أيها العزيز

أيها العزيز

منذ 5 أيام

القلبُ حَرَمُ الله


القلبُ حَرَمُ الله


أيّها العزيز! إستيقظ وانتبه، وحرِّم نوم الغفلة على عينَيك، واعلم أنَّ الله خَلَقَك لنفسه كما يقول في الحديث القدسي: «يا بنَ آدَمَ خَلَقْتُ الأَشْيَاءَ لأَجْلِكَ وَخَلَقْتُكَ لأَجْلِي»، واتَّخذ من قلبك منزلاً له، فأنتَ وقلبك من النّواميس والحُرُمات الإلهيّة، والله تعالى غيور، فلا تَهتك حرمتَه وناموسَه إلى هذا الحدّ، ولا تدعِ الأيادي تمتدّ إلى حَرَمِه وناموسِه.
إحذرْ غيرة الله، وإلَّا فضحك في هذا العالم بصورةٍ لا تستطيع إصلاحها مهما حاولت. أَتهتكُ في ملكوتك وفي محضر الملائكة والأنبياء العظام سترَ النّاموس الإلهي؟ وتقدِّم الأخلاق الفاضلة التي تخلَّق بها الأولياء للحقّ، إلى غير الحقّ؟ وتمنح قلبك لِخَصم الحقّ؟ وتُشرِك في باطن ملكوتك؟
كُن على حذرٍ من الحقّ تعالى، فإنّه مضافاً إلى هتكِه سبحانه لناموس مملكتِك في الآخرة، وفضْحِه لك أمام الأنبياء العظام والملائكة المقرَّبين، سيفضحُك في هذا العالم ويبتليك بفضيحةٍ لا يُمكن تلافيها، وبتمزيقِ عصمةٍ لا يُمكن ترقيعُها.
إنَّ الحقّ تعالى «ستّار» ولكنّه غيور أيضاً. إنّه «أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» ولكنّه «أَشَدُّ المَعَاقِبِين» أيضاً.
يسترُ ما لم يُتجاوَز الحدّ. فقد تؤدّي هذه الفضيحة الكبرى، لا سمح الله، إلى تغليب الغيرة على السّتر، كما ورد في الحديث الشريف: «إنّ المَلَكَ لَيَصعدُ بِعمل العبد مبتهجاً به، فإذا صعد بحسناتِه، يقول الله عزَّ وجلَّ: اجعلوها في سجِّين، إنَّه ليس إيّاي أراد بها».
إرجِع إلى نفسك قليلاً، وعُد إلى الله، فاللهُ رحيم، وهو يبحث عن ذريعةٍ لإفاضة الرّحمة عليك. وإذا أَنَبْتَ إليه، فإنّه يستر بغفرانه معاصيَك وعيوبَك الماضية، ولن يُطلِعَ عليها أحداً ويجعلك صاحب فضيلة، ويُظهر فيك الأخلاق الكريمة، ويَجعلك مرآةً لصفاته تعالى، ويجعل إرادتك فعّالة في ذلك العالم كما أنَّ إرادته نافذة في جميع العوالم. كما ورد في حديثٍ منقول: إنَّ أهل الجنّة عندما يستقرُّون في الجنّة، تبلغهم رسالة من الحقّ تعالى خلاصتها: من الحيِّ الأبديِّ الذي لا يموت، إلى الحيِّ الأبديِّ الذي لا يموت، إذا أردتُ شيئاً قلتُ له كُن فيكون، جعلتُكَ هذا اليوم في مستوى إذا أردتَ شيئاً قلتَ له كُن فيكون.
لا تكن مُحبّاً لنفسك، سلّم إرادتك للحقّ تعالى، فإنَّ الذات المقدَّسة يتفضَّل عليك بجعلك مَظهراً لإرادته، ويجعلك متصرِّفاً في الأمور كافّة. ويُخضِعُ لقدرتك مملكة الإيجاد.
فيا أيّها العزيز، أنت أعرفُ بنفسك فاختر إمّا هذا وإمّا ذاك، فاللهُ غنيٌّ عنّا وعن كلّ المخلوقات، إنّه غنيٌّ عن إخلاصنا وإخلاص كلّ الموجودات.
(الإمام الخميني قدّس سرّه)



اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 5 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 5 أيام

إصدارات عربية

نفحات