميلاد)، حين غزاهم مع جماعة من اليهود الذين حلّوا محلّهم في سُكنى خيبر، وفي بعض النّواحي المجاورة في الجزيرة العربيّة مثل مدينة يثرب.

ويرى فريقٌ آخر أنّ هجرتهم إليها كانت زمن «نبوخذ نصّر» الذي شرّدهم ودمّر هيكلهم في القرن السّادس قبل الميلاد. وفي مرحلة ثانية وصل اليهود إلى خيبر بعد دخول الرّومان إلى بلاد الشّام وتشتيتهم لليهود في أنحاءٍ متفرِّقة من العالم، ومنها بلاد الحجاز وذلك زمن «هيدريان» الإمبراطور الرّوماني.
ومن المؤكّد أنّهم سكنوها في القرن الثّاني الميلادي، ففي العام 138 للميلاد، دخلتها ثلاث قبائل يهوديّة هي: قُرَيظة والنّضِير وقَيْنَقاع، وكان عدد نفوسهم بداية الإسلام يقارب العشرين ألفاً، بينهم عدد كبير من المقاتلين الأشدّاء.

***

حصون خيبر القديمة: عندما استوطن اليهودُ خيبر، أقاموا فيها حصوناً تحميهم من غارات الأعراب، ومن غارات مرتقَبة من أعدائهم، فأقاموها في أعالي الجبال، وسط الصّخور، وأحاطوها بالأحجار الصّلبة، وأغلقوا منافذها بأبواب حديديّة وخشبيّة يصعب قلعُها، فكانت تلك الحصون أشبه بمستعمرة سكنيّة محصّنة تحصيناً منيعاً، تسمح لهم الإقامة فيها على نحوٍ آمِن، وما زالت آثار تلك الحصون ماثلة إلى اليوم، وما زالت تحتفظ بأسمائها القديمة.
وكانت خيبر منقسمة إلى شطرَين، شطرٌ فيه خمسة حصون، وهي: حصنُ ناعم، حصن الصّعب بن معاذ، حصن قلعة الزّبير، حصن أبيّ، حصن النّزار، والحصون الثلاثة الأُولى تقع في منطقة يقال لها (النّطاة)، وأمّا الحصنان الآخران فيقعان في منطقة تسمّى بالشّق.
أمّا الشطر الثاني ويُعرف بالكتيبة، ففيه ثلاثة حصون فقط: حصن القموص أو حصن بني أبي الحقيق، حصن الوطيح، حصن السّلالم.

***

أمّا مساجدها القديمة -بعد فتح خيبر- فمسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله: وهو المكان الذي صلّى فيه النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله طوال مقامَه بخيبر، ولهذا المسجد رحابٌ واسعة وفيه الصّخرة التي صلّى عليها النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان المسلمون يصلُّون فيه صلاة الأعياد.

ومسجد عليّ عليه السلام: ما زال ماثلاً يُصلّى فيه تحت الحصن الذي فتحه الإمام عليه السلام، والمسلمون يزورونه.
وفي خيبر مقابر شهداء غزوة خيبر، وتقع على بُعد ما يقارب خمسة كيلومترات على الطّريق المؤدِّي إلى الصّفق الأحمر. وهناك كثير من الآثار في منطقة خيبر الأثريّة وبالقرب منها، وبعضها يشبه القُرى، ولكن لا تُعرف أسماء كثير منها.
 
غزوة خيبر

كانت حصونُ خيبر من أعظم وأكبر التّجمّعات اليهوديّة في الجزيرة، وقد تابع يهود خيبر بقلقٍ بالغ أنباء مواجهات الرّسول مع يهود بني قَيْنَقاع وبني النَّضير وبني قُرَيْظة، وتأثَّروا بما أصابهم، وتعاطفوا معهم حتّى صارت حصونُهم ملجأً للكثير من اليهود، ممّا حوَّلها مع الأيّام إلى قاعدة لِمَن يَتربّصون الدّوائر بالنّبيّ وآله ومَن والاه، وصارت أعظم خطرٍ يهدِّد الإسلام.  ويُقال إنَّ يهود خيبر جنَّدوا عشرة آلاف مقاتل يتمّ استعراضهم يوميّاً، وقدَّروا أنّهم بهذه العدَّة والعدد سيكونون أوّل مَن يُلحِق هزيمة ساحقة بالمسلمين.
 وبعد أن فتح الله على نبيِّه صلّى الله عليه وآله في صلح الحُديبية ذلك الفتح المبين، وحقَّق انتصاره السِّياسي، وأذعنت قريش لمكانته وهي عدوَّته اللَّدودة، واعترفت بحقِّه باستقطاب العرب حوله،  عندئذٍ قدَّر النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنَّ الفرصة ملائمة لمواجهة أخطر وأقوى ما تبقَّى من خصومه؛ وهم يهود خيبر. وبعد إتمام الإستعدادات وفي شهر صفر من السّنة السّابعة للهجرة، زحف جيش المسلمين -وقوامه 1400 راجل ومائتا فارس- نحو خيبر ودخلوها عن طريق مرحب، وفي الطّريق بلغهم أنَّ قبائل غطفان الكبيرة قد تحالفت مع اليهود على حربهم مقابل تمر خيبر لِسَنة، غير أنّها خافت بعدئذٍ عواقب أمرها، فاجتنبت حمايتها لهم.

الإقتراب من خيبر

ذكر ابن إسحاق بإسناده، عن بعض من شهد المعركة أنّه قال: «خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى خيبر حتّى إذا كنّا قريباً منها وأشرَفنا عليها، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: قِفوا، فوقف النّاس، فقال: أللّهمّ ربَّ السّماوات السَّبع وما أظلَلْنَ، وربّ الأرضين السّبع وما أقْلَلْنَ، وربّ الشّياطين وما أضلَلْنَ، إنّا نسألُكَ خير هذه القرية، وخيرَ أهلها، وخيرَ ما فيها، ونَعُوذ بك من شرِّ هذه القرية، وشرِّ أهلها، وشرِّ ما فيها.. أقدِموا باسم الله».
وصل الجيش الإسلامي إلى خيبر ليلاً، فعسكروا حولها، فلمّا طلعت الشّمس، وأصبح اليهود، فتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم، فلمّا نظروا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، قالوا: محمّدٌ والخَميس -أي الجيش- وولَّوا هاربين إلى حصونهم.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «الله أكبر، خَرِبت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فَساء صباحُ المُنذَرين»، فحاصرهم بضع عشرة ليلة، وكان أوّلُ ما افتُتح من حصونِهم حصنُ ناعم ثمّ القموص، ثمّ حصن الصعب بن معاذ، ثمّ الوطيح والسّلالم، وكانا آخر حصون خيبر افتتاحاً، وقِيل إنّ «القموص» -أعظم حصون خيبر وأمنعُها- هو الذي استعصى على المسلمين، ففتَحه أمير المؤمنين عليه السلام بمفرده، وقيل إنّه حصنُ «ناعم»، ومن بعده تهاوت بقيّة الحصون واستسلم مقاتلوها.


إعطاءُ الراية لعليٍّ عليه السلام
بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله أحد الصّحابة برايته -وكانت بيضاء- لفتح خيبر، ولكن رجع هذا ولم يَكُ فتحٌ وقد جهِد. ثمّ بعث صلّى الله عليه وآله في الغد رجلاً آخر برايته ومعه النّاس، فلم يلبثوا أن هُزِموا، وجاؤوا يجبِّنُون حامل رايتهم وهو يجبِّنُهم.
وخرجت كتائب اليهود يتقدّمهم ياسر أو ناشر -أخ مَرْحب- فكشفت الأنصار حتّى انتهوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فاشتدّ ذلك على رسول الله، وقال صلّى الله عليه وآله: «لَأُعطيَنّ الرّاية غداً رجلاً يحبُّ اللهَ ورسولَه، ويُحبّه اللهُ ورسولُه، كرّار غير فرّار، لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه»، فتطاولت الأعناق لترى لِمَن يعطي الرّاية، ورجا كلّ واحد من قريش أن يكون صاحب الرّاية.
وكان الإمام عليّ عليه السلام أَرْمَد العين، فدعاه صلّى الله عليه وآله، فقيل له: إنّه يشتكي عينيه، فلمّا جاء الإمام عليه السلام أخذ صلّى الله عليه وآله من ماءِ فيه، ودَلّك عينيه، فبَرِئتا حتّى كأن لم يكن بهما وَجَع.
ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: «أللّهمّ اكفِه الحرّ والبرد»، فما اشتكى من عينَيه، ولا من الحرّ والبرد بعد ذلك أبداً، فعقد صلّى الله عليه وآله للإمام عليه السلام ودفع الرّاية إليه، وقال له: «قاتِل ولا تلتفِت حتّى يفتح الله عليك».
فقال الإمام عليّ عليه السلام: «يا رسول الله، علامَ أُقاتلهم»؟
فقال صلّى الله عليه وآله: «على أن يشهدوا أنْ لا إله إلّا الله، وأنِّي رسولُ الله، فإذا فعلوا ذلك حقنوا منِّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقِّها، وحسابهم على الله عزّ وجلّ».
وبهذه المناسبة نظم حسّان بن ثابت قصيدته المعروفة، التي يقول في مطلعها:

وكان عليٌّ أرمدَ العين يبتغي  دواءً فلمّا لم يحسّ مداويا 
شفاه رسول الله منه بتفلةٍ فبورِك مرقِيّاً وبورِك راقِيا 


خروج أمير المؤمنين عليه السلام
 قال سلمة بن الأكوع: فخرج [الإمام عليه السلام] واللهِ يُهروِل وأنا خلفَه، نتّبع أثرَه، حتّى ركز رايته تحت الحصن، فاطّلع إليه يهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟ قال: «أنا عليّ بن أبي طالب»، فقال اليهودي لبني قومه: غُلِبتم وحقِّ موسى.
وقال ابن الأثير: فنهض [أي الإمام عليّ] بالرّاية وعليه حُلّةٌ حمراء، فأتى خيبر فأشرف عليه رجلٌ من اليهود، فقال: من أنت؟ قال: أنا عليّ بن أبي طالب. فقال اليهودي: غُلِبتُم يا معشرَ اليهود!
وخرج إليه أهل الحصن، وكان أوّل مَن خرج إليه أخ مَرْحب وكان فارساً شجاعاً، فانكشف المسلمون وثبت الإمام عليّ عليه السلام، فتضاربا فقتله الإمام عليّ عليه السلام، وانهزم اليهود إلى الحصن. فلمّا عَلِم مَرْحَب بمقتل أخيه نزل مسرعاً وقد لبس درعَين وتقلّد بسيفَين واعتمّ بعمامتَين، ولبس فوقهما مغفراً وحجراً قد أثقبه قدر البيضة لعينيه، ومعه رمح لسانه ثلاثة أشبار، وهو يرتجز ويقول:

قَدْ علِمَت خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبُ شَاكي السّلاح بَطلٌ مُجرّبُ
أطعنُ أحياناً وحِيناً أضرِبُ إذا اللُّيوث أقبلَتْ تَلتَهِبُ

فردّ عليٌّ عليه السلام عليه، وقال:

أنَا الذي سَمّتْني أُمِّي حَيْدَرةْ  أكِيلُكُم بالسَّيف كَيل السَّندَرَةْ 
لَيثٌ بِغابَاتٍ شَديد قَسوَرَةْ

[وحيدرة: اسم من أسماء الأسد]، فاختلفا ضربتَين، فبَدَره الإمام عليّ عليه السلام فضربه فقدَّ الحجر والمِغفر ورأسه، حتّى وقع السَّيف في أضراسه فقتله. فكبّر الإمام عليّ عليه السلام وكبّر معه المسلمون، فانهزم اليهود إلى داخل الحصن وأغلقوا باب الحصن عليهم، وكان الحِصنُ مُخندقاً حوله، فتمكّن الإمام عليّ عليه السلام من الوصول إلى باب الحصن، فعالَجه وقلَعه، وأخذ باب الحصن الكبير العظيم الذي طوله أربعون ذراعاً، فجعله جسراً فعبر المسلمون الخندق، وظفروا بالحصن وبِمَن فيه.
قال الإمام الباقر عليه السلام: «انتهى -أي عليّ عليه السلام- إلى باب الحصن، وقد أُغلق في وجهه، فاجتذبه اجتذاباً وتترّس به، ثمّ حمله على ظهره، واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب على ظهره، فوالله ما لقيَ عليٌّ من النّاس تحت الباب أشدّ ممّا لقيَ من الباب، ثمّ رمى بالباب رمياً».


وقد حاول حمل هذا الباب أربعون رجلاً فلم يتمكّنوا، حتّى تكاملوا سبعين فتمّ لهم حملُه، قال ابن أبي الحديد المعتزلي في ذلك:
يا قالعَ الباب التي عن هزَّها    عجزتْ أكُفٌّ أربعون وأربعُ.

فلمّا فرغ عليه السلام من فتح خيبر، قال: «والله ما قلعتُ بابَ خيبر وقذفتُ به ورائي أربعين ذراعاً -لم تحسّ أعضائي- بقوّةٍ جسديّة وحركة غريزيّة بشريّة، ولكنّي أُيِّدت بقوّة ملكوتيّة، ونفسٍ بنور ربّها مضيئة، وأنا مِن أحمد صلّى الله عليه وآله كالضَّوء من الضَّوء، لو تظاهرت العربُ على قتالي لَما ولّيت، ولو أردتُ أن أنتهز فرصةً من رقابها لَما بَقِيَتْ، ومَن لم يبالِ متى حتْفُه عليه ساقط، كان جَنانه في المُلمّات رابِط».


قول رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليٍّ عليه السلام

قال الإمام عليّ عليه السلام: «قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم فَتحتُ خيبر: لولا أن تقول فيك طوائف مِن أُمّتي ما قالت النّصارى في عيسى ابن مريم، لقلتُ فيك اليوم مَقالاً بحيث لا تمرّ على ملأٍ من المسلمين إلّا أخذوا من تراب رجلَيك وفضل طهورك؛ يستَشفُون به ".." وأنت أوّل داخلٍ في الجنّة من أُمّتي، وإنّ شيعتك على منابرٍ من نور، رواء مرويُّون مُبيضّة وجوههم حولي ".." وإنّ الله عزَّ وجلَّ أمرني أن أُبشّرك أنّك أنت وعترتك في الجنّة، وعدوّك في النّار، لا يَرِد عليَّ الحوض مبغضٌ لك، ولا يغيب عنه محبٌّ لك».
قال عليّ عليه السلام: «فخررتُ ساجداً لله تعالى وحمدتُه على ما أنعمه عليّ من الإسلام والقرآن، وحبّبني إلى خاتم النبيّين وسيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله».

فرحتان في وقتٍ واحد

ولمّا افتتح رسول الله صلّى الله عليه وآله خيبر أتاه البشير بقدوم جعفر بن أبي طالب وأصحابه من الحبشة إلى المدينة، فقال: «ما أدري بأيّهما أنا أَسَرُّ، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟»، ورُوي عن الإمام الباقر عليه السلام: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا استقبل جعفراً التزمَه ثمّ قبّل بين عينيه».
 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ يومين

إعداد شعائر

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

منذ يومين

إعداد شعائر

نفحات