كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

منذ يوم

آدابُ القراءة في الصّلاة

آدابُ القراءة في الصّلاة
أحضِر في قلبك أنواع لُطفِه
______ الفقيه الكبير الشهيد الثاني قدّس سرّه ______


«كلّ ما يشغلك عن فهم معاني قراءتك فهو وسواس؛ فإنَّ حركة اللّسان غير مقصودة بل المقصود معانيها».
مقتطَف من كتاب (أسرار الصّلاة) للشّهيد الثّاني قدّس سرّه حول آداب القراءة في الصّلاة، وما ينبغي للمصلّي استحضاره في قلبه، أو الإحتراز منه.

ليس المقصود من القراءة مجرَّد حركة اللّسان، بل المقصود معانيها وتدبُّرها لتستفيد منها حكمةً وحقائقاً وأسراراً وترغيباً وترهيباً وأمراً ونهياً ووعداً وذِكْر أنبيائه ونِعَمه، إلى غير ذلك من الفوائد.
فإذا قلتَ «أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم»، فاعلم أنَّه عدوُّك ومترصِّدٌ لصدِّ قلبك عن الله تعالى حسداً على مناجاتك مع الله تعالى وسجودك له، مع أنَّه لُعِن بسبب سجدة واحدة تَرَكَها، وأنَّ استعاذتك بالله منه بتركك ما يحبّه، واستبداله بما يحبّ الله تعالى، لا بمجرّد قولك «أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم»؛ فإنَّ مَنْ قَصَدَه سبعٌ أو عدوٌّ ليفترسه أو يقتله فقال: أعوذ منك بذلك الحصن الحصين، وهو ثابتٌ في مكانه، فإنَّ ذلك لا ينفعه، بل لا يفيده إلّا تبديل المكان.

..والنّاس في القراءة ثلاثة

ومن دقائق مكائده أن يشغلك في الصَّلاة بفكر الآخرة وتدبُّر فعل الخيرات، ليمنعَك عن فهم ما تقرأ. فاعلم أنَّ كلّ ما يشغلك عن فهم معاني قراءتك فهو وسواس؛ فإنَّ حركة اللّسان غير مقصودة بل المقصود معانيها كما مرَّ، والنّاس في القراءة على ثلاثة أقسام:
 فمنهم مَنْ يحرِّك لسانه بها ولا يتدبَّر قلبُه لها، وهذا من الخاسرين الدّاخلين في توبيخ الله سبحانه وتهديده بقوله تعالى: ﴿أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها﴾ محمد:24، وبدعاءِ نبيّه صلّى الله عليه وآله: «ويلٌ لِمَن لاكَها بين لَحِيَيه [جانبَي فمه] ثمَّ لا يتدبَّرها».
 ومنهم مَن يتحرَّك لسانُه وقلبُه يتبعُ اللّسان، فيسمع ويفهم منه كأنّه يسمعه من غيره وهذا درجة أصحاب اليمين.
 ومنهم مَنْ يَسبق قلبُه إلى المعاني أوَّلاً ثمّ يخدم اللّسان قلبه فيترجمه، وهذه درجة المقرَّبين. وفرقٌ جليٌّ بين أن يكون اللّسان ترجمان القلب كما في هذه الدّرجة، وبين أن يكون معلَّمه كما في الدّرجة الثّانية؛ فالمقرَّبون لسانُهم ترجمان يَتبعُ القلبَ ولا يَتبعه القلبُ.

كيف نقرأ الفاتحة؟

وتفصيل ترجمة المعاني على سبيل الإقتصار، أنّك إذا قلت ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ فاقصِد التبرُّك لابتداء القراءة بكلام الله تعالى، وافهم أنَّ معناه أنَّ الأمور كلّها بالله، وأنَّ المراد هنا بالإسم هو المسمَّى وإذا كانت الأمور كلّها بالله فلا جرم كان ﴿الحمد لله﴾.
فإذا قلت ﴿الرَّحمن الرَّحيم﴾، فأحضِر في قلبك أنواع لطفه ليتَّضح لك رحمتُه، فينبعثَ به رجاؤك.
ثمَّ استشعر من قلبك التّعظيم والخوف بقولك ﴿مالك يوم الدين﴾ إمّا لعظمتِه، فإنّه لا مُلْك إلَّا له، وإمَّا الخوف لِهَوْل يوم الجزاء والحساب الذي هو مالكُه.
ثمَّ جدِّد الإخلاص بقولك ﴿إيّاك نعبد وإياك نستعين﴾، وتحقَّق أنّه ما تيسَّرت طاعتُك إلّا باعإنته، وأنَّ المنَّة له إذ وفَّقك لطاعتِه واستخدمك لعبادتِه وجعلَك أهلاً لمناجاته، ولو حَرَمَك التّوفيق لكنتَ من المطرودين مع الشَّيطان الرَّجيم اللّعين.
ثمَّ إذا مزغت عن التّفويض بقولك ﴿بسم الله الرّحمن الرّحيم﴾ وعن التّحميد وعن إظهار الحاجة إلى الإعانة مطلقاً، فتُعيّن سؤالَك ولا تطلب إلّا أهمّ حاجاتِك، وقل: ﴿اهدِنا الصراطَ المستقيم﴾ الذي يسوقنا إلى جوارك ويُفضي بنا إلى مرضاتِك.
وزِدْه شرحاً وتفصيلاً وتأكيداً واستشهِد بالّذين أفاض عليهم نعمة الهداية من النَّبيّين والصدِّيقين والصّالحين دون الذين غضب الله تعالى عليهم من الكفَّار والزّائغين من اليهود والنّصارى والصّابئين.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات